ملتقى النسر الأحمر

أهلا وسهلا بكم فى ملتقى النسر الأحمر
رفيقى الزائر انت غير مسجل نتمنى منك التسجيل
للأستفادة من كل مميزات الملتقى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى النسر الأحمر

أهلا وسهلا بكم فى ملتقى النسر الأحمر
رفيقى الزائر انت غير مسجل نتمنى منك التسجيل
للأستفادة من كل مميزات الملتقى

ملتقى النسر الأحمر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فكرى تعبوي تنظيمي


    مداخلات الندوة السياسية-الفكرية بمناسبة مرور عام على غياب د. بشارة

    ابو وطن
    ابو وطن

    مشرف المنتديات الفلسطينية  مشرف المنتديات الفلسطينية



    ذكر
    عدد الرسائل : 6822
    العمر : 41
    العمل/الترفيه : مشرف شبكات حاسوب
    المزاج : ولا احلى من هيك
    رقم العضوية : 7
    الدولة : مداخلات الندوة السياسية-الفكرية بمناسبة مرور عام على غياب د. بشارة Palest10
    نقاط : 9095
    تقييم الأعضاء : 10
    تاريخ التسجيل : 14/11/2007
    وسام مسابقة الضيف المجهول : مداخلات الندوة السياسية-الفكرية بمناسبة مرور عام على غياب د. بشارة Empty

    مداخلات الندوة السياسية-الفكرية بمناسبة مرور عام على غياب د. بشارة Empty مداخلات الندوة السياسية-الفكرية بمناسبة مرور عام على غياب د. بشارة

    مُساهمة من طرف ابو وطن السبت أبريل 12, 2008 6:20 pm

    تسعى دولة إسرائيل في المرحلة الراهنة الى تنفيذ مخططين: السيطرة على أكبر رقعة من أرض فلسطين التاريخية مع أقل عدد ممكن من الفلسطينيين, وإعادة صقل هوية "العربي الإسرائيلي" بصورة تشبه النموذج التي سعت الى بلورته أيام الحكم العسكري وهو نموذج نقيد للجيل الجديد الذي نشأ وهو يعتز بعروبته وبقوميته. إن عملية إستهداف القيادات والأحزاب السياسية في الداخل هي جزء لا يتجرأ من هذه الأجندة. تقرير لجنة أور كان المؤشر الأول لمن سيكون المستهدف في السنوات التي تلت هبة أكتوبر. لجنة اور سعت الى تحميل كل من الدكتور عزمي بشارة والشيخ رائد صلاح وعضو الكنيست السابق عبد المالك دهامشة جزء من مسؤولية مقتل وإصابة العشرات من أبناء شعبنا في الداخل, وذلك بناء على معلومات كان قد زودها لها جهاز الامن العام (الشاباك) حيث تطرقت هذه المعلومات، بالأساس، إلى تحليل التيارات السياسية في المجتمع العربي.

    واتهمت اللجنة القيادات العربية المذكورة بشرعنة اللجوء للعنف كوسيلة لتحقيق المكاسب السياسية من خلال الإستناد الى تقارير الشاباك المبنية على أساليب ملتوية ومرفوضة كفصل مقولات عينية للقيادات العربية عن سياقها الأوسع أو الإستناد الى معلومات مغلوطة وغير دقيقة وغيرها من السبل. وفي الحقيقية إذا دققنا بشكل عميق وقرأنا تصريحات أعضاء الكنيست العرب جميهم بدون إستثناء بتلك الحقبة كنا سنجد مقولات تشبه المقولات التي نسبت لقيادة التجمع والحركة الإسلامية لكن تجاهل هذه المقولات الشبيهة عندما كان مصدرها أحزاب أخرى لم يكن "هفوة" أو خطأ غير مقصود, إنما هو يؤكد بأن الحركات الملاحقة والمستهدفة حددت بشكل واضح وعيني منذ تلك الفترة.

    لماذا التجمع والحركة الإسلامية بالذات؟ بروفسور يوأب بيلد يجيب على هذا السؤال خلال شهادته أمام لجنة أور. فهو يقول بأنه يستشف من الاسئلة التي وجهت له من قبل اللجنة بأن مؤسسات الدولة حددت منذ البداية الدور المسموح به للقيادة السياسية العربية, وهو بالأساس دور المحافظ على سلامة الجمهور. لكن هذا المفهوم للقيادة ولدورها هو مفهوم خاطئ, خاصة عندما يدور الحديث عن قيادات سياسية لأقليات مضطهدة. دور القيادة الحقيقي هو العمل على حماية وتحصيل حقوق ومصالح الأقلية التي تمثلها, وأن تعبر عن ضاتقتها وطموحاتها وتطلعتها المستقبلية ونقدها لسياسات الدولة المجحفة بصورة لا تؤدي الى صدام, حيثما أمكن. وبما أن قيادة التجمع الوطني الديموقراطي رفضت قبول الدور المشوه الذي تتوخاه منها الدولة العبرية ومؤسساتها, بل هي أصرت على لعب دورها التاريخي والطبيعي بالدفاع عن قضية شعبها العادلة وجدت نفسها ملاحقة ومستهدفة من قبل أجهزة الأمن.

