الشهيد عاطف بسيسو..ذكريات ومذكرات
بقلم:عبدالله عيسى
في الثمانينات طلبت من الشهيد القائد أبو أياد ملفات أمنية لنشرها وكنت اسمع قصصا من رجالات الثورة الفلسطينية عن الحرب السرية بين أجهزة أمن منظمة التحرير الفلسطينية والموساد الإسرائيلي .فقررت أن اكتب في هذا المجال ولاسيما انه صدر لي مؤلفات عديدة في مجال الكتابة البوليسية أي في عالم الجريمة.
وافق الشهيد أبو أياد وقال لي :"عليك بعاطف بسيسو".
فقلت انتهى الموضوع وغدا أراه واحصل على أحد الملفات ..وهذا الغد استغرق تقريبا اقل من عام بقليل حتى قال لي ذات يوم:"هذا ملف مهم أقراه واكتب القصة وانصحك أن لا تكتب باسمك الحقيقي وارجو أن تعرض علي المادة قبل نشرها". ارتحت لحصولي على الملف الأمني ولكنني تململت من حكاية عرض الموضوع عليه قبل النشر وغالبا لا التزم بهذا الشرط ..ولكن وبعد أن قرأت الملف وجدت فيه حلقات مفقودة فاضطررت لعرضه عليه .
ذهبت إليه واعطيته المادة فوعدني بقراءتها فقلت :"أرجوك أن لا تتأخر في قراءتها".فضحك وقال:"لن أتأخر يومين واعطيك رأيي ".قلت له الآن أصبحت اعرف اليومين ..أخشى أن تأخذ الأمور عاما آخر".فقال :"لا تقلق".
وفعلا وبعد يومين اتصلت به فقال :"تفضل أنا جاهز".واذكر إنني ذهبت إلى منزله ليلا وجلسنا ساعات ووجدته قد كتب ملاحظات كثيرة وبادرني بالقول:"القصة التي قرأتها تصلح كرواية بوليسية جميلة ولكنا ليست قصة مخابراتية ..عليك أن تدرك يا صديقي إن هذه المواضيع يقراها أناس عاديون واناس متخصصون أي رجال مخابرات وقصتك بها ثغرات أمنية عديدة ونسيت أن أخبرك أن الملف ليس كاملا وسأروى لك بقية القصة وأنت تكتب".
واخذ يوضح لي الثغرات ويروي لي تفاصيل أخرى لم تكن مكتوبة في الملف لم يخرج عن إطار أحداث القصة ولكنه أوضح أمورا لم اكن اعرفها ..واستغرقت كتابة ومراجعة القصة الأولى فترة من الزمن التقيت خلالها عاطف بسيسو ساعات طويلة مرات في منزله واحيانا في مكتبه واماكن أخرى ..مواعيد غريبة جدا كنت اغضب من تصرفاته وذات مرة قلت له :"بصراحه أنا لاافهم لماذا تتصرف بهذا الشكل تتأخر عن المواعيد وأحيانا لاتاتي بالمرة".فقال لي:"يا صديقي لا تغضب أنت إنسان ثقة ولكن قد ترصد تحركاتك جهة ما لتصل الي وهذا سلوك تعودت عليه مع كل الناس ولو لم افعل هذا لقتلت على يد الموساد منذ زمن".
أصدرت الكتاب الأول "الجاسوس المدلل" وتبعه كتب أخرى بإطار سلسلة بعنوان:"من ملفات المخابرات الفلسطينية" وحتى عاطف استغرب من التسمية وقال لي :"ولكننا لسنا مخابرات إننا أجهزة أمن الثورة" فقلت له"ستكون هذه الأجهزة مخابرات على ارض الوطن وأنا احب أن نتصرف بناء على الهدف وليس الوضع الراهن".
وبعد عشرين عاما كتبت خلالها الكثير من الدراسات الأمنية والقصص والكتب واعترف الآن بان الشهيد عاطف كان وما زال أستاذي ومعلمي وانه كان خبرة فلسطينية كبيرة فقدناها باغتياله في حزيران 1992 .
وبعد نشر القصة الأولى قلت له ما رأيك أن انشر مذكراتك..فصمت ثم قال:"لا مانع لدي وان كنت لا أستطيع أن أقول كل شيء ولا تستطيع أن تنشر كل شيء".
وبدأت بتسجيل مذكراته في جلسة أولى بحضور الصديق الذي كان من مساعديه وهو الآن ضابط كبير ومهم في المخابرات الفلسطينية ذكرته في مؤلفاتي الأمنية باسم :"أبو محمد" ويحب حتى الآن أن أناديه بهذا الاسم .
