واحد و سبعون عاما علي ميلاده وستة وثلاثون عاما علي استشهاده غسان كنفاني.. المثقف الرمز
واحد و سبعون عاما علي ميلاده و36 عاما علي استشهاده غسان كنفاني.. المثقف الرمز أراد الاحتلال الإسرائيلي تغييب قلمه بالاغتيال فصنعوا رمزا لكل المثقفين الثوريين بدأ حياته العملية مدرسا للتربية الفنية في مدارس وكالة غوث اللاجئين ثم عمل في الصحافة والأدب.
معظم أبطال قصصه أطفال وصبية عرفوا معني تحمل المسئولية والكفاح من أجل إعالة أسرهم «استلهم غسان كنفاني مأساة الشعب الفلسطيني في معظم ما أبدع في الأدب والسياسة والعمل العام والصحفي والسياسي، لم يكتب إلا مأساة شعبه وواقعهم المر، الاقتلاع والشتات داخل المخيمات والمنافي البعيدة، تناول نضالهم المضني وتضحياتهم المتواصلة، وأملهم في تحرير الأرض والعودة من الشتات».يمثل «غسان كنفاني» حالة فريدة ونادرة في الواقع الثقافي العربي، مبدعا اصيلا، لم يتخل يوما عن قناعاته وانتمائه، ولم يتخل عن دور المثقف النضالي المشارك في المعركة من أجل تقويض دعائم الاستعمار، كنفاني الأديب الذي يحقق المتعة من قراءة أعماله كقيمة إنسانية وجمالية، دون أن يتخلي يوما عن الواقع.كفاح غسان كنفاني استمر حتي اللحظة الأخير من عمره القصير في الكفاح الذي يزرع الأمل في الصحراء القاحلة، حين اختطفه الموت، بعد أن تمكن الموساد الإسرائيلي من تفجير سيارته في بيروت، صباح 8 يوليو 197، كان غسان الذي عاش ـ مثل صديقه «ناجي العلي» ـ خضم صراع متصل، لم يفقد الأمل لحظة واحدة. أعماله الأدبية صادقة وقوية كطلقة الرصاص، معبرة عن الواقع ومتوجهة إلي كل من يقرأ في العالم ليعرف حقيقة المحتل والغاصب، غسان وعي الدرس مبكرا
ـ كما يقول الناقد غالي شكري رحمة الله ـ فأصبح اغتياله رمزا، هذا الرمز مازال شجرة وارفة تظلل المثقفين الثوريين وتهديهم إلي أهمية الدور الذي ينبغي فعله، وتعلم المناضلين طريق الخلاص، هذا الرمز مازال حيا علي أكثر من صعيد، يمنح أملا جديدا في صحراء التية والزلة والهزيمة، إن العدو الوحش وكل الطغاة، يخاف من القلم الجميل والصادق والموهبة الفاتنة التي تعبر بصدق عن ضراوة الواقع وتعري المحتل، لذا صار غسان كنفاني حالة ثقافية شعبية، احتجت الشعوب خرجت مظاهرة هنا مسيرة هناك، وخرج المثقفون المصريون حزنا وأسي علي رفيق القلم والحلم والرمز الذي اختار أن يبقي مع الشعب الشهيد والأرض المغتصبة، اغتالت إسرائيل غسان كنفاني الجسد الفاني وصنعت غسان الرمز الذي لا يموت.
ولد غسان كنفاني في عكا عام 1936، عاش طفولته في يافا وإضطر للخروج منها كما خرج آلاف الفلسطينيين بعد نكبة 1948، إثر وقوع مذابح متكررة ضد العرب، منها مذبحة «دير ياسين» التي وقعت يوم عيد ميلاد غسان الثاني عشر، من يومها انقطع عن الاحتفال بميلاده، عاش غسان كنفاني فترة في جنوب لبنان، ثم انتقل مع عائلته إلي دمشق وفيها أكمل دراسته الثانوية والتحق بكلية الآداب جامعة دمشق، إلا إنه انقطع عن الدراسة بعد السنة الثانية.
