ما أن انتصرت المقاومة الإسلامية في لبنان في 24 أيار عام 2000 محققة أول انتصار تاريخي كبير.. منذ وجد الكيان الصهيوني على أرض فلسطين في قلب عالمنا العربي والإسلامي عام 1948 حتى اندلعت انتفاضة الأقصى في الأرض التي بارك الله سبحانه ما فيها ومن فيها وما حولها ومن حولها وذلك بتاريخ 28 أيلول عام 2000 أي بفارق زمني لم يتعدّ الأشهر الأربعة. وحيث شخصت أنظار الملايين في العالمين العربي والإسلامي نحو الحدثين الهامين ولم تنفك مشدودة تتابع تسارع واتساع المواجهات والعمليات النوعية والعطاءات السخية المنبعثة من حبات القلب والروح والدم.. فالمعادلات الجديدة التي فرضتها المقاومة والانتفاضة أحدثت انقلاباً في الصورة بعد مرور خمسين عاماً على قيام الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين.. تاركة الحلف الصهيوني الأميركي في حالة من الهلع والعجز والإرباك...
ومع التخبط الذريع، كانت عملية -السور الواقي- التي أطلقت فيها يد شارون -رمز الإرهاب والجريمة- بقرار ضمن صمت الحكام وحصار الحدود ولجم القرار الدولي..
وكان أن اجتيحت الضفة .. بهدف كسر الإرادات التي أبت إلا أن تتعملق أكثر في جنين، في الأم الرمز، في الاستشهاديات، في الصغار والكبار، في الرجال والنساء.. وحيث فلسطين مجدداً تأبى إلا أن تكون التعبير الحيّ لأمة حية وترفض ان تذل..
غير أن ما يهمنا هنا، بعد النهوض العارم الذي شهده الشارع العربي والإسلامي هو دورنا في عملية ترسيخ الحسم النفسي والعملي في مقاومة التطبيع.. في مقابل ما يروج له الحكام من انفتاح وتطبيع رسمي..
لكن وقبل الحديث عن فعالية مقاومة التطبيع على هذا الصعيد لا بد من المرور على نقاط نقف فيها على مفهوم التطبيع وما ينطوي عليه من مضمون وأخطار..
تعريف التطبيع:
التطبيع لغوياً هو العودة بالأشياء إلى سابق عهدها وطبيعتها.. وفي الصراع العربي الصهيوني يقصد به الاستسلام غير المشروط للأمر الواقع والاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب للأرض كدولة ذات سيادة وتحويل علاقات الصراع بينها وبين البلدان العربية والإسلامية إلى علاقات طبيعية وآليات الصراع إلى آليات تطبيع.. وبالتالي التخلي عن مشروع الأمة والانصياع لخدمة المشروع الصهيوني.
يقول الصهيوني -شيمون شامير- في محاضرة ألقيت في جامعة "تل أبيب" "إن مصطلح التطبيع هو مفهوم غير عادي، ففي معاهدات السلام التي تنظم العلاقات بين الدول، لا يتكلم عادة عن التطبيع، والمفهوم الشامل عن التطبيع إنما هو من مبتكرات الصراع العربي الإسرائيلي. وقد نشأ من عدم التناسق في النزاع، ومن ان مضمون اتفاق السلام مع بلد عربي يأتي -كما نتوقع نحن الإسرائيليين- بمنافع محدودة للغاية في مقابل شيء من العرب -اعتراف، قبول استعداد للحياة في سلام معنا- والصعوبات في عدم التناسق هذا تمت ترجمتها في مفهوم التطبيع".
أما كلمة التطبيع فقد شرعت مع اتفاقيات -كامب ديفيد- المشؤومة. التي وقعت في 17 أيلول/سبتمبر عام 1978 حيث وردت عبارة علاقات عادية أو طبيعية.. والمقصود إنهاء حال المقاطعة.. التي انتهت بقرار رسمي في شباط عام 1980.
