ملتقى النسر الأحمر

أهلا وسهلا بكم فى ملتقى النسر الأحمر
رفيقى الزائر انت غير مسجل نتمنى منك التسجيل
للأستفادة من كل مميزات الملتقى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى النسر الأحمر

أهلا وسهلا بكم فى ملتقى النسر الأحمر
رفيقى الزائر انت غير مسجل نتمنى منك التسجيل
للأستفادة من كل مميزات الملتقى

ملتقى النسر الأحمر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فكرى تعبوي تنظيمي


2 مشترك

    للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية

    rita
    rita

    مشرفة المنتدي الأخباري  مشرفة المنتدي الأخباري



    انثى
    عدد الرسائل : 1809
    العمر : 29
    العمل/الترفيه : أنا شاهد المذبحة وشهيد الخريطة انا وليد الكلمات البسيطة.
    المزاج : تمام
    الدولة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Palest10
    نقاط : 7704
    تقييم الأعضاء : 3
    تاريخ التسجيل : 22/01/2010
    الأوسمة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty
    وسام مسابقة الضيف المجهول : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty

    للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية

    مُساهمة من طرف rita الخميس يوليو 29, 2010 10:39 pm

    الولد المثالي


    كان بندر محبوبا في مدرسته عند الجميع من أساتذة وزملاء ، فإذا استمعت الى الحوار بين الأساتذة عن الأذكياء كان بندر ممن ينال قسطا كبيرا من الثناء والمدح
    سئل بندر عن سر تفوقه فأجاب :أعيش في منزل يسوده الهدوء والاطمئنان بعيدا عن المشاكل فكل يحترم الاخر ،وطالما هو كذلك فهو يحترم نفسه وأجد دائما والدي يجعل لي وقتا ليسألني ويناقشني عن حياتي الدراسية ويطلع على واجباتي فيجد ما يسره فهو لايبخل بوقته من أجل أبنائه فتعودنا أن نصحو مبكرين بعد ليلة ننام فيها مبكرين وأهم شئ في برنامجنا الصباحي أن ننظف أسناننا حتى إذا أقتربنا من أي شخص لا نزعجه ببقايا تكون في الاسنان ، ثم الوضوء للصلاة. بعد أن نغسل وجوهنا بالماء والصابون ونتناول أنا وأخوتي وجبة إفطار تساعدنا على يوم دراسي ثم نعود لتنظيف أسناننا مرة أخرى ونذهب الى مدارسنا
    وإن كان الجميع مقصرين في تحسين خطوطهم فإني أحمد الله على خطي الذي تشهد عليه كل واجباتي..ولا أبخل على نفسي بالراحة ولكن في حدود الوقت المعقول ، فأفعل كل ما يحلو لي من التسلية البريئة
    أحضر الى مدرستي وأنا رافع الرأس واضعا أمامي أماني المستقبل منصتا لمدرسي مستوعبا لكل كلمة، وأناقش وأسأل وأكون بذلك راضيا عن نفسي كل الرضا
    وإذا حان الوقت المناسب للمذاكرة فيجدني خلف المنضدة المعدة للمذاكرة ، أرتب مذاكرتي من مادة الى أخرى حتى أجد نفسي وقد استوعبت كل المواد ، كم أكون مسرورا بما فعلته في يوم ملئ بالعمل والأمل
    rita
    rita

    مشرفة المنتدي الأخباري  مشرفة المنتدي الأخباري



    انثى
    عدد الرسائل : 1809
    العمر : 29
    العمل/الترفيه : أنا شاهد المذبحة وشهيد الخريطة انا وليد الكلمات البسيطة.
    المزاج : تمام
    الدولة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Palest10
    نقاط : 7704
    تقييم الأعضاء : 3
    تاريخ التسجيل : 22/01/2010
    الأوسمة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty
    وسام مسابقة الضيف المجهول : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty

    للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty رد: للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية

    مُساهمة من طرف rita الخميس يوليو 29, 2010 10:40 pm

    تامر والثعبان


    كان الفتى تامر ينظر الى بعض الأولاد ، وأحدهم يمسك بقطة من رقبتها ليخنقها ، المسكينة تصيح وتستغيث. وكان الطفل يحكم قبضته حول رقبة القطة ، ويزيد من ضغطه عليها وأحيانا يحملها من ذيلها ويجعلها تتأرجح بين يديه ، والقطة تستنجد ، وكان هذا الطفل يقهقه بأعلى صوته مسرورا بما يفعله . وكان تامر هادئا لا يريد أن يفعل شيئا مضرا بزملائه.فكان اسلوب تعامله معهم أدبيا ، لأنه يرى أن المشاجرة لا تجدى نفعا ، وتقدم تامر الى الطفل..وطلب منه أن يكف عن أذى الحيوان ، وأفهمه أن لهذه القطة فوائد في المنزل ، وفي أي مكان وجدت فيه..فهي عدوة للفئران والحشرات الضارة ، فهي تقضي عليهم ولا تجعل لهم أثرا ، وأن من الواجب أن يترك الانسان الحيوانات وشأنها.لأنها أليفة ، وبالتالي لاتضر..ثم قال له:ماذا تستفيد من تعذيبها بهذا الشكل؟ وهي عاجزة عن المقاومة، وبحاجة الى رعاية وكانت القطة المسكينة تنظر الى تامر لعله يخلصها من اليد القابضة عليها ، وهنا رق الطفل وشكر تامرا على نصيحته الجيدة ، وأعترف بأن هذا فعلا حيوان لا يضر ، وقال لتامر: إنه لا يدري أن عمله هذا ردئ ، حيث أنه لم يسمع من أحد في البيت أو من أصدقائه ما سمعه من تامر ، وعاد تامر الى منزله ،وذات يوم ، قبل أن يأوي الى النوم..تذكر أنه يريد أن يشرب من الثلاجة الموجودة بالمطبخ ، فاتجه اليها ، وبعد أن شرب رأى نورا خافتا من جهة الباب الخارجي للمنزل ، فتذكر أن والده سيتأخر وأن عليه أن يغلق الباب ، وتقدم تامر ليغلق الباب وفجأة !!لاحظ شيئا ما أمام عينه يا الله..إنه ثعبان..وكان طويلا..فصرخ تامر فزعا.واخذ تامر يستغيث
    ويحاول أن يجد له مخرجا من هذا المأزق ، ولكن الطريق أمامه مسدودة ، فهو لايدري ماذا يفعل..واضطربت أنفاسه، وكاد يغمى عليه..وبينما هو في فزعه!!نظر حوله فإذا بالقط يمسك بذلك الثعبان بين أنيابه ، وقد قضى عليه ، وقد عرف تامر أن هذا هو القط الذي أنقذه ذات يوم من ذلك الطفل ، وقد أمتلأ جسمه ، وأصبح في صحة جيدة ، ونظر القط الى تامر..وكأنه يقول له:وانني أرد لك الجميل ياتامر :وعاد تامر بعد أن أغلق الباب الى غرفته يفكر..كيف أن فعل الخير يدخر لصاحبه..حتى يوّفى له..فتعلم درسا طيبا..وقرر أن تكون حياته سلسلة من الاعمال الخيرية.
    rita
    rita

    مشرفة المنتدي الأخباري  مشرفة المنتدي الأخباري



    انثى
    عدد الرسائل : 1809
    العمر : 29
    العمل/الترفيه : أنا شاهد المذبحة وشهيد الخريطة انا وليد الكلمات البسيطة.
    المزاج : تمام
    الدولة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Palest10
    نقاط : 7704
    تقييم الأعضاء : 3
    تاريخ التسجيل : 22/01/2010
    الأوسمة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty
    وسام مسابقة الضيف المجهول : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty

    للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty رد: للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية

    مُساهمة من طرف rita الخميس يوليو 29, 2010 10:41 pm

    الوردة والعصفور




    في يوم ما ضجر العصفور من صوته ، فأعلن في صحيفة الغابة أنه مستعد لاستبدال زقزقته بأي شيء جميل يعرض عليه ، سخرت كل الحيوانات والأشجار من إعلان العصفور ، وظن البوم الحكيم أن العصفور لابد وأن يكون قد أصيب بالجنون ، لكن الوردة الحمراء أعلنت أنها مستعدة لمبادلة العصفور بما يريد ، ولما علم العصفور برغبة الوردة ، طار نحوها مزقزقا زقزقته الأخيرة بفرح وسرور ، حتى أن جميع من كان في الغابة سحره الصوت الجميل ، وتمنوا لو أن العصفور يعدل عن رأيه في الوقت المناسب ، لكن العصفور كان قد اقترب من الوردة ، وراح ينظر إلى جمالها الساحر مبهورا ، قالت له الوردة : أطلب ما تشاء مقابل صوتك الجميل ،
    أجاب العصفور : أريد لونك الأحمر الساحر
    شعرت الوردة بالارتباك ، لم يكن يدور بخلدها أن العصفور سيطلب منها طلبا كهذا ، لكن إعجابها الشديد بصوت العصفور جعلها توافق على طلبه ، فنزعت عنها لونها وأسلمته للعصفور الذي ارتداه في الحال واستلمت الوردة صوت العصفور وراحت تجرب الزقزقة ، أحست بالفرح الشديد لأنها أخيرا امتلكت صوتا ساحرا ، وأما العصفور ، فقد شعر بالحزن سريعا لأنه لم يعد يمتلك أي صوت يخاطب به الآخرين ، لكن عيناه اللتان رأتا لون جناحاه الساحر منحتاه شعورا بالمواساة وبقدر قليل من الفرح ، فلقد تمكن أخيرا من اكتساب لون الوردة الحمراء ، فطار عاليا ثم راح يتنقل من شجرة إلى أخرى ومن مكان إلى آخر محاولا أن يري الجميع جمال لونه الجديد لكن الحيوانات والطيور كانت منشغلة عنه ، كل في عمله من بحث عن الطعام أو بناء الأعشاش أو أي عمل آخر ، أحس العصفور بالخيبة من إهمال الآخرين لـه فاقترب من الوردة المزقزقة مخذولا ، لا يعرف بأي طريقة سيقنعها لكي تعيد له صوته ، لكن ولسوء حظ العصفور مر في تلك اللحظة صياد اجتذبه الصوت الجميل واللون الأحمر للعصفور وهو يظن أن الصوت يصدر عن العصفور الأحمر ، فما كان منه إلا أن رما بشباكه فوق العصفور فاصطاده ، لكنه حين ابتعد قليلا سمع وراءه صوت العصفور ينطلق من مكان ما ، فأصابه عجب شديد من الأمر وراح يفتش بعينيه عن مصدر الصوت ليكتشف وهو مذهول من المفاجأة أن الصوت كان يصدر عن الوردة فاقترب منها واقتطعها فإذا بها تصدر صرختها الأخيرة قبل أن تفارق الحياة .
    rita
    rita

    مشرفة المنتدي الأخباري  مشرفة المنتدي الأخباري



    انثى
    عدد الرسائل : 1809
    العمر : 29
    العمل/الترفيه : أنا شاهد المذبحة وشهيد الخريطة انا وليد الكلمات البسيطة.
    المزاج : تمام
    الدولة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Palest10
    نقاط : 7704
    تقييم الأعضاء : 3
    تاريخ التسجيل : 22/01/2010
    الأوسمة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty
    وسام مسابقة الضيف المجهول : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty

    للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty رد: للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية

    مُساهمة من طرف rita الخميس يوليو 29, 2010 10:41 pm

    مغامرات صائل في المملكة السحرية



    في بيت هادئ وجميل يقع على أطراف المدينة عاش فلاح عجوز مع حفيده الوحيد صائل .

