المقاومة والنهوض العربي/ عزمي بشارة
نص المحاضرة التي القيت يوم 25 تموز 2008 في بيروت بدعوة من المنتدى القومي العربي.
ليس مجرد نقاش حول الوسائل:
لم تتجذر فكرة المقاومة في أذهان ووجدان الشعوب العربية كما في هذه المرحلة منذ انسحاب إسرائيل من لبنان دون اتفاق سلام في العام 2000 وحتى فشل العدوان الإسرائيلي على لبنان. وكان آخر عناوين هذا الفشل صفقة تبادل الأسرى الأخيرة. ومن خلالها اعترفت إسرائيل للمرة الثانية بفشل عدوانها على لبنان في تموز من العام 2006.
وطبعا ساهمت حركة حماس والمقاومة العراقية التي انطلقت في زمن قياسي بعد الاحتلال في ترويج الإعجاب بالمقاومة والتفاعل مع المقاومة شعبيا. لم تكن هذه التيارات المقاومة ظواهر موحدة، وهي ليست موحدة الآن. والأهم من ذلك أنه حتى مجتمعاتها الوطنية غير مجمعة عليها. فالخلاف ينشب حولها في مجتمعاتها المحلية أساسا كتعبير عن الصراع السياسي في هذه المجتمعات. ويكاد الخلاف على المقاومة في هذه المجتمعات يتحول إلى تعبير عن هويات ثقافية أو سياسية أو طائفية، أو يستخدمها. وحتى لو تألفت المقاومة من حركات دينية أو مذهبية، فلا شك أن المزاج الشعبي العربي العام الذي يرنو إليها، ويتوق لها، وينفعل لأخبارها هو مزاج موحد... لا ينفصل فيه الإسلام عن العروبة عن الموقف الوطني.
إنه مزاج شعبي عربي رافض للاحتلال الاجنبي لأي بلد عربي، ومحبط من رد فعل الأنظمة العربية على احتلال فلسطين والعراق ولبنان، ويعول على المقاومة لتحرير الأراضي المحتلة، أو على الاقل لتدفيع الاحتلال ثمنا يحفظ للواقعين تحت الاحتلال إنسانيتهم وللشعوب العربية كرامتها... إنه مزاج فقد الأمل بتسوية سياسية عادلة مع إسرائيل، ولا يثق بالنوايا الأميركية، ولا بالأنظمة العربية. ربما بدا ما نقول وصفا لمزاج يبدو بلغة العصر وصفا غير عقلاني لحالة هلامية، ولكني لا أقترح على أحد الاستخفاف به.
فلنمعن الفكر قليلا بما يدفع شعوبا إلى احترام مقاومة حتى لو لم توحٍ برامجُها، أو سلوكُها، أو ظروفُها بأفقٍ سياسيٍ واضح. خذ مثلا حالة المقاومة العراقية البطولية، فإن سرعة نهوضها وتطورها تكاد تكون غير مسبوقة في التاريخ قياسا بموعد الاحتلال. ولكنها غير قادرة على طرح أفق سياسي مقنع بسبب تعدديتها، وإقصائية بعض فصائلها الطائفية، وفوضى البيانات التي تحجب عن المواطن العربي الرؤية لما يجري فعلا على الأرض في العراق... ومع ذلك نراه يقف مع المقاومة (ما عدا حالة فصائل تنفذ عمليات قتل ضد المدنيين العراقيين). ما هو الأفق السياسي الذي تطرحه حركة حماس حاليا؟ يصعب تحديد هذا الأفق، أهو الحفاظ على السلطة ام فك الحصار عن غزة، أم غيرها من الأهداف التي لا تشكل أفقا سياسيا حقيقيا مقنعا للناس. ومع ذلك تتضامن الأمة مع حماس كحركة مظلومين تواصل المقاومة تحت الاحتلال وتتحدى طريق التسوية غير العادلة بعد أوسلو. لا اعتقد ان الجمهور العربي يدعم حماس ويتضامن معها لأنه يرى أفقا قريبا لتحرير فلسطين على يدها.
ليست هنالك علاقة دائمة وضرورية بين دعم المقاومة وبين الأفق السياسي الذي تفتحه المقاومة. وطبعا تحاول حركات المقاومة الجدية والتي تحترم نفسها وجمهورها ان تبني دعم الجماهير لهم على أسس سياسية اصلب من المزاج السياسي الاحتجاجي القائم، وذلك بواسطة تحقيق انجازات فعلية أو خسائر حقيقية للاحتلال لا تحققها الأنظمة بالمفاوضات مثلا... يجب التمييز بين المزاج الشعبي الداعم للمقاومة وبين توفر رؤية استراتيجية للمقاومة على المدى البعيد تتجاوز إغراء الاكتفاء بالمزاج الشعبي الآني المؤيد دون قيد أو شرط، مع أنه مزاج يعبر عن نبل الفئات الشعبية عندما يتعلق الأمر باحتلال أجنبي.
