مع مطلع القرن الواحد والعشرين ومع كل ما حققه الإنسان من تطور وتقدم في المفاهيم والقيم والفكر الإنساني, ورغم سرعة الاتصال بين الأمم عبر تكنولوجيا الإعلام والتثقيف, إلا أن هذا التقدّم لم يستطع أن يهدي الإنسان إلى سبل السلام والمحبة الألفة بين جنسيه.
فظاهرة العنف هي إحدى صور هذه المظاهر مهددة المنجزات المعرفية التي حققها الإنسان خلال قرون , خاصة عندما يتم تسليطه على (المرأة) لاستضعافها في المجتمع.
فقد اقترن العنف بالرجل ولكن هل تقتصر هذه الظاهرة عليه وحده أم يجب الأخذ بعين الاعتبار العنف الموجه من النساء لبنات جنسها ؟
ممارسات خاطئة
الدكتور جهاد حمد أستاذ علم الاجتماع المساعد في جامعة الأزهر وخبير حل النزاعات يحدد مفهوم العنف, بأنه مجموعة ممارسات يقوم بها رجل أو طرف من الأطراف الممارسة للعنف ,قد تكون امرأة أو جماعة وهو يأخذ أشكال عديدة, فإما أن يكون نفسياً من اجل التقليل من قيمة الإنسان ,أو جسدياً مثل الضرب المبرح الذي يترك علامات على جسد المعنف, لذلك فالعنف ظاهرة موجودة ولكنها تفتقر للدراسات والمعلومات والاهتمام من قبل أجهزة الشرطة ومؤسسات المجتمع المدني لكشف أنواع العنف الاجتماعي والجنسي.
أوضح د. حمد أن العنف مرتبط بالغريزة الإنسانية, وقد شهدت الخليقة منذ بدايتها أول جريمة قتل بين الأخوين قابيل وهابيل مبينا ًأسباب العنف بأنها إما ذاتية ,أو شخصية, أو خارجية فهناك العنف العائلي وما تشهده الأسر من مشاحنات وخلافات بين أفرادها, وعدم توفر المال وصعوبة الأوضاع الاقتصادية, والبطالة والفقر, إضافة للجوانب النفسية المتعلقة بانعدام الاحترام المتبادل وعدم تفهم الرجل لحاجات المرأة النفسية.
ويرتبط العنف" بجينات بيولوجية"تتعلق بالتكوين الجسدي للإنسان, وأن هذه الجينات تحتاج لتوجيه طبي للتخفيف من حدتها, إضافة إلى عوامل أخرى مرتبطة بالتنشئة الاجتماعية.
ويؤكد د. حمد " بأن هناك دراسات أثبتت بأن الشخص المعنّف سيقوم بتعنيف غيره, لأن هذا العنف أصبح مخزون في العقل الباطن, فعندما يتم استفزازه يخرج هذه الانفعالات وقد ظهر هذا من خلال دراسات على طلبة الجامعات, حيث أثبتت الدراسات أن الطلبة يرفضون العنف, ولكنهم يمارسونه, وإن دل هذا على أمر فإنما يدل على أن هذا العنف غريزة تغذيها عوامل داخلية وخارجية.
عنف المرأة
أما الأخصائية النفسية في برنامج غزة للصحة النفسية هالة السراج, فقد عرفت العنف بأنه:"أي فعل عنيف موجه ضد المرأة فقط لكونها امرأة, وهو إما فعل أو تهديد بالفعل, وينجم عنه أذى جسماني أو نفسي أو اجتماعي".
وفي إجابة لها حول سؤال يتعلق بسبب اقتران العنف الموجه نحو المرأة بالرجل, مع أن المرأة قد تعنَّف من بنات جنسها أيضاً, أجابت السراج:" أن عنف المرأة لبنات جنسها موجود, ولكن ارتباط صفة الرجل بهذا العنف كان بسبب أنه الأكثر ممارسة له ,والأعنف والأشد ضرراً, وهو ما نشهده في مجتمعنا من خلال النساء المعنّفات".
وأكملت السراج قائلةً :"العنف هو ظاهرة, وحسب آخر دراسة فإن 60% من نساء العينة كن يتعرضن للعنف من قبل الرجل, ولكن ظروف الانتفاضة والبطالة والفقر زادت النسبة."
