نتحدث هنا عن الاحتفالات الشعبية، كما كانت سائدة في النصف الأول من هذا القرن وأواخر القرن الماضي، وكما هو الحال بصورها المعاصرة المتطورة ضمن ما تسمح به إفادات الرواة. وتشكل تفاصيل هذه الاحتفالات مادة يكاد يستحيل حصرها، أو حتى حصر جزء منها في مقالة كهذه، وانما نهدف هنا إلى إعطاء فكرة عن الحفل الشعبي عبر مناسباته المتعددة، وصلة هذه الاحتفالات بالذهن الشعبي ودورها في تشكيل الجانب البرتوكولي والمعتقدي من الحياة الشعبية.
وكذلك فان دراسة هذه الاحتفالات تعطينا فكرة عن لحظات النشوة التى كان يعيشها شعبنا عبر المناسبات الاجتماعية، وانعكاس إحساسه بهذه المناسبات عبر الأعياد الشعبية ومناسبات الحياة نفسها التى توضح تلك المعالم التى رسمها الشعب في رحلة الحياة ومن حيث الفئات التى تشارك في هذه الحفلات والاحتفالات نحس بمشاركة شعبية واسعة تبدأ من الرجل إلى المرأة مروراً بكل الأعمار. ومن حيث الزمن فهي موزعة على دورة الحياة اليومية ودورة الحياة السنوية. ففي الدورة الأولى هناك احتفالات تمتد من أولى لحظات الولادة وانتهاء بالوفاة. وفى الدورة الثانية تبدأ الاحتفالات بمواسم الربيع، مروراً بمواسم الحصاد في الصيف والخريف.
وعبر أيام الروزنامة الشعبية التى تتضمن أعياداً ذات صبغة معتقدية، اسلامية وأخرى هابطة من ديانات قديمة. وإذا نحن القينا نظرة على الموضع غير المستقر الذي عاشه شعبنا من أواخر العهد العثماني، ومروراً بسنوات الاحتلال البريطاني والإسرائيلي، وربطنا بين ذلك وبين ذلك الكم الهائل من الاحتفالات لوجدنا من الصعب التوفيق بين الحالين، إلا إذا قلنا بأن إرادة الحياة والابتهاج بقصد بث التفاؤل لاستمرار الحياة هما العاملان الحاسمان اللذان جعلا شعبنا يواصل التعبير عن إرادة التجدد والتطور رغم المعاناة القاسية التى واجهته، فهو قد عانى من حملات عسف وتجويع وتشرد وابتزاز وقهر في قوته اليومي، وفى إرادته لابراز كيانه الوطني المستقل.
وليس أدل على ذلك من أن نقول في أنه مع بداية الهجمة الاستيطانية الصهيونية لابتلاع فلسطين في العشرينات والثلاثينات من هذا القرن، كان هناك اهتمام جماهيري واسع بإحياء المواسم الشعبية " والاحتفالات الجماهيرية المرافقة لتحمل مضموناً معاصراً يؤكد على استمرار تجدد الحيوية في الوسط الشعبي. وهكذا كانت تخرج الجماهير إلى المواسم الدينية في الجليل والكرمل والساحل وغور الأردن لتحج إلى مزارات الأولياء والأنبياء وتحيي هذه المواسم باحتفالات كرنفالية حاشدة يجتمع فيها الحس الديني بالفرح الحياتي وقد صاحب ذلك استعراض للقوة عبر الجموع التى تنضوى تحت بيارق قادمة من المدن الرئيسية ترمز لقوى الهيئة العربية العليا في فلسطين، والتي كانت – في العشرينات والثلاثينات من هذا القرن – تحت زعامة الحاج أمين الحسيني، مفتى البلاد وقائد ثورتها، والذي كان اسمه يعطر الأغاني الشعبية ويرمز إلى القيادة التى يتوق إليها الناس في عهد وجد الشعب فيه نفسه يرزح تحت ضربات متواصلة من الاستعمار البريطاني تارة ومن الاستيطان الصهيوني تارة أخرى:
لو في نبي بعد النبي
كان النبي
هو الحاج أمين
ويردد الجمهور
الحاج أمين- الحاج أمين
واذا كان الحاج أمين قد توارى عن الساحة الشعبية في أواخر الثلاثينات مع توارى انتفاضة ثورية فلسطين شغلت مساحة زمنية واسعة ومساحة مكانية على مستوى كل الارض الفلسطينية، فان الاحتفالات عادت للظهور بعد مرور العاصفة حاملة مضامين جديدة ومواكبة انتفاضات جماهيرية جديدة. وبهذا المفهوم تصبح الاحتفالات واحدة من وسائل التعبير الثقافي عما يجيش في أعماق الوجدان الشعبي من أمال وتطلعات.