ولكن تبرير المقاومة عقليا باستراتيجة بعيدة المدى للتحرير، لا يعني التبرير البراغماتي في ظل ما هو قائم من منطق الأنظمة الحاكمة. فهذا قد يؤدي إلى السقوط في الذرائعية التي تطمس الفرق في الأهداف والى الإسراع في إعلان الانتصارات بهدف التبرير. وأحيانا يفترض هذا الجهد السياسي والخطابي الذي يحاول ان يثبت نجاعة المقاومة أن النقاش مع الأنظمة هو نقاش على الأساليب وليس على الأهداف. فتجد المقاومة نفسها مضطرة أن تفترض لغرض مثل هذا النقاش مثلا: أن الأنظمة تريد تحرير فلسطين، أو المناطق المحتلة كأولوية، وتفشل، فتلجأ إلى الوسائل الدبلوماسية. ويقدم نفس الخطاب المقاومة في المقابل كنموذج للتحرير بالسلاح دون اعتراف ولا دبلوماسية.
ولكن النقاش الحالي مع الأنظمة العربية هو في الواقع صراع على الأهداف ذاتها وتترتب عنه سلوكيات وحتى منظومات قيمية مختلفة. وتقاس العقلانية البراغماتية، اي الأداتية المتعلقة بنجاعة الوسائل، بالأهداف التي تخدمها هذه الوسائل وليس قياسا بأهداف الآخرين... لا توجد بهذا المعنى معايير موحدة قائمة بغض النظر عن الأهداف للحكم على عقلانية الأدوات.
وكمثال على ذلك انتشر مؤخرا خطاب مستقى من حالة تحرير الأسرى ومفاده أن الدول العربية التي عقدت سلاما مع إسرائيل لم تنجح في تحرير أسراها في إطار اتفاقيات سلام، في حين حررت المقاومة الأسرى بواسطة عمليات مقاومة تلخصت بأسر الجنود والتبادل. ويزداد هذا الخطاب قوة إزاء موقف ما يسمى بقوى "الاعتدال" التي عارضت علنا عمليتي الأسر الأخيرتين (من العام 2006) في لبنان وفلسطين، واعتبرت "تجاوب" إسرائيل مع "الخاطفين" بالتبادل دعما لقوى التطرف يقوي نفوذهم على الساحة... هذا وصف متواضع وحرفي لسلوك قوى السلطة السياسية في فلسطين وسولك الأنظمة العربية حاليا في قضية الجندي المختطف في غزة، ما يزيد من آلام الأسرى ويؤخر تحريرهم.
وقبل ان نلج لب موضوعنا، نود ان نتريث هنا قليلا. فإن شرح الموقف من هذه المقارنات سوف يضيء الطريق إلى صلب موضوع المقاومة وما يميزها.
1. لا يدور النقاش مع الأنظمة العربية حول الوسائل، بل هو غالبا نقاش على الأهداف. فمن قال أصلا ان الأنظمة العربية التي عقدت اتفاقيات سلام مع إسرائيل مهتمة بتحرير مواطنيها الأسرى، خاصة اولئك الذين تعتبرهم هي ايضا مجرمين بمعنى أنهم قبلوا أن ينتظموا ويحملوا السلاح في إطار غير جيشها (أو غير قواتها الأمنية في حالة السلطة الفلسطينية)؟ تعتبر هذه الدول تلقي مواطنها أوامر من تنظيم فلسطيني او عربي سلوكا يمس بالمواطنة بسيادة البلد وبالمواطنة.
ليس السؤال بحاجة الى جواب ونحن نرى بعض محرري جوانتنامو يعاد اعتقالهم في دولهم العربية بعد تحريرهم. وهذا مصير بعض محرري السجون الإسرائيلية الذين في أفضل الحالات يخضعون للمراقبة في دولهم. الدول العربية لا تريدهم اصلا. ولو كانت تريدهم لحررتهم في إطار علاقاتها مع إسرائيل، وهي قادرة على ذلك لو أرادت.