    المواجهة مع التجمع الوطني الديموقراطي كانت أسرع من المواجهة مع الحركة الإسلامية لسبب بسيط وهو أن نقطة التقاء الاولى كانت اسهل وهي قضية خوض إنتخابات الكنيست. شعار "دولة كل مواطنيها" كان صفعة في وجه المؤسسة الإسرائيلية الصهيونية ليس لأن إطلاق هذا الشعار كان المناسبة الاولى التي يعبر من خلالها الفلسطنيون في الداخل عن مناهضتهم للصهيونية, بل لان هذا الشعار لم يكن شعارا رومانسيا له أبعاد تاريخية فحسب بل هو شعار يعكس قيم هي في صلب مفهوم الديمقراطية اللبرالية الحديثة وأهمها مبدأ المواطنة المتساوية. دولة اليهود لا تستطيع ان تكون دولة كل مواطنيها وبالتالي هي تتناقض مع اهم ركائز الديموقراطية. شعار دولة كل مواطنيها فضح زيف وهشاشة ما يسمى بالديموقراطية الأسرائيلية. والتوقيت الذي طرح به هذا الشعار كان ملائم أيضا. إذ أن نشوب حروب ونزاعات قومية وإثنية في دول شرقي أوروبا بعد إنهيار الإتحاد السوفييتي حول تعريف الدولة وعلاقتها بالقوميات المختلفة داخلها وحول حقوق الاقليات فتح ملف الديموقراطية اللبرالية وملف المواطنة الديموقراطية من جديد. حتى في الغرب, في كندا على سبيل المثال, بسبب التركيبة السكانية وشعور الكنديين من اصل فرنسي بأنهم مهمشين ومواطنتهم منقوصة نتيجة لهيمنة الثقافة الانجلو-سكسونية تمحور النقاش في سؤال المواطنة حول إشكالية مفهوم "حيادية الدولة" ومؤسساتها الثقافية ورموزها إتجاه المجموعات السكانية المختلفة وما هي الخطوات التي يجب إتباعها لكسر هيمنة الاغلبية وضمان المواطنة المتساوية للجميع.

    الحالة الإسرائيلية طبعا مختلفة تماما لان الدولة لا تدعي الحياد أصلا فهي لا تدعي على سبيل المثال أنها دولة كل الإسرائيليين وفي المقابل نحن ندعي بأن الثقافة الإسرائيلية تعكس هيمنة الأغلبية اليهودية. طرح خطاب دولة كل مواطنيها ومقارنته مع نضالات الاقليات في العالم لضمان حقها في المواطنة المتساوية فضح بصورة حادة عنصرية هذه الدولة. النقاشات حول يهودية الدولة والتي كانت نوع من انواع المحظورات لم تعد كذلك على الاقل في الأكاديمية الإسرائيلية.

    هذا واقع جديد لم تتعود عليه المؤسسة الصهيونية وهي سعت لمحاربته بكل وسيلة. كانت هنالك اكثر من محاولة لشطب التجمع من خوض الإنتخابات لكن المحاولة الاخيرة عام 2003 كانت الأخطر وهي تختلف بشكل جدري عن محاولة شطب باقي الاحزاب العربية.

    في المحاولات السابقة كانت المبادرة لشطب التجمع الوطني الديموقراطي هي من أحزاب اليمين أسوة بباقي الاحزاب العربية لكن في المحاولة الاخيرة لشطب التجمع المبادرة كانت للمستشار القضائي للحكومة والقاضي في المحكمة العليا اليوم الياكيم روبنشطاين وكانت هذه المحاولة مستندة التي تقارير مخابراتية للشاباك. محاولة الشطب الأخيرة كانت تستند الى إدعائين الإدعاء الأول هو أن طرح التجمع يلغي أو مناهض ليهودية الدولة اما الإدعاء الثاني مفاده بأن التجمع يدعم كفاح مسلح لتنظيم إرهابي ضد دولة إسرائيل (وهذا البند حول منع القائمة التي تدعم كفاح مسلح ضد إسرائيل تم إدخله بعد محاكة د. بشارة الجنائية حول خطابة في قرداحة وام الفحم).

    تدخل الشاباك والمستشار القضائي للحكومةشخصيا لمحاولة شطب التجمع هو دليل على مأزق المؤسسة الصهيونية الأخلاقي وتخوفها من تبعات طرح شعار دولة كل مواطنيها المستقبلية, داخليا ودوليا. وبما ان محاولات شطب التجمع بائت بالفشل لان شطب حزب يطالب بأن تصبح الدولة دولة كل مواطنيها هو أمر لا يمكن تسويقه في العالم, كانت محاولات لشطب التجمع بناءا على التعديل الأخير متهمة إياه بدعم عمليات مسلحة ضد إسرائيل, لكن محاولتها هذه فشلت ايضا لانها كانت واهية ولا أساس لها.