الأديب المناضل انخرط غسان كنفاني في النضال الوطني منتميا إلي «القوميين العرب» وبدأ حياته العملية مدرسا للتربية الفنية في مدارس وكالة الغوث اللاجئين، ثم عمل في الكويت مدرسا للرسم والرياضية، في تلك الفترة عام 1956 تقريبا بدأ العمل في الصحافة وكتابة القصة القصيرة، ثم عاد إلي بيروت واستقر فيها عام 1960، وتفرغ للعمل الصحفي: محررا أدبيا في مجلة «الحرية» ثم رئيسا لتحرير «المحرر» ومحررا في «الأنوار والحوادث»، وأسس عام 1969 مجلة «الهدف» ظل رئيسا لتحريرها إلي يوم استشهاده بعد انفجار لغم في سيارته، وقتلت معه ابنة شقيقته «لميس نجم» صبية ذات ستة عشر ربيعا.يمثل غسان كنفاني مثالا خالصا للفلسطيني المناضل، ونموذجا للكاتب والسياسي مبدعا وناقدا، فكتب ثلاث مجموعات قصصية وثلاث روايات، نشر مجموعته القصصية الأولي «موت السرير رقم 11» عام 1961، ثم توالت أعماله الأدبية: «أرض البرتقال الحزين» عام 196، في العام التالي نشر روايته المهمة «رجال في الشمس» التي قدمها المخرج الكبير «توفيق صالح» باسم «المخدوعون»، وفي عام 1965 نشر مجموعته الثالثة «عالم ليس لنا» وفي العام التالي نشر رواية «ما تبقي لنا» التي قدمت في السينما باسم «سكين». كتب كنفاني مسرحية واحدة هي «القبعة والبني» عام 1967، له روايتان لم يمهله القدر علي اكمالهما هما «العاشق» التي بدأ كتابتها عام 1966، و«برقوق نيسان» الذي بدأ كتابتها في عام اغتياله، كتب إلي جانب ذلك مجموعة من الدراسات النقدية والسياسية والفكرية.ولإنه فنان صادق موهوب، قدم معاناة الإنسان الراغب في الحرية والانفلات من طوق المنفي والاقتلاع والشتات، رسم غسان كنفاني محنة الفلسطيني من مصيره المحدد سلفا في دائرة من مرسومة مركزها الاقتلاع والمخيمات في أرضه وفي الشتات.
معظم أبطال قصص «غسان كنفاني» أطفال أو صبية علي نحو غالب، عرفوا معني تحمل المسئولية وعرفوا معني الرجولة مبكرا، عرفوا قيمة العمل لإعالة أسرهم ككيان اجتماعي ساعين إلي الحياة بحد الأدني من العيش بكرامة، حملوا هؤلاء الأطفال السلاح دفاعا عن وجودهم وحقهم المغتصب وكيانهم المسلوب، أبطال غسان كنفاني لم يعرفوا يوما لهو الأطفال في مثل عمرهم، لكن البراءة والتطلع إلي المشروع العادل والمتواصل في سبيل الحصول علي الحق، لم يفارقهم لحظة، في رواية «رجال في الشمس» تعادل فقد الوطن والأرض بفقدان الرجولة والكرامة.
حياة الفقراءفي قصة «الصغير يذهب إلي المخيم» يصف الكاتب لحظات بسيطة ويومية في لحظة يسميها الراوي زمن الحرب والاشتباك، أسرة كبيرة العدد، أكثر من ثمانية عشر شخصا من أجيال مختلفة، يعيشون تحت سقف واحد، يتقاتلون من أجل اقتسام لقمة العيش، يعمل طفلان من تلك العائلة بجمع فضلات السوق من خضار وفاكهة، ويحملان يوميا سلة كبيرة وسط معاناة يومية، ذات يوم وجد أحد الطفلين خمس ليرات تحت أقدام عسكري، قام هذا الطفل بمغامرة ـ كما هو مغامر دائما ـ تمكن من الانفلات من العسكري وعجلات الشاحنات، ويعرض في البيت للضرب والتهديد أو تحت إلحاح الحاجة من قبيل شراء رطلين لحم أو قميص جديد أو ثمن علبة دواء، كان هذا الطفل يعبر يوميا بين الطلقتين أو تحت عجلات الحاملات لكي يحصل علي قوت أسرته، فقد المبلغ بعد حادثة كاد أن يموت تحت عجلات إحدي الحافلات.
