عادت ميرا مرة أخرى إلى تل أبيب ، عادت وفي جيبها بركان تريد أن تفجره في سماء هذه المدينة . .
- " أيها الحمقى ، سيأتي يوم وتخرجوا من هنا ، ستعود الأرض لأصحابها ، المخيمات فيها ألف صادق وصادق ، سيطاردكم شبح الموت إلى الأبد ، سيسكن الخوف في قلوبكم طالما بقيتم هنا ، أولئك الأبرياء الذين يقتلهم جنودنا كل يوم ، سيأتون إلى هنا ليفجروا حممهم وجل غضبهم فوق رؤوسنا ، قلوبهم تنبض بالحياة ، بسطاء ، نبلاء . . لكنهم يحلمون في العودة إلى ديارهم ، إلى هذه الأرض التي نجثم عليها كأننا ورثناها عنهم . . سأرحل من هنا ، نعم سأرحل ، لن أبقى تحت سماء هذه الأرض الملعونة ، التي تحتضن الأوغاد وتتنكّر لأصحابها الذين جبلوا ترابها بعرقهم ودمائهم ". . قررت ميرا الرحيل . . . " سأسافر إلى غير رجعة ، ولكن إلى أين ؟ لا أدري !! " . . .
الأخبار تتوارد من هناك تباعاً . . تسريبات الصحافة بكل لغاتها وتلاوينها تتحدث عن الحدث الجلل الذي ستحتضنه أوسلو في الأيام القريبة القادمة . . رياض ممسك بالجريدة كأنها قنبلة ذرية يريد أن يفجرها في وجه هذا العالم الظالم ، اتفاق يلوح في الأفق ، سلام قادم بنكهة أمريكية سيأتي للمنطقة ، سلام أجوف لا يحمل في مضمونه سوى قشرته الخارجية ، سلام تفرضه موازين القوى العرجاء للانقضاض على المقاومة ، سلام لحسم الصراع وحل القضية ، أي قضية يحلها هذا السلام ، بلا أرض ولا عودة ولا سيادة ولا دولة ولا قدس ولا . . . ، تاهت به الحسابات ، أمسك رياض رأسه بكلتا يديه خوفاً من أن تنفجر من هول ما يقرأ . .
- " أي ساسة هؤلاء الذين قبلوا بذلك ، إنها مؤامرة !! ، نعم تآمروا على دماء الشهداء ، باعونا بثمن بخس . . غزة أريحا أولاً !! ، أين القدس من حساباتهم ، ؟ أي طاولة قبلت بهذا الحل الظالم ، لم يكن هناك طاولة للأسف . . . الاتفاق جاء من تحت الطاولة ، رسمته أيادٍ خفية في الظلام " . . لم يصدق رياض كل ما يقرأه عن " طبخة " هذا الاتفاق القادم لا محالة ، أمسك الجريدة وقذف بها في حاوية الزبالة .
تغيرات جذرية طرأت على شخصية هذه المسكينة التي لازال يطاردها شبح صادق ، الشاب الذي كسر ما تبقى في داخلها من خزعبلات الهيكل وأكذوبة أرض الميعاد . . " أي موعد هذا الذي نحلم به ، ونحن نقتل البشر ونهدم البيوت ونقلع الشجر . ." ، تريد أن تصرخ بأعلى صوتها . . . " أخرجوا من هنا ، واتركوهم يعيشوا كيفما يشاءوا . . لن يسمعني أحد ، ولن يجدي هذا الصراخ . . " زفرات حارقة وآهات مخنوقة تدافعت من رئتيها المنهكتين .
- أختك روزا ستزف إلى عريسها الأسبوع القادم في عكا . . . تلقّت ميرا هذا الخبر من أمها ، وقد بدأت استعدادات العائلة لهذه المناسبة السعيدة . .
- ولكني متعبة جداً يا أمي . . ردت في صمت لم تستطع أن تسمع أمها شكواها
- روزا فرحتنا الكبيرة ، قالت الأم بغرور .
- سأجهز نفسي للسفر وسأقدّم لإجازة طارئة من المصنع . . . وقد كبحت انفعالاتها .
اتصلت ميرا بعدد من أصدقائها في أوروبا للحصول على عقد عمل هناك ، وبعد أقل من عشرة أيام اتصلت بها إحدى صديقاتها من فرنسا وأبلغتها بخبر سعيد ، كأن الدنيا تكافئها على قرارها بالرحيل. . ستعمل في شركة أزياء هناك براتب محترم يكفيها لأن تعيش حياتها طولاً وعرضاً . . . سأسافر بعد انتهاء العرس مباشرة ، فقط سأودّع رودي . . . تحدّي كبير ينتظرها وهي تتخذ قرارات حاسمة في حياتها .
- أرجوك اسمعني ولو مرة واحدة ، لقد وعدّتني بالكثير والآن لا تسمع حتى الكلام . . بهذه الكلمات بدأت ميرا حديثها لرودي . .
- تفضّلي ، كلي آذان صاغية . . كان يجهّز نفسه للرجوع للبيت بعد يوم عمل شاق .
