تشيني.. جولة حرب لا جولة سلام
عبد الباري عطوان
24/03/2008
ان يؤكد ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي بأن ادارة بلاده لن تمارس اي ضغوط علي اسرائيل لتقديم تنازلات تتعارض مع مصالحها الأمنية، فهذا ليس مفاجئا، ولكن ما هو مفاجيء الحفاوة التي استقبل بها في الدول العربية التي زارها في جولته الحالية، وخاصة من قبل القيادة السعودية التي سلمته اعلي وشاح في الدولة.
فصداقة تشيني لاسرائيل معروفة ومعلنة، فالرجل كرّس كل حياته السياسية والوظيفية من اجل خدمتها، والسهر علي مصالحها وأمنها، فقد تزعم مجموعة المحافظين الجدد، ومعظمهم من اليهود انصار اسرائيل، الذين كانوا، وما زالوا، يقفون خلف الحروب الامريكية في العراق وافغانستان خدمة لاسرائيل، وتكريسا لها كقوة اقليمية عسكرية نووية عظمي في المنطقة، وتدميرا لبلد عربي شقيق وقتل مليون من ابنائه علي الاقل وتشريد خمسة ملايين آخرين، فهل هذه انجازات يستحق ان يكافأ عليها؟
تشيني يكره المسلمين، والعرب منهم تحديدا، ويحتقر الزعامات العربية، والنفطية من بينها بشكل خاص، ومن يقرأ كتاب الصحافي الامريكي الشهير بوب وودورد وخاصة كتابه عن حروب بوش والعلاقة بين اسرته والاسرة السعودية الحاكمة يجد الكثير من المعلومات التي تؤكد هذه الحقيقة.
زيارته الحالية للمنطقة هي زيارة للترويج للحرب وليست لها اي علاقة بجهود السلام. فالجانب المعلن غير الجانب الخفي، والتصريحات التي يدلي بها في مؤتمراته الصحافية تتناقض كليا مع مباحثاته مع الزعماء العرب الذين التقاهم في اجتماعات ثنائية في الغرف المغلقة.
تشيني جاء من اجل تهيئة المنطقة للحرب المقبلة ضد ايران وسورية وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية في الاراضي المحتلة، وتوزيع الأدوار علي الحلفاء، كل حسب امكانياته وموقعه، ولهذا اختار الدول التي زارها بعناية شديدة، فلم يكن من قبيل الصدفة ان يزور سلطنة عمان التي اسقطها الرئيس جورج بوش من جولته الاخيرة في المنطقة قبل شهرين، وان يعرّج علي المملكة العربية السعودية، ويختتم هذه الجولة بزيارة تركيا، بعد مباحثات مطولة مع ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي، وتوقف قصير في رام الله لذر الرماد في العيون.
زيارة سلطنة عمان تتعلق بموقعها الاستراتيجي في فم الخليج العربي، واطلالتها علي مضيق هرمز حيث يمر يوميا 18 مليون برميل من النفط، اي ما يعادل عشرين في المئة من الانتاج العالمي. ومن المعروف ان ايران هددت باغلاق هذا المضيق في حال تعرضها الي اي عدوان امريكي بسبب برنامجها النووي.
اما الرياض العاصمة السعودية فهي المحطة الاكثر اهمية في هذه الجولة بعد المحطة الاسرائيلية، فللسعودية دور مركزي في كل الحروب الامريكية في المنطقة، فقد لعبت دورا كبيرا في الغزو الامريكي للعراق قبل خمس سنوات، والحرب الامريكية ضد الارهاب ، واستضافت نصف مليون جندي امريكي في صيف عام 1990 تمهيدا لاخراج القوات العراقية من الكويت في حرب العراق الاولي.
ديك تشيني يريد من الحكومة السعودية ضخ كميات اضافية من النفط لتخفيض اسعاره، وتهدئة الاسواق العالمية لمساعدة الاقتصاد الامريكي في تقليص خسائره بعد مرحلة الانكماش التي دخلها مؤخرا، فهي الدولة الوحيدة المنتجة للنفط التي تستطيع زيادة انتاجها في العالم، بعد ان وصلت الدول الاخري، خاصة في الخليج مثل الكويت والامارات الي معدلات انتاجها القصوي، ولم يكن غريبا ان تتجاوب فورا مع طلبه وبعد يومين من زيارته وتتعهد بزيادة انتاجها النفطي.