أراد أن يقول غسان كنفاني إن حياة الفقراء في المخيمات وكفاحهم المضني من أجل القوت مغامرة تعادل مغامرة الدخول في الحروب.في قصة «هدية العيد» يعود الراوي إلي ذكريات نكبة 1948، يذكره بها رنين هاتف في صباح باكر يخبره أنهم جمعوا ألعابا للأطفال يرغبون إيصالها إلي النازحين في المخيمات في أيام العيد، يعيش الراوي ذكريات طفولته عام 1949 والصليب الأحمر يوزع عليهم هدايا العيد، قطع الراوي مسافات طويلة في طريق مظلم وموحل سقطت قدماه في اللهب حتي وصل إلي مركز الصليب الأحمر مع مئات من الأطفال في طابور طويل، ناولته ممرضة علبة حمراء مزينة، عاد إلي البيت دون أن يفتحها، لم يجد في اللعبة حلما أو لعبة، وجد علبة حساء من مسحوق العدس، ويعزف غسان في قصة «البنادق في المخيم» لحنا عن رجل سيء المزاج من قلة العمل وضيق ذات اليد، أدمن الكحول وأساء معاملة زوجته، الذي عالجه من محنته الإنسانية وجعله ينسجم مع نفسه وواقعه، هو ابنه الصغير الذي يتدرب علي حمل السلاح وابنه الكبير مع الفدائيين في الأغوار، ابناه أعادا إليه بعضا من روحه، وتغيرت نظرته إلي زوجته وبدأ ينظر إليها بإجلال وحب، ويقول للناس في المخيم «هذه المرأة تلد الأولاد... فيصيروا فدائيين..
هي تخلف وفلسطين تأخذ» أليس هذا هو جوهر وحكمة المقاومة الفلسطينية عبر تاريخها.لم يكتف «غسان كنفاني» السياسي والروائي عن مأسي شعبه في المنافي والشتات بل أمتد الحديث عن آفة إنسانية ورغبة إلي الديمقراطية، في قصة قصيرة شديدة الدلالة كان «كنفاني» قد استقاها من التراث الشعبي وصاغها في شكل طليعي، لأن الهم الإنساني مشترك عبر العصور، هي عزل الوالي عن الرعية، الملك في قصة «القنديل الصغير» أوصي أن يتولي العرش الأميرة بعد أن تحضر الشمس إلي القصر، عبثا حاولت أن تحضر الشمس، وفشلت في كل مرة، وأتاها عجوز حكيم يحمل قنديلا صغيرا، رفض الحراس دخوله القصر رغم، الحاحه المستمر وقال للحراس، «قولوا لها إنه إذا لم يكن بوسع إنسان عجوز أن يدخل إلي القصر، فكيف تطمع أن تدخل الشمس إليها» هذا وجدت المخرج من أزمتها، بعد أن اعياها البحث عن السؤال، في اليوم التالي جمعت كل الرجال الذين يحملون القناديل ووسعت أبواب القصر وهدمت الأسوار لكي يدخل الناس إلي القصر، في تلك اللحظة دخلت الشمس إلي القصر توجت الأميرة ملكة علي البلاد.غسان كنفاني المثقف والسياسي الرمز الباقي لكل المناضلين والأدباء والمهمومين بالوطن مازالت مؤسسة «كنفاني» التي تديرها السيدة «آني كنفاني» رفيقة دربه تهتم بالتنمية والمهارات البشرية والفنية وغرس الجمال والمحبة إلي أطفال فلسطين في الشتات، غسان الذي مر في أبريل الماضي 71 عاما علي ميلاده في صمت يبلغ هذه الأيام 36 عاما علي استشهاده.. غسان سلاما حيث كنت.