- أختي ستتزوج الأسبوع القادم . . .
- وما شأني أنا بذلك . . قاطعها مستغرباً .
- أرجوك اسمعني ولا تقاطعني ، رودي حبيبي ، دعني أكمل حتى النهاية .
- تفضلي .
- حفل الزفاف في عكا يا رودي ، أتمنى أن تأتي إلى هناك .
- أنت مجنونة ، عكا مرة واحدة . . !! . . . رفض الفكرة وهمّ بالخروج . .
- اسمعني أرجوك . . وقد هاجت في عينيها الدموع . . سنتفق ، صدقني سنتفق ، فقط أرجو أن تسمعني . . لم تتمالك أعصابها وخانتها دموعها وانهمرت على خديها كأمطار الربيع .
- قولي فأنا أسمعك ولا داعي للبكاء . . . جلس رياض متأسفاً لما حصل ووضع يده على فمه .
- أريدك أن تأتي هناك ، سنحضر العرس معاً ، بعدها سأودعك إلى الأبد . . سأحقق لك ما تتمنى ، سأخلّصك من ميرا إلى الأبد . . .
- كيف يا مجنونة ؟ ستنتحري ثانية . . قالها ساخراً ، وهي تغلي من الغيظ .
- أنا ما عدت أفكر في الانتحار ، سأرحل من هنا ، سأسافر . . لن أبقى في إسرائيل يوماً واحداً ، ولن أعود إلى هنا مهما كلّفني ذلك من متاعب .
- أين ولماذا وما الذي غيّرك هكذا ؟ إنه الجنون بعينه . . لا زال يحدثها بسخرية .
- أرجوك فكّر فيما أقول . . وقد أمسكته بكلتا يديها .
- ما المطلوب مني بالضبط ؟ بدأ يفكّر بجدية .
- أن تأتي إلى عكا لتحضر معي حفل الزفاف وبعدها سنفترق إلى الأبد .
- والمصنع وأسرتك . . مستغرباً
- لا عليك سأنهي كل شيء بطريقتي الخاصة .
- اتفقنا ، سنلتقي إذن في عكا ، ولكن تبقى أن أعرف العنوان جيداً ، وافق مرغماً .
سجّل العنوان على علبة السجائر ، ثم غادرا المصنع .
فيلكس في حيرة من أمره ، كيف سيغطي العجز في المصنع بعد أن طلبت ميرا إجازة أسبوع لحضور حفل زفاف أختها ، ورودي الذي سيذهب إلى غزة ليقضى هناك أسبوعاً مع أهله بعد غياب طويل . .
انتهت الحلقة الـ14
أبو فريد
- " أيها الحمقى ، سيأتي يوم وتخرجوا من هنا ، ستعود الأرض لأصحابها ، المخيمات فيها ألف صادق وصادق ، سيطاردكم شبح الموت إلى الأبد ، سيسكن الخوف في قلوبكم طالما بقيتم هنا ، أولئك الأبرياء الذين يقتلهم جنودنا كل يوم ، سيأتون إلى هنا ليفجروا حممهم وجل غضبهم فوق رؤوسنا ، قلوبهم تنبض بالحياة ، بسطاء ، نبلاء . . لكنهم يحلمون في العودة إلى ديارهم ، إلى هذه الأرض التي نجثم عليها كأننا ورثناها عنهم . . سأرحل من هنا ، نعم سأرحل ، لن أبقى تحت سماء هذه الأرض الملعونة ، التي تحتضن الأوغاد وتتنكّر لأصحابها الذين جبلوا ترابها بعرقهم ودمائهم ". . قررت ميرا الرحيل . . . " سأسافر إلى غير رجعة ، ولكن إلى أين ؟ لا أدري !! " . . .
الأخبار تتوارد من هناك تباعاً . . تسريبات الصحافة بكل لغاتها وتلاوينها تتحدث عن الحدث الجلل الذي ستحتضنه أوسلو في الأيام القريبة القادمة . . رياض ممسك بالجريدة كأنها قنبلة ذرية يريد أن يفجرها في وجه هذا العالم الظالم ، اتفاق يلوح في الأفق ، سلام قادم بنكهة أمريكية سيأتي للمنطقة ، سلام أجوف لا يحمل في مضمونه سوى قشرته الخارجية ، سلام تفرضه موازين القوى العرجاء للانقضاض على المقاومة ، سلام لحسم الصراع وحل القضية ، أي قضية يحلها هذا السلام ، بلا أرض ولا عودة ولا سيادة ولا دولة ولا قدس ولا . . . ، تاهت به الحسابات ، أمسك رياض رأسه بكلتا يديه خوفاً من أن تنفجر من هول ما يقرأ . .
- " أي ساسة هؤلاء الذين قبلوا بذلك ، إنها مؤامرة !! ، نعم تآمروا على دماء الشهداء ، باعونا بثمن بخس . . غزة أريحا أولاً !! ، أين القدس من حساباتهم ، ؟ أي طاولة قبلت بهذا الحل الظالم ، لم يكن هناك طاولة للأسف . . . الاتفاق جاء من تحت الطاولة ، رسمته أيادٍ خفية في الظلام " . . لم يصدق رياض كل ما يقرأه عن " طبخة " هذا الاتفاق القادم لا محالة ، أمسك الجريدة وقذف بها في حاوية الزبالة .