2. أسر العرب والفلسطينيين بالنسبة لإسرائيل ليس هدفا بذاته بل هو جزء من الصراع. فإذا قبل الفلسطينيون شروط إسرائيل السياسية يتم تحرير أسراهم. ولا مانع لدى اسرائيل من تحرير أسرى في إطار اتفاق مقابل التنازل عن القدس مثلا... في هذه الحالة اي اذا تحول تحرير الاسرى الى هدف سياسي قائم بذاته فإنه بدل أن تنبت فائدة من التضحية تصبح التضحية والأسر عبئا على النضال والقضية التي من أجلها اسر الانسان. تناضل الناس وتتعرض للأسر من أجل قضية، وهذه القضية هي ليست التحرر من الأسر. والتحرر من الأسر مقابل تنازلات سياسية تقدمها القيادة، وفي إطار اتفاق سياسي يجري فيه التنازل عن القضية هو انجاز للسجان. فهو الذي أخذ المناضلين رهائن بهذا المعنى، وهو يطالب صاحب القضية ان يتنازل عنها مقابل تحرير رهائنه.
هل حاولنا مرة ان نرى الأسرى العرب والفلسطينيين كرهائن تحتفظ بهم إسرائيل في إطار الصراع؟ من هذه الزاوية فإن النظام الرسمي العربي الذي يساوم عليهم، ويحررهم في إطار قبول الشروط السياسية الاسرائيلية يُنجِح عملية الخطف الاسرائيلية ويقبل بالشروط وينفي هدف النضال الذي دفع الأسير ثمنه. فالتنازل السياسي العربي والفلسطيني هو أيضا انجاز إسرائيلي يتم التغطية عليه وإظهاره كإنجاز فلسطيني او عربي بزغاريد استقبال الأسرى, وهي تعبير عن فرحة مفهومة.
أما التحرير في إطار النضال، بالتبادل مقابل أسرى إسرائيليين مثلا، فهو مسار آخر لا يخضع للشروط.
3. من هنا لا يدور النقاش في قضية تحرير الاسرى حول من يستطيع ومن ينجح في تحريرهم وكيف؟ بل هو نقاش حول الهدف، هدف النضال الذي في سياقه اسروا، وفي سياقه حرروا. الاسر والسجن ليس هدفا فائما بذاته. وهنالك فرق بين تحرير الاسرى في خضم النضال كإنجاز يجري اثناء النضال، وبين تحرير الأسرى في اتفاق سياسيى دبلوماسي بعد الانتهاء من الصراع. هذا هو الفرق بين إطلاق سراح الاسرى في عملية التبادل الاكبر حتى الآن بين الجبهة الشعبية القيادة العامة وإسرائيل عام 1985، وعملية التبادل الأخيرة التي فرضها حزب الله من جهة، وبين ما يمكن لأنظمة ان تفعله في إطار السلام مع إسرائيل.
4. وأخيرا نريد ان نضيف أن الأسر والتحرر من الاسر ليس ولم يكن هو الهدف الأصلي، بل جرى هذا كله من أجل هدف. وفي كافة الحالات لا يسمى اطلاق سراح اسرى في عملية اسر وتبادل او حتى باقتحام سجن كما فعلت حركات تحرر في الماضي انتصارا، طالما لم يتحقق أي انتصار يتعلق بالهدف ذاته... تحرير الأسرى هو إنجاز في مسيرة النضال وليس انتصارا. وهذه ليست مجرد كلمات. فالنصر يقاس نسبة بالتقدم نحو هدف النضال.
كانت عملية التبادل التي قامت بها الجبهة الشعبية القيادة العامة في العام 1985 اكبر وأهم عمليات التبادل حتى اليوم. أطلق فيها سراح اكثر من الف اسير فلسطيني وعربي. وكان اثرها السياسي المباشر هائلا اذا شكلت بالكوادر التي أطلقتها إحدى مولدات الانتفاضة الأولى. ومع ذلك لم يسمها احد انتصارا. لا يجوز استخدام كلمة انتصار بهذه السهولة حتى صار هنالك نصر يسجل كل بضعة أيام مرة على إسرائيل. تبادل الأسرى مع إسرائيل هو إنجاز على طريق النضال. وعملية التبادل الأخيرة ليست الإنجاز الأكبر. فقد جرت في الماضي عمليات تبادل من هذا النوع بل أضخم بكثير ودفعت فيها إسرائيل بلغتها ثمنا أعلى مما دفعت هذه المرة، ولم يعقبها هزائم لإسرائيل ولا انتصارات للعرب.
والحقيقة أنه رغم وجاهة النقاش حول بقاء جثامين الشهداء في أرض فلسطين حتى التحرير وبعد التحرير، فلا شك ان العرس الجماهيري في كل دولة عربية تستقبل جثامين الشهداء هو إحراج للأنظمة المعادية لطريق المقاومة وهدفها. وما بدا كأنه تقليد لا حاجة له لاسرائيل التي تستعيد جثامين قتلاها ولو بثمن تحرير الأسرى، تبين كتعطش عربي حقيقي لتكريم الإنسان البسيط، المواطن، خاصة إذا كانت عودته شهيدا تشكل كفيلا لمشروعية هذا الفعل. مرة أخرى يتأكد ما قلناه أعلاه عن عمق دوافع دعم الناس للمقاومة.