ولم أتمكن من تسجيل بقية المذكرات وفي نهاية المطاف قال لي :"لقد تحدثت معك بأمور الأمن الفلسطيني خارج إطار القصص المنشورة اعتبر ما حدثتك به جزء من المذكرات ".
وبعد استشهاده فكرت بكتابة مذكرات الشهيد عاطف ولكنها لم تكن كاملة حتى عدنا إلى ارض الوطن .
br />
فتفرغت للموضوع وبدأت بلقاءات مع ضباط المخابرات الفلسطينية تلاميذ أبو اياد وابو الهول وعاطف ..وقلت لتكن البداية مع أبو محمد فزرته في منزله في غزة ورحب بفكرة الكتاب واثنى على الموضوع ثناءا كبيرا وختم الثناء بقوله أنا لا أستطيع أن أساعدك بشيء.قلت له :"أنت كنت من المقربين جدا منه وحضرت معي تسجيل المذكرات ".قال :"نعم واشهد بذلك فهل تستطيع نشر كل ما سمعته منه ..إن كنت تستطيع سأروى لك ما تريد".
واكملت رحلة بحث متعبة حتى خرج كتاب رجل الظل للنور وكان اصعب كتاب كتبته على الإطلاق استغرق وقتا طويلا وعانيت معاناة شديدة لانه كلما بدأت الكتابة تذكرت عاطف بسيسو فيعتصرني الألم والحزن.كان عاطف بسيسو مناضلا فلسطينيا وكفاءة أمنية مشهود لها تخرج من مدرسة الشهيد القائد أبو اياد .وكان جريئا في مواجهة المواقف الداخلية والخارجية لم تقتصر مهمته على الأمن فقط بل حارب مظاهر الفساد الداخلية في الخارج .قال عنه رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بعد استشهاده:"بحثت في ملفه فوجدته اسود من السواد نفسه ولم أجد كلمة خير واحدة أقولها بحقه". وقال لي شقيقه عاهد في غزة :"استشهد وفي حسابه في البنك العربي بتونس خمسة الاف دولار هي كل ما كان يمتلكه في هذه الدنيا الفانية وكنت قد حولتها له قبل عشرة أيام من استشهاده".
قصة الشهيد عاطف قصة مناضل فلسطيني عاش ومات من اجل فلسطين.غاب الشهيد عاطف وبقيت مدرسة أبو اياد وابو الهول وعاطف في وجدان شعبنا .
بقلم:عبدالله عيسى
في الثمانينات طلبت من الشهيد القائد أبو أياد ملفات أمنية لنشرها وكنت اسمع قصصا من رجالات الثورة الفلسطينية عن الحرب السرية بين أجهزة أمن منظمة التحرير الفلسطينية والموساد الإسرائيلي .فقررت أن اكتب في هذا المجال ولاسيما انه صدر لي مؤلفات عديدة في مجال الكتابة البوليسية أي في عالم الجريمة.
وافق الشهيد أبو أياد وقال لي :"عليك بعاطف بسيسو".
فقلت انتهى الموضوع وغدا أراه واحصل على أحد الملفات ..وهذا الغد استغرق تقريبا اقل من عام بقليل حتى قال لي ذات يوم:"هذا ملف مهم أقراه واكتب القصة وانصحك أن لا تكتب باسمك الحقيقي وارجو أن تعرض علي المادة قبل نشرها". ارتحت لحصولي على الملف الأمني ولكنني تململت من حكاية عرض الموضوع عليه قبل النشر وغالبا لا التزم بهذا الشرط ..ولكن وبعد أن قرأت الملف وجدت فيه حلقات مفقودة فاضطررت لعرضه عليه .
ذهبت إليه واعطيته المادة فوعدني بقراءتها فقلت :"أرجوك أن لا تتأخر في قراءتها".فضحك وقال:"لن أتأخر يومين واعطيك رأيي ".قلت له الآن أصبحت اعرف اليومين ..أخشى أن تأخذ الأمور عاما آخر".فقال :"لا تقلق".
وفعلا وبعد يومين اتصلت به فقال :"تفضل أنا جاهز".واذكر إنني ذهبت إلى منزله ليلا وجلسنا ساعات ووجدته قد كتب ملاحظات كثيرة وبادرني بالقول:"القصة التي قرأتها تصلح كرواية بوليسية جميلة ولكنا ليست قصة مخابراتية ..عليك أن تدرك يا صديقي إن هذه المواضيع يقراها أناس عاديون واناس متخصصون أي رجال مخابرات وقصتك بها ثغرات أمنية عديدة ونسيت أن أخبرك أن الملف ليس كاملا وسأروى لك بقية القصة وأنت تكتب".