    وعندما فشلت المراهنات على شطب التجمع بدأت الملاحقة الشخصية لعزمي بشارة لانه كان ولا زال يشكل رمزا للحركة الوطنية الديموقراطية في الداخل فحاولت تجريم خطاباته السياسية وملاحقته جنائيا. لكن هذه المحاولة فشلت أيضا لان تجريم عضو في البرلمان بسبب خطابات سياسية هو أمر منافي بحد ذاته لروح الديموقراطية وبالتالي كان من الصعب على جها القضاء تبريره أو تسويقة كخطوة لا تتنافى مع الديموقراطية.

    المرحلة الثالثة كانت تلفيق ملف أمني محكم ضد عزمي بشارة بعد حرب تموز بهدف إقصائه نهائيا من العمل السياسي. وتلت هذه المرحلة سلسلة من القوانين العنصرية التي تستهدف الحد من الحريات السياسية لقيادات التيار الوطني كمحاولة تمرير قانون لمنع كل من زار دولة "عدو" من الترشيح للإنتخابات أو محاولة تعديل القانون المواطنة بهدف سحب مواطنة كل من تتهمه إسرائيل "بخرق الولاء للدولة".

    أما السلسلة الأخيرة من الملاحقات فهي تستهدف بالأساس النشطاء في الحركة الوطنية بهدف تخويفهم من المشاركة في الحياة السياسية من خلال اللجوء الى وسائل تتبع في الأنظمة الظلامية كتمرير رسالة واضحة لنشطاء التجمع بأنهم مراقبون من قبل أجهزة الأمن على مدار الساعة.

    الجواب على هذه السلسة من الملاحقات هو التشبث بقوة أكبر بالثوابت الوطنية وبتوعية الجمهور وخاصة الشباب حول حقوقهم السياسية وتحشيد الرأي العام ضد هذه المحاولات البائسة بتخويف الناس. هنالك إجماع بأن القضاء الإسرائيلي قد فقد مصداقيته الى حد كبير فيما يتعلق بالدفاع عن حقوقنا المدنية والسياسية وهنالك محاولات أو حديث عن تدويل قضيتنا في الداخل. إذا كان المقصود بتدويل القضية التوجه للامم المتحدة ومؤسساتها فالتاريخ يثبت وللأسف مدى محدودية هذه الخطوة وعدم نجاعتها. أما إذا كان المقصود بهذه الخطوة التواصل مع اطر شعبية أخرى في العالم بهدف دعم قضيتنا كنقابات عمالية وإتحادات برلمانية وغيره من الاطر فهذه خطوة مهمة. في المقابل لا يجوز التعامل مع هذه الخطوة كمخرج أسهل أو كبديل عن دور القيادة الوطنية في الداخل بتصعيد النضال الشعبي لمواجهة مخططات الدولة القمعية. فتجربتنا وتجربة كل شعوب العالم ثتبت بأن النضال الشعبي والجماهيري الديموقراطي (كالتظاهر وإقامة لجان شعبية وغيرها من الفعاليات الإحتجاجية) هو الضمان الوحيد لإنجاز المكاسب. فالحلول والمكاسب لا تأتي مستوردة من الخارج أو من خلال التركيز على نضالات نخبوية.


    الفصل كحلّ إسرائيلي شامل- حسن جبارين


    لقراءة الكلمة من ملف pdf كما وردت في الملحق أنقر هنا

    يمكن أن نشير اليوم، وفي نظرة تفحصية إلى الوراء، إلى تحوّل بارز وواضح حدث مع العنصرية الإسرائيلية، يتمثل في أنّ إسرائيل مارست عنصريتها سابقًا، وحتى بضع سنين خلت، من دون قوانين رسمية ومباشرة، وكان هذا أحد الفروقات التي باينت بين إسرائيل وبين نظام الأبرتهايد (الفصل العنصري) في جنوب أفريقيا، الذي كان مكشوفا بقوننته المباشرة.

    وإذا نظرنا اليوم إلى الضفة الغربية المحتلة، فسنرى أنّ الحديث يدور عن أبرتهايد بكل المعايير، مع أنه، ومن الناحية الرسمية، لا توجد قوانين أبرتهايد في إسرائيل، ونحن نعتقد أنّ إسرائيل أكثر ذكاءً من أن تسنّ قوانين أبرتهايد تقوم على الفصل العنصري الجليّ.

    وما نلمسه اليوم في هذا السياق هو أننا دخلنا في مرحلة جديدة، تبدي إسرائيل فيها استعدادًا لتبني قوانين عنصرية مباشرة، وفي مقدمتها، كما رأينا، قانون منع لمّ الشمل بين الفلسطينيين على جانبي الخط الاخضر. ويمكن لقضايا د. عزمي بشارة وحزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، منذ العام 1995، وهذه التغييرات الرسمية المُقَوْننة، أن تعطينا فكرة عن التغييرات التي حصلت في الساحة الإسرائيلية، بحيث يجدر بنا البحث عن الأسباب، ومحاولة استشراف الإستراتيجيات.