لا تقف الشعوب العربية إذا مع المقاومة بسبب نجاعتها كما نعتقد. هذا، رغم ان المقاومة اللبنانية تميزت عن سابقاتها بدرجة التنظيم والنجاعة ووضوح الهدف عندما يتعلق الامر بالصراع مع إسرائيل. وقد نجحت بطرد إسرائيل من لبنان دون اتفاق بسبب استراتيجيتها النضالية المثابرة التي لا تحاول أن تثير إعجاب الغرب وتدفِّع الاحتلال ثمنا بأقل كلفة ممكنة للبنان ذاته، يضاف إلى ذلك في حينه عدم توصل سوريا وإسرائيل الى اتفاق سلام إثر جولة المفاوضات المباشرة بينهما في تلك المرحلة.
تقف الشعوب العربية مع المقاومة معبرة عن هويتها وكرامتها في النضال ضد الاحتلال الأجنبي، وتعبيرا عن سخطها واحتجاجها ضد الوضع العربي الرسمي القائم العاجز أو غير الراغب في مقاومة الاحتلال الاجنبي أو المتحالف معه موضوعيا. وطبعا من واجب المقاومة أن تقدم برامج سياسية واستراتيجيات تصلِّب هذا الدعم الشعبي وترسيه على قاعدة النجاعة والنجاح في مهمة التحرير، فتحول هذا الدعم الى رأس مال سياسي حقيقي.
مسألة ثقافة؟
لا شك أن المقاومة كحركة إنسانية هي اكثر من فعل ورد فعل فيزيائي مثل أصلها اللغوي في قانون "لكل فعل رد فعل"، أو في مقاومة الاحتكاك أو الجاذبية مثلا. إنها فعل عنف ثانوي، رد فعل، مضاد لفعل عنف الاحتلال الأولي الاصلي. ولكنها اكثر من ذلك ايضا، لانها ليست مباشرة بل متوسطة تمر عبر الفكر والعاطفة والتنظيم الاجتماعي وغيره.
ولكن المقاومة ليست ثقافة مميزة ومحددة كما يروج جزء من معسكر المقاومة حاليا. بل هي موقف وممارسة. وهي غالبا موقف برفض الخضوع للاحتلال الأجنبي ويرفض التواطؤ معه. ويتم التعبير عن هذا الرفض بدرجات أرقاها الكفاح المسلح المنظم وصاحب الاستراتيجية الموحدة. ويرافق هذا الموقف تأكيدٌ على الوطنية وحرية الوطن وفهمٌ وطني لتاريخه، ورفضٌ للخيانة وتعبيراتها الأخلاقية والسلوكية والسياسية، متحولا الى مكون ثقافي على مستوى الهوية وتعريف الذات. ولكن ليس هنالك بالضرورة ثقافة سياسية محددة هي ثقافة المقاومة. فقد ثبت أن المقاومين يحملون ثقافات سياسية مختلفة ومتناقضة. وقد شهدنا في التاريخ مقاومات حملت ثقافة قومية، وأخرى يسارية، وثالثة دينية، وحتى مذهبية.
لا يمكن الحديث عن ثقافة سياسية واحدة للمقاومة، أو عن ثقافة بعينها تحملها المقاومة. أما إذا كان الحديث حول "ثقافة المقاومة" كمصطلح، فالمقصود هو موقف سياسي يرفض التعامل مع الاحتلال ويرفض العزوف عن السياسة في ظل الاحتلال، ويؤمن بأنه يجب فعل شيء لكي يندحر. ويترتب على هذا الموقف، كما يترتب على نقيضه، مجموعة مسلكيات... وكل هذا لا يكفي لكي يعيِّن ثقافة تميز المقاومة وتتميز عن غيرها.
من الواضح مثلا أن غالبية التيارات المقاومة المنظمة حاليا في الوطن العربي هي تيارات دينية. وطبعا هذا لا يعني ان كل تيار ديني هو تيار مقاوم... فهنالك تيارات دينية او تتلبس بالدين تتعاون مع (وفي) حكومة الاحتلال في العراق وتعارض المقاومة في غيره. ولا تشكل الإيديولوجية الدينية بالنسبة للمقاومة مفارقة او صدفة، بل تستخدم هذه التيارات الإيديولوجية الدينية في النضال ذاته ولا تحيِّدها عنه، إن كان ذلك في شرح معاني الجهاد والاستشهاد، وإن كان ذلك في قدسية الهرمية التنظيمية، أو الاستفادة من الولاء الأهلي الطائفي.