وصنفت السراج العنف إلى: عنف جسدي بآلات حادة, والعنف الجنسي وهو بالاعتداءات والتحرشات الجنسية, والعنف اللفظي, والعنف الاقتصادي, كالحرمان من الميراث ومصادرة دخل المرأة, والعنف الاجتماعي وذلك بالحد من حركتها الاجتماعية ومنعها من تكوين علاقات اجتماعية أو استكمال مسيرتها التعليمية, وأخيراً العنف السياسي كما هو ملاحظ في النزاعات والاقتتال الداخلي وعنف جيش الاحتلال.
مشكلات بيئية ....مشكلات اقتصادية
وأرجعت السراج أسباب العنف إلى البطالة التي تؤدي للإحباط , لافتةً النظر إلى مشكلة الزواج المبكر, وعدم التكافؤ بين الزوجين حيث تنشب النزاعات بتدخلات الأهل المسلطة من فروع العائلة الكبيرة , إضافة إلى الأسباب البيئية فالمشكلات البيئية تضغط على الإنسان, كالازدحام وضعف الخدمات ومشكلة السكن, وزيادة السكان, كل ذلك يؤدي إلى إحباط الفرد, مع الظروف الاقتصادية الصعبة كالخلل المادي الذي يواجه الفرد والأسرة, والتضخم الاقتصادي المنعكس من المستوى المعيشي والمتمثل في ارتفاع الأسعار وصعوبة الحصول على لقمة العيش, إضافة إلى توظيف مفاهيم الدين بشكل خاطئ وادعاء الرجل بأنه يمارس نوعا ًمن التربية , وتجاهل الأهل مشاكل ابنتهم المعنفة.
واستغربت قائلة ً:"مجتمعنا يسمح لثقافة العنف بالبقاء على الرغم مما ينتج عنه من آثار نفسية كالانطواء وعدم الثقة بالنفس, وتساءلت عن سبب عدم احترام القانون ورجال القانون للمرأة المعنّفة, واستهتارهم بها وعدم الاستماع الجاد لمعاناتها, وهذا بدوره يعزز القبلية والعشائرية.!!
ورأت السراج أن تستّر المرأة على العنف الموجه لها من قبل الرجل هو تستّر إجباري من أجل الأسرة, والحفاظ على أبنائها ,إضافة إلى أن المجتمع قد شرعن الضرب وصار ثقافة عامة بسبب عدم مساندة الأهل للمرأة المعنفة .
ظاهرة عالمية ...جريمة شنعاء
المحامي عدنان الحجار من مركز الميزان لحقوق الإنسان وصف ظاهرة العنف بالعالمية قائلاً:" لا تقتصر الظاهرة على مجتمع دولة منفردة أو على طبقة دون الأخرى , ولا تنتشر فقط بين أحزمة الفقر بل تعم كل المجتمعات ولكن بمستويات متنوعة "
وكشف الحجار عن إحصائيات بحثية ما بين1-1-2003 حتى 28-11-2005 بأن عدد القتلى بلغ 163, وعدد الجرحى 1097, أما القتلى من الأطفال بلغ 30, في حين الجرحى منهم 146, وذلك خلال حوادث الانفلات الأمني والعنف الداخلي.
وأوضح الحجار أن جذور العنف كامنة وتبدو مظاهرها فيما تقاسيه المرأة من التمييز, الذي يمارس ضدها أي حرمانها من المساواة مع الرجل في كافة مجالات الحياة ودروبها.
وحول مساهمة الحكومات والسلطات في تدعيم مظاهر العنف يقول الحجار :" قد تأخذ الأسباب نظاماً أوسع, ودائرة أكبر عندما يصبح بيد السلطات العليا الحاكمة سن القوانين التي تعنف المرأة أو تأييد القوانين لصالح من يقوم بتعنيفها(الرجل ) أو (المجتمع ) و عدم نصرتها عندما تمد يدها لطلب العون منهم".
وفيما يتعلق بحادث مقتل وإصابة الأختين فتنة ودولت عسّاف في مدينة رام الله, اكتفى بوصفها جريمة شنعاء معللاً عدم تعليق المركز على هذه الحادثة كون الجريمة وقعت في الضفة الغربية أي خارج نطاق عمل المركز والذي ينحصر فقط في قطاع غزة.