    وكان صائل طفلا لطيفا يحب جده كثيرا ، وجده يحبه أيضا . استشهد والده في الحرب ضد الأعداء . وماتت أمه بعد والده بسنة . فتكفله جده وراح يرعاه وعندما بلغ الخامسة من عمره بدأ يحكي له الحكايات الجميلة .

    أحب صائل حكايات جده التي كان يحكيها له في الحقل تحت الشجرة الكبيرة ، لكن صائل كان يطلب من جده أن يحكي له حكاية في المساء قبل أن ينام فيبتسم الجد ويقول له :

    ـ إنك لا تملُّ من الحكايات يا صائل

    فيجيبه صائل :

    ـ حكاياتك جميلة جدا يا جدي

    فيجلسه الجد قربه ويحكي له إحدى الحكايات وما إن يصل إلى منتصف الحكاية حتى يستسلم صائل للنوم فينهض الجد لينام هو الآخر بعد أن يمدد صائل في سريره ويغطيه جيدا .

    هكذا كانت حياة الجد مع حفيده صائل

    إلى أن دخل صائل المدرسة فقال له الجد :

    ـ إذا أصبحت تلميذا مجتهدا سأحكي لك حكاية لا تنتهي ولم تسمع بها من قبل

    فسأل صائل جده :

    ـ وماهي تلك الحكاية يا جدي

    قال الجد :

    ـ إنها حكاية المملكة ذات الأبواب السحرية

    فقفز صائل فرحا وهو يقول :

    ـ سأكون مجتهدا جدا

    ثم أراد أن يسأل جده عن الحكاية محاولا أن يجعل جده يحكي له جزء من الحكاية

    فقال الجد له :

    ـ انهض الآن إلى النوم لأن غدا أول أيام المدرسة ويجب أن تستيقظ باكرا ، وسأحكي لك الحكاية كما وعدتك ،كل شيء في وقته جميل يا صغيري

    فنهض صائل فرِحا ، قبَّل جده وذهب إلى سريره وهو يحلم بتلك الحكاية الطويلة .

    وبعد أيام قليلة جاء صائل إلى جده مبتهجا حاملا كتابه ودفتره وهو يقول :

    ـ انظر يا جدي ماذا أعطتنا المعلمة

    وفتح دفتره وراح يقرأ

    ـ ألف ، باء

    قال الجد

    ـ جيد جدا يا صائل ها أنت بدأت تنفذ وعدك لي بالاجتهاد ولابد أن أنفذ وعدي لك بالحكاية ولكن عندما يأتي وقتها وتكمل باقي الحروف

    فسأل صائل :

    ـ وما علاقة الحروف بالحكاية يا جدي ؟

    قال الجد :

    ـ إذا لم تحفظ الحروف فلن تستطيع الدخول من أبواب المملكة السحرية

    فقال صائل :

    ـ وهل سنذهب إلى تلك المملكة برحلة ؟

    فقال الجد :

    ـ طبعا ولكن ليست مثل باقي الرحلات يا صغيري

    قال صائل :

    ـ ولكن المعلمة وعدتنا إذا حفظنا دروسنا أن تأخذنا برحلة يوم الجمعة إلى القلعة في مدينة حلب

    فقال الجد :

    القلعة جميلة يا صغيري فهي تراث أجدادنا ولكن المملكة السحرية أعظم ما بناه الأجداد إنها أكبر من كل القلاع وكلما طال بها الزمن تزداد جمالا وتألقا ومنعة رغم كل محاولات الأعداء للنيل منها .

    قال صائل :

    ـ ومتى سنزورها

    قال الجد ستعرف كل شيء عندما تنتهي من حفظ الأحرف الأبجدية

    فقال صائل :

    ـ ولماذا لا نزورها يوم الجمعة القادم ؟

    قال الجد :

    ـ لايمكن أن تفتح الأبواب إلا إذا حفظت الأحرف جميعا . فسر الأبواب موجود في الأحرف الأبجدية .

    وراح صائل يجتهد ويحفظ دروسه وكان كلما أعطته المعلمة حرفا جديدا يأتي إلى جده فرحا وهو يلفظه ويرسمه على دفتره . إلى أن جاء مرة وهو يتلفظ بحرف الضاد فابتسم الجد وقبَّله وهو يقول :

    ـ الآن يا صغيري فتحت أوسع أبواب المملكة ( الضاد ) وأنت تلفظه بشكل ممتاز

    فكرر صائل مع جده :

    ـ ضاد ضاد ضاد

    ثم سأل جده :

    ـ متى سنزور المملكة يا جدي

    فقال الجد :

    ـ سأحكي لك الحكاية أولا وبعدها يمكنك معرفة الأسرار لأن المملكة لا تظهر إلا لمن يدرس ويتعلم وكلما تعلمت أكثر تظهر الممكلة وتفتح أبوابها لك ومن يستطيع أن يراها ويزورها يكون قد وصل إلى سر عظيم إنها مملكة باهرة يابني .

    وعندما كان الجد يعد الطعام ليتناوله مع حفيده كان صائل يحدث نفسه :

    ـ لابد أن اصل إلى تلك المملكة وأعرف السر العظيم

    ثم نادى جده :

    ـ جدي .. هل ستحكي لي الحكاية هذا المساء

    قال الجد :

    ـ طبعا فغدا يوم جمعة

    اقترب صائل من جده وقال :

    ـ هل تسمح لي أن أقص الحكاية لصديقي سمير فهو صديق وفيٌّ ويحب الحكايات وسيسر كثيرا إذا حدثته بحكاية المملكة السحرية .

    فابتسم الجد وقال :

    ـ لابأس يابني قص عليه ماتشا ء فالصداقة جميلة والتعاون جميل ومن واجب الأصدقاء أن يتعاونوا معا وأن يحبوا بعضهم بعضا .

    وفي المساء جلس صائل قرب جده وبدأ الجد يحكي له حكاية المملكة ذات الأبواب السحرية فقال :

    " عاش في الزمان القديم رجل حكيم اسمه عرب وكان له ثمانية وعشرون ولدا أكبرهم اسمه الضاد الذي كان يرافق أباه دائما ويسأله عن كل شيء حتى أصبح عارفا بأسرار الحياة وحكيما مثل أبيه ، وعندما مرض الأب نادى على ابنه الضاد وقال له :

    ـ خذا هذا الصندوق يابني ، ولا تفتحه إلا لأمر ضروري ، وثم نادى على أبنائه جميعا وأوصاهم وصيته الأخيرة قبل أن يموت فقال لهم :

    اسمعوا كلام أخيكم الكبير فهو أعرف منكم ولا تتفرقوا فتضعفوا ،

    لكن الأخوة بعد موت أبيهم نسو الوصية فتفرقوا كل في مكان ، وعندما شعر الضاد بالذي حدث لأخوته خاف عليهم وفكر طويلا بالأمر ، بحث في الكتب وسهر الليالي وهو يفكر في سبيل ليحافظ على أخوته ، فتذكر الصندوق الذي أعطاه إياه أبوه وأوصاه ألا يفتحه إلا لأمر ضروري ولما فتحه وجد في داخله رسالة كتبها الأب قبل موته يقول فيها :

    يا أبنائي تعاونوا مع بعضكم تنجحوا في حياتكم ، حافظوا على أرضكم ولا تتفرقوا فيطمع الأعداء بكم ويسلبوكم أرضكم وينهبوا كنوزها .. كونوا يدا واحدة تمنحكم الأرض كنوزها .

    وفي اليوم التالي قرر الأخ الكبير الضاد أن يجمع أخوته ويقرأ عليهم الرسالة فاجتمع الأخوة فوق الأرض الواسعة الخضراء التي تركها لهم أبوهم وراح الضاد يقرأ عليهم ما أوصى به أبوهم قبل وفاته وقال لهم : يا أخوتي علينا أن نكون يدا واحدة نعمل في أرضنا ونحافظ على نعمة الله فالأرض لنا جميعا لذلك لابد أن نعمل بها حتى لا تموت أو يسلبها الأعداء منا .

    فرحب الأخوة بكلام أخيهم الكبير وقالوا له :

    ـ وما العمل أيها الأخ العزيز

    قال الضاد :

    علينا أن نجتمع مع بعضنا فلو اجتمع كل اثنين أو ثلاثة أو أكثر نشكل كلمات والكلمات تشكل جملا والجمل تشكل كتبا وبذلك يا أخوتي نكون قد حافظنا على أرضنا وتراثنا ولم نعد نخش من الأعداء الطامعين .

    وبدأ الأخوة بتشكيل الكلمات والجمل والكتب وبنوا مملكة عظيمة لها ثمانية وعشرون بابا على كل باب بنوا قصرا لأحدهم يحرس المملكة من خلاله وبنو عند الباب الكبير قصرا ضخما لأخيهم الضاد بعد أن نصبوه ملكا عليهم فحكم بينهم بالعدل والمحبة وعلمهم السر الذي تفتح به الأبواب "

    نظر الجد إلى حفيده فوجد النعاس باديا على عينيه فقال له :

    ـ نكمل الحكاية غدا في الحقل يا صغيري، عليك أن تنام الآن

    فقال صائل :

    ـ لا يا جدي أريد أن أعرف النهاية

    فقال الجد :

    ـ ولكن حان وقت نومك ولايمكن أن تنتهي الحكاية هذا المساء

    رد صائل :

    ـ غدا عطلتي ولن أستيقظ باكرا

    فقال الجد :

    ـ لا يا صغيري حتى ولو كان غدا عطلة يجب أن تستيقظ باكرا حتى لا تفقد نشاطك، وغدا تذهب معي إلى الحقل وأكمل لك الحكاية في وقت الراحة ، تحت الشجرة الكبيرة وإلا فلن أكمل لك الحكاية

    فقال صائل :

    ـ كما تريد يا جدي ولكن أريد أن أعرف السر الذي تفتح به الأبواب

    فقال الجد :

    ـ غدا ستعرف .. غدا ستعرف ، ألم أقل لك كل شيء في وقته جميل ، لاتكن عجولا ، كن صبورا تتعلم كثيرا

    فنهض صائل واتجه إلى سريره لينام أما الجد فقد تابع القراءة في أحد الكتب القديمة

    وفي الصباح استيقظ صائل وتناول طعام الإفطار مع جده واتجه الاثنان إلى الحقل وهناك لعب صائل واستمتع بجمال الطبيعة إلى أن أنهى الجد عمله وجلس تحت الشجرة الكبيرة ليستريح نادى على صائل فأقبل فرحا تناول مع جده بعض الطعام وقال صائل :

    ـ ألا تريد أن تكمل لي حكاية البارحة يا جدي ؟

    فسأل الجد :

    ـ إلى أين وصلنا في الحكاية ؟

    قال صائل :

    ـ عند السر الذي تفتح به الأبواب

    فتابع الجد الحكاية :

    " وكان السر هو أن يلفظ الزائر حرف الضاد ثلاث مرات فتفتح له الأبواب فصاح صائل :

    ـ ضاد ضاد ضاد

    قال الجد :

    أحسنت أحسنت يا صائل

    وتابع الحكاية قائلا :

    " وفي يوم من الأيام فكر الأعداء بالهجوم على المملكة لينهبوا خيراتها ويسلبوا كنوزها ، وعندما سمع الملك بخبر هذا الهجوم من أصدقائه نادى على فعل الأمر وقال له :

    ـ اجمع جميع القوات وكن مستعدا لأي هجوم

    فنفذ فعل الأمر ما أمر به الملك

    ونادى الملك على الفعل المضارع والفعل الماضي وطلب منهما أن يضعا خطة لصد الهجوم المعادي

    وأمر الحراس أن يكونوا متيقظين .