نص المحاضرة التي القيت يوم 25 تموز 2008 في بيروت بدعوة من المنتدى القومي العربي.
ليس مجرد نقاش حول الوسائل:
لم تتجذر فكرة المقاومة في أذهان ووجدان الشعوب العربية كما في هذه المرحلة منذ انسحاب إسرائيل من لبنان دون اتفاق سلام في العام 2000 وحتى فشل العدوان الإسرائيلي على لبنان. وكان آخر عناوين هذا الفشل صفقة تبادل الأسرى الأخيرة. ومن خلالها اعترفت إسرائيل للمرة الثانية بفشل عدوانها على لبنان في تموز من العام 2006.
وطبعا ساهمت حركة حماس والمقاومة العراقية التي انطلقت في زمن قياسي بعد الاحتلال في ترويج الإعجاب بالمقاومة والتفاعل مع المقاومة شعبيا. لم تكن هذه التيارات المقاومة ظواهر موحدة، وهي ليست موحدة الآن. والأهم من ذلك أنه حتى مجتمعاتها الوطنية غير مجمعة عليها. فالخلاف ينشب حولها في مجتمعاتها المحلية أساسا كتعبير عن الصراع السياسي في هذه المجتمعات. ويكاد الخلاف على المقاومة في هذه المجتمعات يتحول إلى تعبير عن هويات ثقافية أو سياسية أو طائفية، أو يستخدمها. وحتى لو تألفت المقاومة من حركات دينية أو مذهبية، فلا شك أن المزاج الشعبي العربي العام الذي يرنو إليها، ويتوق لها، وينفعل لأخبارها هو مزاج موحد... لا ينفصل فيه الإسلام عن العروبة عن الموقف الوطني.
إنه مزاج شعبي عربي رافض للاحتلال الاجنبي لأي بلد عربي، ومحبط من رد فعل الأنظمة العربية على احتلال فلسطين والعراق ولبنان، ويعول على المقاومة لتحرير الأراضي المحتلة، أو على الاقل لتدفيع الاحتلال ثمنا يحفظ للواقعين تحت الاحتلال إنسانيتهم وللشعوب العربية كرامتها... إنه مزاج فقد الأمل بتسوية سياسية عادلة مع إسرائيل، ولا يثق بالنوايا الأميركية، ولا بالأنظمة العربية. ربما بدا ما نقول وصفا لمزاج يبدو بلغة العصر وصفا غير عقلاني لحالة هلامية، ولكني لا أقترح على أحد الاستخفاف به.
فلنمعن الفكر قليلا بما يدفع شعوبا إلى احترام مقاومة حتى لو لم توحٍ برامجُها، أو سلوكُها، أو ظروفُها بأفقٍ سياسيٍ واضح. خذ مثلا حالة المقاومة العراقية البطولية، فإن سرعة نهوضها وتطورها تكاد تكون غير مسبوقة في التاريخ قياسا بموعد الاحتلال. ولكنها غير قادرة على طرح أفق سياسي مقنع بسبب تعدديتها، وإقصائية بعض فصائلها الطائفية، وفوضى البيانات التي تحجب عن المواطن العربي الرؤية لما يجري فعلا على الأرض في العراق... ومع ذلك نراه يقف مع المقاومة (ما عدا حالة فصائل تنفذ عمليات قتل ضد المدنيين العراقيين). ما هو الأفق السياسي الذي تطرحه حركة حماس حاليا؟ يصعب تحديد هذا الأفق، أهو الحفاظ على السلطة ام فك الحصار عن غزة، أم غيرها من الأهداف التي لا تشكل أفقا سياسيا حقيقيا مقنعا للناس. ومع ذلك تتضامن الأمة مع حماس كحركة مظلومين تواصل المقاومة تحت الاحتلال وتتحدى طريق التسوية غير العادلة بعد أوسلو. لا اعتقد ان الجمهور العربي يدعم حماس ويتضامن معها لأنه يرى أفقا قريبا لتحرير فلسطين على يدها.
ليست هنالك علاقة دائمة وضرورية بين دعم المقاومة وبين الأفق السياسي الذي تفتحه المقاومة. وطبعا تحاول حركات المقاومة الجدية والتي تحترم نفسها وجمهورها ان تبني دعم الجماهير لهم على أسس سياسية اصلب من المزاج السياسي الاحتجاجي القائم، وذلك بواسطة تحقيق انجازات فعلية أو خسائر حقيقية للاحتلال لا تحققها الأنظمة بالمفاوضات مثلا... يجب التمييز بين المزاج الشعبي الداعم للمقاومة وبين توفر رؤية استراتيجية للمقاومة على المدى البعيد تتجاوز إغراء الاكتفاء بالمزاج الشعبي الآني المؤيد دون قيد أو شرط، مع أنه مزاج يعبر عن نبل الفئات الشعبية عندما يتعلق الأمر باحتلال أجنبي.