الحلقة الأضعف
أما الباحثة هالة مناع في مركز شؤون المرأة أوضحت بأن هناك معارضات وضغوط مورست عليهم, كون المركز اعتبر العنف ضد المرأة ظاهرة اجتماعية وأنهم يبالغون في الطرح, معللين ذلك بأن المجتمع الفلسطيني أفضل حالاً من غيره!! غير أن مناع قالت بأن الحالات المعنفة بلغت 30%لذا فهي تستحق الدراسة, وتحتاج إلى الطرح الجريء, وقالت أن عنف المرأة لبنات جنسها هو في الأساس نتاج لتعنيف الرجل لها, وأضافت أن المرأة هي الحلقة الأضعف في المجتمع الفلسطيني, وتحملت النتائج الأعظم من جرائم الاحتلال, فهي المتلقي الأول للآثار السلبية لهذا العنف.
وعرضت مناع جملة من النتائج التي توصل لها المركز في دراسة أجريت على مناطق محافظات غزة التي بينت بان واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض للعنف النفسي والإيذاء اللفظي بما في ذلك السب والتحقير, وواحدة من كل عشر نساء تتعرض للعنف والإيذاء الاجتماعي, كما أن امرأة من كل امرأتين ما زال العنف يحدث معهن أثناء إجراء الدراسة, وترى أن هذه النسبة مرتفعة ويجب أن تدق أجراس الإنذار للفت انتباه المشرعين والسلطات التنفيذية لضرورة التدخل, ووضع سياسات وإجراءات تساهم في الحد من ظاهرة العنف.
وتقول مناع أن المركز يضم صوته لمراكز شؤون المرأة في الضفة الغربية للتنديد بما أصاب المربيات الفاضلات فتنة ودولت عسّاف, ولكن ما يمنعنا من التعليق على هذا الحادث كون الضحيتين لما تكونوا المقصودتين بالقتل وان الجريمة وقعت من اجل السرقة وليس الغرض منها تعذيب الأختين.
سبل علاجية
وللحد من ظاهرة العنف وإيجاد السبل العلاجية, يرى الدكتور جهاد حمد أنه من الممكن الحد من ظاهرة العنف باعتباره مشكلة إنسانية ويمكن ذلك من خلال العمل في مستوى المؤسسات الرسمية وغير الرسمية, لكننا لا نستطيع القضاء عليه بشكل كامل وذلك عبر التوجه لدور الإرشاد والتوجيه, والأخصائيين النفسيين, وألا تقوم المرأة المعنفة بالتستر وان يتم تفعيل دور مراكز الشرطة ومؤسسات العمل الاجتماعي.
وأضاف موجباً أن :" تهتم المؤسسات المعنية بموضوع العنف اهتماماً جدياً وعقلانياً وليس شكلياً, وذلك عبر توعية أفراد المجتمع,وأن تتحمل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والأحزاب السياسية هذه المهمة ."
إضافة لضرورة إجراء دراسات علمية وحقيقية ودراسة أسباب العنف وطرق علاجه, وأن تعمم على كل المناطق وأن يتم الاهتمام بالشخص المعنف والعمل على دمجه في المجتمع وذلك عبر عمليات التأهيل , وإعادة الثقة لنفسه ,وتوكيد الذات ولكن ذلك يحتاج لفترة طويلة.
التوحد مع المعتدي !!
أما الأخصائية النفسية هالة السراج بينت لنا علاقة وحلقة الربط بين عنف الاحتلال وظاهرة العنف المتفشية في المجتمع الفلسطيني وهو ما يسمى" بالتوحد مع العدو" أي التوحد مع سلوك الجندي المحتل , وللحد من هذه الظاهرة أوصت السراج بضرورة التربية الصحيحة للأجيال الصاعدة, وضرورة سن قانون يمنع الزواج المبكر, وتفعيل دور رجال القانون والشرطة, والأطباء, وإكسابهم الخبرة حول آليات استقبال والاستماع للمرأة المعنفة,مشيرة إلى دور فاعل للسلطة يمكنها القيام به, منبهة لأهمية توعية الأطفال في المدارس وجيل الشباب.