وربما يفيد التذكير بان تشيني قام بجولة مماثلة، في اذار (مارس) عام 2002، في منطقة الخليج من اجل الهدف نفسه، اي قبل عام من الحرب علي العراق، ولم يكن من قبيل الصدفة ان جميع الدول التي زارها شاركت في هذه الحرب، وعملت علي ضخّ كميات اضافية من النفط نجحت في تخفيض الاسعار طول فترة الحرب وما بعدها.
ما زلنا نعتقد ان احتمالات الحرب الامريكية ضد ايران ما زالت اكبر من احتمالات الاكتفاء بالوسائل الدبلوماسية لتسوية مسألة برنامجها النووي، لان الاخيرة لم تعط ثمارها حتي الآن، وهناك عدة مؤشرات في هذا الخصوص نوجزها في النقاط التالية:
% اولا: تأكيـــــد تشيــني بعدم ممارسة اي ضغوط علي اسرائيل للاقدام علي خطوات تتعارض مع متطلـــبات امنها يصب في مصلحة الدور الاسرائيلي المحوري في اي حرب امريكية قادمة ضد ايران وسورية وحلفائهما من فصائل المقاومة. فالادارة الامريكية باتت في حاجة ماسة الي اسرائيل، وربما تكون مخلب قطها في استدراج ايران الي حرب من خلال افتعال معركة مع حزب الله في لبنان. وكانت زيارة شمعون بيريس ابو المفاعل النووي الاسرائيلي الي فرنسا ولقاؤه مع نيكولاي ساركوزي المحرض الاكبر علي ضرب ايران، علامة فارقة في هذا الخصوص، بالنظر الي التصريحات التي ادلي بها حول الخطر النووي الايراني علي اسرائيل واوروبا.
% ثانيا: بدء حملة تحريض اعلامية اوروبية علي ايران، من خلال تضخيم خطر برنامجها النووي علي اوروبا، فقد نشرت صحيفة صنداي تايمز البريطانية يوم امس تقريرا عن وجود وثائق تؤكد ان ايران تصنع رؤوسا نووية لتركيبها علي صواريخ (شهاب 3) البعيدة المدي القادرة علي الوصول الي عواصم اوروبية، علاوة علي اسرائيل. وهي نفس الصحيفة التي قالت ان صدام حسين علي بعد ستة اشهر من انتاج اسلحة نووية قبل حرب عام 1991 بشهر، واكدت وجود اسلحة دمار شامل في العراق قبل الغزو الاخير.
% ثالثا: الزيارات المكثفة التي تقوم بها شخصيات وقيادات غربية كبري الي اسرائيل لاظهار التضامن معها في مواجهة التهديدات الايرانية، فقبل تشيني زارتها السيدة انجيلا ميركل رئيسة وزراء المانيا التي اعتذرت عن جرائم النازية وبكت تأثرا من بشاعتها، وكذلك فعل جون ماكين المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الامريكية، ومن المتوقع ان يزورها الرئيس جورج بوش الابن للمرة الثانية في شهر ايار (مايو) المقبل للمشاركة في احتفالات مرور ستين عاما علي قيامها.
% رابعا: حالة التضييق التي يتعرض لها بعض ابناء الطائفة الشيعية في بعض الدول الخليجية تحسبا لتحولهم الي طابور خامس لصالح ايران في حال اندلاع الحرب، ومشاركة دول خليجية فيها، وما حدث في الكويت من التحقيق مع بعض النواب والشخصيات الشيعية البارزة بتهمة المشاركة في تأبين الراحل عماد مغنية هو احد الامثلة وربما قمة جبل الثلج في هذا الخصوص.
