المصنع مليء بالعمال كأنه خلية نحل ، رودي وعاملتاه في زاوية من المصنع الكبير بعيدون عن الأنظار ، يقضون وقتاً طويلاً منهمكين في وضع اللمسات الأخيرة على الملابس قبل إرسالها لقسم التسويق ، ، يتبادلون نظرات الصمت والإعجاب طيلة ساعات العمـل .
تعوّد رودي أن يجلس وحده في وقت راحته ، ولكن هذه المرة جلستا معه ، ابتسامات ومجاملات ونظرات غير بريئة تخيم على جلستهم ، أحبت كلتاهما رودي الجذاب دائماً وتسابقتا للوصول إلى شراع قلبه ، ترى لمن سيخفق أخيراً قلب هذا الشرقي المكتنز بالصمت ؟!! .
تعلّق رودي بعاملتيه ، هو الحب الذي لا يعرف الاستئذان ، ولا يعترف بالألوان ، له حساباته التي لا تخضع لقاعدة ولا ميزان ، راح يحدّث نفسه : " مسلم يحب يهودية يا للعجب . . " ثم تابع بنوع من السخرية " الحب لا يعترف بالأديان " ، دخان الإطارات المشتعلة في شوارع غزة اجتاح تفكيره فجأة وملأه بالسواد ، وعاد يقول : " إنه الجنون بعينه ، وسط هذا الجو المشحون بالموت والدمار أستسلم لهذا الحب ، لا ، لن أفعل وسأظل أقاومه حتى النهاية " .
اتفقت ميرا وصديقتها أن تذهبا مساءً لشقة رودي ، سباق ماراثوني اقترب أن يصل خط النهاية ، وبعد غروب الشمس بقليل توجهتا إلى شقته ، العنوان كان سهلاً ، لكن الطريق إلى قلبه كانت محفوفة بالمجازفات والمفاجآت أيضاً ، وهذا ما دفعهما لإنهاء السباق مبكراً .
لم يكن رودي جاهزاً لهذه المفاجأة الرائعة ، لكنه استسلم بسرعة لمجيئهما ، اقترب من ميرا وهمس في أذنها معترضاً : " لماذا أحضرت معك صديقتك ؟ أنا أريدك أنت ، أريدك لوحدك " .
طارت ميرا من فرط فرحتها ، وبذكاء حواء أخبرت صديقتها بذلك ، انتهت الحرب الباردة !! ، انتهت المنافسة على قلب رودي ، انفجرت قنبلة واحدة وبقيت الأخرى ، وبسرعة تركت دينا الشقة مهزومة ، بابتسامة صفراء يفوح من بين ثناياها الغيظ رمقت صديقتها لتهنئها بانتصارها ، ثم انسحبت في هدوء .
قضى رودي وميرا تلك الليلة بين كاسات البيرة والموسيقى والسرير . . .
وقبل مجيء الصباح خرجت من شقته ، ودموعها تنهمر بحرقة وندم على كل ما جرى تلك الليلة ، نظر إليها رودي فأمسكها من يدها وبدأ يمسح دموعها .
" لماذا تبك الآن ؟ هل أسأت لك في شيء ؟! " .
ردّت في ضعف وانهيار وهو يمسح دموعها :
" لم أكن أتصور أنني سأسلم نفسي لعربي قط ! " .
قالت هذه الكلمات و" طار برجٌ من دماغه " ، أدخلها إلى شقته بطريقة هستيرية وهي منهارة بين يديه من شدة البكاء .
موقف غريب تفجرت فيه أحقاد موروثة صنعتها عقول خبيثة تصنع لها أمجاداً من ورق وكياناً من فراغ ودولة على أنقاض أرض تنبض عشقاً لأهلها وناسها .
" ماذا تقولي ؟ عربي !! ، أيتها الحقيرة . . نعم أنا عربي ، وأنتم ماذا ؟! قولي أيتها العاهرة ، ألستم يهوداً صهاينة !!! ".
انفجر رودي وتاهت من لسانه الكلمات ، استمر في هيجانه وهو ممسك بها يكاد يعتصرها من الغضب ، نظرتْ في عينيه فوجدتهما سماءً ترعد كالشرر ، أفلتت منه بأعجوبة وهربت .
ارتمى على السرير وظل يهذي طيلة النهار، كلماتها لا زالت تدب في أذنيه . . .
" النسيان . . نعم هو النسيان ، الشيء الوحيد الذي يمكن أن يسدل الستار على ما حدث ليلة البارحة ، ولكن كيف بعد أن بعثرت في داخلي صورتها الجميلة ، لم أكن أتصور أنها ستأخذني إلى هذه النهاية . . عشر سنوات عشتها هنا ، صرت أعرف كل طباعهم ، كيف يفكرون ، كيف يأكلون . . كيف ينامون ، كيف يحشون عقول أبنائهم بهذه الثقافة الملعونة التي صنعت منا نحن العرب وحوشاً وحيوانات ، وجرّدتنا من آدميتنا ، لم أكن أتصور بأن ميرا تحمل فيروس هذه الثقافة . . اعتقدت بأن الحب سينتصر ، وأننا سنتجـاوز كل الثقافات والعداءات . . "
هل كانت تلك الهواجس التي عاشها نهاية أم بداية !! ذلك الذي ستضعنا أمامه الأيام القادمة .