قانون الأحوال الشخصية
أمّا المحامي عدنان الحجار فقد طالب بضرورة تطوير قانون الأحوال الشخصية, وربطه بأحكام الشريعة الإسلامية, خاصة وان الإسلام كرّم المرأة, منتقداً غياب دور الفصائل والأحزاب وإهمالها للقضايا الاجتماعية الحساسة, والتركيز فقط على كل ما هو سياسي.
أمّا السيدة هالة مناع فقالت:" لا توجد حلول سحرية لحل هذه الظاهرة, لأن مجتمعنا بطيء الحركة, لذلك نحن نحتاج إلى خطة منهجية عبر الورشات وحملات التوعية والعمل على قانون الأحوال الشخصية وخلق الكوادر الشبابية ليتولوا بدورهم نشر الوعي" مطالبة ًالنساء برفض العنف, والاستفادة من الانتخابات التشريعية في إثبات الذات, مستغربة غياب دور مراكز حقوق المرأة التي فشلت في إحداث أي تغيير ايجابي في وضع المرأة الفلسطينية منذ 12 عاماً.
ظاهرة العنف ضد المرأة ظاهرة نشأت مع البشر, ولعلنا اليوم لا نجد فارقا ًكبيراً مع العصر الجاهلي, الذي كانت فيه المرأة تباع وتشترى ويتم وأد الأنثى وهي حية لمجرد أنها أنثى, فلا نتوقع أن حل هذه الظاهرة أو علاجها سيكون بقرارات أو قوانين وحسب, إنما هو بعيد عن الرؤية العلمية الواقعية وخطط منهجية بعيدة المدى, من أجل القضاء على مسبباته والمفاهيم الدافعة له والحيلولة دون تفشيه, حتى لا تصبح هذه الظاهرة وباءاً سلوكياً يقضي على فرص حقوق الإنسان إذ لا يجوز البقاء في ظل الصور التقليدية بطرح هذه الظاهرة والتعليق عليها والاقتصار على الشجب والتنديد.
فمن الأجدى أن تطور المراكز البحثية والمهتمة بحقوق الإنسان, وتلك الجماعات والجمعيات وقوى المجتمع المدني لأن ترسخ مبدأ العدالة الاجتماعية, والقيمة الإنسانية ,وتحدد آلياتها مستفيدة من الدعم العالمي لتشمل المناصرة لقضايا الإنسان كل الفئات عامة, والمرأة بشكل خاص.
فظاهرة العنف هي إحدى صور هذه المظاهر مهددة المنجزات المعرفية التي حققها الإنسان خلال قرون , خاصة عندما يتم تسليطه على (المرأة) لاستضعافها في المجتمع.
فقد اقترن العنف بالرجل ولكن هل تقتصر هذه الظاهرة عليه وحده أم يجب الأخذ بعين الاعتبار العنف الموجه من النساء لبنات جنسها ؟
ممارسات خاطئة
الدكتور جهاد حمد أستاذ علم الاجتماع المساعد في جامعة الأزهر وخبير حل النزاعات يحدد مفهوم العنف, بأنه مجموعة ممارسات يقوم بها رجل أو طرف من الأطراف الممارسة للعنف ,قد تكون امرأة أو جماعة وهو يأخذ أشكال عديدة, فإما أن يكون نفسياً من اجل التقليل من قيمة الإنسان ,أو جسدياً مثل الضرب المبرح الذي يترك علامات على جسد المعنف, لذلك فالعنف ظاهرة موجودة ولكنها تفتقر للدراسات والمعلومات والاهتمام من قبل أجهزة الشرطة ومؤسسات المجتمع المدني لكشف أنواع العنف الاجتماعي والجنسي.
أوضح د. حمد أن العنف مرتبط بالغريزة الإنسانية, وقد شهدت الخليقة منذ بدايتها أول جريمة قتل بين الأخوين قابيل وهابيل مبينا ًأسباب العنف بأنها إما ذاتية ,أو شخصية, أو خارجية فهناك العنف العائلي وما تشهده الأسر من مشاحنات وخلافات بين أفرادها, وعدم توفر المال وصعوبة الأوضاع الاقتصادية, والبطالة والفقر, إضافة للجوانب النفسية المتعلقة بانعدام الاحترام المتبادل وعدم تفهم الرجل لحاجات المرأة النفسية.