ولكن تبرير المقاومة عقليا باستراتيجة بعيدة المدى للتحرير، لا يعني التبرير البراغماتي في ظل ما هو قائم من منطق الأنظمة الحاكمة. فهذا قد يؤدي إلى السقوط في الذرائعية التي تطمس الفرق في الأهداف والى الإسراع في إعلان الانتصارات بهدف التبرير. وأحيانا يفترض هذا الجهد السياسي والخطابي الذي يحاول ان يثبت نجاعة المقاومة أن النقاش مع الأنظمة هو نقاش على الأساليب وليس على الأهداف. فتجد المقاومة نفسها مضطرة أن تفترض لغرض مثل هذا النقاش مثلا: أن الأنظمة تريد تحرير فلسطين، أو المناطق المحتلة كأولوية، وتفشل، فتلجأ إلى الوسائل الدبلوماسية. ويقدم نفس الخطاب المقاومة في المقابل كنموذج للتحرير بالسلاح دون اعتراف ولا دبلوماسية.
ولكن النقاش الحالي مع الأنظمة العربية هو في الواقع صراع على الأهداف ذاتها وتترتب عنه سلوكيات وحتى منظومات قيمية مختلفة. وتقاس العقلانية البراغماتية، اي الأداتية المتعلقة بنجاعة الوسائل، بالأهداف التي تخدمها هذه الوسائل وليس قياسا بأهداف الآخرين... لا توجد بهذا المعنى معايير موحدة قائمة بغض النظر عن الأهداف للحكم على عقلانية الأدوات.
وكمثال على ذلك انتشر مؤخرا خطاب مستقى من حالة تحرير الأسرى ومفاده أن الدول العربية التي عقدت سلاما مع إسرائيل لم تنجح في تحرير أسراها في إطار اتفاقيات سلام، في حين حررت المقاومة الأسرى بواسطة عمليات مقاومة تلخصت بأسر الجنود والتبادل. ويزداد هذا الخطاب قوة إزاء موقف ما يسمى بقوى "الاعتدال" التي عارضت علنا عمليتي الأسر الأخيرتين (من العام 2006) في لبنان وفلسطين، واعتبرت "تجاوب" إسرائيل مع "الخاطفين" بالتبادل دعما لقوى التطرف يقوي نفوذهم على الساحة... هذا وصف متواضع وحرفي لسلوك قوى السلطة السياسية في فلسطين وسولك الأنظمة العربية حاليا في قضية الجندي المختطف في غزة، ما يزيد من آلام الأسرى ويؤخر تحريرهم.
وقبل ان نلج لب موضوعنا، نود ان نتريث هنا قليلا. فإن شرح الموقف من هذه المقارنات سوف يضيء الطريق إلى صلب موضوع المقاومة وما يميزها.
1. لا يدور النقاش مع الأنظمة العربية حول الوسائل، بل هو غالبا نقاش على الأهداف. فمن قال أصلا ان الأنظمة العربية التي عقدت اتفاقيات سلام مع إسرائيل مهتمة بتحرير مواطنيها الأسرى، خاصة اولئك الذين تعتبرهم هي ايضا مجرمين بمعنى أنهم قبلوا أن ينتظموا ويحملوا السلاح في إطار غير جيشها (أو غير قواتها الأمنية في حالة السلطة الفلسطينية)؟ تعتبر هذه الدول تلقي مواطنها أوامر من تنظيم فلسطيني او عربي سلوكا يمس بالمواطنة بسيادة البلد وبالمواطنة.
ليس السؤال بحاجة الى جواب ونحن نرى بعض محرري جوانتنامو يعاد اعتقالهم في دولهم العربية بعد تحريرهم. وهذا مصير بعض محرري السجون الإسرائيلية الذين في أفضل الحالات يخضعون للمراقبة في دولهم. الدول العربية لا تريدهم اصلا. ولو كانت تريدهم لحررتهم في إطار علاقاتها مع إسرائيل، وهي قادرة على ذلك لو أرادت.
