قاطع دوت كوم - فبراير 2004
عام 1920 بمدينة نابلس الفلسطينية ولدت فكرة المقاطعة العربية لإسرائيل من رحم الصراع مع اليهود، كان ذلك في مؤتمر الجمعية الإسلامية المسيحية الذي دعا فيه وجهاء فلسطين ومزارعوها إلى 'مقاطعة اليهود مقاطعة تامة'؛ وذلك ردًّ على مقاطعة اليهود لمنتجات العرب من ناحية، ولعزلهم عن المجتمع الفلسطيني من ناحية أخرى، وامتدت هذه المقاطعة وتطورت لتشمل كثيرًا من جوانب العلاقات الاقتصادية والتجارية وتشغيل اليد العاملة، إضافة إلى الامتناع عن بيع الأراضي والعقارات.
واتخذت المقاطعة بعدًا إقليميا لأول مرة عندما أقسم مندوبون عرب من سوريا وشرق الأردن ولبنان وفلسطين في اجتماع لهم بالقدس [27/11/1929] على منع بيع الأراضي لليهود، ومقاطعة المصنوعات والمتاجر اليهودية.
التطور الأهم في مسألة المقاطعة وقع خلال ثورة فلسطين الكبرى [1936- 1939] والتي شهدت صراعًا مسلحًا ضد الانتداب البريطاني، حيث تشكلت لجان مقاطعة في سوريا والأردن ولبنان لمنع إرسال البضائع والسلع إلى فلسطين، ما لم تكن مقترنة بموافقة اللجان القومية التي كانت تقود حركة الإضراب والعصيان العام في فلسطين؛ خوفًا من تسلل البضائع والسلع العربية إلى أيدي اليهود في فلسطين.
وتبع ذلك عقد المؤتمر القومي العربي في 'بلودان' بسوريا عام 1937 بحضور مندوبين من سوريا والعراق والأردن ولبنان والعربية السعودية ومصر وفلسطين، والذي وسع حدود المقاطعة لتأخذ بُعدها العربي خارج فلسطين، ولتشمل -إضافة إلى مقاطعة يهود فلسطين- مقاطعة بضائع الدول الأجنبية التي تدعم مشروع الاستيطان اليهودي في فلسطين.
ثم كان التحول الثاني في موضوع المقاطعة العربية بانتقاله من المستوى الشعبي إلى المستوى الرسمي، عندما تبنت الجامعة العربية المقاطعة، حيث قرر مجلس الجامعة في جلسته الثانية [2/12/1945] مقاطعة المنتجات والمصنوعات اليهودية في فلسطين، وشكّل لجنة دائمة للإشراف على التنفيذ، ثم تقرر تشكيل مكتب دائم لذلك، ولجان في جميع الدول العربية مهمتها العمل على متابعة سياسة المقاطعة للمنتجات اليهودية في فلسطين وتنفيذها.
تمت صياغة الإطار القانوني والتنظيمي لمقاطعة إسرائيل بقرار من مجلس الجامعة العربية في دورته الثانية والعشرين [11/12/1954] حيث حُدّدت القواعد المنظمة للمقاطعة، ويشمل الإطار التنظيمي لمقاطعة إسرائيل، قيام مكتب رئيسي مقره دمشق، يديره مفوض عام، يعيّنه الأمين العام للجامعة العربية، ويرتبط به، مهمته تأمين الاتصال بالمكاتب المختصة بشئون المقاطعة في الدول العربية بهدف تنسيق أعمالها، واستمرار أنشطتها، وهو يرفع تقارير دورية، أو عارضة إلى الأمانة العامة عن سير المقاطعة؛ لعرضها على مجلس الجامعة، ويعاون المفوض العام مندوب عن كل دولة بصفة ضابط اتصال تعينه دولته، وللمكتب ضباط اتصال في أنحاء مختلفة من العالم.
ويقوم في كل دولة مكتب خاص بشئون المقاطعة، توفر الدولة المعنية الأشخاص القائمين عليه وتجهيزاته الفنية للقيام بمهمته، ويكون المكتب على صلة وثيقة بالمفوض العام لمكتب المقاطعة، ويعمل تحت رعاية المفوض ووفقًا لتوجيهاته.