ويرتبط العنف" بجينات بيولوجية"تتعلق بالتكوين الجسدي للإنسان, وأن هذه الجينات تحتاج لتوجيه طبي للتخفيف من حدتها, إضافة إلى عوامل أخرى مرتبطة بالتنشئة الاجتماعية.
ويؤكد د. حمد " بأن هناك دراسات أثبتت بأن الشخص المعنّف سيقوم بتعنيف غيره, لأن هذا العنف أصبح مخزون في العقل الباطن, فعندما يتم استفزازه يخرج هذه الانفعالات وقد ظهر هذا من خلال دراسات على طلبة الجامعات, حيث أثبتت الدراسات أن الطلبة يرفضون العنف, ولكنهم يمارسونه, وإن دل هذا على أمر فإنما يدل على أن هذا العنف غريزة تغذيها عوامل داخلية وخارجية.
عنف المرأة
أما الأخصائية النفسية في برنامج غزة للصحة النفسية هالة السراج, فقد عرفت العنف بأنه:"أي فعل عنيف موجه ضد المرأة فقط لكونها امرأة, وهو إما فعل أو تهديد بالفعل, وينجم عنه أذى جسماني أو نفسي أو اجتماعي".
وفي إجابة لها حول سؤال يتعلق بسبب اقتران العنف الموجه نحو المرأة بالرجل, مع أن المرأة قد تعنَّف من بنات جنسها أيضاً, أجابت السراج:" أن عنف المرأة لبنات جنسها موجود, ولكن ارتباط صفة الرجل بهذا العنف كان بسبب أنه الأكثر ممارسة له ,والأعنف والأشد ضرراً, وهو ما نشهده في مجتمعنا من خلال النساء المعنّفات".
وأكملت السراج قائلةً :"العنف هو ظاهرة, وحسب آخر دراسة فإن 60% من نساء العينة كن يتعرضن للعنف من قبل الرجل, ولكن ظروف الانتفاضة والبطالة والفقر زادت النسبة."
وصنفت السراج العنف إلى: عنف جسدي بآلات حادة, والعنف الجنسي وهو بالاعتداءات والتحرشات الجنسية, والعنف اللفظي, والعنف الاقتصادي, كالحرمان من الميراث ومصادرة دخل المرأة, والعنف الاجتماعي وذلك بالحد من حركتها الاجتماعية ومنعها من تكوين علاقات اجتماعية أو استكمال مسيرتها التعليمية, وأخيراً العنف السياسي كما هو ملاحظ في النزاعات والاقتتال الداخلي وعنف جيش الاحتلال.
مشكلات بيئية ....مشكلات اقتصادية
وأرجعت السراج أسباب العنف إلى البطالة التي تؤدي للإحباط , لافتةً النظر إلى مشكلة الزواج المبكر, وعدم التكافؤ بين الزوجين حيث تنشب النزاعات بتدخلات الأهل المسلطة من فروع العائلة الكبيرة , إضافة إلى الأسباب البيئية فالمشكلات البيئية تضغط على الإنسان, كالازدحام وضعف الخدمات ومشكلة السكن, وزيادة السكان, كل ذلك يؤدي إلى إحباط الفرد, مع الظروف الاقتصادية الصعبة كالخلل المادي الذي يواجه الفرد والأسرة, والتضخم الاقتصادي المنعكس من المستوى المعيشي والمتمثل في ارتفاع الأسعار وصعوبة الحصول على لقمة العيش, إضافة إلى توظيف مفاهيم الدين بشكل خاطئ وادعاء الرجل بأنه يمارس نوعا ًمن التربية , وتجاهل الأهل مشاكل ابنتهم المعنفة.
واستغربت قائلة ً:"مجتمعنا يسمح لثقافة العنف بالبقاء على الرغم مما ينتج عنه من آثار نفسية كالانطواء وعدم الثقة بالنفس, وتساءلت عن سبب عدم احترام القانون ورجال القانون للمرأة المعنّفة, واستهتارهم بها وعدم الاستماع الجاد لمعاناتها, وهذا بدوره يعزز القبلية والعشائرية.!!
ورأت السراج أن تستّر المرأة على العنف الموجه لها من قبل الرجل هو تستّر إجباري من أجل الأسرة, والحفاظ على أبنائها ,إضافة إلى أن المجتمع قد شرعن الضرب وصار ثقافة عامة بسبب عدم مساندة الأهل للمرأة المعنفة .
