خطواتها متثاقلة . . مترددة ، خطوة إلى الأمام وأخريات إلى الخلف ، أخيراً حسمت أمرها وذهبـت إليه .
" الليل يناديني ، يدفعني إليك ، القمر الساكن في السماء يشير إليّ بأنك تنتظرني الآن ، تركتُ عقلي هناك فوق مخدتي وجئت إليك بقلبي ، جئتك بحبّي الكبير . . أسرعتْ خطاي إليك ، أراك تصب لي الخمر في كاسات الهوى ، تطلبني للرقص ، ألمح في عينيك شغف الشوق لحرارة اللقاء ! ".
وصلتْ إليه . . . ضغطت باستمرار على جرس الباب ، عرف رودي أنها هي .
" لقد عوّدتني على هذا الجرس ، قالت لي ذات مرة بأنها ستضرب الجرس بهذه الطريقة كلما أتت إليّ ، إذن هي ميرا !! " .
حاول أن يتنكّر لقدومها ، ولكن سرعان ما رقّ قلبه ، فتح الباب فوجدها في انتظاره .
- " تفضّلي . . " تصنّع البرود .
دخلت إليه وهمّت لعناقه ، ولكنه بلطف أزاح يديها عنه وطلب منها أن تجلس بجواره .
- " رودي ، ما بك . . ما الذي غيّرك ؟ كل رجال تل أبيب لا تزال تركض خلفي ، وأنا لا أريد من هذه الدنيا إلا أنت ، لم تتحرك جوارحي إلا لك . . لم ترتعش يداي أبداً إلا عندما لامستهما يداك ، تركتهم جميعاً . . رفضتهم ، واخترتك أنت ، وأنت الآن تكاد تطردني من شقتك ، وربما من قلبك ، لا أدري ! " .
شيء ما يمنعه من الكلام ، أدار وجهه عنها ، هرب من مواجهتها وجلس هناك على كرسيّه ، ذهبت إليه ، واجهته وجلست عند ركبتيه ورفعت رأسه عالياً لترى عينيه ، فوجدته يبكي . .
- " رودي ، ما بك . .؟ أرجوك ، تعوّدت أن أراك قوياًَ ، صلباً " .
أخرج من جيبه صورة رفيقه أشرف ، أعطاها إياها ، نظرت إلى الصورة ولم تفهم شيئاً . .
- " من هذا ؟ "
- " هذا صديقي أشرف ، رفيق الطفولة والصبا " .
- " هل أصابه مكروه . . ! " قالت باستغراب .
- " استشهد قبل أيام " وينظر إلى الصورة بأسى .
- " أعرف أن غزة هذه الأيام غارقة بالعنف والقتل والإرهاب ، ولكن ما شأنك بهذا ؟ " .
- " كان يدافع عن المخيم ، حلم باسترداد أرضه المسلوبة ، حمل سلاحه وواجه جنودكم ، لكنه قُتل " قال هذه الكلمات وعيناه تشتعل بالغضب وكأنها هي من قتل صديقه أشرف .
- " أنا لا أفهم في السياسة ، ولا أحب أن أخوض معك في نقاشات عقيمة ، أرضنا ، أرضكم . .!! أنا لا تهمّني كل هذه الصراعات ، ولا أحس بحاجتي لمتابعة أخبارها " .
- " عندما أتيت إلى تل أبيب كنت صغيراً ، سنوات طويلة عشتها هنا ، نسيت أنكم تحتلون أرضنا ، نسيت كل شيء . . ولكن الأيام القليلة الماضية التي قضيتها في غزة بعد استشهاد أشرف جعلتني أحس بمدى تفاهتي ، رجع همّ الوطن يسري في عروقي ، جنودكم هناك يعيثون فساداً ، يقتلون الكبير والصغير حتى الأشجار لم تسلم من شرورهم ، الشباب هناك يدافعون عن كرامة المخيم ، يردّون الصاع بالصاع ، إيمانهم بعدالة قضيتهم يجعلهم يملكون سلاحاً لا يملكه جنودكم هناك " .
- " كرامة المخيم . . عدالة . . !! " ، ردّت بسخرية ، ثم تابعت :
" لا عليك ، غدا ستنسى كل شيء " قالتها وهي تريد أن تخفف عنه .
- " لا أعتقد ذلك ، أحس بأنني ولدتّ من جديد ، لقد مات في داخلي رودي ، عدت إلى رياض ، عدت إلى أصلي . . أنا فلسطيني واسمي رياض " .
- " أنا أحبك يا رودي ، أحبك !! ، ولا أريدك أن تُقحمني في هذا الصراع ، أنا لا أفهم أي شيء مما تقول ، ولا أريد أن أفهم أي شيء !! " .
بحثت في الشقة عن رشفة من البيرة لكنها لم تجد ضالتها . .