وينعقد مرتين كل عام وبصفة دورية مؤتمر ضباط اتصال المكاتب الإقليمية، كما يمكن عقد اجتماعات استثنائية أو طارئة بدعوة من المفوض.
وتحتفظ لجنة المقاطعة العربية بمشروعيتها من مختلف المواثيق والأعراف الدولية، فقد أعطى ميثاق الأمم المتحدة مشروعية للمقاطعة الاقتصادية، ومنها مقاطعة العرب لإسرائيل؛ حيث جاء في المادة 51: 'ليس في هذا الميثاق ما يُضعف أو يُنقص من الحق الطبيعي للدول -فرادى وجماعات- في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة'. وأشار الميثاق إلى حق الدول في وقف المواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية ووقف كل العلاقات الاقتصادية.. وهو ما يؤكد أن المقاطعة العربية ضد إسرائيل إجراء مشروع.
كما أن مبادئ حرية التجارة التي أقرتها منظمة التجارة الدولية تقوم في الأساس على مبدأ 'العقد شريعة المتعاقدين'، وهذا يعني أن الدول العربية لديها الحرية في أن تضع في العقود التي تريد إبرامها مع الدول الأخرى الشروط التي تتماشى مع حقوقها ومصالحها، ومنها أن تشترط على هذه الدول عدم التعامل مع إسرائيل تجاريا أو ماليا، ويكون لهذه الدول حق القبول أو الرفض لهذه الشروط.
جهود غربية أمريكية لإجهاض المقاطعة
تعرضت وما زالت المقاطعة العربية لإسرائيل لمعارضة وضغوط من الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، فالولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب عمومًا بدأت منذ عدة سنوات في مساندة إسرائيل واتخاذ إجراءات للضغط على الدول العربية؛ لإلغاء هذه المقاطعة بحجة تهيئة الأجواء لمفاوضات السلام العربية - الإسرائيلية وبناء جسور الثقة بين الطرفين، وعلى جانب آخر سعت هذه الدول إلى إضفاء الطابع العنصري على المقاطعة العربية لإسرائيل، والقول بأن المقاطعة ضد الشرعية الدولية وقوانين حرية التجارة العالمية، بل إن دولاً أوروبية [فرنسا] قامت بإصدار قانون في عام 1997م يرفض مبدأ المقاطعة، وبدأت هذه الدول في استخدام منظمات دولية لتفكيك عرى المقاطعة العربية لإسرائيل، ولعل أحدث مثال لذلك هو ما بدأته الرابطة الدولية لمناهضة العنصرية ومعاداة السامية 'ليكرا' في مايو 2000م من حملة ضارية ضد المقاطعة العربية للشركات الأجنبية التي تتعامل مع إسرائيل وساعدتها في ذلك غرفة الصناعة والتجارة في فرنسا؛ وذلك بهدف إرساء قاعدة قانونية واستصدار حكم قضائي من المحاكم الفرنسية يكون سندًا ومرجعًا لإرغام الشركات الفرنسية على عدم الانصياع لإجراءات المقاطعة العربية لإسرائيل، حيث قامت هذه الرابطة بمقاضاة شركة 'المييرام' الفرنسية التي أبرمت عقدًا مع إحدى شركات دبي لتزويدها بشحنة من الأدوات المنزلية، وقامت شركة دبي بالاشتراط عليها أن تصدر شهادة تؤكد أن هذه المنتجات فرنسية، ولا تحتوى على أي مكون إسرائيلي، وهذا المثال وغيره يؤكد أن الدول الغربية تسعى جاهدة إلى إجهاض المقاطعة العربية لإسرائيل.
لقد أصبحت المقاطعة العربية لإسرائيل رغم مشروعيتها وفاعليتها 'رهينة المحبسين': المحبس الأول: هو محبس من صنع الظروف الدولية الراهنة التي أدت إلى اتساع الثقوب في جدار المقاطعة العربية لإسرائيل والتي أثرت على فاعليتها، أما المحبس الأخير فهو من صنع العرب أنفسهم والذي جاء نتاج أنماط التنمية العربية والتوجهات الاقتصادية الخارجية للدول العربية خاصة نحو إسرائيل وأمريكا، ومن ثَم يثار هنا سؤال ألا وهو: هل تنجح المقاطعة العربية لإسرائيل في ظل الظروف الدولية الراهنة، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية العربية الراهنة، وتشابك الاقتصاديات العربية مع الاقتصاد العالمي؟ ويمكن الإجابة عن هذا السؤال من خلال التعرف على حقيقة تلك الظروف.