    وفعلا قام الأعداء بالهجوم بعد أيام . إلا أن المملكة كانت مستعدة كل الاستعداد فصدت الهجوم وانتصرت على أعدائها وكافأ الملك كل جنوده بأوسمة من الذهب على ما بذلوه دفاعا عن مملكتهم

    وكافأ الله تلك المملكة على إيمانها وحبها لأرضها والدفاع عنها فأنزل القرآن الكريم الذي تتألف كلماته من حروفها ومازالت تلك المملكة صامدة في وجه الأعداء وستبقى طوال حياتها سيدة الممالك في العالم. "

    قال صائل :

    أريد أن أتعرف إلى أهلها

    فقال الجد :

    ـ كلما كبرت وتعلمت تصبح الطريق سهلة للوصول إلى سر تلك المملكة .

    وفي اليوم التالي سألت المعلمة في درس التعبير

    ـ من يحفظ حكاية جميلة

    فاستأذن صائل وقال :

    ـ أنا أعرف حكاية جميلة حكاها لي جدي البارحة

    فقالت المعلمة :

    وماهي

    قال صائل :

    ـ المملكة ذات الأبواب السحرية .

    فطلبت المعلمة من صائل أن يقص الحكاية على زملائه وعندما انتهى كافأته بكتاب مزين بالصور والرسومات وفيه حكايات جميلة وطلبت من زملائه أن يصفقوا له

    فشعر سمير صديق صائل بالحزن لأن حكاية صائل أجمل من الحكايات التي يحكيها له أبوه، وعندما عاد سمير إلى البيت طلب من أبيه أن يحكي له حكاية مثل حكاية جد صائل فقال له أبوه :

    ـ إن جد صائل يا بني رجل مسن وحكيم ويعرف حكايات أكثر مني ما رأيك أن نزوره في يوم الجمعة القادمة ليحكي لك حكاية جميلة ونتعلم منه أشياء مفيدة ؟

    فرحب سمير باقتراح أبيه ونام تلك الليلة سعيدا وهو يحلم بذلك اليوم الذي سيستمتع فيه بحكاية جد صائل .

    أما صائل فقد عاد إلى البيت مسرورا فرحا بتلك المكافأة وعندما وجده جده مسرورا سأله عن سبب ذلك فأخبره بما حدث في المدرسة فقال الجد :

    ـ وأنا عندي لك مفاجأة

    فقفز صائل وصاح

    ـ ماهي يا جدي ؟

    قال الجد :

    إنها كتاب جميل فيه حكايات كثيرة ، ومفيدة .

    فصفق صائل وقبَّل جده ونام تلك الليلة تغمره السعادة والفرح وهو يحلم بتلك المملكة الجميلة التي يتمنى لو يعرف سرها العظيم .

    وعندما استسلم للنوم رأى في أحلامه شيخا يرتدي ثوبا أبيض سأله صائل :

    ـ من أنت أيها الشيخ الجليل ؟

    قال الشيخ :

    ـ أنا الذي أحقق أمنيات الأطفال المجدِّين ، والمطيعين ، والمحبين للخير .

    قال صائل :

    ـ وهل تحقق لي أمنيتي ؟

    قال الشيخ :

    ـ وهل أنت طفل مجد ومطيع ومحب للخير ؟

    قال صائل :

    ـ اسأل جدي ومعلمتي وأصدقائي إذا أردت

    فضحك الشيخ وقال أعرف دون أن أسأل أحدا وسأحقق لك كل ما تتمنى

    فقال صائل :

    ـ أريد أن أذهب في رحلة إلى المملكة ذات الأبواب السحرية .

    فقال الشيخ :

    ـ ومن حدثك عنها ، وكيف عرفت اسمها؟

    قال صائل :

    ـ جدي قص عليَّ قصتها وأنا أتمنى أن أزور أهلها لأنهم طيبون كما قال جدي .

    فقال الشيخ :

    ـ كما تريد ولكن أولا عليك أن تتوضأ

    وقدم إليه إبريقا من الماء وعلمه الوضوء وبعد أن انتهى قدم له كتابا مذهبا وقال له:

    ـ هذا هو القرآن الكريم قل " بسم الله الرحمن الرحيم "

    ثم تمنى ما تريد فتتحقق أمنياتك

    وغاب الشيخ داخل دائرة من النور ، ضم صائل القرآن الكريم إلى صدره وقال "بسم الله الرحمن الرحيم "

    ثم قال :

    " أريد أن أرى المملكة ذات الأبواب السحرية"

    وما هي إلا لحظات حتى وجد نفسه في ملكة متلألئة الأنوار وفيها قصور خضراء. استقبله أحد الحراس سأله صائل :

    ـ هل هذه المملكة ذات الأبواب السحرية؟

    فقال الحارس :

    ـ نعم يا صغيري أنت في المملكة ذات الأبواب السحرية

    فقال صائل مسرورا :

    ـ وهل يمكنني التنقل فيها ومشاهدة قصورها؟

    فقال الحارس :

    ـ أهلا بالضيف الصغير يمكنك أن تقوم بما تريد . وأدخله إلى غرفة جميلة فيها مصابيح سحرية وأجلسه على كرسي مريح وقدم له الحلوى وبعد أن ارتاح قليلا سأله ماذا تريد أن تعرف عن المملكة ؟

    فقال صائل :

    ـ أريد أن أعرف كل شيء عن مملكتكم

    فقال الحارس :

    ـ أهلا وسهلا بك فأنت تحمل بين يديك سرنا العظيم ( القرآن الكريم ) ومن حقك أن تعرف ما تريد ولكن لن تستطيع ذلك برحلة واحدة وانما تحتاج إلى رحلات كثيرة فالمملكة كما ترى كبيرة جدا ومليئة بالعجائب والأسرار وأهلها طيبون يحبون الضيف ويكرمونه يتعاونون على عمل الخير وفي هذه الغرفة مصابيح سحرية كثيرة كل مصباح يهديك إلى طريق وعليك أن تختار أي مصباح لتبدأ الرحلة .

    تأمل صائل الغرفة وراح يقرأ ما كتب على المصابيح فقرأ على أحدها عبارة "مدينة الأفعال "وعلى أخرى قصر "الفاعل " وعلى ثالثة قصر" المفعول به " ، وعلى رابعة قصر "الجملة الاسمية " فطلب من الحارس أن يعطيه مصباح مدينة الأفعال فأعطاه إياه وقال له :

    بعد أن تنتهي من هذه الجولة تعيد المصباح إلى هنا وتختار مصباحا آخر . وفقك الله أيها الضيف الكريم .

    ومضى صائل على ضوء المصباح إلى أن وصل مدينة صغيرة فيها ثلاثة قصور جميلة كتب على باب الأول ( الفعل الماضي ) وعلى باب الثاني ( الفعل المضارع ) وعلى باب الثالث ( فعل الأمر )

    وقف صائل يتأمل القصر الأول ثم اقترب من الباب الكبير وقال " بسم الله الرحمن الرحيم "

    ثم قال :

    ( ضاد ضاد ضاد )

    ففتح الباب ورحب به رجل عجوز يجلس على أريكة جميلة فقدم صائل نفسه للرجل العجوز وحياه قائلا :

    ـ مرحبا يا سيدي ، أنا صائل جئت أزور مدينتكم لأتعرف عليها

    فقال الرجل العجوز :

    ـ أهلا بك يا صائل تفضل بالجلوس يا بني

    جلس صائل وراح يسأل الفعل الماضي عن عمله في المملكة فقال الفعل الماضي :

    ـ أنا الفعل الماضي يا صغيري ، زمني انتهى ، وأنا هنا أحفظ أسرار المملكة وأخبارها وتاريخها وأمجادها .

    تأمل صائل الجداران فوجدها مزينة بكلمات كثيرة وراح يقرأ ( كتب ، قرأ ، خلق ، حارب، دافع ، نجح ، استيقظ ، لعب ، درس ، حصد ، زرع ) فسأل صائل الرجل العجوز عن سر هذه الكلمات فقال الفعل الماضي :

    ـ هذه الأفعال هي أنا جميعا فأنا قرأ وكتب ودرس … وقد انتهى زمني وأصبحت هذه الأفعال من الذكريات الجميلة وكلما انتهى الناس من أعمالهم يأتون بفعل جديد إلى غرفتي

    فسأل صائل الفعل الماضي :

    ـ وما هذه العلامة التي تضعها على جبينك؟

    فقال الفعل الماضي :

    ـ هذه الفتحة يابني فأنا فعل مبني على الفتحة دائما

    شكر صائل الفعل الماضي على حسن ضيافته وحمل المصباح ومضى إلى القصر الثاني قصر الفعل المضارع فوقف أمام الباب وقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم"ثم ردد : " ضاد ضاد ضاد " ففتح الباب وسمع صوتا يقول له تفضل أيها الصغير ، نظر حوله فلم يجد أحدا فعاد الصوت مرة أخرى وقال :

    ـ أنا هنا أيها الصغير ، أنظر إلى الأعلى

    رفع صائل رأسه فوجد رجلا كهلا وبين يديه كتاب يقرأ فيه قال صائل :

    ـ أنا صائل ضيف مملكتكم ، جئت لأتعرف عليك

    قال الفعل المضارع :

    ـ أهلا بك في مملكتنا أيها الطفل الجميل

    سأل صائل :

    ـ لماذا تجلس في هذا المكان المرتفع يا سيدي

    ضحك الفعل المضارع وقال :

    ـ لأنني فعل مضارع مرفوع

    قال صائل :

    ـ ولماذا تضع حرف الواو على جبينك

    ابتسم الفعل المضارع وقال :

    ـ هذه ليست حرف الواو وانما تشبهه إنها الضمة تشبه الواو ولكن أصغر منه وهي علامة رفعي أيها الصغير

    فسأل صائل :

    ـ وبماذا تختلف عن الفعل الماضي ؟

    فقال الفعل المضارع :

    ـ أنا زمني حاضر ومستمر وأحرفي الأولى هي الحروف التالية المكتوبة أمامك في تلك اللوحة

    فقرأ صائل الأحرف في اللوحة وراح يرددها:

    ـ ( أ ـ ن ـ ي ـ ت)

    ثم قال الفعل المضارع :

    ـ هذه الأحرف هي التي تميزني عن الفعل الماضي وهناك شيء آخر يميزني فأنا مرفوع بالضمة أما هو فمبني على الفتحة

    شكر صائل الفعل المضارع وحمل المصباح ومضى إلى القصر الثالث قصر فعل الأمر فوقف أما الباب وقرأ مثلما قرأ أمام الأبواب الأخرى ففتح له الباب واستقبله رجل قوي قال صائل :

    ـ أنا صائل ضيف مملكتكم ، جئت للتعرف عليك

    قال فعل الأمر :

    ـ أهلا بك تفضل فنحن جميعا في هذه المملكة نحب الضيوف

    دخل صائل ولكنه شعر بالرهبة من فعل الأمر ، نظر إلى رأسه فوجد دائرة ذهبية ، لكنه لم يتجرأ أن يسأل فعل الأمر عن سر هذه الدائرة وعندما لاحظ فعل الأمر تردد صــائل قال له :

    ـ لا تخف يا صغيري كأنك تريد أن تعرف ما هذه الدائرة التي على رأسي

    قال صائل :

    ـ أتمنى ذلك

    قال فعل الأمر :

    ـ هذه علامة السكون فأنا مبني على السكون دائما أعطي الأوامر للجميع وهذه هي وظيفتي في المملكة فأنا أنظم الجيش وأدربه من أجل الدفاع عن المملكة .