واحد و سبعون عاما علي ميلاده و36 عاما علي استشهاده غسان كنفاني.. المثقف الرمز أراد الاحتلال الإسرائيلي تغييب قلمه بالاغتيال فصنعوا رمزا لكل المثقفين الثوريين بدأ حياته العملية مدرسا للتربية الفنية في مدارس وكالة غوث اللاجئين ثم عمل في الصحافة والأدب.
معظم أبطال قصصه أطفال وصبية عرفوا معني تحمل المسئولية والكفاح من أجل إعالة أسرهم «استلهم غسان كنفاني مأساة الشعب الفلسطيني في معظم ما أبدع في الأدب والسياسة والعمل العام والصحفي والسياسي، لم يكتب إلا مأساة شعبه وواقعهم المر، الاقتلاع والشتات داخل المخيمات والمنافي البعيدة، تناول نضالهم المضني وتضحياتهم المتواصلة، وأملهم في تحرير الأرض والعودة من الشتات».يمثل «غسان كنفاني» حالة فريدة ونادرة في الواقع الثقافي العربي، مبدعا اصيلا، لم يتخل يوما عن قناعاته وانتمائه، ولم يتخل عن دور المثقف النضالي المشارك في المعركة من أجل تقويض دعائم الاستعمار، كنفاني الأديب الذي يحقق المتعة من قراءة أعماله كقيمة إنسانية وجمالية، دون أن يتخلي يوما عن الواقع.كفاح غسان كنفاني استمر حتي اللحظة الأخير من عمره القصير في الكفاح الذي يزرع الأمل في الصحراء القاحلة، حين اختطفه الموت، بعد أن تمكن الموساد الإسرائيلي من تفجير سيارته في بيروت، صباح 8 يوليو 197، كان غسان الذي عاش ـ مثل صديقه «ناجي العلي» ـ خضم صراع متصل، لم يفقد الأمل لحظة واحدة. أعماله الأدبية صادقة وقوية كطلقة الرصاص، معبرة عن الواقع ومتوجهة إلي كل من يقرأ في العالم ليعرف حقيقة المحتل والغاصب، غسان وعي الدرس مبكرا
ـ كما يقول الناقد غالي شكري رحمة الله ـ فأصبح اغتياله رمزا، هذا الرمز مازال شجرة وارفة تظلل المثقفين الثوريين وتهديهم إلي أهمية الدور الذي ينبغي فعله، وتعلم المناضلين طريق الخلاص، هذا الرمز مازال حيا علي أكثر من صعيد، يمنح أملا جديدا في صحراء التية والزلة والهزيمة، إن العدو الوحش وكل الطغاة، يخاف من القلم الجميل والصادق والموهبة الفاتنة التي تعبر بصدق عن ضراوة الواقع وتعري المحتل، لذا صار غسان كنفاني حالة ثقافية شعبية، احتجت الشعوب خرجت مظاهرة هنا مسيرة هناك، وخرج المثقفون المصريون حزنا وأسي علي رفيق القلم والحلم والرمز الذي اختار أن يبقي مع الشعب الشهيد والأرض المغتصبة، اغتالت إسرائيل غسان كنفاني الجسد الفاني وصنعت غسان الرمز الذي لا يموت.
ولد غسان كنفاني في عكا عام 1936، عاش طفولته في يافا وإضطر للخروج منها كما خرج آلاف الفلسطينيين بعد نكبة 1948، إثر وقوع مذابح متكررة ضد العرب، منها مذبحة «دير ياسين» التي وقعت يوم عيد ميلاد غسان الثاني عشر، من يومها انقطع عن الاحتفال بميلاده، عاش غسان كنفاني فترة في جنوب لبنان، ثم انتقل مع عائلته إلي دمشق وفيها أكمل دراسته الثانوية والتحق بكلية الآداب جامعة دمشق، إلا إنه انقطع عن الدراسة بعد السنة الثانية.