أولاً: الظروف الدولية التي تؤثر على المقاطعة العربية لإسرائيل:
وتتمثل أهم هذه الظروف فيما يلي:
- انتشار النمط الدولي الجديد للإنتاج الذي يقوم على مفهوم 'تدويل الإنتاج' الذي يصعب معه تحديد منشأ السلعة بدقة حيث أصبحت أكثر من دولة تشترك في إنتاج نفس السلعة، ومن ثَم يكون هناك صعوبة في متابعة منشأ السلع الإسرائيلية والجزم بها أو تحديد المكون الإسرائيلي أو الأمريكي بها، وإن كان ذلك ليس مستحيلاً، ولكن يجب إدراك أن مقاطعة سلعة إسرائيلية أو أمريكية أو سلعة بها مكون إسرائيلي سوف تشمل مقاطعة دول أخرى مشاركة معها في الإنتاج بما فيها دول عربية تشارك إسرائيل في إنتاج بعض السلع مثل مصر والأردن؛ لوجود استثمارات إسرائيلية بتلك الدول العربية، أي أن تدويل الإنتاج أدى إلى توسيع دائرة المقاطعة وإلقاء مزيد من الجهد والأعباء على الأجهزة العربية للمقاطعة.
- تزايد الضغوط الدولية ضد المقاطعة العربية لإسرائيل وخاصة من الدول الكبرى التي دخلت بدرجة أكبر في دائرة المقاطعة العربية لإسرائيل، وأصبحت أكثر عرضة للخسائر بسبب هذه المقاطعة في ظل تدويل الإنتاج.
- تزايد عدد الشركات الدولية النشاط التي تعمل بإسرائيل أو لها فروع وتوكيلات بها، خاصة في مجال التكنولوجيا، وتزايد نفوذ هذه الشركات وتأثيرها على مؤسسات صناعة القرار السياسي في العالم، وهو ما يعني تزايد المصالح للدول الغربية في إسرائيل مقارنة بما كانت عليه في بداية تطبيق المقاطعة، ولذلك من المتوقع أن يكون هناك أصوات عالية من الدول الغربية التي لها مصالح في إسرائيل تعارض قرار تنشيط المقاطعة العربية في حالة اتخاذه من جانب القمة العربية.
وهذه العوامل بلا شك تضعف قوة وفاعلية المقاطعة العربية لإسرائيل، وإن كان من الممكن التعامل معها من منطلق أنها توسع ساحة عمل المقاطعة وتجعلها أكثر حسمًا في حالة تطبيقها بحزم ودون تردد أو استثناء، وجعلها قضية أمن قومي للعرب.
ثانيًا: الأوضاع الاقتصادية العربية التي تؤثر على مقاطعة إسرائيل:
تتمثل هذه الأوضاع في الآتي:
- زيادة الانفتاح الاقتصادي للدول العربية على العالم، وتزايد درجة اندماجها في الاقتصاد العالمي، وهو ما يعني أن تأثر المصالح العربية بتنشيط المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل وللشركات التي تتعامل معها سيكون أكثر اتساعًا، مما كانت عليه في الماضي سواء كانت هذه المصالح متعلقة بالتجارة مع دول العالم - وبالتحديد مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي تمثل الصادرات العربية إليها نسبة 11% من الصادرات العربية الإجمالية بينما تمثل إجمالي الواردات العربية منها 12% من الإجمالي - أم كانت تلك المصالح في مجال الاستثمارات الأجنبية في الدول العربية، وبالتحديد الاستثمارات الأمريكية في الدول العربية، حيث تعتبر الولايات المتحدة هي المستثمر الأجنبي الأول في الدول العربية.
- أنماط التنمية في العالم العربي التي خلقت وعمقت التبعية الاقتصادية للخارج، وجعلت الاقتصاديات العربية أكثر عرضة للتأثر بالتغيرات الدولية الخارجية وخاصة في مجال الغذاء، حيث تبلغ فاتورة الغذاء العربي 20 مليار دولار ممثلة 62.6% من الواردات العربية، وهو ما يعكس ضعف نسب الاكتفاء الذاتي العربي من السلع الأساسية، وهو ما يعني إمكانية استخدام هذا الضعف كسلاح ضد الدول العربية في حالة تشديد المقاطعة وتأثر الدول الغربية بها.