    الملف الأول كان في عام 1995، عندما تم تقديم طلبات لمُسجّل الأحزاب لمنع تسجيل "التجمع" كحزب سياسي، لكن مُسجّل الأحزاب أقرّ تسجيل الحزب. وفي العام 1999 قدّم اليمين طلبًا آخر في أعقاب مقابلة مع بشارة في صحيفة "هآرتس" العبرية الإسرائيلية، التي تحدث فيها عن أنّ مكونات الشعب اليهودي جاءت بعد قيام دولة إسرائيل، لكنّ المستشار القانوني روبنشتاين عارض طلب الشطب. وفي عام 2001 قدّم روبنشتاين بنفسه لائحتي اتهام بمساعدة جهاز الأمن العام، "الشاباك"، واعترف حينها بأنّ "الشاباك" كان أساس ادعائه في هذه اللوائح. وفي 2003 قدّم المستشار القانوني و"الشاباك" طلبًا آخر لمنع "التجمع" وبشارة من الترشح للكنيست، وهذا الطلب رفضته المحكمة العليا الإسرائيلية بأغلبية سبعة قضاة ضد أربعة.
    ابو وطن
    ابو وطن

    مشرف المنتديات الفلسطينية  مشرف المنتديات الفلسطينية



    ذكر
    عدد الرسائل : 6822
    العمر : 41
    العمل/الترفيه : مشرف شبكات حاسوب
    المزاج : ولا احلى من هيك
    رقم العضوية : 7
    الدولة : مداخلات الندوة السياسية-الفكرية بمناسبة مرور عام على غياب د. بشارة Palest10
    نقاط : 9095
    تقييم الأعضاء : 10
    تاريخ التسجيل : 14/11/2007
    وسام مسابقة الضيف المجهول : مداخلات الندوة السياسية-الفكرية بمناسبة مرور عام على غياب د. بشارة Empty

    مداخلات الندوة السياسية-الفكرية بمناسبة مرور عام على غياب د. بشارة Empty رد: مداخلات الندوة السياسية-الفكرية بمناسبة مرور عام على غياب د. بشارة

    مُساهمة من طرف ابو وطن السبت أبريل 12, 2008 6:21 pm

    لقد ترسخت هذه النتيجة (أي الفشل في إملاء حل ظالم) في وعي النخب الإسرائيلية الأمنية والسياسية بما فيها وعي قطاعات واسعة في اليمين الإسرائيلي الذي انشق عن نفسه بقيادة شارون وشكل حزب كاديما، وهكذا أصبح شبه إجماع صهيوني على ضرورة الفصل وتشكيل كيانين؛ عربي فلسطيني شرق الجدار ويهودي إسرائيلي (بعدد قليل من العرب) غرب الجدار. دولة إسرائيلية كاملة السيادة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض وأقل ما يمكن من السكان العرب، مقابل كيان فلسطيني مقسم ومقطع الأوصال بالكتل الإستيطانية الكبيرة وبالشوارع الإلتفافية والبؤر الإستيطانية الصغيرة قبل شارون بإطلاق إسم دولة عليه. سعى شارون واليمين الإسرائيلي إلى منع إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة والقطاع عبر سياسة السيطرة والإستيطان والتهويد المستمر في أرض يعتبرها المجتمع الدولي محتلة، ولكنه وجد نفسه أم خطرين أو خيارين: دولة ابارتهايد حيث يعيش قسم كبير من العرب الفلسطينيين بدون حقوق مواطنة، فيجتمع العالم ضدها ويبدأ مسار كفاحي جديد لإسقاط نظام الفصل العنصري، الخيار الثاني، دولة ديمقراطية علمانية أو ثنائية قومية في كل فلسطين. إسرائيل لا تستطيع أن تتحول في نظر المجتمع الدولي أو جزء منه، إلى دولة فصل عنصري قانونية بعد أن حظيت بشرعيتها ليس فقط بفضل كون اليهود ضحيّة النازية بل بكون "إسرائيل دولة ديمقراطية ودولة التنوّر في الشرق".
    ومقابل استعداد إسرائيل (بقيادة حزبي كديما والعمل) في الأساس للتخلي عن جزء من الأراضي في قطاع غزة والضفة الغربية فإنها تريد أن تحصل على شرعية ليهوديتها وبنيتها العنصرية بحيث يتم دفن حق العودة للاجئين، وتنفيذ تبادل سكاني داخل الخط الأخضر، وفرض الولاء على من يتبقى من عرب الداخل لدولة إسرائيل كيهودية وكديمقراطية أو يواجهوا بخيار نزع حقوق المواطنة منهم.. وأن تنتهي المطالبة بتحويل إسرائيل إلى دولة المواطنين وتحقيق المساواة الكاملة بين العرب واليهود أي تخلي الأكثرية اليهودية عن امتيازاتها على حساب العرب.

    جاءت الهبة الشعبية داخل الخط الأخضر في أكتوبر عام 2000 وتلاحم فلسطيني الداخل مع فلسطينيي الضفة والقطاع كرد على القمع الوحشي للإنتفاضة وكتعبير عن حالة التهميش والإقصاء والتمييز العنصري، لتبعث المخاوف العرقية من جديد. فبعد أن كانت سياسة الدولة العبرية تجاه عرب 48 تتمثل في إبقائهم ضعفاء، بلا هوية وقابلين لدونيّتهم عبر عقد تسويات معهم على قضايا عينية، تحولت السياسة إلى عداء شامل لوجودهم – بسبب تكاثرهم الطبيعي وبسبب رفع سقف تطلعاتهم السياسية وإشهار أكبر تحدي ثقافي وسياسي لأيدلوجيا الدولة اليهودية عبر شعار دولة المواطنين وإلغاء البنية الصهيونية لدولة إسرائيل. وكان تصريح يوفال ديسكن، رئيس الشاباك بخصوص "الخطر الإستراتيجي" لتطرف عرب الداخل في نيسان عام 2007 أصدق تعبير عن هذا العداء.