    شكر صائل فعل الأمر ومضى إلى غرفة الحارس ليستبدل مصباح الأفعال بمصباح آخر

    رحب الحارس به وقال له :

    ـ هل تعرفت على مدينة الأفعال

    قال صائل

    ـ نعم يا سيدي وأنا محتار . أي مصباح سأختار

    قال الحارس :

    بما أنك اخترت في البداية مصباح الأفعال عليك أن تختار مصباح الفاعل لأنه يأتي بعد الأفعال مباشرة

    حمل صائل مصباح الفاعل ومضى حتى وصل إلى قصر مزخرف وجميل اقترب من الباب وقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم " ثم ردد " ضاد ضاد ضاد " ففتح له الباب

    قال له صوت قوي من الداخل :

    ـ ادخل أيها الضيف

    رفع صائل رأسه ليرى شابا قويا يجلس في مكان مرتفع ويضع على رأسه إشارة تشبه الإشارة التي رآها على رأس الفعل المضارع فعرف أنها الضمة ولم يسأله لماذا يجلس في مكان مرتفع لأنه تذكر كلام الفعل المضارع فعرف أن كل من يضع على رأسه علامة الضمة يجلس في مكان مرتفع لأنه مرفوع بالضمة قال الفاعل لصائل :

    ـ اجلس يا صغيري اجلس هنا على هذا الكرسي

    وأشار إلى كرسي جميل ومريح

    فجلس صائل وهو يتأمل الفاعل فقال الفاعل :

    ـ ألا تريد أن تسألني عن شيء قال صائل:

    ـ بلى أريدك أن تحدثني عن نفسك يا سيدي

    فقال الفاعل :

    ـ اسمي الفاعل لأنني أقوم بفعل الأفعال فتارة أكون الطفل الذي يدرس إذا قلت:درس الطفل . وتارة الفلاح الذي يحصد إذا قلــت : حصد الفلاح . وتابع الفاعل حديثه وقال لصائل :

    ـ أريد أن أسألك سؤالا إذا عرفته قدمت لك مكافأة

    قال صائل :

    ـ كما تريد يا سيدي

    قال الفاعل :

    أنت تلميذ مجد وإلا لما استطعت أن تزور المملكة ، أريدك أن تبحث عني في هذه الجملة

    دافع الجندي عن أرض الوطن

    ففكر صائل ثم قال :

    أنت الجندي يا سيدي

    قال الفاعل :

    ـ أحسنت يا صغيري أنت طفل ذكي وقدم له علبة مليئة بالحلوى اللذيذة وكتابا صغيرا كتب عليه " مدينة الأمجاد "

    شكر صائل الفاعل على ضيافته وعاد إلى غرفة الحارس ليستبدل مصباح الفاعل بمصباح آخر فقال له الحارس :

    ـ عليك أن تختار الآن مصباح المفعول به لأنه يأتي بعد الفاعل ويقع عليه فعل الفاعل .

    فحمل صائل المصباح واتجه إلى قصر المفعول به حتى وصل إلى قصر رمادي فقرأ مثلما قرأ أمام الأبواب السابقة ففتح الباب نظر إلى الداخل فوجد رجلا هادئا ولطيفا قال له :

    ـ تفضل يا صغيري

    قال صائل :

    ـ أنا صائل ضيف مملكتكم

    فقال المفعول به :

    ـ وأنا المفعول به أهلا بك يا صغيري

    نظر صائل إلى وجه المفعول به فوجده حزينا وضعيفا فسأله :

    ـ لماذا أنت حزين يا سيدي

    قال المفعول به :

    ـ أنا لست حزينا ولكني متعب قليلا

    قال صائل :

    ـ لماذا لا تذهب إلى الطبيب

    ضحك المفعول به وقال :

    ـ لا أحتاج إلى طبيب فأنا أتحمل كل أفعال الفاعل

    فقال صائل :

    ـ ولماذا يا سيدي لا تعترض وتشكوه إلى الملك

    قال المفعول به :

    ـ لا يا صغيري هذا واجبي وعليَّ أن أتحمل الأفعال كلها من أجل أن تبقى مملكتنا آمنة وقوية

    نظر صائل إلى رأس المفعول به فعرف العلامة لأنها تشبه العلامة التي كانت على رأس الفعل الماضي ثم قال صائل للمفعول به :

    ـ حدثني عنك يا سيدي

    فقال المفعول به :

    ـ أنا المفعول به المنصوب بالفتحة

    فتارة أكون الحلوى التي يأكلها الأطفال

    وتارة أكون الكتاب الذي يقرؤه التلاميذ وتارة أكون الرصاصة التي ترمي الأعداء دفاعا عن المملكة

    فقال صائل :

    ـ أنت رجل عظيم يا سيدي

    فقال المفعول به :

    ـ وأنت طفل مجد وذكي وفقك الله في حياتك

    فشكر صائل المفعول به ومضى إلى غرفة الحارس فقال له الحارس :

    ـ اقترب الصباح ولن تستطيع أن تزور أحدا الآن ويمكنك العودة في أيام أخرى لتتابع مشاهداتك وزياراتك للمملكة فأنت اليوم زرت كل أفراد الجملة الفعلية الفعل والفاعل والمفعول به

    شكر صائل الحارس وخرج من المملكة وقال " بسم الله الرحمن الرحيم " فتح عينيه فوجد جده يوقظه ، نظر في وجه جده وهو يردد " بسم الله الرحمن الرحيم "

    قبَّل جده وتناول افطاره ومضى إلى المدرسة ، وعندما عاد حدَّث جده بما رأى في الحلم ، فوعده الجد أن يتابع له حكايات المملكة في عطلة الربيع .

    فراح صائل يقفز فرحا وهو يردد

    أل باء تاء ثاء ……




    ::
    ::



    حكاية الأميرة لؤلؤة وملك الغابة

    ****************************



    كان يا ما كان في سالف العصر والزمان مملكة سعيدة يحكمها ملك عادل كان له من الأولاد أربعة صبيان وفتاة واحدة وكانت هذه الفتاة هي الأقرب إلى قلب والدها الملك.كان اسم الأميرة الصغيرة لؤلؤة كانت تتصف بالعناد وهي الصفة الوحيدة التي تمنى والدها أن تتخلص منها أميرته ولا تكبر معها،خصوصا أن العناد صفة تؤدي دائما بصاحبها إلى أمور غير محمودة عقباها.

    إلا أن الأميرة لؤلؤة لصغر سنها لم تكن تتخيل بان أي مكروه سيلحق بها طالما هي في كنف ملك البلاد الذي يملك قوة ملك الغابة الذي سمعت عنه بالقصص التي ترويها لها مربيتها قبل النوم..

    الأميرة لؤلؤة عرفت عن ملك الغابة انه يجلس بعرينه ولا يتحرك منه إلا إذا سمع نجدة من حيوان ضعيف من وحوش الغابة ،هكذا تصورت الأميرة الصغيرة ملك الغابة ..

    ظنت انه كوالدها ملك البلاد فلطالما استغاث به الضعفاء من أبناء شعبه لحمايتهم ونصرتهم .

    وفي يوم من أيام المملكة السعيدة أعلن الملك عن بدء الاحتفال السنوي الذي يقام في كل عام إيذانا ببدء رحلة الصيد السنوية التي يقوم بها الملك وأبناؤه الصبيان و خيرة الصيادين في المملكة.

    احتفال هذا العام مختلف أيضا لان اصغر أبناء الملك من الصبيان الأمير مرجان سينضم للرحلة أول مرة خاصة وانه بلغ من العمر عشرة أعوام.

    كان الأمير مرجان هو أكثر الإخوة المقربين لقلب أخته الصغيرة لؤلؤة .

    في صباح اليوم التالي من الاحتفال الكبير الذي زين أرجاء البلاد بالسعادة بدأ الملك وحاشيته من الأمراء والوزراء والصيادين والجنود التأهب للرحلة.

    في هذه الأثناء كانت الأميرة لؤلؤة تلتصق برداء والدها الملك وتترجاه باكية ان يصطحبها معه خاصة وان أخيها مرجان سيرافقهم في هذه الرحلة.

    ابتسم الملك ضاحكا وقُبلها على جبينها قائلا : أعدك بان اصطاد لك أنا ومرجان غزالا صغيرا يكون صديقا جديدا لك.

    وافهمها بان رحلة الصيد تقتصر على الرجال دون النساء لما فيها من خشونة ومشقة وتعب .

    اصطحبتها المربية برفق بأمر من الملك إلى داخل القصر و ظلت الأميرة تبكي متشبثة بذيل رداء والدها الملك إلا أن أصابعها الطرية لم تقوى على التمسك بالثوب لفترات طويلة.

    ومضى الركب برحلته …..

    ظلت الأميرة الصغيرة تبكي و تبكي..مما أثار حنق والدتها عليها و أمرت المربية على الفور أن تذهب بها إلى غرفتها عقابا لها على عنادها وعدم انصياعها للأوامر..

    ظلت الأميرة بغرفتها وحيدة تتنهد وتراقب موكب الملك وهو يمضي من نافذة غرفتها..

    فجأة توقفت الأميرة لؤلؤة عن البكاء وطرأت على بالها فكرة بان تلحق بالموكب خاصة وأنهم لم يبتعدوا كثيرا، بان تقتفي آثار حوافر الخيول التي تجر عربة الملك وخيول الحاشية.

    وبالفعل استطاعت أن تتسلل من غرفتها دون أن تلحظها والدتها الملكة أو مربيتها أو احد من الخدم إلى إسطبل الخيول واستطاعت أن تمتطي فرسها لؤلؤ وتتسلل خارج أسوار القصر دون أن يلحظها احد من الحراس

    لا ن البوابات ما زالت مفتوحة.

    مضت الأميرة لؤلؤة على ظهر فرسها مقتفية آثار الحوافر التي كانت واضحة وضوح الشمس البازغة في سماء البلاد.. وظلت تسير متتبعة الآثار إلى أن اعتراها التعب الشديد من حرارة الجو فجذبها صوت خرير المياه النابعة من النهر المنساب على مدخل الغابة فنزلت من على ظهر جوادها وشربت بكفيها الصغيرين ما روى عطشها وغسلت وجهها الصغير بماء النهر البارد لتهُمد الاحمرار الذي علا خديها الناعمين …

    استلقت تحت ظلال شجرة كبيرة وعلى نغمات زقزقة العصافير وتضارب أوراق الشجر ونسمات الهواء الباردة الممتزجة برائحة الورود و الأعشاب العطرية راحت الأميرة في سبات عميق مستسلمة للنوم غافلة عن مهمتها باللحاق بآثار حوافر خيول موكب الملك حتى لا تضل الطريق …

    فتحت الأميرة الصغيرة عيناها على السماء الزرقاء فلم تجدها ، لقد وجدت بساطا اسودا كبير يزدان بالنجوم اللامعة المتلألئة كتلألؤ دموعها التي راحت تنهمر من عينيها من شدة خوفها من سكون المكان وظلمته..