- تزايد حالة التفكك العربي وضعف التنسيق في مجال المقاطعة، وتراجع العديد من الدول العربية عن تطبيق تعليمات المقاطعة تحت تأثير الضغوط الغربية عمومًا والأمريكية خصوصًا.
ولا شك أن هذه الظروف العربية تَغُلّ يد المقاطعة العربية، وتجعلها تتحرك بتحسب خوفًا من ردود الأفعال العالمية، ومن تعطل بعض المصالح للدول العربية نفسها، ولكن يمكن القول: إن هذه الظروف الدولية والعربية رغم تأثيرها على المقاطعة العربية لإسرائيل فإنها لا تفقد هذا السلاح العربي فاعليته، ولا تجعله عديم التأثير على الاقتصاد الإسرائيلي وفرص الازدهار الاقتصادي والحربي الإسرائيلي، وفي أسوأ الظروف فإنها تضع على كاهل الدول العربية مزيدًا من الجهد والأعباء لاستخدام هذا السلاح مقارنة بالماضي، ويبقى سلاح المقاطعة العربية لإسرائيل سلاح فعَّال ومهم، وتأتي أهميته من أنه يقع في المنتصف بين خيارين:
الحرب أو السلام، فليس هناك إجماع عربي على خيار إعلان الحرب على إسرائيل، وليس هناك اقتناع إسرائيلي وتوجه حقيقي نحو السلام، ومن ثَم يبقي خيار المقاطعة العربية لإسرائيل البديل المطروح والذي سيلقى إجماعًا عربيًّا، وسيكون له نتائج ملموسة بشرط أن تأخذ الدول العربية جميعًا بمبادئ مقاطعة مشددة على إسرائيل، وتعيد النظر في توجهاتها الاقتصادية تجاه إسرائيل وأمريكا على وجه الخصوص.
عام 1920 بمدينة نابلس الفلسطينية ولدت فكرة المقاطعة العربية لإسرائيل من رحم الصراع مع اليهود، كان ذلك في مؤتمر الجمعية الإسلامية المسيحية الذي دعا فيه وجهاء فلسطين ومزارعوها إلى 'مقاطعة اليهود مقاطعة تامة'؛ وذلك ردًّ على مقاطعة اليهود لمنتجات العرب من ناحية، ولعزلهم عن المجتمع الفلسطيني من ناحية أخرى، وامتدت هذه المقاطعة وتطورت لتشمل كثيرًا من جوانب العلاقات الاقتصادية والتجارية وتشغيل اليد العاملة، إضافة إلى الامتناع عن بيع الأراضي والعقارات.
واتخذت المقاطعة بعدًا إقليميا لأول مرة عندما أقسم مندوبون عرب من سوريا وشرق الأردن ولبنان وفلسطين في اجتماع لهم بالقدس [27/11/1929] على منع بيع الأراضي لليهود، ومقاطعة المصنوعات والمتاجر اليهودية.
التطور الأهم في مسألة المقاطعة وقع خلال ثورة فلسطين الكبرى [1936- 1939] والتي شهدت صراعًا مسلحًا ضد الانتداب البريطاني، حيث تشكلت لجان مقاطعة في سوريا والأردن ولبنان لمنع إرسال البضائع والسلع إلى فلسطين، ما لم تكن مقترنة بموافقة اللجان القومية التي كانت تقود حركة الإضراب والعصيان العام في فلسطين؛ خوفًا من تسلل البضائع والسلع العربية إلى أيدي اليهود في فلسطين.
وتبع ذلك عقد المؤتمر القومي العربي في 'بلودان' بسوريا عام 1937 بحضور مندوبين من سوريا والعراق والأردن ولبنان والعربية السعودية ومصر وفلسطين، والذي وسع حدود المقاطعة لتأخذ بُعدها العربي خارج فلسطين، ولتشمل -إضافة إلى مقاطعة يهود فلسطين- مقاطعة بضائع الدول الأجنبية التي تدعم مشروع الاستيطان اليهودي في فلسطين.