2. أسر العرب والفلسطينيين بالنسبة لإسرائيل ليس هدفا بذاته بل هو جزء من الصراع. فإذا قبل الفلسطينيون شروط إسرائيل السياسية يتم تحرير أسراهم. ولا مانع لدى اسرائيل من تحرير أسرى في إطار اتفاق مقابل التنازل عن القدس مثلا... في هذه الحالة اي اذا تحول تحرير الاسرى الى هدف سياسي قائم بذاته فإنه بدل أن تنبت فائدة من التضحية تصبح التضحية والأسر عبئا على النضال والقضية التي من أجلها اسر الانسان. تناضل الناس وتتعرض للأسر من أجل قضية، وهذه القضية هي ليست التحرر من الأسر. والتحرر من الأسر مقابل تنازلات سياسية تقدمها القيادة، وفي إطار اتفاق سياسي يجري فيه التنازل عن القضية هو انجاز للسجان. فهو الذي أخذ المناضلين رهائن بهذا المعنى، وهو يطالب صاحب القضية ان يتنازل عنها مقابل تحرير رهائنه.
هل حاولنا مرة ان نرى الأسرى العرب والفلسطينيين كرهائن تحتفظ بهم إسرائيل في إطار الصراع؟ من هذه الزاوية فإن النظام الرسمي العربي الذي يساوم عليهم، ويحررهم في إطار قبول الشروط السياسية الاسرائيلية يُنجِح عملية الخطف الاسرائيلية ويقبل بالشروط وينفي هدف النضال الذي دفع الأسير ثمنه. فالتنازل السياسي العربي والفلسطيني هو أيضا انجاز إسرائيلي يتم التغطية عليه وإظهاره كإنجاز فلسطيني او عربي بزغاريد استقبال الأسرى, وهي تعبير عن فرحة مفهومة.
أما التحرير في إطار النضال، بالتبادل مقابل أسرى إسرائيليين مثلا، فهو مسار آخر لا يخضع للشروط.
3. من هنا لا يدور النقاش في قضية تحرير الاسرى حول من يستطيع ومن ينجح في تحريرهم وكيف؟ بل هو نقاش حول الهدف، هدف النضال الذي في سياقه اسروا، وفي سياقه حرروا. الاسر والسجن ليس هدفا فائما بذاته. وهنالك فرق بين تحرير الاسرى في خضم النضال كإنجاز يجري اثناء النضال، وبين تحرير الأسرى في اتفاق سياسيى دبلوماسي بعد الانتهاء من الصراع. هذا هو الفرق بين إطلاق سراح الاسرى في عملية التبادل الاكبر حتى الآن بين الجبهة الشعبية القيادة العامة وإسرائيل عام 1985، وعملية التبادل الأخيرة التي فرضها حزب الله من جهة، وبين ما يمكن لأنظمة ان تفعله في إطار السلام مع إسرائيل.
4. وأخيرا نريد ان نضيف أن الأسر والتحرر من الاسر ليس ولم يكن هو الهدف الأصلي، بل جرى هذا كله من أجل هدف. وفي كافة الحالات لا يسمى اطلاق سراح اسرى في عملية اسر وتبادل او حتى باقتحام سجن كما فعلت حركات تحرر في الماضي انتصارا، طالما لم يتحقق أي انتصار يتعلق بالهدف ذاته... تحرير الأسرى هو إنجاز في مسيرة النضال وليس انتصارا. وهذه ليست مجرد كلمات. فالنصر يقاس نسبة بالتقدم نحو هدف النضال.
كانت عملية التبادل التي قامت بها الجبهة الشعبية القيادة العامة في العام 1985 اكبر وأهم عمليات التبادل حتى اليوم. أطلق فيها سراح اكثر من الف اسير فلسطيني وعربي. وكان اثرها السياسي المباشر هائلا اذا شكلت بالكوادر التي أطلقتها إحدى مولدات الانتفاضة الأولى. ومع ذلك لم يسمها احد انتصارا. لا يجوز استخدام كلمة انتصار بهذه السهولة حتى صار هنالك نصر يسجل كل بضعة أيام مرة على إسرائيل. تبادل الأسرى مع إسرائيل هو إنجاز على طريق النضال. وعملية التبادل الأخيرة ليست الإنجاز الأكبر. فقد جرت في الماضي عمليات تبادل من هذا النوع بل أضخم بكثير ودفعت فيها إسرائيل بلغتها ثمنا أعلى مما دفعت هذه المرة، ولم يعقبها هزائم لإسرائيل ولا انتصارات للعرب.
والحقيقة أنه رغم وجاهة النقاش حول بقاء جثامين الشهداء في أرض فلسطين حتى التحرير وبعد التحرير، فلا شك ان العرس الجماهيري في كل دولة عربية تستقبل جثامين الشهداء هو إحراج للأنظمة المعادية لطريق المقاومة وهدفها. وما بدا كأنه تقليد لا حاجة له لاسرائيل التي تستعيد جثامين قتلاها ولو بثمن تحرير الأسرى، تبين كتعطش عربي حقيقي لتكريم الإنسان البسيط، المواطن، خاصة إذا كانت عودته شهيدا تشكل كفيلا لمشروعية هذا الفعل. مرة أخرى يتأكد ما قلناه أعلاه عن عمق دوافع دعم الناس للمقاومة.