وفى سنوات المحنة من مثل السنوات التى تلت هزيمة ثورة 1936م والنكبة عام 1948 والهزيمة المدوخة عام 1967م، كانت الاحتفالات – حتى على صعيد العائلة – تخبو وتتضاءل إلى حين، بانتظار ان يجدد الناس كلهم، وعلى صعيد الوطن، إرادة التحدي من جديد. نقول انه في سنوات المحنة والهزيمة واللجوء والنزوح والمجاعة يقتصر الاحتفال على المراسيم التقليدية من مثل إجراء الختان وزفة العريس وزيارة الولي والاحتفال بمناسبة دينية، ويتواري التعبير عن الآمال بالتجديد والتغيير بسبب القهر المتواصل أو الإحساس النفسي لدى الجماهير بثقل الهزيمة ووطأتها المريعة على الصدور.
ويظل التعبير عن الهموم والآمال محصوراً عبر الكلمة الخالية من النغمة، حتى إذا ما مرت العاصفة وهدأ الحال، وضمد الناس جراحهم ونسوا آثار الهزيمة أو تناسوها، انبعث من جديد حس غريزي شعبي بالهموم العامة يشترك فيه كل الناس إذ من المعروف أن أي حفل شعبي يتشكل من عنصرين:
الاول: عنصر محدود باعثه حس الفرح أو الرغبة في إعلان احتفالي عن حدث عائلي أو شعور فردي.
الثاني: عنصر جماعي باعثه رغبة مجموع سكان القرية أو الحي في استعراض رغباتهم وآمالهم وهمومهم عبر شكل فني، هو الشكل الاحتفالي
تقول المنوحة التى تبكى في مناسبة كل وفاة:
ابكى لكم وأبكى لروحي
وأكثر بكاى لجروحى
ويرقص الشاب " الغندور" في كل عرس مشاركة الأهل وأهم من ذلك لاستعراض القدرة والمهارة واجتذاب الإطراء والإعجاب.والدليل على أن هذه الاحتفالات الشعبية كانت تجسيداً لارادة جماهيرية واسعة بالتجديد والانبعاث، هو أن تلك الاحتفالات التى تتراوح من مواسم دينية إلى احتفالات اجتماعية ( ولادة – زواج- وفاة ) نقول تلك الاحتفالات كانت في جوانب
وكذلك فان دراسة هذه الاحتفالات تعطينا فكرة عن لحظات النشوة التى كان يعيشها شعبنا عبر المناسبات الاجتماعية، وانعكاس إحساسه بهذه المناسبات عبر الأعياد الشعبية ومناسبات الحياة نفسها التى توضح تلك المعالم التى رسمها الشعب في رحلة الحياة ومن حيث الفئات التى تشارك في هذه الحفلات والاحتفالات نحس بمشاركة شعبية واسعة تبدأ من الرجل إلى المرأة مروراً بكل الأعمار. ومن حيث الزمن فهي موزعة على دورة الحياة اليومية ودورة الحياة السنوية. ففي الدورة الأولى هناك احتفالات تمتد من أولى لحظات الولادة وانتهاء بالوفاة. وفى الدورة الثانية تبدأ الاحتفالات بمواسم الربيع، مروراً بمواسم الحصاد في الصيف والخريف.
وعبر أيام الروزنامة الشعبية التى تتضمن أعياداً ذات صبغة معتقدية، اسلامية وأخرى هابطة من ديانات قديمة. وإذا نحن القينا نظرة على الموضع غير المستقر الذي عاشه شعبنا من أواخر العهد العثماني، ومروراً بسنوات الاحتلال البريطاني والإسرائيلي، وربطنا بين ذلك وبين ذلك الكم الهائل من الاحتفالات لوجدنا من الصعب التوفيق بين الحالين، إلا إذا قلنا بأن إرادة الحياة والابتهاج بقصد بث التفاؤل لاستمرار الحياة هما العاملان الحاسمان اللذان جعلا شعبنا يواصل التعبير عن إرادة التجدد والتطور رغم المعاناة القاسية التى واجهته، فهو قد عانى من حملات عسف وتجويع وتشرد وابتزاز وقهر في قوته اليومي، وفى إرادته لابراز كيانه الوطني المستقل.