الأديب المناضل انخرط غسان كنفاني في النضال الوطني منتميا إلي «القوميين العرب» وبدأ حياته العملية مدرسا للتربية الفنية في مدارس وكالة الغوث اللاجئين، ثم عمل في الكويت مدرسا للرسم والرياضية، في تلك الفترة عام 1956 تقريبا بدأ العمل في الصحافة وكتابة القصة القصيرة، ثم عاد إلي بيروت واستقر فيها عام 1960، وتفرغ للعمل الصحفي: محررا أدبيا في مجلة «الحرية» ثم رئيسا لتحرير «المحرر» ومحررا في «الأنوار والحوادث»، وأسس عام 1969 مجلة «الهدف» ظل رئيسا لتحريرها إلي يوم استشهاده بعد انفجار لغم في سيارته، وقتلت معه ابنة شقيقته «لميس نجم» صبية ذات ستة عشر ربيعا.يمثل غسان كنفاني مثالا خالصا للفلسطيني المناضل، ونموذجا للكاتب والسياسي مبدعا وناقدا، فكتب ثلاث مجموعات قصصية وثلاث روايات، نشر مجموعته القصصية الأولي «موت السرير رقم 11» عام 1961، ثم توالت أعماله الأدبية: «أرض البرتقال الحزين» عام 196، في العام التالي نشر روايته المهمة «رجال في الشمس» التي قدمها المخرج الكبير «توفيق صالح» باسم «المخدوعون»، وفي عام 1965 نشر مجموعته الثالثة «عالم ليس لنا» وفي العام التالي نشر رواية «ما تبقي لنا» التي قدمت في السينما باسم «سكين». كتب كنفاني مسرحية واحدة هي «القبعة والبني» عام 1967، له روايتان لم يمهله القدر علي اكمالهما هما «العاشق» التي بدأ كتابتها عام 1966، و«برقوق نيسان» الذي بدأ كتابتها في عام اغتياله، كتب إلي جانب ذلك مجموعة من الدراسات النقدية والسياسية والفكرية.ولإنه فنان صادق موهوب، قدم معاناة الإنسان الراغب في الحرية والانفلات من طوق المنفي والاقتلاع والشتات، رسم غسان كنفاني محنة الفلسطيني من مصيره المحدد سلفا في دائرة من مرسومة مركزها الاقتلاع والمخيمات في أرضه وفي الشتات.
معظم أبطال قصص «غسان كنفاني» أطفال أو صبية علي نحو غالب، عرفوا معني تحمل المسئولية وعرفوا معني الرجولة مبكرا، عرفوا قيمة العمل لإعالة أسرهم ككيان اجتماعي ساعين إلي الحياة بحد الأدني من العيش بكرامة، حملوا هؤلاء الأطفال السلاح دفاعا عن وجودهم وحقهم المغتصب وكيانهم المسلوب، أبطال غسان كنفاني لم يعرفوا يوما لهو الأطفال في مثل عمرهم، لكن البراءة والتطلع إلي المشروع العادل والمتواصل في سبيل الحصول علي الحق، لم يفارقهم لحظة، في رواية «رجال في الشمس» تعادل فقد الوطن والأرض بفقدان الرجولة والكرامة.
حياة الفقراءفي قصة «الصغير يذهب إلي المخيم» يصف الكاتب لحظات بسيطة ويومية في لحظة يسميها الراوي زمن الحرب والاشتباك، أسرة كبيرة العدد، أكثر من ثمانية عشر شخصا من أجيال مختلفة، يعيشون تحت سقف واحد، يتقاتلون من أجل اقتسام لقمة العيش، يعمل طفلان من تلك العائلة بجمع فضلات السوق من خضار وفاكهة، ويحملان يوميا سلة كبيرة وسط معاناة يومية، ذات يوم وجد أحد الطفلين خمس ليرات تحت أقدام عسكري، قام هذا الطفل بمغامرة ـ كما هو مغامر دائما ـ تمكن من الانفلات من العسكري وعجلات الشاحنات، ويعرض في البيت للضرب والتهديد أو تحت إلحاح الحاجة من قبيل شراء رطلين لحم أو قميص جديد أو ثمن علبة دواء، كان هذا الطفل يعبر يوميا بين الطلقتين أو تحت عجلات الحاملات لكي يحصل علي قوت أسرته، فقد المبلغ بعد حادثة كاد أن يموت تحت عجلات إحدي الحافلات.