    بدأت تشعر بالبرد الشديد.

    و تتساءل عن سبب وجودها في هدا المكان الموحش وحيدة ؟

    لم يخفف من انقباض قلبها الصغير سوى وجود فرسها لؤلؤ بالقرب منها

    ظلت تبكي إلى أن اغرورقت عيناها بالدموع فأثقلت جفنيها الصغيرين واستسلمت للنوم مرة أخرى تحت حوافر لؤلؤ ….

    نسجت السماء خيوط الصباح الأولى ، وداعبت أشعة الشمس وجنات وجهها .

    استيقظت الأميرة الصغيرة وألقت تحية الصباح على جوادها لؤلؤ وامتطته عازمة على تتبع حوافر خيول الموكب الملكي الماضي في رحلة الصيد..

    انقطع خط سير الموكب واختفى لان هناك العديد من الحيوانات التي مرت وطبعت أثارها فوق الحوافر.

    في هذه اللحظة دب الرعب من جديد بقلب الأميرة الصغيرة...

    لم تجد أي طريقة سوى الصياح بعلو صوتها وراحت تنادي على والدها ومرجان وبقية إخوتها … أبــــــــــــــــي ......مـــــــــــــرجــــــــان

    في هذه الأثناء كان موكب الملك لا يبعد عن مكان الأميرة الصغيرة سوى بضعة أمتار لان الملك والحاشية كانوا يأخذون قسطا من الراحة عند ضفاف النهر وكان الأمير مرجان يجلس على حواف ضفته فجأة سمع صوت مرتجف ضعيف متقطع ينادي مرجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــان ! ! !

    نهض من مكانه وراح يسترق السمع جيدا فسمع الصوت مرة أخرى ركض باتجاه والده الملك أبي أبي لقد سمعت صوت لؤلؤة تناديني ، ضحك الملك وكل افراد الحاشية على مرجان ، ربت الملك على كتف صغيره مرجان وقال له : ياعزيزي انا اعلم انك مشتاق للؤلؤة ولكن هل يعقل ان تصل لؤلؤة للمكان وأوضح له أنهم بالغابة وانهم بعيدون عن القصر كثيرا ولؤلؤة الصغيرة لا تتعدى تحركاتها غرف القصر وان طالت رحلتها تكون قد وصلت إلى الإسطبل لتطمئن على فرسها لؤلؤ .

    اقتنع مرجان بكلام والده ورجع إلى ضفة النهر حيث كان يجلس ..

    ولكن الصوت كان صوت الأميرة لؤلؤة..... كم هي مسكينة لؤلؤة...

    خاب رجاؤها و ضعف صوتها ولم يسمعها احد ظلت تنادي إلى أن استجاب لندائها على غير ما كانت تتمنى دب ضخم كبير.

    بدأ الجواد لؤلؤ يتراجع إلى الوراء و تعثر بحجرة أسقطت الأميرة الصغيرة من على ظهره فمد الدب يده ليلتقط جسدها الصغير بمخالبه.....

    انقض الجواد لؤلؤ بكل بسالة على الدب حتى يشغله عن التقاط أميرته فغرس الدب أنيابه الحادة بظهر ه محدثا جروحا عميقة بها.

    إلا أن الجواد استبسل بالدفاع عن اميرته حتى لفظ أنفاسه الأخيرة ولكن بعد أن أرغم الدب على التراجع.

    ومات الجواد لؤلؤ أمام أعين الأميرة وسط حالة من الهلع اعترت الأميرة الصغيرة بفقدانها لجوادها .

    تساءلت الأميرة لؤلؤة عن مكان وجود ملك الغابة؟ وصارت تركض تبحث عن بيت ملك الغابة حتى يحميها من الوحوش المفترسة ويرجعها إلى بيتها استمرت بالركض بحثا عن بيت ملك الغابة ثلاثة أيام حتى انهار جسدها الصغير من التعب وسقطت على الأرض بعد ان خارت قواها وتجمعت حولها الغزلان والأرانب والسناجب تبكي على حالها .

    وفجأة انفضت الحيوانات من حولها ما ان صدر صوت زئير ضخم ابتسمت الصغيرة ونهضت لأنها عرفت ان هذا صوت ملك الغابة تقدم نحوها الملك الضخم ..

    انحنت أمامه تحية وإجلالا لمكانته

    وقالت له :" أين أنت أيها الملك لقد بحثت عنك كثيرا

    تعجب ( الأسد ) ملك الغابة وقال لها بحثتي عني انا ؟لماذا أيتها الصغيرة ؟راحت تسرد له حكايتها وكيف أن الدب المفترس قتل جوادها لؤلؤ وكاد ان يلتهمها .

    اقترب منها الأسد ( ملك الغابة ) وقال لها أن الدب كان غبيا وأحمقا

    قاطعته الأميرة الصغيرة : لقد كان شريرا أيها الملك لابد ان يلقى العقاب

    رد عليها ملك الغابة : فعلا كان شريرا لأنه أراد أن يلتهم فريستي دون اذني

    وكشر عن أنيابه لينقض عليها ويفترسها

    صعقت الاميرة وصارت تصرخ مسكها بمخالبه ، انهارت الأميرة و شعرت بوخز انيابه في كتفها ....

    وصاحت : لا لا لا اريد ان أموت

    نهضت من نومها تنصبب عرقا وإذ هي تجد نفسها في غرفتها الجميلة وعلى سريرها الدائري حولها الملك ولكن ليس ملك الغابة!! وإنما والدها ملك البلاد ووالدتها وإخوتها ومن بينهم مرجان ومربيتها وكافة الحاشية يصطفون حولها ...

    وصفق الجميع فرحين باستفاقة الأميرة لؤلؤة من نومها الطويل ..

    احتضنتها والدتها وهي تبكي ....

    حاولت الأميرة الصغيرة النهوض ولكنها لم تقوى ..

    التفتت نحو والدها وسألته من أنقذني من أنياب ملك الغابة ؟؟؟ تعجب الملك ونظر إلى الأطباء اخبره احدهم انه تأثير الحمى يا مولاي .

    نظرت إلى كتفها الصغير ووجدته متورم واحمر وقالت لامها هل ترين أنها آثار أنياب الأسد التي انغرست بكتفي ...

    اقترب منها الملك وقبلها وقال لها أنها الإبرة يا عزيزتي أي أسد هذا الذي يجرؤ على إيذاء حبيبتي الصغيرة .

    لم تفهم الأميرة لؤلؤة شيئا ونظرت إلى أخيها مرجان لعله يشرح لها ما يدور حولها ....

    اقترب مرجان مبتسما وبيده يمسك الغزال الصغير الذي اصطاده مع والده الملك أثناء رحلتهما وقال لها هدا صديقنا الجديد جاء ليطمئن على حالك .

    وقال لها : لقد وقعت فريسة للحمى بنفس اليوم الذي خرجنا فيه للرحلة و اشتد عليك المرض واستمر معك أسابيع عندها قررت أمنا الملكة إبلاغنا بحالتك الصحية وعلى الفور قرر ملك البلاد قطع الرحلة لعيون لؤلؤته الصغيرة لقد كان خائفا عليك .. وفي طريق عودتنا وجدنا غزالا صغيرا اصطاده الملك ليهديك إياه ، وضعناه بالإسطبل لينام مع لؤلؤ جوادك

    فرحت الأميرة بوجود لؤلؤ و أيقنت أنها عاشت كابوسا طويلا ومرهقا أثقل رأسها الصغير..............

    طلبت من والدها أن يحملها إلى الإسطبل لتطمئن على صديقها الوفي لؤلؤ ..

    قالت الأميرة لؤلؤة وهي بين ذراعي والدها لن اعصي لك أمرا ولن أعاندك ابدآ..

    وهنا ضحك الملك ضحكة كبيرة ملأت المكان وحمد الله كثيرا على سلامة ابنته الحبيبة والفرحة عمت المكان ..

    وأمر الملك بإقامة احتفال كبير بمناسبة شفاء أميرته الصغيرة لؤلؤة ….
    rita
    rita

    مشرفة المنتدي الأخباري  مشرفة المنتدي الأخباري



    انثى
    عدد الرسائل : 1809
    العمر : 29
    العمل/الترفيه : أنا شاهد المذبحة وشهيد الخريطة انا وليد الكلمات البسيطة.
    المزاج : تمام
    الدولة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Palest10
    نقاط : 7704
    تقييم الأعضاء : 3
    تاريخ التسجيل : 22/01/2010
    الأوسمة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty
    وسام مسابقة الضيف المجهول : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty

    للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty رد: للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية

    مُساهمة من طرف rita الخميس يوليو 29, 2010 10:43 pm

    الأجرّة العجيبة

    كانَ رجلٌ فقير، يعولُ أسرةً كبيرةً ..‏

    كثرَتْ نفقاتُ أسرتهِ.. وقلَّ العملُ في قريتهِ، فعزمَ على السفرِ، بحثاُ عن الرزقِ..‏

    ودَّعَ زوجته وأولاده، ومضى ينتقلُ من بلدٍ إلى آخر..‏

    وصلَ إلى مدينةٍ على ساحلِ البحرِ.. وجدَ رجالاً ينقلون صخوراً، وعلى رأسهم رجلٌ مهيبٌ، يشجّعهم على العمل، ويحثَّهم على السرعة ..‏

    وقفَ عندهم، وسأل أحدّهم:‏

    - منْ هذا الرجلُ ؟‏

    - إنَّهُ حاكم البلد..‏

    - لماذا يقف هنا؟‏

    - ليراقبَ العمل ..‏

    انضمَ الرجلُ إلى العمال، ينقلُ معهم الصخور، دون أن يعرفَ الأجور.. صارَ يسرعُ إلى الحجر الكبير، فيحمله على كتفه '، ويضعه في المكان المراد، فإنْ لم يجدْ حجراً كبيراً، حملَ حجرين صغيرين، بينما رفاقه لا يحملون إلا حجراً واحداً، ينتقونه من الأحجار الصغار ..‏

    رأى الحاكمُ نشاطَ الغريبِ، فأُعجبَ به أيَّما إعجاب، ولاحظ الغريبُ نظراتِ الحاكم، فأيقنَ أنَّهُ سينال أجرةً وافية، تفوقُ أجورَ الآخرين، فضاعفَ جهودهُ، وزادَ سرعتهُ ...‏

    انتهى النهار، وحانَ وقتُ استيفاءِ الآجار ..‏

    اصطفَّ العمالُ، بعضهم وراء بعض، وانتصبَ الحاكمُ أمامهم، فشرعوا يمرُّون أمامه، وكلَّما جاءه واحدٌ، أثنى عليه، وقال له :‏