    بدأت المؤسسة الأمنية بتشخيص التجمع منذ الإنتفاضة الثانية كخطر أيديولوجي وسياسي على مجمل توجهاتها الصهيونية العرقية، خاصة بعد أن بدأ خطابه ينتشر بين الأوساط السياسية والمثقفة لعرب الداخل.. إلى درجة اعتبر بعض اقطابها وثائق الرؤية رغم نواقصها وقصوراتها حرباً على الدولة اليهودية. على أية حال، المؤسسة قالت كلمتها بوضوح ضد عزمي بشارة والتجمع، ونفذت مؤامرتها ضد الرأس.

    تداعيات وتحديات أمام عرب الداخل والحركة الوطنية

    ليس سليماً تناول قضية عزمي بشارة أو التجمع الوطني الديمقراطي والتحديات التي تطرحها هذه القضية بمعزل عن التحديات التي تطرح الإستراتيجية الجديدة للدولة العبرية تجاه عرب الداخل وقضيتهم وتجاه القضية الفلسطينية ككل وإتجاه الصراع العربي الإسرائيلي الشامل. ولكن غياب العمل الجماعي الحقيقي وواقع التعددية السياسية وما يترتب على ذلك من تحمل كل حزب العبء الأكبر في مواجهة ملاحقته والتضييق عليه، فقد كان أمراً طبيعياً أن ينخرط التجمع بكل قوته في التصدي للمؤامرة وكان يدرك في الوقت ذاته أن لهذه المؤامرة خلفيات وتداعيات تمس بمجمل الحركة الوطنية في الداخل وبتطلعات المواطنين العرب المشروعة.

    لقد إختار التجمع أسلوب الهجوم بدل الدفاع وحوّل المؤسسة الإسرائيلية إلى مـُتـّّهم بدل مُتّهـِم من خلال استحضار سياسات إسرائيل ضد العرب، وملاحقات عزمي بشارة، وتصريحات ديسكن وغيره.
    وقامت قياداته بحشد صفوف الحزب والأصدقاء والأنصار، وبالتواصل مع الأحزاب والحركات السياسية الوطنية. ومنذ تفجر القضية، والتجمع يعمل في هذا الإتجاه محاولاً التغلب على نقاط ضعفه ومستفيداً من نقاط القوة الكبيرة التي بحوزته.

    لقد خيّب حزب التجمع وقياداته توقعات المؤسسة الأمنية بأن ضرب الرأس سيؤدي إلى انهيار الجسد. فأثبت التجمع طيلة العام الماضي، بنشاطاته السياسية والثقافية، والشبابية والطلابية، ومواقفه الوطنية الصلبة والثابتة والواضحة، أنه حزب ثابت وله مؤسساته وقياداته وله رؤوس عديدة رغم الصعوبات العديدة التي يواجهها. كما استطاع التجمع أن يقزم تلك الأوساط السياسية التي لجأت كعادتها المزمنة إلى تشويه القضية والتحالف موضوعياً مع المؤسسة الأمنية. فانحسرت وأصبح تحريضها وإشاعاتها غير الأخلاقية وغير الوطنية مقصوراً على صفوفها وقواعدها وحلقاتها الضيقة.
    لقد راهنت تلك الأوساط ورغبت بصورة مرضية، ان ترى التجمع ينهار أو يضعف وعوّلت على جني (ما تقوله في صفوفه) غنائم في انتخابات قادمة. إن التاريخ يعيد نفسه، هكذا كانت الحالة مع حركة الأرض قبل اربعين عام.

    إن التجمع يتعرض مؤخراً لحملة ملاحقات واسعة وغير متوقفة. فاستمرار التجمع كحزب فاعل ومؤثر على الساحة السياسية قلب مراهنات السلطة وحلفائها. ويتوقع أن تشتد الملاحقة، وربما تهدف السلطة الآن من خلال هذه الملاحقات، إلى نشر الخوف والتخويف بين الناس وإبعادهم عن التجمع تمهيداً لإضعافه لأن إمكانية شطبه غير ممكنة قانونياً. وسيخوض الإنتخابات البرلمانية القادمة مثل كل الأحزاب.

    سنخوض الإنتخابات كحزب مستقل وسنكون دائماً مُهيئين كما تهيئنا في السابق، لخوض الإنتخابات لوحدنا وسنحقق النجاح كما حققنا النجاح في السابق رغم تحريض البعض ورغم محاولات السلطة السابقة شطب القائمة. ولكن دون التخلي عن العمل الجدي والمثابر والمبدئي باتجاه توحيد التيارات السياسية الثلاث في قائمة انتخابية واحدة إنطلاقاً من الرؤية القومية الشاملة المتعلقة بإعادة تنظيم العرب على أساس قومي وديمقراطي، وهي رؤية تزداد حاجتها وضرورتها في ضوء العداء المتفاقم ضد العرب، وفي ضوء انحسار المشاركة الشعبية في الإنتخابات للكنيست.