انتهت الحلقة الثانية
لا زال هناك الكثير من الإثارة والمتعة
تابعوا معنا باقي الحلقات
مع تحيات
أبو فريد
تعوّد رودي أن يجلس وحده في وقت راحته ، ولكن هذه المرة جلستا معه ، ابتسامات ومجاملات ونظرات غير بريئة تخيم على جلستهم ، أحبت كلتاهما رودي الجذاب دائماً وتسابقتا للوصول إلى شراع قلبه ، ترى لمن سيخفق أخيراً قلب هذا الشرقي المكتنز بالصمت ؟!! .
تعلّق رودي بعاملتيه ، هو الحب الذي لا يعرف الاستئذان ، ولا يعترف بالألوان ، له حساباته التي لا تخضع لقاعدة ولا ميزان ، راح يحدّث نفسه : " مسلم يحب يهودية يا للعجب . . " ثم تابع بنوع من السخرية " الحب لا يعترف بالأديان " ، دخان الإطارات المشتعلة في شوارع غزة اجتاح تفكيره فجأة وملأه بالسواد ، وعاد يقول : " إنه الجنون بعينه ، وسط هذا الجو المشحون بالموت والدمار أستسلم لهذا الحب ، لا ، لن أفعل وسأظل أقاومه حتى النهاية " .
اتفقت ميرا وصديقتها أن تذهبا مساءً لشقة رودي ، سباق ماراثوني اقترب أن يصل خط النهاية ، وبعد غروب الشمس بقليل توجهتا إلى شقته ، العنوان كان سهلاً ، لكن الطريق إلى قلبه كانت محفوفة بالمجازفات والمفاجآت أيضاً ، وهذا ما دفعهما لإنهاء السباق مبكراً .
لم يكن رودي جاهزاً لهذه المفاجأة الرائعة ، لكنه استسلم بسرعة لمجيئهما ، اقترب من ميرا وهمس في أذنها معترضاً : " لماذا أحضرت معك صديقتك ؟ أنا أريدك أنت ، أريدك لوحدك " .
طارت ميرا من فرط فرحتها ، وبذكاء حواء أخبرت صديقتها بذلك ، انتهت الحرب الباردة !! ، انتهت المنافسة على قلب رودي ، انفجرت قنبلة واحدة وبقيت الأخرى ، وبسرعة تركت دينا الشقة مهزومة ، بابتسامة صفراء يفوح من بين ثناياها الغيظ رمقت صديقتها لتهنئها بانتصارها ، ثم انسحبت في هدوء .
قضى رودي وميرا تلك الليلة بين كاسات البيرة والموسيقى والسرير . . .
وقبل مجيء الصباح خرجت من شقته ، ودموعها تنهمر بحرقة وندم على كل ما جرى تلك الليلة ، نظر إليها رودي فأمسكها من يدها وبدأ يمسح دموعها .
" لماذا تبك الآن ؟ هل أسأت لك في شيء ؟! " .
ردّت في ضعف وانهيار وهو يمسح دموعها :
" لم أكن أتصور أنني سأسلم نفسي لعربي قط ! " .
قالت هذه الكلمات و" طار برجٌ من دماغه " ، أدخلها إلى شقته بطريقة هستيرية وهي منهارة بين يديه من شدة البكاء .
موقف غريب تفجرت فيه أحقاد موروثة صنعتها عقول خبيثة تصنع لها أمجاداً من ورق وكياناً من فراغ ودولة على أنقاض أرض تنبض عشقاً لأهلها وناسها .
" ماذا تقولي ؟ عربي !! ، أيتها الحقيرة . . نعم أنا عربي ، وأنتم ماذا ؟! قولي أيتها العاهرة ، ألستم يهوداً صهاينة !!! ".
انفجر رودي وتاهت من لسانه الكلمات ، استمر في هيجانه وهو ممسك بها يكاد يعتصرها من الغضب ، نظرتْ في عينيه فوجدتهما سماءً ترعد كالشرر ، أفلتت منه بأعجوبة وهربت .
ارتمى على السرير وظل يهذي طيلة النهار، كلماتها لا زالت تدب في أذنيه . . .
" النسيان . . نعم هو النسيان ، الشيء الوحيد الذي يمكن أن يسدل الستار على ما حدث ليلة البارحة ، ولكن كيف بعد أن بعثرت في داخلي صورتها الجميلة ، لم أكن أتصور أنها ستأخذني إلى هذه النهاية . . عشر سنوات عشتها هنا ، صرت أعرف كل طباعهم ، كيف يفكرون ، كيف يأكلون . . كيف ينامون ، كيف يحشون عقول أبنائهم بهذه الثقافة الملعونة التي صنعت منا نحن العرب وحوشاً وحيوانات ، وجرّدتنا من آدميتنا ، لم أكن أتصور بأن ميرا تحمل فيروس هذه الثقافة . . اعتقدت بأن الحب سينتصر ، وأننا سنتجـاوز كل الثقافات والعداءات . . "
هل كانت تلك الهواجس التي عاشها نهاية أم بداية !! ذلك الذي ستضعنا أمامه الأيام القادمة .
انتهت الحلقة الثانية
لا زال هناك الكثير من الإثارة والمتعة
تابعوا معنا باقي الحلقات
مع تحيات
أبو فريد
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007