تغيرات جذرية طرأت على شخصية هذه المسكينة التي لازال يطاردها شبح صادق ، الشاب الذي كسر ما تبقى في داخلها من خزعبلات الهيكل وأكذوبة أرض الميعاد . . " أي موعد هذا الذي نحلم به ، ونحن نقتل البشر ونهدم البيوت ونقلع الشجر . ." ، تريد أن تصرخ بأعلى صوتها . . . " أخرجوا من هنا ، واتركوهم يعيشوا كيفما يشاءوا . . لن يسمعني أحد ، ولن يجدي هذا الصراخ . . " زفرات حارقة وآهات مخنوقة تدافعت من رئتيها المنهكتين .
- أختك روزا ستزف إلى عريسها الأسبوع القادم في عكا . . . تلقّت ميرا هذا الخبر من أمها ، وقد بدأت استعدادات العائلة لهذه المناسبة السعيدة . .
- ولكني متعبة جداً يا أمي . . ردت في صمت لم تستطع أن تسمع أمها شكواها
- روزا فرحتنا الكبيرة ، قالت الأم بغرور .
- سأجهز نفسي للسفر وسأقدّم لإجازة طارئة من المصنع . . . وقد كبحت انفعالاتها .
اتصلت ميرا بعدد من أصدقائها في أوروبا للحصول على عقد عمل هناك ، وبعد أقل من عشرة أيام اتصلت بها إحدى صديقاتها من فرنسا وأبلغتها بخبر سعيد ، كأن الدنيا تكافئها على قرارها بالرحيل. . ستعمل في شركة أزياء هناك براتب محترم يكفيها لأن تعيش حياتها طولاً وعرضاً . . . سأسافر بعد انتهاء العرس مباشرة ، فقط سأودّع رودي . . . تحدّي كبير ينتظرها وهي تتخذ قرارات حاسمة في حياتها .
- أرجوك اسمعني ولو مرة واحدة ، لقد وعدّتني بالكثير والآن لا تسمع حتى الكلام . . بهذه الكلمات بدأت ميرا حديثها لرودي . .
- تفضّلي ، كلي آذان صاغية . . كان يجهّز نفسه للرجوع للبيت بعد يوم عمل شاق .
- أختي ستتزوج الأسبوع القادم . . .
- وما شأني أنا بذلك . . قاطعها مستغرباً .
- أرجوك اسمعني ولا تقاطعني ، رودي حبيبي ، دعني أكمل حتى النهاية .
- تفضلي .
- حفل الزفاف في عكا يا رودي ، أتمنى أن تأتي إلى هناك .
- أنت مجنونة ، عكا مرة واحدة . . !! . . . رفض الفكرة وهمّ بالخروج . .
- اسمعني أرجوك . . وقد هاجت في عينيها الدموع . . سنتفق ، صدقني سنتفق ، فقط أرجو أن تسمعني . . لم تتمالك أعصابها وخانتها دموعها وانهمرت على خديها كأمطار الربيع .
- قولي فأنا أسمعك ولا داعي للبكاء . . . جلس رياض متأسفاً لما حصل ووضع يده على فمه .
- أريدك أن تأتي هناك ، سنحضر العرس معاً ، بعدها سأودعك إلى الأبد . . سأحقق لك ما تتمنى ، سأخلّصك من ميرا إلى الأبد . . .
- كيف يا مجنونة ؟ ستنتحري ثانية . . قالها ساخراً ، وهي تغلي من الغيظ .
- أنا ما عدت أفكر في الانتحار ، سأرحل من هنا ، سأسافر . . لن أبقى في إسرائيل يوماً واحداً ، ولن أعود إلى هنا مهما كلّفني ذلك من متاعب .
- أين ولماذا وما الذي غيّرك هكذا ؟ إنه الجنون بعينه . . لا زال يحدثها بسخرية .
- أرجوك فكّر فيما أقول . . وقد أمسكته بكلتا يديها .
- ما المطلوب مني بالضبط ؟ بدأ يفكّر بجدية .
- أن تأتي إلى عكا لتحضر معي حفل الزفاف وبعدها سنفترق إلى الأبد .
- والمصنع وأسرتك . . مستغرباً
- لا عليك سأنهي كل شيء بطريقتي الخاصة .
- اتفقنا ، سنلتقي إذن في عكا ، ولكن تبقى أن أعرف العنوان جيداً ، وافق مرغماً .
سجّل العنوان على علبة السجائر ، ثم غادرا المصنع .
فيلكس في حيرة من أمره ، كيف سيغطي العجز في المصنع بعد أن طلبت ميرا إجازة أسبوع لحضور حفل زفاف أختها ، ورودي الذي سيذهب إلى غزة ليقضى هناك أسبوعاً مع أهله بعد غياب طويل . .
انتهت الحلقة الـ14
أبو فريد
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007