    المهمات المطروحة أمام التجمع

    1. التمسك بمشروعه وعدم التراجع، بل والسعي الى تطويره وفتح آفاق أوسع لهذا المشروع في ضوء تطور المعطيات التي تفرضها إسرائيل على الأرض.
    2. مواصلة تعزيز وتوسيع صفوف الحزب وتقوية مؤسساته الحزبية، والجماهيرية، والثقافية والإعلامية، وخلق آليات جديدة أكثر تطوراً لتحقيق هذه الأهداف.
    3. تعزيز علاقاته مع أنصاره وقواعده، وعموم الناس وتطوير الإهتمام بقضاياهم وهمومهم.
    4. تعزيز العلاقات مع حلقات المثقفين والأكاديميين المناصرين للفكرة القومية الديمقراطية، ولحامل مشروع هذه الفكرة أي التجمع، وخلق تفاعل افضل معهم لتحقيق المزيد من الإفادة من طاقاتهم وأفكارهم.
    5. مواصلة تطوير العلاقة مع القوى الوطنية والحركات الإسلامية في الداخل وتعميق الوعي بالثقافة والحضارة العربية الإسلامية كمكوّن أساسي من مكونات الهوية القومية العربية، من أجل تحمّل الهمّ المشترك وصدّ السياسات العدائية ضد المواطنين العرب وحركاتهم وقياداتهم ونشطائهم، والسعي لبث خطاب وطني بديلاً عن الخطابات القبلية والفئوية والطائفية التي من شأنها أن تساهم في توطيد النسيج الإجتماعي بين طوائف شعبنا وتسهيل مواجهة أعدائنا بقوة الوحدة القومية المبنية على النظرة الإنسانية.
    6. تعميق المعرفة والإلمام بالجوانب المختلفة للمشروع في أوساط شعبنا وخاصة الأوساط المؤثرة في الرأي العام وليس فقط الجانب القومي، بل الجانب الديمقراطي والتنويري العقلاني والنهضوي – أي اعتماد العقلانية وقبول التعددية ومبدأ المساواة بين أفراد المجتمع – بين المرأة والرجل، ومحاربة التعصب القومي والطائفي والقبلي.
    7. عزل الفئويين الحاقدين والمتربصين بالحركة الوطنية ومواجهتهم بخطاب وطني أخلاقي جامع وتفنيد ادعاءاتهم بالعلمانية التي هي ليست إلا دوغمائية بالية ومحاولة لكسب أوساط تعتبر نفسها متنورة، ومحاولاتهم الأخيرة بإضفاء مسحة قومية شكلية ومفتعلة على خطاباتهم التي هي ليست إلا محاولة رخيصة لممالأة الميول القومية الطبيعية لشعبنا. إذ كيف يمكن تفسير هذه التغيرات (اللفظية) في خطابهم في الوقت الذي لا تتوقف ماكناتهم الإعلامية الفردية ضد التجمع ورئيسه – ليس على شكل نقاش فكري رصين أو سياسي وهو أمر مشروع ومطلوب، إنما عبر اجترار الأحقاد والإشاعات الرخيصة.
    8. تطوير العمل والعلاقات مع قوى ديمقراطية غربية وتعريفها بحقيقة الدولة العبرية وممارساتها ضد العرب ككل وضد قواهم السياسية الديمقراطية التي تطرح حلاً ديمقراطياً وإنسانياً للمسألة الفلسطينية واليهودية في فلسطين.


    المشروع الفكري لعزمي بشارة - حنين زعبي


    لقراءة الكلمة من ملف pdf كما وردت في الملحق أنقر هنا

    شكلت قابلية تحول فكر عزمي بشارة لمشروع سياسي وتحوله الفعلي لمشروع سياسي، تحديا لإسرائيل. لكن التحدي الذي شكله بشارة لم يقتصر على الفكر وعلى المشروع السياسي. حضور عزمي بشارة شكل تحديا، صياغته للفكرة وللمشروع الذي يحملها شكلت تحديا، المطابقة بين الشعار والممارسة شكل تحديا. قدرته على أن تفهمه الضحية المهزومة بالحس والغريزة والفطرة إن لم تستطع بالفكرة هي تحد، واقعيته التي أصر أن لا تستنفذ العدل هي تحد.