    - عافاك الله‏

    وربّما قالها لبعضهم مرّتين ..‏

    وجاءَ دورُ الغريبِ، فصافحه الحاكمُ بحرارة..وقال له :‏

    - عافاك الله، عافاك الله، عافاك الله ..‏

    فرح الغريبٌ، وقال في سرِّهِ :‏

    - سأحظى بأجرةٍ وافرةٍ .‏

    انتهى الثناءُ والكلام، وانصرفَ الحاكم، وبقي العمال..‏

    سألَ الغريب ُ :‏

    - متى سنأخذُ الأجرة؟‏

    - لقد أخذتَ أجرك‏

    - لم آخذْ شيئاً!‏

    - بل أخذتَ أكثر منّا جميعاً ..‏

    - كيف ؟!‏

    - الحاكمُ قال لك " عافاك الله " ثلاث مرّات!‏

    - وهل هذه هي الأجرة ؟!‏

    - نعم ..‏

    - هذا كلامٌ وثناء!‏

    - حاكمنا يوزِّعُ مدحه بحسبان، ولا يُظلَمُ لديه إنسان ..‏

    أطرقَ الغريبُ يفكِّر.. إنَّهُ جائع، وليس معه نقود .,. خطرَ له خاطر ..‏

    نهض مسرعاً، وتوجَّهَ إلى السوق..‏

    دخلَ مطعماً، وطلبَ طعاماً ..‏

    أكل حتى شبع، ثم قام لينصرف..‏

    أمسكه صاحبُ المطعم، قال :‏

    - أين ثمنُ الطعام؟‏

    - مدَّ يدَكَ ..‏

    مدَّ صاحبُ المطعمُ يده، فصافحه الغريبُ بحرارة، وقال له :‏

    - عافاك الله، عافاك الله، عافاك الله ..‏

    دُهشَ صاحبُ المطعم، وقال غاضباً :‏

    - أريدُ نقوداً .‏

    - لقد أعطيتك‏

    - لم تعطني شيئاً!‏

    - أعطيتك عُملةَ الحاكم‏

    - هل أنتَ مجنون ؟!‏

    - لستُ مجنوناً ..‏

    - هيّا معي إلى الحاكم.‏

    أخذ صاحبُ المطعم الغريبَ، وذهبا إلى حاكم البلد، وحينما وقفا بين يديه، قال صاحبُ المطعم :‏

    - هذا الرجلُ أكلَ طعامي، ولم يدفع الثمن‏

    - نظرَ الحاكمُ إلى الغريب فعرفه.. قال له :‏

    - لمَ لا تدفعُ له ثمنَ طعامه ؟‏

    - لقد دفعت‏

    - ماذا دفعت‏

    - دفعتُ له عملتك‏

    - أيَة عملة ؟‏

    - عملة " عافاك الله " التي أعطيتني إياها.‏

    ضحك الحاكمُ طويلاً، ثم أعطى صاحبَ المطعم، قيمةَ وجْبَتهِ، وأبطلَ تلك العادة، كي لا تشيع الفوضى في مملكته ..‏



    .
    .
    .

    الذَهب والتراب


    وقفَ المعلمُ صالح، أمامَ تلاميذه الصغار، وسألهم قائلاً :

    - أيُّهما أغلى : الذهبُ أم التراب؟

    قال التلاميذ :

    - الذهبُ أغلى من التراب

    وقال أحمد :

    - الترابُ أغلى من الذهب

    ضحكَ التلاميذُ جميعاً..

    قال المعلم صالح :

    - أصبْتَ الحقيقةَ يا أحمد!

    سألَ التلاميذُ دهشين :

    - كيف .؟!

    قال المعلم صالح :

    - اسمعوا هذه القصة، وستعرفون الحقيقة

    قال التلاميذ :

    - نحن منصتون، فما القصة .؟

    قال المعلم صالح :

    يُحكى أنَّ رجلاً هرِماً، اشتدَّ به المرضُ، فدعا ولديه، وقال لهما :

    - ياولدَّيَّ.. لقد تركتُ لكما أرضاً، وهذا الكيسَ من الذهبِ ، فَلْيخترْ كلٌّ منكما مايشاء

    قالَ الولدُ الأصغر :

    - أنا آخذُ الذهب ..

    وقالَ الولدُ الأكبر :

    - وأنا آخذُ الأرض ..

    وماتَ الأبُ بعد أيام، فحزن الولدان كثيراً، ثم أخذ كلُّ واحدٍ نصيبه، من ثروة أبيه، وبدأ الولدُ الأكبر، يعملُ في الأرض، يبذرُ في ترابها القمح، فتعطيه كلُّ حبّةٍ سنبلةً، في كلِّ سنبلةٍ مئةُ حبة، وبعدما يحصدُ القمحَ، يزرعُ موسماً آخر، وثروته تزدادُ يوماً بعد يوم..

    أمّا الولدُ الأصغر، فقد أخذَ ينفقُ من الذهب، شيئاً بعد شيء، والذهبُ ينقصُ يوماً بعد يوم، وذاتَ مرّةٍ، فتحَ الكيسَ، فوجدهُ فارغاً!

    ذهب إلى أخيه، وقال له وهو محزون :



    - لقد نفدَ الذهبُ الذي أخذتهُ.

    - أمَّا ما أخذتُهً أنا فلا ينفدُ أبداً ..

    - وهل أخذْتَ غيرَ أرضٍ مملوءةٍ بالتراب ؟!

    أخرجَ الأخُ الأكبرُ، كيساً من الذهب، وقال :

    - ترابُ الأرضِ، أعطاني هذا الذهب

    قال الأخُ الأصغر ساخراً :

    - وهل يعطي الترابُ ذهباً ؟!

    غضبَ أخوه ،وقال :

    - الخبزُ الذي تأكُلهُ، من تراب الأرض

    والثوبُ الذي تلبسُهُ، من تراب الأرض

    خجل الأخُ الأصغر، وتابعَ الأكبرُ كلامه

    - والثمارُ الحلوةُ، من ترابِ الأرض



    والأزهارُ العاطرةُ، من تراب الأرض

    ودماءُ عروقك ،من ترابِ الأرض

    قال الأخ الأصغر :

    - ما أكثرَ غبائي وجهلي !!

    - لا تحزن يا أخي !

    - كيف لا أحزنُ، وقد أضعْتُ كل شيء ؟!

    - إذا ذهبَ الذهبُ، فالأرضُ باقية.

    - الأرضُ لك، وأنتَ أوْلى بها ..

    - دَعْكَ من هذا الكلام، وهيّا معي إلى الأرض

    ذهبَ الأخوانِ إلى الأرض، فوجدا القطنَ الأبيضَ، يميلُ فوقها ويلمع ..

    امتلأ الأخوان فرحاً ،وهتفَ الأخُ الأصغرُ :



    يا أرضَنا الكريمةْ

    يامنبعَ العطاء


    يا أمَّنا الحبيبة

    نفديكِ بالدماء


    ::
    ::



    نـزهـة فرح

    أقبلَ الصباحُ المشرق، استيقظتِ الطبيعةُ من سُباتها، وبدأتْ تمارسُ عملها النبيل، في نشر الجمالِ والفرح..‏

    الأزهار البديعة، افتتحتْ معرضَ ألوانها، وشرعتْ تنفحُ بالشذا والعبير‏

    العصافير تغرِّدُ طروبة، وتنثر حولها الألحان، المرج الأخضر، فرش بساطه الناعم، لاستقبال الزائرين.‏

    ورشَّ الندى، قطراتِهِ الوضيئة ، فتلألأ الشجرُ والمرجُ والزهر‏

    وانسابَ النهر، رائقاً صافياً، يرسم لوحاتٍ خضراء، حيثما سار‏

    ومرَّ الهواء بالنهر، فغسل وجهه ،وانطلق نقياً نظيفاً، ينعشُ النفوس، ويداعبُ الغصون، وحينما وصل إلى الأزهار، أعطْتهُ رسالتها العطريّة، ليحملها إلى كلِّ منْ يلقاه..‏

    في هذا اليوم الجميل، خرج للنزهة، ثلاثةُ أولاد ..‏

    طافوا في أرجاء الطبيعة الوادعة، فأحسنت استقبالهم، ومنحتهم كلَّ ماتملك، من متعةٍ وجمال.. وعندما جاعوا، جلسوا على المرج الأخضر، وأخرجوا طعامهم، وأخذوا يأكلون، وبعدما شبعوا، غادروا المرج، تاركين على بساطه الأخضر، عظاماً متناثرة، وقِطع دهن، وقشِر فاكهة، سرعان ماأصبحَتْ مرتعاً للذباب والجراثيم، ومبعثاً للروائح الكريهة، و حزِنَ المرجُ الأخضر، ذهب الأولاد إلى النهر، وقفوا على شاطئه، يتأمَّلونه مسرورين، كانت مياهه مرآةً صافية، ترنو إليها الغصونُ الناضرة، فترى صورتها على صفحة المياه، وتسبح فيه بطاتٌ جميلة، تتهادى كأشرعةٍ بيضاء..‏

    أخذ الأولاد، يرمون البطاتِ بالعُلَب الفارغة .، والقمامة المختلفة ..‏

    هربَتِ البطاتُ بعيداً، وظلَّتِ العلبُ والقمامة، تطفو وتسبح، أمام أعينِ الأولادِ، فراقهم منظرها، وجعلوا يلقون في النهر، كلَّ ماتصل إليه أيديهم ..‏

    تلَّوثت مياهُ النهر، ورحل عنها الصفاء..‏

    حزنتِ الأغصانُ المتدلِّية، وفقدتْ صورتها المرسومة على المياه‏

    انصرف الأولاد فرحين، تراكين وراءهم، نهراً عكِراً حزيناً ..‏

    وصل الأولادُ إلى شجرة فارعة، جلسوا تحتها، وأشعلوا النار، لإعداد الشاي ..‏

    تصاعد دخانٌ كثيف ،من الحطب المحروق، لوَّثَ الهواءَ، وشوَّهَ زرقةَ السماء ..‏

    حزنتِ الأشجارُ والأزهار، وصارت تتنفَّسُ هواءً فاسداً‏

    وحزن الهواءُ ،فاسودَّ وجهه، وترك - مرغماً - رسالته العطريّةِ، وحمل رسالةَ الدخانِ الأسود، ليوصلها إلى كلِّ مَنْ يلقاه ..‏

    أقبل المساءُ ،وانتهتْ نزهةُ الأولاد، فعادواإلى بيوتهم مسرورين، وحدَّثوا أهلَهم عن جمالِ الطبيعة، ونزهة الفرح !!***‏



    ..
    ..
    rita
    rita

    مشرفة المنتدي الأخباري  مشرفة المنتدي الأخباري



    انثى
    عدد الرسائل : 1809
    العمر : 29
    العمل/الترفيه : أنا شاهد المذبحة وشهيد الخريطة انا وليد الكلمات البسيطة.
    المزاج : تمام
    الدولة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Palest10
    نقاط : 7704
    تقييم الأعضاء : 3
    تاريخ التسجيل : 22/01/2010
    الأوسمة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty
    وسام مسابقة الضيف المجهول : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty

    للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty رد: للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية

    مُساهمة من طرف rita الخميس يوليو 29, 2010 10:54 pm

    تالة في المطبخ

    تالة طفلة لم تتجاوز الخمس سنوات من عمرها جميلة ورقيقة لكنها شقية جدا

    وتقوم بأعمال شغب مختلفة

    هي لاتعلم بأنها مشاغبة وتظن إنها تقدم المساعدة لامها

    دخلت تالة المطبخ أمس بينما والدتها تجلس مع جارتهم في غرفة الضيوف

    نظرت حولها وقالت :