ثم كان التحول الثاني في موضوع المقاطعة العربية بانتقاله من المستوى الشعبي إلى المستوى الرسمي، عندما تبنت الجامعة العربية المقاطعة، حيث قرر مجلس الجامعة في جلسته الثانية [2/12/1945] مقاطعة المنتجات والمصنوعات اليهودية في فلسطين، وشكّل لجنة دائمة للإشراف على التنفيذ، ثم تقرر تشكيل مكتب دائم لذلك، ولجان في جميع الدول العربية مهمتها العمل على متابعة سياسة المقاطعة للمنتجات اليهودية في فلسطين وتنفيذها.
تمت صياغة الإطار القانوني والتنظيمي لمقاطعة إسرائيل بقرار من مجلس الجامعة العربية في دورته الثانية والعشرين [11/12/1954] حيث حُدّدت القواعد المنظمة للمقاطعة، ويشمل الإطار التنظيمي لمقاطعة إسرائيل، قيام مكتب رئيسي مقره دمشق، يديره مفوض عام، يعيّنه الأمين العام للجامعة العربية، ويرتبط به، مهمته تأمين الاتصال بالمكاتب المختصة بشئون المقاطعة في الدول العربية بهدف تنسيق أعمالها، واستمرار أنشطتها، وهو يرفع تقارير دورية، أو عارضة إلى الأمانة العامة عن سير المقاطعة؛ لعرضها على مجلس الجامعة، ويعاون المفوض العام مندوب عن كل دولة بصفة ضابط اتصال تعينه دولته، وللمكتب ضباط اتصال في أنحاء مختلفة من العالم.
ويقوم في كل دولة مكتب خاص بشئون المقاطعة، توفر الدولة المعنية الأشخاص القائمين عليه وتجهيزاته الفنية للقيام بمهمته، ويكون المكتب على صلة وثيقة بالمفوض العام لمكتب المقاطعة، ويعمل تحت رعاية المفوض ووفقًا لتوجيهاته.
وينعقد مرتين كل عام وبصفة دورية مؤتمر ضباط اتصال المكاتب الإقليمية، كما يمكن عقد اجتماعات استثنائية أو طارئة بدعوة من المفوض.
وتحتفظ لجنة المقاطعة العربية بمشروعيتها من مختلف المواثيق والأعراف الدولية، فقد أعطى ميثاق الأمم المتحدة مشروعية للمقاطعة الاقتصادية، ومنها مقاطعة العرب لإسرائيل؛ حيث جاء في المادة 51: 'ليس في هذا الميثاق ما يُضعف أو يُنقص من الحق الطبيعي للدول -فرادى وجماعات- في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة'. وأشار الميثاق إلى حق الدول في وقف المواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية ووقف كل العلاقات الاقتصادية.. وهو ما يؤكد أن المقاطعة العربية ضد إسرائيل إجراء مشروع.
كما أن مبادئ حرية التجارة التي أقرتها منظمة التجارة الدولية تقوم في الأساس على مبدأ 'العقد شريعة المتعاقدين'، وهذا يعني أن الدول العربية لديها الحرية في أن تضع في العقود التي تريد إبرامها مع الدول الأخرى الشروط التي تتماشى مع حقوقها ومصالحها، ومنها أن تشترط على هذه الدول عدم التعامل مع إسرائيل تجاريا أو ماليا، ويكون لهذه الدول حق القبول أو الرفض لهذه الشروط.