- " رودي أين البيرة ؟؟ " سألته وعيناها تبحث عنها في أرجاء الشقة الصغيرة .
- " لم أشتر منذ فترة " أجابها ببرود ، ثم استأذنها وذهب إلى السرير وغطى رأسه متظاهراً بالتعب وحاجته للنوم .
" ألهذا الحد لا تريدني في حياتك . . حسناً ، سألبّي لك رغبتك " تحدثت بهذه الكلمات وخرجت من شقته تجرّ ذيول الخيبة .
حمل فيلكس مسدسه ، وذهب إلى المصنع . . لا زالت كلمات ضابط الشرطة تطرق أذنيه ، تارة يكذّب كل شيء وتارة أخرى يشتعل من الغيظً .
"هل تغيّر رودي حقاًً ؟!! ، أم أن كل ذلك مجرد هواجس رجل أمن ، وخطوات احترازية لا أكثر ولا أقل ، على أية حال سأظل حذراً هذه الأيام ، ولنرى ما تخفيه لنا الأيام " .
" البرتقال جاهز للقطف ، تحركوا بلا خوف ، الصورة هي المفتاح " قرأ أحدهم الرسالة ثم صاح :
- " لقد جاء الرد "
تلقّّت الخلية الرسالة رداً على طلبها ، انشغلت في الأيام الأخيرة بجمع المعلومات عن رياض ، " البرتقال جاهز للقطف " إشارة لبدء التعامل معه بلا خوف .
- " لدينا الآن تقرير مفصل عنه ، وهذه إشارة بضرورة التعامل معه ، ماذا تبقى لكم يا رفاق !! "
- " لقد تغيّر ، كل التحريات الأخيرة تؤكد لنا بأنه تغير" قال أحدهم .
- " لا يمكن أن نتعامل معه بهذه السرعة ، يجب أن نتمهّل قليلاً " رد آخر .
- " رياض مهم لنا في المرحلة القادمة ولو نجحنا معه سنستفيد منه كثيراً " قال ثالث .
طال حديثهم ، لكنهم اختلفوا ولم ينته الاجتماع بشيء جديد ، وبقي موضوع رياض معلقاً بلا قرار .
ولكن بعد مرور أسابيع من التحري والمتابعة وصلت رسالة أخرى ، قررت بعدها الخلية الاتصال برياض ، والتعامل معه ولكن بحذر . . وقد تم تكليف أحدهم بهذه المهمة .
انتهت الحلقة السابعة
أبو فريد
" الليل يناديني ، يدفعني إليك ، القمر الساكن في السماء يشير إليّ بأنك تنتظرني الآن ، تركتُ عقلي هناك فوق مخدتي وجئت إليك بقلبي ، جئتك بحبّي الكبير . . أسرعتْ خطاي إليك ، أراك تصب لي الخمر في كاسات الهوى ، تطلبني للرقص ، ألمح في عينيك شغف الشوق لحرارة اللقاء ! ".
وصلتْ إليه . . . ضغطت باستمرار على جرس الباب ، عرف رودي أنها هي .
" لقد عوّدتني على هذا الجرس ، قالت لي ذات مرة بأنها ستضرب الجرس بهذه الطريقة كلما أتت إليّ ، إذن هي ميرا !! " .
حاول أن يتنكّر لقدومها ، ولكن سرعان ما رقّ قلبه ، فتح الباب فوجدها في انتظاره .
- " تفضّلي . . " تصنّع البرود .
دخلت إليه وهمّت لعناقه ، ولكنه بلطف أزاح يديها عنه وطلب منها أن تجلس بجواره .
- " رودي ، ما بك . . ما الذي غيّرك ؟ كل رجال تل أبيب لا تزال تركض خلفي ، وأنا لا أريد من هذه الدنيا إلا أنت ، لم تتحرك جوارحي إلا لك . . لم ترتعش يداي أبداً إلا عندما لامستهما يداك ، تركتهم جميعاً . . رفضتهم ، واخترتك أنت ، وأنت الآن تكاد تطردني من شقتك ، وربما من قلبك ، لا أدري ! " .
شيء ما يمنعه من الكلام ، أدار وجهه عنها ، هرب من مواجهتها وجلس هناك على كرسيّه ، ذهبت إليه ، واجهته وجلست عند ركبتيه ورفعت رأسه عالياً لترى عينيه ، فوجدته يبكي . .
- " رودي ، ما بك . .؟ أرجوك ، تعوّدت أن أراك قوياًَ ، صلباً " .
أخرج من جيبه صورة رفيقه أشرف ، أعطاها إياها ، نظرت إلى الصورة ولم تفهم شيئاً . .
- " من هذا ؟ "
- " هذا صديقي أشرف ، رفيق الطفولة والصبا " .
- " هل أصابه مكروه . . ! " قالت باستغراب .