    أصبحت كبيرة وعلي مساعدة ماما في أعمال البيت

    حسنا سأجلي لها الصحون

    لم يكن في المطبخ صحون متسخة

    ماذا تفعل إذا؟؟

    قالت في نفسها

    سأغسل علبة سائل الجلي لتصبح نظيفة

    سكبت كل محتوياتها في حوض الجلي وغلسته جيدا بالماء

    وعادت لتجلس فخورة بإنجازاتها ..
    rita
    rita

    مشرفة المنتدي الأخباري  مشرفة المنتدي الأخباري



    انثى
    عدد الرسائل : 1809
    العمر : 29
    العمل/الترفيه : أنا شاهد المذبحة وشهيد الخريطة انا وليد الكلمات البسيطة.
    المزاج : تمام
    الدولة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Palest10
    نقاط : 7704
    تقييم الأعضاء : 3
    تاريخ التسجيل : 22/01/2010
    الأوسمة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty
    وسام مسابقة الضيف المجهول : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty

    للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty رد: للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية

    مُساهمة من طرف rita الخميس يوليو 29, 2010 10:56 pm

    ساصبح خياطة في المستقبل

    شاهدت تالة والدتها وهي تخيط ثوبا وجلست تراقبها

    وتتأمل المقص وهو في يد أمها

    جميلة حركاته وسهلة جدا

    ستصبح خياطة ماهرة عندما تكبر لأنها ستتعلم الخياطة في وقت مبكر

    صرخت

    ماما اعطني المقص أريد أن أتعلم الخياطة

    لاياصغيرتي المقص خطر على فتاة صغيرة مثلك

    أف ماما ودعيني أتعلم

    لم تجب والدتها وضعت المقص مكانه ونادت على تالة لكي تساعدها في تحضير العشاء

    اقتربت تالة من الدرج الذي خبئت به أمها علبة الخياطة وأخرجت المقص

    لكنها ماذا تخيط؟

    لا يوجد قماش

    نظرت حولها

    الستائر مناسبة جدا لتعلم الخياطة

    كانت العقوبة شديدة ...



    ::
    ::

    غندور الكسول

    اقتربت الأم من فراش ابنها غندور، قالت له: اصح يا حبيبي ! لكن غندور بقي نائماً، هزته برفق، تمطى بكسل، ذهبت الأم إلى المطبخ وهي تقول: سأحضر لك الفطور، هيا ! بعد قليل عادت الأم لترى غندور في سريره مستغرقاً في النوم، هزته، قالت له: تأخرت عن المدرسة يا غندور، أسرع …أعددت لك الفطور، اغسل وجهك، وارتد ثيابك. لكن غندور تململ في فراشه، وعاد إلى النوم، اضطرت أمه أن تجره من سريره إلى المغسلة كي يغسل وجهه ويرتدي ثيابه، ذهب إلى المدرسة دون أن يتناول فطوره، ولم يشرب كأس الحليب الطازج، لأنه تأخر عن المدرسة، وعليه أن يسرع. هرع إلى المدرسة، طرق على باب الصف، قال له الأستاذ: تأخرت هذه المرة أيضاً ! ما هذا يا غندور ؟!سأسمح لك بالدخول اليوم، ولكن إذا تأخرت مرة ثانية، لن أدخلك إلى الصف أبداً. جلس غندور في مقعده، وهو يشعر بالنعاس، فقد خالف أوامر أمه ولم ينم باكراً لأنه كان بتابع برامج التلفاز، شعر بالجوع أيضاً، ولم ينتبه إلى شرح الأستاذ لشدة جوعه، ولم يفهم شيئاً من الدرس، فجأة أشار له الأستاذ بيده وقال: هيا يا غندور، حل هذا التمرين على السبورة. وقف غندور أمام السبورة صامتاً، قال له الأستاذ: ما بك يا غندور ؟! لماذا لا تحل التمرين ؟! أجاب غندور : لا أعرف .. قال الأستاذ: لماذا لا تنتبه أثناء شرح الدرس ؟ أطرق غندور برأسه خجلاً، قال له الأستاذ: أنت ولد كسول ومهمل، ألا تخجل من نفسك ؟! انظر إلى رفاقك المجدين الذين يأتون إلى المدرسة مبكرين، ويكتبون وظائفهم، ويدرسون، وتعلّم منهم أن تكون تلميذاً نجيباً، ألا تخجل حين ينادونك غندور الكسول ؟! ظل ّ غندور مطرقاً برأسه وهو يشعر بالذنب، وكلمة غندور الكسول ترن في أذنيه، وتلاميذ الصف ينظرون إليه بإشفاق وشماتة. ...

    ::
    ::