جهود غربية أمريكية لإجهاض المقاطعة
تعرضت وما زالت المقاطعة العربية لإسرائيل لمعارضة وضغوط من الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، فالولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب عمومًا بدأت منذ عدة سنوات في مساندة إسرائيل واتخاذ إجراءات للضغط على الدول العربية؛ لإلغاء هذه المقاطعة بحجة تهيئة الأجواء لمفاوضات السلام العربية - الإسرائيلية وبناء جسور الثقة بين الطرفين، وعلى جانب آخر سعت هذه الدول إلى إضفاء الطابع العنصري على المقاطعة العربية لإسرائيل، والقول بأن المقاطعة ضد الشرعية الدولية وقوانين حرية التجارة العالمية، بل إن دولاً أوروبية [فرنسا] قامت بإصدار قانون في عام 1997م يرفض مبدأ المقاطعة، وبدأت هذه الدول في استخدام منظمات دولية لتفكيك عرى المقاطعة العربية لإسرائيل، ولعل أحدث مثال لذلك هو ما بدأته الرابطة الدولية لمناهضة العنصرية ومعاداة السامية 'ليكرا' في مايو 2000م من حملة ضارية ضد المقاطعة العربية للشركات الأجنبية التي تتعامل مع إسرائيل وساعدتها في ذلك غرفة الصناعة والتجارة في فرنسا؛ وذلك بهدف إرساء قاعدة قانونية واستصدار حكم قضائي من المحاكم الفرنسية يكون سندًا ومرجعًا لإرغام الشركات الفرنسية على عدم الانصياع لإجراءات المقاطعة العربية لإسرائيل، حيث قامت هذه الرابطة بمقاضاة شركة 'المييرام' الفرنسية التي أبرمت عقدًا مع إحدى شركات دبي لتزويدها بشحنة من الأدوات المنزلية، وقامت شركة دبي بالاشتراط عليها أن تصدر شهادة تؤكد أن هذه المنتجات فرنسية، ولا تحتوى على أي مكون إسرائيلي، وهذا المثال وغيره يؤكد أن الدول الغربية تسعى جاهدة إلى إجهاض المقاطعة العربية لإسرائيل.
لقد أصبحت المقاطعة العربية لإسرائيل رغم مشروعيتها وفاعليتها 'رهينة المحبسين': المحبس الأول: هو محبس من صنع الظروف الدولية الراهنة التي أدت إلى اتساع الثقوب في جدار المقاطعة العربية لإسرائيل والتي أثرت على فاعليتها، أما المحبس الأخير فهو من صنع العرب أنفسهم والذي جاء نتاج أنماط التنمية العربية والتوجهات الاقتصادية الخارجية للدول العربية خاصة نحو إسرائيل وأمريكا، ومن ثَم يثار هنا سؤال ألا وهو: هل تنجح المقاطعة العربية لإسرائيل في ظل الظروف الدولية الراهنة، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية العربية الراهنة، وتشابك الاقتصاديات العربية مع الاقتصاد العالمي؟ ويمكن الإجابة عن هذا السؤال من خلال التعرف على حقيقة تلك الظروف.
أولاً: الظروف الدولية التي تؤثر على المقاطعة العربية لإسرائيل:
وتتمثل أهم هذه الظروف فيما يلي:
- انتشار النمط الدولي الجديد للإنتاج الذي يقوم على مفهوم 'تدويل الإنتاج' الذي يصعب معه تحديد منشأ السلعة بدقة حيث أصبحت أكثر من دولة تشترك في إنتاج نفس السلعة، ومن ثَم يكون هناك صعوبة في متابعة منشأ السلع الإسرائيلية والجزم بها أو تحديد المكون الإسرائيلي أو الأمريكي بها، وإن كان ذلك ليس مستحيلاً، ولكن يجب إدراك أن مقاطعة سلعة إسرائيلية أو أمريكية أو سلعة بها مكون إسرائيلي سوف تشمل مقاطعة دول أخرى مشاركة معها في الإنتاج بما فيها دول عربية تشارك إسرائيل في إنتاج بعض السلع مثل مصر والأردن؛ لوجود استثمارات إسرائيلية بتلك الدول العربية، أي أن تدويل الإنتاج أدى إلى توسيع دائرة المقاطعة وإلقاء مزيد من الجهد والأعباء على الأجهزة العربية للمقاطعة.
- تزايد الضغوط الدولية ضد المقاطعة العربية لإسرائيل وخاصة من الدول الكبرى التي دخلت بدرجة أكبر في دائرة المقاطعة العربية لإسرائيل، وأصبحت أكثر عرضة للخسائر بسبب هذه المقاطعة في ظل تدويل الإنتاج.