واخذ يوضح لي الثغرات ويروي لي تفاصيل أخرى لم تكن مكتوبة في الملف لم يخرج عن إطار أحداث القصة ولكنه أوضح أمورا لم اكن اعرفها ..واستغرقت كتابة ومراجعة القصة الأولى فترة من الزمن التقيت خلالها عاطف بسيسو ساعات طويلة مرات في منزله واحيانا في مكتبه واماكن أخرى ..مواعيد غريبة جدا كنت اغضب من تصرفاته وذات مرة قلت له :"بصراحه أنا لاافهم لماذا تتصرف بهذا الشكل تتأخر عن المواعيد وأحيانا لاتاتي بالمرة".فقال لي:"يا صديقي لا تغضب أنت إنسان ثقة ولكن قد ترصد تحركاتك جهة ما لتصل الي وهذا سلوك تعودت عليه مع كل الناس ولو لم افعل هذا لقتلت على يد الموساد منذ زمن".
أصدرت الكتاب الأول "الجاسوس المدلل" وتبعه كتب أخرى بإطار سلسلة بعنوان:"من ملفات المخابرات الفلسطينية" وحتى عاطف استغرب من التسمية وقال لي :"ولكننا لسنا مخابرات إننا أجهزة أمن الثورة" فقلت له"ستكون هذه الأجهزة مخابرات على ارض الوطن وأنا احب أن نتصرف بناء على الهدف وليس الوضع الراهن".
وبعد عشرين عاما كتبت خلالها الكثير من الدراسات الأمنية والقصص والكتب واعترف الآن بان الشهيد عاطف كان وما زال أستاذي ومعلمي وانه كان خبرة فلسطينية كبيرة فقدناها باغتياله في حزيران 1992 .
وبعد نشر القصة الأولى قلت له ما رأيك أن انشر مذكراتك..فصمت ثم قال:"لا مانع لدي وان كنت لا أستطيع أن أقول كل شيء ولا تستطيع أن تنشر كل شيء".
وبدأت بتسجيل مذكراته في جلسة أولى بحضور الصديق الذي كان من مساعديه وهو الآن ضابط كبير ومهم في المخابرات الفلسطينية ذكرته في مؤلفاتي الأمنية باسم :"أبو محمد" ويحب حتى الآن أن أناديه بهذا الاسم .
ولم أتمكن من تسجيل بقية المذكرات وفي نهاية المطاف قال لي :"لقد تحدثت معك بأمور الأمن الفلسطيني خارج إطار القصص المنشورة اعتبر ما حدثتك به جزء من المذكرات ".
وبعد استشهاده فكرت بكتابة مذكرات الشهيد عاطف ولكنها لم تكن كاملة حتى عدنا إلى ارض الوطن .
br />
فتفرغت للموضوع وبدأت بلقاءات مع ضباط المخابرات الفلسطينية تلاميذ أبو اياد وابو الهول وعاطف ..وقلت لتكن البداية مع أبو محمد فزرته في منزله في غزة ورحب بفكرة الكتاب واثنى على الموضوع ثناءا كبيرا وختم الثناء بقوله أنا لا أستطيع أن أساعدك بشيء.قلت له :"أنت كنت من المقربين جدا منه وحضرت معي تسجيل المذكرات ".قال :"نعم واشهد بذلك فهل تستطيع نشر كل ما سمعته منه ..إن كنت تستطيع سأروى لك ما تريد".
واكملت رحلة بحث متعبة حتى خرج كتاب رجل الظل للنور وكان اصعب كتاب كتبته على الإطلاق استغرق وقتا طويلا وعانيت معاناة شديدة لانه كلما بدأت الكتابة تذكرت عاطف بسيسو فيعتصرني الألم والحزن.كان عاطف بسيسو مناضلا فلسطينيا وكفاءة أمنية مشهود لها تخرج من مدرسة الشهيد القائد أبو اياد .وكان جريئا في مواجهة المواقف الداخلية والخارجية لم تقتصر مهمته على الأمن فقط بل حارب مظاهر الفساد الداخلية في الخارج .قال عنه رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بعد استشهاده:"بحثت في ملفه فوجدته اسود من السواد نفسه ولم أجد كلمة خير واحدة أقولها بحقه". وقال لي شقيقه عاهد في غزة :"استشهد وفي حسابه في البنك العربي بتونس خمسة الاف دولار هي كل ما كان يمتلكه في هذه الدنيا الفانية وكنت قد حولتها له قبل عشرة أيام من استشهاده".
قصة الشهيد عاطف قصة مناضل فلسطيني عاش ومات من اجل فلسطين.غاب الشهيد عاطف وبقيت مدرسة أبو اياد وابو الهول وعاطف في وجدان شعبنا .
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007