    وقد شكل المشروع السياسي لعزمي بشارة تحديا، ليس فقط لأنه غير في الخطاب السياسي السائد، بل لأنه أحيى السياسة، وأعاد للعمل السياسي زخمه ولونه وإبداعه. وإحياء السياسة لا تكون بضخ إبداع سياسي ما فقط، بل بأحياء حامل السياسة، أو حامل المشروع السياسي، الإنسان.
    المشروع السياسي لعزمي بشارة أحيا الوجدان النفسي للكثيرين، وشحذ الهمم. وكما أعطى فكره للشعور الوجداني والتاريخي للضحية مشروعية عقلانية علمية مقنعة في كثير من الأحيان حتى للعدو نفسه، زود مشروعه السياسي الضحية بأدوات سياسية عالية الإبداع، وعرف كيف يعيد للأخلاق وللحق قوتهما. الضحية بفكر عزمي أصبحت تتحدث مع المنتصر كضحية، بعد أن اعتادت مخاطبته كرعايا عاجزة نسيت مأساتها التاريخية. الضحية أصبحت تتحدث مع المنتصر ليس فقط كضحية، إنما كضحية قوية، قوية لدرجة أنها تريد أن تفتح الملف من أوله. وهي تريد أن تفتح الملف من أوله، ليس لأنها تريد أستعادة الماضي، أو تغيير نتائجه، بل لأنها تريد السيطرة على حاضرها ومستقبلها، وهي تعرف أن ذلك لا يستقيم مع ملف أغلق بشكل غير صحيح.

    الكبرياء والكرامة والذاكرة والتاريخ والانتماء، في فكر عزمي ومشروعه، انتقلت من عناصر رومانسية محفوظة لأدي المقاومة وشعره، إلى أدوات سياسية أخترقت الواقع والأذن الإسرائيلية، بعد أن كانت ضمن القاموس الفلسطيني الداخلي.

    فكر عزمي استنهض الضحية وهيج المجرم.

    حفز إسرائيل مجددا، بعد أن ارتاحت من الشكل الذي اتخذه النضال العربي منذ أوائل الثمانينات وإلى أوسلو، حيث استقر النضال إلى مطالب مدنية بحتة، وإلى مساواة غير متساوية، تقبل بكل نتائج الهزيمة بما فيها الطابع العنصري واليهودي للدولة. المشروع السياسي لعزمي بشارة استنهض الدولة اليهودية لأنه لم يقبل بجميع نتائج هزيمة ال48 كما حددتها إسرائيل.

    فهو أولا: أعاد صياغة البعد الوطني في الصراع، وفي المواجهة. وأعاد صياغة علاقتنا مع حركة التحرر الوطني ليس كعلاقة تضامن أو كجسر سلام، بل كعلاقة عضوية. وأعاد الصراع إلى جذوره التاريخية، وأعاد النكبة إلى حسابات الصراع بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، بعد أن اقتصر هذا البعد على اللاجئين. وهو ثانيا: أدخل التصادم مع هوية الدولة اليهودية لساحة النضال المدني، أي أصبحت مواجهة صهيونية ويهودية الدولة جزءا من حسابات المواطنة. الورقة (المواطنة) التي ظنتها إسرائيل رابحة دائما، و التي أرادت بها ترتيبا سياسيا مدنيا وخدماتيا، تضمن عن طريقها سيادتها واستمرارية مشروع بناء دولة اليهود، أصبحت في فكر ومشروع عزمي بشارة جزءا من صدامنا القومي مع الدولة.

    بهذا التعريف القومي الوطني للنضال، وبهذا التعريف غير المؤسرل، بل المواجه ليهودية الدولة، أعاد بشارة الصراع من أجل المساواة إلى جزء من نضال فلسطيني وليس إلى نضال إسرائيلي، وشدد على أننا نطالب بالديمقراطية ليس كإسرائيليين بل كفلسطينيين. وفي نفس الوقت شدد بشارة على أنه حتى مشروع تأسيس خطاب المواطنة على البعد التاريخي لنا كأصحاب وطن هو ليس العدل المطلق، بل هو بحد ذاته "الثمن" الذي ندفعه، والمساومة التاريخية التي قبلنا بها. مضمون المواطنة هو الثمن الذي لم نسلم به، وهو الذي نعيد صياغته كأبناء وطن سلبت سيادته منا. لكن يبقى سياق المواطنة هو الثمن الذي سلمنا به.

    الوعي القومي في فكر ومشروع بشارة تحول من "عثرة" في طريق الأسرلة، إلى مشروع سياسي-ثقافي مركزي لدى النخبة السياسية".

    فكر عزمي بشارة هو تحد، وإسرائيل لا تبالغ في هذا: النموذج الوحيد في العالم الذي طالب بحقوق مواطنة من كيان سياسي، بعد أن نزع ملامح هذا الكيان السياسي عن المواطنة التي يطالب بها. باختصار نحن نطالب إسرائيل بمواطنة غير إسرائيلية!

    صحيح أننا الوحيدون الذين نطالب من دولة بمواطنة لا تشبه الدولة في شيء، لكن هذا ليس لأننا مبدعون. بل لأن الدولة مبدعة، أبدعت مواطنة لا تشبه المواطنات في شيء. أبدعت مواطنة تشبه العضوية في حزب. أنت تختار أن تكون عضو في حزب لأنك توافق على أيديولوجيته وسياساته. وأسرائيل تعرض عليك مواطنة الشرط فيها أن تكون صهيوني تحارب العربي أو عربي تسكت على محاربة العربي، أو عربي لا ترى ما يجري حولك. بكلمات أخرى إسرائيل تعرض عليك مواطنة حزبية.