خامسا: جهود التهدئة التي تقوم بها الحكومة المصرية في قطاع غزة، ومحاولة ترتيب هدنة بين فصائل المقاومة واسرائيل تؤدي الي وقف اطلاق الصواريخ علي البلدات الاسرائيلية الجنوبية (سديروت وعسقلان) لتنفيس حالة الغليان في الشارع العربي، وتأجيل الاجتياح الاسرائيلي لقطاع غزة، الذي يمكن في حال حدوثه ان يفجر هذا الشارع. فجهود التهدئة المصرية هذه جاءت بايعاز مباشر من السيدة كوندوليزا رايس اثناء زيارتها الاخيرة للمنطقة.
سادسا: الضغوط المتعاظمة التي يتعرض لها الاعلام العربي، وقناة الجزيرة علي وجه الخصوص، واطلاق قنوات غربية ناطقة بالعربية، ووثيقة تنظيم الاعلام العربي والفضائي، خاصة التي اقرها وزراء الاعلام العرب للجم البرامج السياسية، وتجريم بعض الصحف والفضائيات، خطوة اساسية للتحكم بالشارع العربي وتضليله املا بالسيطرة علي ردود فعله في حال اندلاع الحرب.
سابعا: وجود بوارج حربية امريكية قبالة السواحل اللبنانية، واختراق الطائرات الاسرائيلية الأجواء السورية شمالا، وقصف مواقع قيل انها لمعامل نووية، فالبوارج الامريكية هذه مزودة بنظم دفاعية للتصدي لاي صواريخ ايرانية او من قبل حزب الله ضد اسرائيل. اما اختراق الأجواء السورية فالهدف هو اختبار الرادارات والأجهزة الدفاعية السورية في حال استخدام هذا الممر الجوي من قبل الطائرات الاسرائيلية، وربما الامريكية، لقصف اهداف ايرانية.
ثامنا: تركيا قد تلعب دورا مباشرا في اي هجوم امريكي علي ايران، فهي ضد اي مشروع نووي ايراني، وحليف قوي لواشنطن، فقد صمتت الاخيرة علي توغلاتها في شمال العراق الكردي، وزيارة تشيني لها تهدف الي ترتيب درع امريكي تركي مضاد للصواريخ.
تشيني هو مهندس كل الحروب الامريكية، وهو الرئيس الفعلي للولايات المتحدة الامريكية، وما يؤكد ذلك، ما قاله لي شخصيا زعيم عربي كبير التقيته قبل اربعة اشهر من الغزو الامريكي للعراق، حيث كان مرحبا بي من قبل بعض العواصم العربية في حينه، وكان عائدا لتوه من واشنطن، قال لي هذا الزعيم انه بعد لقائه مع الرئيس بوش، وتأكيده انه مع المشروع الامريكي في العراق، اوضح له الرئيس الامريكي انه سيعرف بالتفاصيل جميعها من تشيني نفسه حول كل ما يتعلق بالاحداث المقبلة ودور كل طرف فيها.
تري هل وضع تشيني خطط الحرب المقبلة امام الزعماء الذين التقاهم ووزع الأدوار بعناية فائقة، وما هو رد فعل هذه الدول علي خططه هذه، وهل فكرت مليا بما يمكن ان يلحق بها من جراء مجاراة المغامرات الدموية الامريكية هذه، وهل من قبيل الصدفة اسقاطه مصر من جولته الحالية، ومرور رئيسه بوش مرور الكرام بها، ولثلاث ساعات فقط اثناء جولته الاخيرة قبل شهرين؟
فلو كانت جولته الحالية من اجل السلام فقط، فهل يعقل ان يعفي اسرائيل من اي ضغوط ويبرر مجازرها ضد الفلسطينيين تحت ذريعة الدفاع عن النفس، ويدين الصواريخ البدائية المنطلقة من غزة ولا ينطق بكلمة عن ضحايا الغارات والتوغلات وعمليات التجويع والحصار الاسرائيلية لاهالي الضفة والقطاع؟
فكيف يتحدث تشيني عن دولة فلسطينية مستقلة تأخر قيامها وضرورة تقديم تنازلات مؤلمة من اجل الوصول اليها، بينما يؤكد ان ادارته لن تمارس اي ضغوط علي اسرائيل، ويرفض ان يدين الاستيطان، او حتي يذكره ولو من قبيل المجاملة لمضيفه الفلسطيني؟
انها جولة حرب، وليست جولة سلام، والعرب هم حتما وقودها وضحاياها، وشهّاد زورها، والخاسر الاكبر من جرائها، بعد ان تحولوا، للأسف، الي مطيّة لهذه الادارة الامريكية، وكل الادارات السابقة وربما اللاحقة ايضا.