ظاهرة عالمية ...جريمة شنعاء
المحامي عدنان الحجار من مركز الميزان لحقوق الإنسان وصف ظاهرة العنف بالعالمية قائلاً:" لا تقتصر الظاهرة على مجتمع دولة منفردة أو على طبقة دون الأخرى , ولا تنتشر فقط بين أحزمة الفقر بل تعم كل المجتمعات ولكن بمستويات متنوعة "
وكشف الحجار عن إحصائيات بحثية ما بين1-1-2003 حتى 28-11-2005 بأن عدد القتلى بلغ 163, وعدد الجرحى 1097, أما القتلى من الأطفال بلغ 30, في حين الجرحى منهم 146, وذلك خلال حوادث الانفلات الأمني والعنف الداخلي.
وأوضح الحجار أن جذور العنف كامنة وتبدو مظاهرها فيما تقاسيه المرأة من التمييز, الذي يمارس ضدها أي حرمانها من المساواة مع الرجل في كافة مجالات الحياة ودروبها.
وحول مساهمة الحكومات والسلطات في تدعيم مظاهر العنف يقول الحجار :" قد تأخذ الأسباب نظاماً أوسع, ودائرة أكبر عندما يصبح بيد السلطات العليا الحاكمة سن القوانين التي تعنف المرأة أو تأييد القوانين لصالح من يقوم بتعنيفها(الرجل ) أو (المجتمع ) و عدم نصرتها عندما تمد يدها لطلب العون منهم".
وفيما يتعلق بحادث مقتل وإصابة الأختين فتنة ودولت عسّاف في مدينة رام الله, اكتفى بوصفها جريمة شنعاء معللاً عدم تعليق المركز على هذه الحادثة كون الجريمة وقعت في الضفة الغربية أي خارج نطاق عمل المركز والذي ينحصر فقط في قطاع غزة.
الحلقة الأضعف
أما الباحثة هالة مناع في مركز شؤون المرأة أوضحت بأن هناك معارضات وضغوط مورست عليهم, كون المركز اعتبر العنف ضد المرأة ظاهرة اجتماعية وأنهم يبالغون في الطرح, معللين ذلك بأن المجتمع الفلسطيني أفضل حالاً من غيره!! غير أن مناع قالت بأن الحالات المعنفة بلغت 30%لذا فهي تستحق الدراسة, وتحتاج إلى الطرح الجريء, وقالت أن عنف المرأة لبنات جنسها هو في الأساس نتاج لتعنيف الرجل لها, وأضافت أن المرأة هي الحلقة الأضعف في المجتمع الفلسطيني, وتحملت النتائج الأعظم من جرائم الاحتلال, فهي المتلقي الأول للآثار السلبية لهذا العنف.
وعرضت مناع جملة من النتائج التي توصل لها المركز في دراسة أجريت على مناطق محافظات غزة التي بينت بان واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض للعنف النفسي والإيذاء اللفظي بما في ذلك السب والتحقير, وواحدة من كل عشر نساء تتعرض للعنف والإيذاء الاجتماعي, كما أن امرأة من كل امرأتين ما زال العنف يحدث معهن أثناء إجراء الدراسة, وترى أن هذه النسبة مرتفعة ويجب أن تدق أجراس الإنذار للفت انتباه المشرعين والسلطات التنفيذية لضرورة التدخل, ووضع سياسات وإجراءات تساهم في الحد من ظاهرة العنف.
وتقول مناع أن المركز يضم صوته لمراكز شؤون المرأة في الضفة الغربية للتنديد بما أصاب المربيات الفاضلات فتنة ودولت عسّاف, ولكن ما يمنعنا من التعليق على هذا الحادث كون الضحيتين لما تكونوا المقصودتين بالقتل وان الجريمة وقعت من اجل السرقة وليس الغرض منها تعذيب الأختين.