أراد أن يقول غسان كنفاني إن حياة الفقراء في المخيمات وكفاحهم المضني من أجل القوت مغامرة تعادل مغامرة الدخول في الحروب.في قصة «هدية العيد» يعود الراوي إلي ذكريات نكبة 1948، يذكره بها رنين هاتف في صباح باكر يخبره أنهم جمعوا ألعابا للأطفال يرغبون إيصالها إلي النازحين في المخيمات في أيام العيد، يعيش الراوي ذكريات طفولته عام 1949 والصليب الأحمر يوزع عليهم هدايا العيد، قطع الراوي مسافات طويلة في طريق مظلم وموحل سقطت قدماه في اللهب حتي وصل إلي مركز الصليب الأحمر مع مئات من الأطفال في طابور طويل، ناولته ممرضة علبة حمراء مزينة، عاد إلي البيت دون أن يفتحها، لم يجد في اللعبة حلما أو لعبة، وجد علبة حساء من مسحوق العدس، ويعزف غسان في قصة «البنادق في المخيم» لحنا عن رجل سيء المزاج من قلة العمل وضيق ذات اليد، أدمن الكحول وأساء معاملة زوجته، الذي عالجه من محنته الإنسانية وجعله ينسجم مع نفسه وواقعه، هو ابنه الصغير الذي يتدرب علي حمل السلاح وابنه الكبير مع الفدائيين في الأغوار، ابناه أعادا إليه بعضا من روحه، وتغيرت نظرته إلي زوجته وبدأ ينظر إليها بإجلال وحب، ويقول للناس في المخيم «هذه المرأة تلد الأولاد... فيصيروا فدائيين..
هي تخلف وفلسطين تأخذ» أليس هذا هو جوهر وحكمة المقاومة الفلسطينية عبر تاريخها.لم يكتف «غسان كنفاني» السياسي والروائي عن مأسي شعبه في المنافي والشتات بل أمتد الحديث عن آفة إنسانية ورغبة إلي الديمقراطية، في قصة قصيرة شديدة الدلالة كان «كنفاني» قد استقاها من التراث الشعبي وصاغها في شكل طليعي، لأن الهم الإنساني مشترك عبر العصور، هي عزل الوالي عن الرعية، الملك في قصة «القنديل الصغير» أوصي أن يتولي العرش الأميرة بعد أن تحضر الشمس إلي القصر، عبثا حاولت أن تحضر الشمس، وفشلت في كل مرة، وأتاها عجوز حكيم يحمل قنديلا صغيرا، رفض الحراس دخوله القصر رغم، الحاحه المستمر وقال للحراس، «قولوا لها إنه إذا لم يكن بوسع إنسان عجوز أن يدخل إلي القصر، فكيف تطمع أن تدخل الشمس إليها» هذا وجدت المخرج من أزمتها، بعد أن اعياها البحث عن السؤال، في اليوم التالي جمعت كل الرجال الذين يحملون القناديل ووسعت أبواب القصر وهدمت الأسوار لكي يدخل الناس إلي القصر، في تلك اللحظة دخلت الشمس إلي القصر توجت الأميرة ملكة علي البلاد.غسان كنفاني المثقف والسياسي الرمز الباقي لكل المناضلين والأدباء والمهمومين بالوطن مازالت مؤسسة «كنفاني» التي تديرها السيدة «آني كنفاني» رفيقة دربه تهتم بالتنمية والمهارات البشرية والفنية وغرس الجمال والمحبة إلي أطفال فلسطين في الشتات، غسان الذي مر في أبريل الماضي 71 عاما علي ميلاده في صمت يبلغ هذه الأيام 36 عاما علي استشهاده.. غسان سلاما حيث كنت.
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007