- تزايد عدد الشركات الدولية النشاط التي تعمل بإسرائيل أو لها فروع وتوكيلات بها، خاصة في مجال التكنولوجيا، وتزايد نفوذ هذه الشركات وتأثيرها على مؤسسات صناعة القرار السياسي في العالم، وهو ما يعني تزايد المصالح للدول الغربية في إسرائيل مقارنة بما كانت عليه في بداية تطبيق المقاطعة، ولذلك من المتوقع أن يكون هناك أصوات عالية من الدول الغربية التي لها مصالح في إسرائيل تعارض قرار تنشيط المقاطعة العربية في حالة اتخاذه من جانب القمة العربية.
وهذه العوامل بلا شك تضعف قوة وفاعلية المقاطعة العربية لإسرائيل، وإن كان من الممكن التعامل معها من منطلق أنها توسع ساحة عمل المقاطعة وتجعلها أكثر حسمًا في حالة تطبيقها بحزم ودون تردد أو استثناء، وجعلها قضية أمن قومي للعرب.
ثانيًا: الأوضاع الاقتصادية العربية التي تؤثر على مقاطعة إسرائيل:
تتمثل هذه الأوضاع في الآتي:
- زيادة الانفتاح الاقتصادي للدول العربية على العالم، وتزايد درجة اندماجها في الاقتصاد العالمي، وهو ما يعني أن تأثر المصالح العربية بتنشيط المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل وللشركات التي تتعامل معها سيكون أكثر اتساعًا، مما كانت عليه في الماضي سواء كانت هذه المصالح متعلقة بالتجارة مع دول العالم - وبالتحديد مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي تمثل الصادرات العربية إليها نسبة 11% من الصادرات العربية الإجمالية بينما تمثل إجمالي الواردات العربية منها 12% من الإجمالي - أم كانت تلك المصالح في مجال الاستثمارات الأجنبية في الدول العربية، وبالتحديد الاستثمارات الأمريكية في الدول العربية، حيث تعتبر الولايات المتحدة هي المستثمر الأجنبي الأول في الدول العربية.
- أنماط التنمية في العالم العربي التي خلقت وعمقت التبعية الاقتصادية للخارج، وجعلت الاقتصاديات العربية أكثر عرضة للتأثر بالتغيرات الدولية الخارجية وخاصة في مجال الغذاء، حيث تبلغ فاتورة الغذاء العربي 20 مليار دولار ممثلة 62.6% من الواردات العربية، وهو ما يعكس ضعف نسب الاكتفاء الذاتي العربي من السلع الأساسية، وهو ما يعني إمكانية استخدام هذا الضعف كسلاح ضد الدول العربية في حالة تشديد المقاطعة وتأثر الدول الغربية بها.
- تزايد حالة التفكك العربي وضعف التنسيق في مجال المقاطعة، وتراجع العديد من الدول العربية عن تطبيق تعليمات المقاطعة تحت تأثير الضغوط الغربية عمومًا والأمريكية خصوصًا.
ولا شك أن هذه الظروف العربية تَغُلّ يد المقاطعة العربية، وتجعلها تتحرك بتحسب خوفًا من ردود الأفعال العالمية، ومن تعطل بعض المصالح للدول العربية نفسها، ولكن يمكن القول: إن هذه الظروف الدولية والعربية رغم تأثيرها على المقاطعة العربية لإسرائيل فإنها لا تفقد هذا السلاح العربي فاعليته، ولا تجعله عديم التأثير على الاقتصاد الإسرائيلي وفرص الازدهار الاقتصادي والحربي الإسرائيلي، وفي أسوأ الظروف فإنها تضع على كاهل الدول العربية مزيدًا من الجهد والأعباء لاستخدام هذا السلاح مقارنة بالماضي، ويبقى سلاح المقاطعة العربية لإسرائيل سلاح فعَّال ومهم، وتأتي أهميته من أنه يقع في المنتصف بين خيارين:
الحرب أو السلام، فليس هناك إجماع عربي على خيار إعلان الحرب على إسرائيل، وليس هناك اقتناع إسرائيلي وتوجه حقيقي نحو السلام، ومن ثَم يبقي خيار المقاطعة العربية لإسرائيل البديل المطروح والذي سيلقى إجماعًا عربيًّا، وسيكون له نتائج ملموسة بشرط أن تأخذ الدول العربية جميعًا بمبادئ مقاطعة مشددة على إسرائيل، وتعيد النظر في توجهاتها الاقتصادية تجاه إسرائيل وأمريكا على وجه الخصوص.
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007