لا تقف الشعوب العربية إذا مع المقاومة بسبب نجاعتها كما نعتقد. هذا، رغم ان المقاومة اللبنانية تميزت عن سابقاتها بدرجة التنظيم والنجاعة ووضوح الهدف عندما يتعلق الامر بالصراع مع إسرائيل. وقد نجحت بطرد إسرائيل من لبنان دون اتفاق بسبب استراتيجيتها النضالية المثابرة التي لا تحاول أن تثير إعجاب الغرب وتدفِّع الاحتلال ثمنا بأقل كلفة ممكنة للبنان ذاته، يضاف إلى ذلك في حينه عدم توصل سوريا وإسرائيل الى اتفاق سلام إثر جولة المفاوضات المباشرة بينهما في تلك المرحلة.
تقف الشعوب العربية مع المقاومة معبرة عن هويتها وكرامتها في النضال ضد الاحتلال الأجنبي، وتعبيرا عن سخطها واحتجاجها ضد الوضع العربي الرسمي القائم العاجز أو غير الراغب في مقاومة الاحتلال الاجنبي أو المتحالف معه موضوعيا. وطبعا من واجب المقاومة أن تقدم برامج سياسية واستراتيجيات تصلِّب هذا الدعم الشعبي وترسيه على قاعدة النجاعة والنجاح في مهمة التحرير، فتحول هذا الدعم الى رأس مال سياسي حقيقي.
مسألة ثقافة؟
لا شك أن المقاومة كحركة إنسانية هي اكثر من فعل ورد فعل فيزيائي مثل أصلها اللغوي في قانون "لكل فعل رد فعل"، أو في مقاومة الاحتكاك أو الجاذبية مثلا. إنها فعل عنف ثانوي، رد فعل، مضاد لفعل عنف الاحتلال الأولي الاصلي. ولكنها اكثر من ذلك ايضا، لانها ليست مباشرة بل متوسطة تمر عبر الفكر والعاطفة والتنظيم الاجتماعي وغيره.
ولكن المقاومة ليست ثقافة مميزة ومحددة كما يروج جزء من معسكر المقاومة حاليا. بل هي موقف وممارسة. وهي غالبا موقف برفض الخضوع للاحتلال الأجنبي ويرفض التواطؤ معه. ويتم التعبير عن هذا الرفض بدرجات أرقاها الكفاح المسلح المنظم وصاحب الاستراتيجية الموحدة. ويرافق هذا الموقف تأكيدٌ على الوطنية وحرية الوطن وفهمٌ وطني لتاريخه، ورفضٌ للخيانة وتعبيراتها الأخلاقية والسلوكية والسياسية، متحولا الى مكون ثقافي على مستوى الهوية وتعريف الذات. ولكن ليس هنالك بالضرورة ثقافة سياسية محددة هي ثقافة المقاومة. فقد ثبت أن المقاومين يحملون ثقافات سياسية مختلفة ومتناقضة. وقد شهدنا في التاريخ مقاومات حملت ثقافة قومية، وأخرى يسارية، وثالثة دينية، وحتى مذهبية.
لا يمكن الحديث عن ثقافة سياسية واحدة للمقاومة، أو عن ثقافة بعينها تحملها المقاومة. أما إذا كان الحديث حول "ثقافة المقاومة" كمصطلح، فالمقصود هو موقف سياسي يرفض التعامل مع الاحتلال ويرفض العزوف عن السياسة في ظل الاحتلال، ويؤمن بأنه يجب فعل شيء لكي يندحر. ويترتب على هذا الموقف، كما يترتب على نقيضه، مجموعة مسلكيات... وكل هذا لا يكفي لكي يعيِّن ثقافة تميز المقاومة وتتميز عن غيرها.
من الواضح مثلا أن غالبية التيارات المقاومة المنظمة حاليا في الوطن العربي هي تيارات دينية. وطبعا هذا لا يعني ان كل تيار ديني هو تيار مقاوم... فهنالك تيارات دينية او تتلبس بالدين تتعاون مع (وفي) حكومة الاحتلال في العراق وتعارض المقاومة في غيره. ولا تشكل الإيديولوجية الدينية بالنسبة للمقاومة مفارقة او صدفة، بل تستخدم هذه التيارات الإيديولوجية الدينية في النضال ذاته ولا تحيِّدها عنه، إن كان ذلك في شرح معاني الجهاد والاستشهاد، وإن كان ذلك في قدسية الهرمية التنظيمية، أو الاستفادة من الولاء الأهلي الطائفي.
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007