    الدول ليست حزبًا، كي أكون عضوا فيها عليّ أن أقبل بأيدلوجيتها، الدول كيانات سياسية عليها أن تكون محايدة للأيديولوجيات. ومنطقي أكثر أن تكون الصهيونية حزب، ولو كانت كذلك في دولة طبيعية لأخرجت عن القانون. إذا نحن في دولة لو تبنى حزب أيديولوجيتها لأخرج عن القانون!.

    هذا الكلام هو كلام ليبرالي بسيط، صالح حتى دون أخذ السياق التاريخي لأصحاب الوطن بعين الاعتبار، لكنه في دولة عنصرية يصبح تحديا كبيرا. المطالبة بمواطنة ليبرالية هو مطلب ديمقراطي، لكن المطلب الديمقراطي في دولة عنصرية يتحول لمطلب مهدد.

    عندما يربط عزمي المواطنة في الهوية القومية، فهو لا يربطها بواو العطف. أي الشعار هوية قومية ومواطنة كاملة هو شعار فيه أكثر من تبسيط، فيه إجحاف لفكر عزمي، ولو أنه هو نفسه الذي اختار هذا الشعار.
    في شعار هوية قومية ومواطنة كاملة، نحن نعرض لعلاقة أفقية بينهما. بينما الهوية القومية في مشروع عزمي هي مرجعية للمواطنة. الهوية هي العمق لتاريخي الذي على المواطنة أن تستند عليه، بالتالي هي مرجعية للمواطنة وهي التي تمدها بمضامين سيادية غير موجودة في المواطنة الليبرالية الحقوقية. هذه المواطنة السيادية، تسترجع شكلا من أشكال السيادة على أرضنا وعلى أدوات تشكيل هويتنا وعلى علاقتنا مع العالم العربي. المواطنة هنا تستند على التاريخ والذاكرة الجماعية لتمدنا من هناك بشرعية هذه السيادة. ومن هنا أن المواطنة كما نطالب بها في دولة المواطنين هي مواطنة تحتكم لمرجعية خارجة عن إسرائيل الدولة.

    وإسرائيل خافت من مواطنة دولة المواطنين هذه ليس فقط لأنها تحتكم لمرجعية خارجها بل وحتى مناقضة لها، بل وبالأساس لأنها رغم الاحتكام لتاريخ يقع خارج إسرائيل، هي متصالحة أيضا مع مفاهيم الديمقراطية، التي تحاول إسرائيل احتكارها واستعمالها كسلاح في يدها ضد كل ادعاء. دولة كل المواطنين هي محاربة الخصم بأسلحته.
    مشروع عزمي بشارة هو ليس مشروعًا قوميًا فقط، وهو ليس مشروعًا قوميًا وديمقراطيًا، بل هو مشروع قومي ديمقراطي، حيث الديمقراطية هنا هي صفة القومية وليست فقط صفة المشروع. القومية التي تحدث عنها عزمي بشارة هي قومية حداثية، تتعامل مع القومية ليس كجوهر ثقافي، وليس كصفات عضوية، بل كسياق تاريخي جغرافي عيني، يحمل سمات ثقافية جامعة ومتجددة، ومتشكلة ضمن مشروع سياسي لتنظيم المجتمع. التعامل الحداثي هو في النهاية تعامل يضع الإنسان في المركز، يضعه بذاكرته التاريخية وبانتمائه الجماعي.
    والمشروع القومي الذي يتحدث عن حقوق وعن مساواة سيادية تنتزع من دولة لا يستطيع إلا أن يكون مشروعا ديمقراطيا، لأنه وكما يشدد بشارة "البنى الاجتماعية التقليدية لا تتوقع المساواة من الدولة، بل تحاول أن تتقي شر الدولة. وهي لا تتوقع المساواة للمواطن ولا تطالب بها، لأنها هي ذاتها لا تعترف بالمواطن الفرد ناهيك عن المواطنة الأنثى".

    منذ بداية التسعينات طالب عزمي بشارة بتطوير قوى سياسية تحمل الأفكار السياسية التي طرحها. كل هم فكري سياسي طرحه، ترجمه فورا إلى مشروع سياسي واضح، ودعا لمن يحمله. دعا أولا لقوى تحمل المطالبة القومية الصدامية مع دولة اليهود، ثم دعا لقوى تحمل المشروع القومي الديمقراطي داخل الدول العربية. وفي الحالتين عزمي بشارة كان هو الحامل الأول، لقد دعا ثم لبى هو دعاءه. لقد نظر فكريا، ثم طور المشروع السياسي الحامل للفكرة، ثم حمل المشروع السياسي الذي طوره.

    عزمي بشارة حمل مشروعه حمله منفيا ومغتربا داخل البرلمان الإسرائيلي، كما حمل المواطنة منفيا ومغتربا عنها، وكما قبل بمواطنة أراد الانتصار عليها، قبل ببرلمان أراد أيضا الانتصار عليه.

    إسرائيل لم تستطع مواجهة عزمي المشروع السياسي، ولن تستطيع. فظنت أنها تستطيع أن تقضي على عزمي الإنسان، تستطيع اختصار حربها ضدنا بحربها ضد عزمي. وهي بذلك تخطئ مرتين، مرة لكونها تظن أننا سنتبرأ ممن تخافه، ومرة لأنها تظن أننا براء من مشروع تخافه.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 15, 2024 9:19 am