وهكذا حل مفهوم مقاومة التطبيع في مصر بدل مفهوم المقاطعة. لأن المقاطعة فقدت الأساس القانوني الذي كانت تستند إليه.. وبالتالي باتت مقاومة التطبيع محصورة في التحرك الشعبي في مواجهة حركة التطبيع الرسمي الذي فرضته معاهدات الحكام التي تتالت، والتي لم تكن إلا خيطاً في نسيج متكامل يهدف إلى إخضاع المنطقة كلياً واستثمارها سياسياً واقتصادياً...
التطبيع في ميزان استراتيجية العدو الصهيوني تجاه المنطقة:
جوهر التطبيع -كما مرّ- هو إحداث تغيير على الجانب العربي والإسلامي .. على أن يبدأ هذا التغيير بالتسليم بوجود "إسرائيل" كدولة يهودية في المنطقة.. ويمتد إلى تقييد قدرات العالم العربي العسكرية وتغيير معتقداته السياسية.. وإعادة صياغة شبكة علاقاته.. إضافة إلى تحقيق مطالب أمنية وإقليمية.. وصولاً إلى تغيير المواقف تجاه هذا الكيان.. بصورة جذرية.
وبقدر ما يبدو التطبيع في ذاته هدفاً من أهداف الاستراتيجية الصهيونية لتحقيق أهداف العدو في المنطقة فإنه أيضا يعد أداة من أدواتها في العمل، ويتكامل مع أدوات العمل الأخرى من عسكرية ودبلوماسية.. فالعمل العسكري مهما كانت طاقاته وقدراته يبقى عاجزاً عن تحقيق جزء هام من الأهداف الحيوية للحركة الصهيونية.
فهو مثلاً عاجز عن تحقيق إدماج "إسرائيل" في المنطقة، وعاجز عن تلبية احتياجاتها المنظورة لمصادر المياه، كما أنه عاجز عن تلبية احتياجات النمو الاقتصادي، وهذا ما تتكفل به الاستراتيجية الإسرائيلية للتطبيع.
عقبات أمام التطبيع:
يقول الكاتب الصهيوني ألوف هارايفن إن هناك أربع عقبات صعبة أمام التطبيع وأهمها الموقف الثقافي والعقائدي للعرب وللإسلام تجاه "إسرائيل" واليهود، والحل يستدعي الاعتماد والارتكاز على ضرورة وجود برامج مركبة في المجال التعليمي الثقافي.. بهدف تفتيت الملامح السلبية للجانب الآخر، وأن تقام برامج ذات موقف متزن ايجابي، وأحد الأسس الحيوية لبرنامج كهذا هو الفحص الشامل والتغيير الكامل للبرامج التعليمية ولكل ما في المدارس.
المضمون الثقافي لمشروع التطبيع الصهيوني:
يمثل التطبيع الثقافي الدعامة الرئيسية للتطبيع بشكل عام من وجهة نظر الكيان الصهيوني اذ المطلوب ببساطة نزع العداء من العقل العربي استكمالاً لمحاولة نزع السلاح من اليد العربية، وهي المهمة التي يتكفل بها التطبيع السياسي الأمني.
وهذه المهمة لدى الصهيوني ليست بالمهمة المستحيلة.. بل هي ممكنة.. وكل عقدة عندهم لها حلها..
فإذا كانت مناهج التربية والتعليم تحض على الكراهية فإنه يمكن تغييرها لتشيع قيم السلام.
وموقف الإسلام من اليهود أيضا له حله، فإذا كانت "المفاهيم السلبية" تسود الدين الإسلامي فيمكن إزالتها.. ولذا ورد في تفاصيل تلك الاتفاقيات ـ سواء كامب ديفيد أو وادي عربة ـ انه لا يجوز لأجهزة الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية إضافة إلى الكتب المدرسية ـ في هذين النظامين تداول الآيات القرآنية التي تحمل ذماً لليهود.
وفي مؤتمر التسامح الذي عقد قبل سنتين ونصف في المغرب العربي قال ديفيد ليفي وزير خارجية العدو حينها انه "من اجل أن يقوم التسامح بيننا وبين العرب والمسلمين فلا بد من استئصال جذور الإرهاب، وإن من جذور الإرهاب سورة البقرة من القرآن..".
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007