سبل علاجية
وللحد من ظاهرة العنف وإيجاد السبل العلاجية, يرى الدكتور جهاد حمد أنه من الممكن الحد من ظاهرة العنف باعتباره مشكلة إنسانية ويمكن ذلك من خلال العمل في مستوى المؤسسات الرسمية وغير الرسمية, لكننا لا نستطيع القضاء عليه بشكل كامل وذلك عبر التوجه لدور الإرشاد والتوجيه, والأخصائيين النفسيين, وألا تقوم المرأة المعنفة بالتستر وان يتم تفعيل دور مراكز الشرطة ومؤسسات العمل الاجتماعي.
وأضاف موجباً أن :" تهتم المؤسسات المعنية بموضوع العنف اهتماماً جدياً وعقلانياً وليس شكلياً, وذلك عبر توعية أفراد المجتمع,وأن تتحمل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والأحزاب السياسية هذه المهمة ."
إضافة لضرورة إجراء دراسات علمية وحقيقية ودراسة أسباب العنف وطرق علاجه, وأن تعمم على كل المناطق وأن يتم الاهتمام بالشخص المعنف والعمل على دمجه في المجتمع وذلك عبر عمليات التأهيل , وإعادة الثقة لنفسه ,وتوكيد الذات ولكن ذلك يحتاج لفترة طويلة.
التوحد مع المعتدي !!
أما الأخصائية النفسية هالة السراج بينت لنا علاقة وحلقة الربط بين عنف الاحتلال وظاهرة العنف المتفشية في المجتمع الفلسطيني وهو ما يسمى" بالتوحد مع العدو" أي التوحد مع سلوك الجندي المحتل , وللحد من هذه الظاهرة أوصت السراج بضرورة التربية الصحيحة للأجيال الصاعدة, وضرورة سن قانون يمنع الزواج المبكر, وتفعيل دور رجال القانون والشرطة, والأطباء, وإكسابهم الخبرة حول آليات استقبال والاستماع للمرأة المعنفة,مشيرة إلى دور فاعل للسلطة يمكنها القيام به, منبهة لأهمية توعية الأطفال في المدارس وجيل الشباب.
قانون الأحوال الشخصية
أمّا المحامي عدنان الحجار فقد طالب بضرورة تطوير قانون الأحوال الشخصية, وربطه بأحكام الشريعة الإسلامية, خاصة وان الإسلام كرّم المرأة, منتقداً غياب دور الفصائل والأحزاب وإهمالها للقضايا الاجتماعية الحساسة, والتركيز فقط على كل ما هو سياسي.
أمّا السيدة هالة مناع فقالت:" لا توجد حلول سحرية لحل هذه الظاهرة, لأن مجتمعنا بطيء الحركة, لذلك نحن نحتاج إلى خطة منهجية عبر الورشات وحملات التوعية والعمل على قانون الأحوال الشخصية وخلق الكوادر الشبابية ليتولوا بدورهم نشر الوعي" مطالبة ًالنساء برفض العنف, والاستفادة من الانتخابات التشريعية في إثبات الذات, مستغربة غياب دور مراكز حقوق المرأة التي فشلت في إحداث أي تغيير ايجابي في وضع المرأة الفلسطينية منذ 12 عاماً.
ظاهرة العنف ضد المرأة ظاهرة نشأت مع البشر, ولعلنا اليوم لا نجد فارقا ًكبيراً مع العصر الجاهلي, الذي كانت فيه المرأة تباع وتشترى ويتم وأد الأنثى وهي حية لمجرد أنها أنثى, فلا نتوقع أن حل هذه الظاهرة أو علاجها سيكون بقرارات أو قوانين وحسب, إنما هو بعيد عن الرؤية العلمية الواقعية وخطط منهجية بعيدة المدى, من أجل القضاء على مسبباته والمفاهيم الدافعة له والحيلولة دون تفشيه, حتى لا تصبح هذه الظاهرة وباءاً سلوكياً يقضي على فرص حقوق الإنسان إذ لا يجوز البقاء في ظل الصور التقليدية بطرح هذه الظاهرة والتعليق عليها والاقتصار على الشجب والتنديد.
فمن الأجدى أن تطور المراكز البحثية والمهتمة بحقوق الإنسان, وتلك الجماعات والجمعيات وقوى المجتمع المدني لأن ترسخ مبدأ العدالة الاجتماعية, والقيمة الإنسانية ,وتحدد آلياتها مستفيدة من الدعم العالمي لتشمل المناصرة لقضايا الإنسان كل الفئات عامة, والمرأة بشكل خاص.
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007