- " استشهد قبل أيام " وينظر إلى الصورة بأسى .
- " أعرف أن غزة هذه الأيام غارقة بالعنف والقتل والإرهاب ، ولكن ما شأنك بهذا ؟ " .
- " كان يدافع عن المخيم ، حلم باسترداد أرضه المسلوبة ، حمل سلاحه وواجه جنودكم ، لكنه قُتل " قال هذه الكلمات وعيناه تشتعل بالغضب وكأنها هي من قتل صديقه أشرف .
- " أنا لا أفهم في السياسة ، ولا أحب أن أخوض معك في نقاشات عقيمة ، أرضنا ، أرضكم . .!! أنا لا تهمّني كل هذه الصراعات ، ولا أحس بحاجتي لمتابعة أخبارها " .
- " عندما أتيت إلى تل أبيب كنت صغيراً ، سنوات طويلة عشتها هنا ، نسيت أنكم تحتلون أرضنا ، نسيت كل شيء . . ولكن الأيام القليلة الماضية التي قضيتها في غزة بعد استشهاد أشرف جعلتني أحس بمدى تفاهتي ، رجع همّ الوطن يسري في عروقي ، جنودكم هناك يعيثون فساداً ، يقتلون الكبير والصغير حتى الأشجار لم تسلم من شرورهم ، الشباب هناك يدافعون عن كرامة المخيم ، يردّون الصاع بالصاع ، إيمانهم بعدالة قضيتهم يجعلهم يملكون سلاحاً لا يملكه جنودكم هناك " .
- " كرامة المخيم . . عدالة . . !! " ، ردّت بسخرية ، ثم تابعت :
" لا عليك ، غدا ستنسى كل شيء " قالتها وهي تريد أن تخفف عنه .
- " لا أعتقد ذلك ، أحس بأنني ولدتّ من جديد ، لقد مات في داخلي رودي ، عدت إلى رياض ، عدت إلى أصلي . . أنا فلسطيني واسمي رياض " .
- " أنا أحبك يا رودي ، أحبك !! ، ولا أريدك أن تُقحمني في هذا الصراع ، أنا لا أفهم أي شيء مما تقول ، ولا أريد أن أفهم أي شيء !! " .
بحثت في الشقة عن رشفة من البيرة لكنها لم تجد ضالتها . .
- " رودي أين البيرة ؟؟ " سألته وعيناها تبحث عنها في أرجاء الشقة الصغيرة .
- " لم أشتر منذ فترة " أجابها ببرود ، ثم استأذنها وذهب إلى السرير وغطى رأسه متظاهراً بالتعب وحاجته للنوم .
" ألهذا الحد لا تريدني في حياتك . . حسناً ، سألبّي لك رغبتك " تحدثت بهذه الكلمات وخرجت من شقته تجرّ ذيول الخيبة .
حمل فيلكس مسدسه ، وذهب إلى المصنع . . لا زالت كلمات ضابط الشرطة تطرق أذنيه ، تارة يكذّب كل شيء وتارة أخرى يشتعل من الغيظً .
"هل تغيّر رودي حقاًً ؟!! ، أم أن كل ذلك مجرد هواجس رجل أمن ، وخطوات احترازية لا أكثر ولا أقل ، على أية حال سأظل حذراً هذه الأيام ، ولنرى ما تخفيه لنا الأيام " .
" البرتقال جاهز للقطف ، تحركوا بلا خوف ، الصورة هي المفتاح " قرأ أحدهم الرسالة ثم صاح :
- " لقد جاء الرد "
تلقّّت الخلية الرسالة رداً على طلبها ، انشغلت في الأيام الأخيرة بجمع المعلومات عن رياض ، " البرتقال جاهز للقطف " إشارة لبدء التعامل معه بلا خوف .
- " لدينا الآن تقرير مفصل عنه ، وهذه إشارة بضرورة التعامل معه ، ماذا تبقى لكم يا رفاق !! "
- " لقد تغيّر ، كل التحريات الأخيرة تؤكد لنا بأنه تغير" قال أحدهم .
- " لا يمكن أن نتعامل معه بهذه السرعة ، يجب أن نتمهّل قليلاً " رد آخر .
- " رياض مهم لنا في المرحلة القادمة ولو نجحنا معه سنستفيد منه كثيراً " قال ثالث .
طال حديثهم ، لكنهم اختلفوا ولم ينته الاجتماع بشيء جديد ، وبقي موضوع رياض معلقاً بلا قرار .
ولكن بعد مرور أسابيع من التحري والمتابعة وصلت رسالة أخرى ، قررت بعدها الخلية الاتصال برياض ، والتعامل معه ولكن بحذر . . وقد تم تكليف أحدهم بهذه المهمة .
انتهت الحلقة السابعة
أبو فريد
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007