وليس أدل على ذلك من أن نقول في أنه مع بداية الهجمة الاستيطانية الصهيونية لابتلاع فلسطين في العشرينات والثلاثينات من هذا القرن، كان هناك اهتمام جماهيري واسع بإحياء المواسم الشعبية " والاحتفالات الجماهيرية المرافقة لتحمل مضموناً معاصراً يؤكد على استمرار تجدد الحيوية في الوسط الشعبي. وهكذا كانت تخرج الجماهير إلى المواسم الدينية في الجليل والكرمل والساحل وغور الأردن لتحج إلى مزارات الأولياء والأنبياء وتحيي هذه المواسم باحتفالات كرنفالية حاشدة يجتمع فيها الحس الديني بالفرح الحياتي وقد صاحب ذلك استعراض للقوة عبر الجموع التى تنضوى تحت بيارق قادمة من المدن الرئيسية ترمز لقوى الهيئة العربية العليا في فلسطين، والتي كانت – في العشرينات والثلاثينات من هذا القرن – تحت زعامة الحاج أمين الحسيني، مفتى البلاد وقائد ثورتها، والذي كان اسمه يعطر الأغاني الشعبية ويرمز إلى القيادة التى يتوق إليها الناس في عهد وجد الشعب فيه نفسه يرزح تحت ضربات متواصلة من الاستعمار البريطاني تارة ومن الاستيطان الصهيوني تارة أخرى:
لو في نبي بعد النبي
كان النبي
هو الحاج أمين
ويردد الجمهور
الحاج أمين- الحاج أمين
واذا كان الحاج أمين قد توارى عن الساحة الشعبية في أواخر الثلاثينات مع توارى انتفاضة ثورية فلسطين شغلت مساحة زمنية واسعة ومساحة مكانية على مستوى كل الارض الفلسطينية، فان الاحتفالات عادت للظهور بعد مرور العاصفة حاملة مضامين جديدة ومواكبة انتفاضات جماهيرية جديدة. وبهذا المفهوم تصبح الاحتفالات واحدة من وسائل التعبير الثقافي عما يجيش في أعماق الوجدان الشعبي من أمال وتطلعات.
وفى سنوات المحنة من مثل السنوات التى تلت هزيمة ثورة 1936م والنكبة عام 1948 والهزيمة المدوخة عام 1967م، كانت الاحتفالات – حتى على صعيد العائلة – تخبو وتتضاءل إلى حين، بانتظار ان يجدد الناس كلهم، وعلى صعيد الوطن، إرادة التحدي من جديد. نقول انه في سنوات المحنة والهزيمة واللجوء والنزوح والمجاعة يقتصر الاحتفال على المراسيم التقليدية من مثل إجراء الختان وزفة العريس وزيارة الولي والاحتفال بمناسبة دينية، ويتواري التعبير عن الآمال بالتجديد والتغيير بسبب القهر المتواصل أو الإحساس النفسي لدى الجماهير بثقل الهزيمة ووطأتها المريعة على الصدور.
ويظل التعبير عن الهموم والآمال محصوراً عبر الكلمة الخالية من النغمة، حتى إذا ما مرت العاصفة وهدأ الحال، وضمد الناس جراحهم ونسوا آثار الهزيمة أو تناسوها، انبعث من جديد حس غريزي شعبي بالهموم العامة يشترك فيه كل الناس إذ من المعروف أن أي حفل شعبي يتشكل من عنصرين:
الاول: عنصر محدود باعثه حس الفرح أو الرغبة في إعلان احتفالي عن حدث عائلي أو شعور فردي.
الثاني: عنصر جماعي باعثه رغبة مجموع سكان القرية أو الحي في استعراض رغباتهم وآمالهم وهمومهم عبر شكل فني، هو الشكل الاحتفالي
تقول المنوحة التى تبكى في مناسبة كل وفاة:
ابكى لكم وأبكى لروحي
وأكثر بكاى لجروحى
ويرقص الشاب " الغندور" في كل عرس مشاركة الأهل وأهم من ذلك لاستعراض القدرة والمهارة واجتذاب الإطراء والإعجاب.والدليل على أن هذه الاحتفالات الشعبية كانت تجسيداً لارادة جماهيرية واسعة بالتجديد والانبعاث، هو أن تلك الاحتفالات التى تتراوح من مواسم دينية إلى احتفالات اجتماعية ( ولادة – زواج- وفاة ) نقول تلك الاحتفالات كانت في جوانب
عدل سابقا من قبل يافا في الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 1:53 pm عدل 1 مرات
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007