    صاحب القصر

    في مكان بعيد بعيد.. على قمة ربوة خضراء عالية، محاطة غالبا بسحب بيضاء مثل ثلج متوهج تحت شمس، يكاد متأمل يسحر بمرأى سماء تحتضن ربوة بحنو وسكينة.. يشعر في الليالي بقدرته على لمس نجوم مرتجفة، تبدو من هاهنا دانية مثل ثمار شجر.. يكاد عابر في عتمة(ظلمة) دروب طويلة لا يحتاج ضوء قنديل أو شعاع سراج..
    هناك..
    حيث ينام قمر وتغفو عصافير دون خوف من صياد يأتيها بغتة (فجأة).. تسير أرانب بخشوع آمن في جوار ثعالب, وترقد (تنام) حملان قرب ضباع..
    هناك..
    في أعلى سنام الربوة قصر حجري قديم..
    قرميد سقفه.. صخر جدرانه.. عال جبينه.. مرتفعة هامته..
    منارته تخرق الفضاء، ترمي بشباكها حيث تسكب أنوار بهيبة شموخ، بلا استئذان..
    يطل القصر ببهاء باهر على حدائق وتلال ووديان ومروج.. معلنا نفسه حارسا أمينا للوحة فنية طبيعية ساحرة مبدعة صافية.
    يأبى أستار شتاء تحجب أنوارا مرسلة جذبا لتائهين ضائعين في عتمة ليل.. يطلبهم حثيثا (سريعا) كما يطلب سراج نور فراشات هائمة ترنو(تحن) لدفء وقبس (شعلةُ نّار) من أمل..
    عندها يستنفر خدم القصر وعسسه(حراسه)، ينطلقون بأمره، يزرعون قناديل على أطراف الربوة.. في زوايا طرقات ودروب، إسعافا (إنقاذا) لعابري ليل كالح (متجهم عابس)، هديا لتائهين تحت لطم عواصف.. دعوة لمشردين باحثين عن مأوى(ملجأ) دافىء، يلوذون به (يحتمون به)، يقيهم سياط برد وبلل شتاء وقرصة جوع..
    ومن يعرف جوع يعرف أن قساوته في برد أشد وأمر..
    القصر واسع واسع، غرفه كثيرة كثيرة.. تحيطه بساتين ممتدة تنتهي حيث ينتهي البصر..
    مئات العمال يعملون دون ملل..
    يزرعون أنواعا من أشهى فاكهة وخضراوات.. أرض الربوة خصبة خصبة، لا تبخل بشيء مما في أحشائها(بطنها)، لا تحتاج سمادا ولا جهدا كبيرا، ماء يسيل حولها من كل صوب، عشب ضار لا ينبت بها.. ترابها نظيف.. فاكهتها لذيذة.. كل ما عليها يعجز واصفا عن وصفه وساحرا عن سحره وفنانا عن فنه وشاعرا عن شعره..
    في الربوة حركة دائبة (جَادّةٌ مُنْهَمِكٌة)، أعمال مستمرة لا تتوقف.. مثل خلية نحل أو ثكنة جيش.
    صاحب القصر هادئ رزين (حليمٌ وقورٌ رصين).. لطيف في تعامله، وهو دائما سعيد مبتسم بشوش..
    لا يبخل عليهم بعطاء.. لا يهينهم.. لا يكلفهم ما لا يطيقون..
    على هذه الحال عاش ساكنو القصر بوئام وسلام ومحبة، عاشوا دون أن تكدر صفو حياتهم شائبة (علة).
    كبر سيد القصر.. وبلغ أولاده الثلاثة: رستم، حمزة، تيمور سن فتوة وشباب..
    سار الأبناء على منوال (أسلوب) أبيهم.. عملوا بأيديهم، لم يميزوا أنفسهم عن غيرهم من عمال القصر وزارعي حدائقه.. لم يكن زائر يفرق بينهم وبين أصغر عامل في القصر..
    عاش الجميع أيامهم بهدوء.. يتزوجون.. يتعلمون..يزرعون.. يحصدون.. كانت أعدادهم تزداد إما بأولاد جدد أو بعمال جدد.. وكان صاحب القصر يبني لعماله بيوتا حول قصره تبدو للرائي (للناظر) قصرا مصغرا عن قصر كبير.. لم يفعل ذلك إبعادا لهم عن قصره.. بل لأن قصره ضاق بساكنيه كما إنه أراد لهم أن يستقلوا ببيوت خاصة ويعشوا حياة طبيعية..
    سيد القصر متزوج من زمن بعيد.. لكن أحدا لا يعرف زوجه.. لم تكن تظهر على ناس أبدا.. وحتى على نساء كبار معاونيه..
    طلب بعض نساء إذنا بزيارتها.. كان طلبهن يرد دائما بلطف بالغ.
    كن يتعجبن من هذا السر، يتساءلن عن سرّ سيدة القصر التي لا تخرج من جناحها ولا يعرفها أحد..
    ومع مضي الأيام خبا (خف، بهت) كل حديث عنها وكاد الناس ينسون وجودها ولم يعد كلام عنها رائجا (سائدا).
    وفي ليلة صيفية..
    في وقت متأخر..
    انعدمت فيه أصوات البرية (المخلوقات) والنسائم الساكنة.
    لم تكن تسمع أصوات طيور وحشرات..
    شق صمتاً بديعاً (رائعاًَ) صرخة مثل صاعقة مدوية.. انفجرت من ذاك الجناح المنسي.. المحرم على ساكني القصر وحدائقه..
    صرخة واحدة كافية لتوقظ الجميع .. أشاعت رعبا وخوفا وهلعا (شدة فزع)..
    صرخة يتيمة جعلتهم يخرجون من بيوتهم في ثياب نوم..
    يعدون( يركضون) نحو القصر هلعين خائفين فزعين..
    الصوت انبعث (هب، تدفق) من الجناح المحرم، صاروا يتهيبون (يحذرون) من نبأ جلل(عظيم).
    يا ترى ماهذا الخطب (المكروه) الكبير والموقف الخطير الذي حدا (دفع) سيد القصر للصراخ بهذا الشكل المريع (المخيف)؟؟؟
    ترقب الناس أمام القصر.. لم يجرؤ واحد منهم على دخوله..
    كانو يسمعون صوت نشيج ( بكاء) سيدهم، لكن يستحيل عليهم دخول الجناح المحرم..
    ظلوا واقفين يترقبون ساعات..
    عيونهم مشدودة الى نوافذ القصر..
    انتظروا حتى بدأت أشعة شمس تتكوم بعيدا ثم تتسلل من وراء أكمة (مرتفع) بعيدة.. وراح ضوء ينبسط (ينتشر) غامرا تلالا ووديان وسهولا...
    لكنهم ظلو مسمرين (ثابتين) في أماكنهم، كأن الحياة توقفت عند صرخة شقت عنان سماء (ما ظهر منها إذا نظرنا إليها)، صرخة ما تزال تتردد في آذان مضطربة تركت أثرا في وجوه واجمة (عَابِسٌة مِنْ شِدَّةِ هَمٍّ).
    عند ارتفاع قرص الشمس، شعر الناس بحركة مريبة (مُشْتَبَهٌ فِيها).
    ترقبوا.. ارهفوا (ركزوا) اسماعهم.
    تسللت خادمة صغيرة السن..
    سلكت أبواباً خلفية للقصر، نقلت إليهم نبأ (خبرا):
    سيدة القصر ماتت... سيدة القصر ماتت..
    تعالت أصوات بكاء... دموع تساقطت.. بكوا كأطفال صغار..
    تعالت أصوات بكاء مع أن أحداً لم ير وجه الميتة في حياته، كانت لغزا محيرا، مثلما هو موتها الآن..
    مع ذلك تأثروا حباً بسيد القصر وأبنائه.. رفعوا أكف صلوات.. سألوا الله لها الرحمة..
    انتظروا تشييع ميت..
    ترقبوا خروج جثة ليدفنوها ويقيموا لها واجب عزاء كبير يليق بها وبزوجها..
    مضى وقت.. لكن جثة لم تخرج..
    طالة غيبة سيد القصر وأبنائه..
    انتظروا النهار كله.. تعبوا.. جاعوا.. لكنهم ظلوا واقفين منتظرين مترقبين..
    أتى المساء ثقيلاً..
    عادوا إلى بيوتهم قسرا(مرغمين)..
    في صباح باكر تال.. خرج الأبناء كعادتهم كأن شيئا لم يكن..
    توجهوا لعمل مع عمال دون أن يتكلموا كلمة واحدة.. كما أن أحدا لم يسأل سؤالا واحداً..
    انصرف عمال البساتين والحدائق والزرائب.. كل يعمل عمله..
    تبادلوا نظرات..
    ترقبوا خروج سيدهم.. لكنه لم يظهر طوال اليوم..
    مضى يوم.. يومان.. ثلاثة.. أيام وأيام..
    الحال بقيت على ما هي عليه.. سيد القصر غائب عن مزارعه..
    بعد أيام..
    في يوم شديد قيظ (حر).. ودون توقع، ظهر سيد القصر راكبا فرسا أسود ضخما.. يحمل بيمينه سوطا رآه عماله لأول مرة.. لم يكد هؤلاء يرون سيدهم حتى توقفوا عن العمل وركضوا نحوه بسعادة عفوية، فانهال عليهم بسوطه (أوْسَعَهُم ضرْباً)، وشتمهم ساخطاً آمرا بعودة إلى عملهم..
    تغيرت أحوال صاحب القصر رأسا على عقب.. وبدا وجهه قبيحا دميما..
    تبدل من إنسان طيب قلب هادئ طبع ودود إلى شرس عنيف قاس سيء..
    أولاده: رستم حمزة تيمور نالهم أكثر مما نال غيرهم من أقبح الأوصاف..
    ازدادت تصرفاته سوءا يوما بعد يوم.. وكأن روحا شريرة تلبسته..
    تعجب الجميع مما يحدث.. لم يجرؤ أحد على صده (منعه)، حتى أولاده طردهم من القصر.. سكنوا بيوت عمال.. لم يعترضوا.. تحملوا تصرفاته تقديرا للصدمة الهائلة التي ألمت به بوفاة زوجه التي كانت سبب سعادة وفرح تليد (قديم)، فكان موتها شرارة نار أوقدت نار قلبه وأحرقت كل شيء جميل في نفسه..
    ومرت أيام..
    كانت تصرفاته تزداد ثقلا يوما بعد يوم..
    دارت أخبار القصر من مكان إلى مكان..
    تحدث ناس عنها في قرى وبلاد.. تعاطف ناس معه واستغرب ناس.. وبغض آخرون تبدله..
    حاول أبناؤه بجهد انقاذ أبيهم من كربه (شدة الحزن)، لكنه كان صلبا كجلمود ( صخر).
    لم يتخلّ الأبناء عنه وبعض مخلصين وأوفياء.. صبروا على ظلم سيدهم الحادث (المستجد) وتحملوا استبداده.. أما سائر العمال (بقيتهم وأغلبهم) فقد رحلوا هربا من ظلم سيدهم الذي يحبونه، وراحوا يبحثون عن مصدر رزق جديد لهم ولأولادهم.. صبروا زمنا، تحملوا أذى وسخطا.. ولما يئسوا من صلاح أمر سيدهم حملوا أمتعتهم ورحلوا مضطرين يدعون ربهم أن تهدأ نفسه ويطيب خاطره ويعود لسابق عهده بعد زوال أحزان شحنت(ملأت) قلبه غضبا وكمدا( حزنا شديدا).
    سارت أيام سير سلحفاة عجوز.. مضت ثقيلة ثقيلة..
    بساتين غنّاء (عامرة) ومروج خضراء تحولت إلى هشيم (يَابِسُ النَّبَاتِ وَالشَّجَرِ).
    جفت ضروع الحيوان وحل عبوس وتجهم مكان بسط وانشراح..هواء كئيب،نسيم حزين..
    بدت أرضا مهجورة من زمن.. نضب الماء (انقطع)، نتن الهواء (فسد)، تصحر التراب الطري..
    لم يجسر أحد على مخاطبة سيد القصر.. حتى أولاده انقطعت صلتهم به..
    وعندما يرونه هادئا يعتقدون أنه سيعود كما عهدوه.. ينفجر بركانا غاضبا يشتد ضراوة (وحشية) وقسوة وجوراً (ظلما)..
    بات القصر مرعبا للناس جميعا..
    لم يعد هناك من يلوذ به ساعة ضيق..
    كانت صيحات رجل تخرق سكينة، يتردد صداها ليجاوز تلالاً وودياناً مجاورة..
    تناقل ناس الخبر..
    حتى وصل إلى بلاد بعيدة..
    الى صديق طفولة وصبا.. صديق عهد قديم كان يعيش في بيت سيد القصر يوم كان طفلا.. يوم كان وحيد والديه.. والداه اللذان خرجا في يوم عاصف لتفقد صديق مريض في بلدة بعيدة ولم يعودا.. فقدا في تلك الليلة.. عاش طفولته مع صديق الذي كان خادما ونديما (أنيسا).
    عرف الرجل سبب غضب صديقه..
    كان يكره الموت..
    يكره موت من يحب..
    خاف على زوجه فحبسها في جناح محرم كيلا تصاب بسوء..
    لكن كيف يختبىء إنسان من قدر؟؟؟
    وساعة الموت لا راد لها..
    هذا الصديق كان أكبر من صديقه بسنة أو سنتين.. كان ابنا لمزارع يعمل عند أبيه.. كانت لهما أحلام كبيرة.. عندما بلغا الفتوة والشباب غادر الصديق الطموح مع والده المزارع الى قريته البعيدة ..
    مضى يعمل حتى بلغ مكانة عالية وأصبح غنياً مثل صديقه.. لكن الصلة بينهما انقطعت لبعد المسافات ومشاغل الحياة..
    عندما وصلت أخبار إليه تذكر أياما خالية.. أدرك سرّ ما أصاب صديق قديم.
    قرر الصديق السفر إلى قصر صديقه ..
    قرر ترك تجارته وزراعته وأمواله والسفر برفقة زوجه وأولاده وعمال له.. أحس بأن عليه واجبا عليه القيام به. فقد كانت صداقة طفولة بينهما من أروع ما يحملانه من ذكرى.. بل كانت أجمل أيام حياة..
    رأى أن واجبه اليوم يفرض عليه محاولة إنقاذ صديقه من ظروف صعبة..
    جهز قافلة كبيرة.. أحضر عمالا ومزارعين وخدما..
    عندما بلغ أطراف ربوة حذره ناس من الاقتراب.. فصاحب القصر غريب الأطوار.. كما يقولون..
    تابع الرجل طريقة.. لم ينصت (يستمع) لأحد...
    وصلت القافة عند منتصف ليل...
    أمر الرجل عماله ألا يقتربوا من القصر وأن يسكنوا بيوتا مهجورة بعيدة..
    بعد ساعات قليلة استعاد الرجال نشاطهم فخرجوا مع طلوع الشمس..
    توجهوا نحو بساتين محترقة وراحوا يحفرون ويقلبون تراب أرض ويرشون ماء ليستعيد رطوبته استعدادا لزراعته من جديد..
    لفت ذلك اهتمام أولاد صاحب القصر وما تبقى من عمال أوفياء فاتجهوا نحوهم وعرفوا قصة الرجل الصديق.. وفرحوا كثيرا بوصولهم وعملوا معا لتعود الأرض كما كانت..
    صاحب القصر لم يكن يخرج من قصره الا نادرا، فقد أنهكه الحزن والألم والغضب.. وأصابه صعف ونحول(نحافة)..
    كان يختلس (يسرق) النظر من حين لآخر سعيدا في نفسه لعودة الحياة الى بساتينه..
    كان الصديق يعرف ما تعني الأرض لصديقه..
    بعد أيام..
    بعد أن انتعشت الأرض، اقترب الرجل من نافذة غرفة صديقه القديم..
    جلس تحت النافذة..
    صار ينشد أغنية قديمة كانا يغنيانها معا عندما كانا في ريعان الشباب (أَوّله وأفْضلُه):
    الأرض التي نحبها..
    قطعة منا..
    تحيا بنا ونحيا بها..
    هيا بنا نزرعها..
    وإن مضت أعمارنا.. ولم نعمرها..
    حياتنا سدى
    حياتنا سدى
    كل يوم تحيا أرضنا بنا..
    أرضنا التي نحيا بها..
    من أجلها..
    هي مثلنا..
    تحيا من أجلنا...
    الأرض التي نحبها..
    قطعة منا..
    دهش صاحب القصر مما سمع..
    صوت صاحب قديم؟؟
    صاحب عاش معه سنين طويله بعدما فقد أبويه ليلة عاصفة..
    شعور رهيب يوم فقد والديه..
    ذاك شعور نفسه تكرر يوم وفاة زوجه التي يحب..
    أعاد الصوت له ذكريات كثيرة، أيقظ في نفسه أحلام ماض بعيد..
    ما أصعب محنة عندما تتكرر مرتين..



    ::
    النسر الأحمر
    النسر الأحمر

    الأمين العام  الأمين العام



    ذكر
    عدد الرسائل : 11994
    العمر : 40
    العمل/الترفيه : اعلامي
    المزاج : تمام
    رقم العضوية : 2
    الدولة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Palest10
    نقاط : 16028
    تقييم الأعضاء : 32
    تاريخ التسجيل : 12/11/2007
    الأوسمة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty

    للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty رد: للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية

    مُساهمة من طرف النسر الأحمر الإثنين أغسطس 02, 2010 5:39 pm

    يسلموا يارفيقة قصص رائعة ومفيدة
    تقبلي مرورى
    rita
    rita

    مشرفة المنتدي الأخباري  مشرفة المنتدي الأخباري



    انثى
    عدد الرسائل : 1809
    العمر : 29
    العمل/الترفيه : أنا شاهد المذبحة وشهيد الخريطة انا وليد الكلمات البسيطة.
    المزاج : تمام
    الدولة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Palest10
    نقاط : 7704
    تقييم الأعضاء : 3
    تاريخ التسجيل : 22/01/2010
    الأوسمة : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty
    وسام مسابقة الضيف المجهول : للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty

    للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية Empty رد: للاطفال قبل النوم _مجموعة قصصية

    مُساهمة من طرف rita الإثنين أغسطس 02, 2010 8:16 pm

    يسلموا رفيق لمشاركتك الرائعة
    تحياتي لالك

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء سبتمبر 24, 2024 12:26 pm