عبد الباري عطوان
24/03/2008
ان يؤكد ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي بأن ادارة بلاده لن تمارس اي ضغوط علي اسرائيل لتقديم تنازلات تتعارض مع مصالحها الأمنية، فهذا ليس مفاجئا، ولكن ما هو مفاجيء الحفاوة التي استقبل بها في الدول العربية التي زارها في جولته الحالية، وخاصة من قبل القيادة السعودية التي سلمته اعلي وشاح في الدولة.
فصداقة تشيني لاسرائيل معروفة ومعلنة، فالرجل كرّس كل حياته السياسية والوظيفية من اجل خدمتها، والسهر علي مصالحها وأمنها، فقد تزعم مجموعة المحافظين الجدد، ومعظمهم من اليهود انصار اسرائيل، الذين كانوا، وما زالوا، يقفون خلف الحروب الامريكية في العراق وافغانستان خدمة لاسرائيل، وتكريسا لها كقوة اقليمية عسكرية نووية عظمي في المنطقة، وتدميرا لبلد عربي شقيق وقتل مليون من ابنائه علي الاقل وتشريد خمسة ملايين آخرين، فهل هذه انجازات يستحق ان يكافأ عليها؟
تشيني يكره المسلمين، والعرب منهم تحديدا، ويحتقر الزعامات العربية، والنفطية من بينها بشكل خاص، ومن يقرأ كتاب الصحافي الامريكي الشهير بوب وودورد وخاصة كتابه عن حروب بوش والعلاقة بين اسرته والاسرة السعودية الحاكمة يجد الكثير من المعلومات التي تؤكد هذه الحقيقة.
زيارته الحالية للمنطقة هي زيارة للترويج للحرب وليست لها اي علاقة بجهود السلام. فالجانب المعلن غير الجانب الخفي، والتصريحات التي يدلي بها في مؤتمراته الصحافية تتناقض كليا مع مباحثاته مع الزعماء العرب الذين التقاهم في اجتماعات ثنائية في الغرف المغلقة.
تشيني جاء من اجل تهيئة المنطقة للحرب المقبلة ضد ايران وسورية وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية في الاراضي المحتلة، وتوزيع الأدوار علي الحلفاء، كل حسب امكانياته وموقعه، ولهذا اختار الدول التي زارها بعناية شديدة، فلم يكن من قبيل الصدفة ان يزور سلطنة عمان التي اسقطها الرئيس جورج بوش من جولته الاخيرة في المنطقة قبل شهرين، وان يعرّج علي المملكة العربية السعودية، ويختتم هذه الجولة بزيارة تركيا، بعد مباحثات مطولة مع ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي، وتوقف قصير في رام الله لذر الرماد في العيون.
زيارة سلطنة عمان تتعلق بموقعها الاستراتيجي في فم الخليج العربي، واطلالتها علي مضيق هرمز حيث يمر يوميا 18 مليون برميل من النفط، اي ما يعادل عشرين في المئة من الانتاج العالمي. ومن المعروف ان ايران هددت باغلاق هذا المضيق في حال تعرضها الي اي عدوان امريكي بسبب برنامجها النووي.
اما الرياض العاصمة السعودية فهي المحطة الاكثر اهمية في هذه الجولة بعد المحطة الاسرائيلية، فللسعودية دور مركزي في كل الحروب الامريكية في المنطقة، فقد لعبت دورا كبيرا في الغزو الامريكي للعراق قبل خمس سنوات، والحرب الامريكية ضد الارهاب ، واستضافت نصف مليون جندي امريكي في صيف عام 1990 تمهيدا لاخراج القوات العراقية من الكويت في حرب العراق الاولي.
ديك تشيني يريد من الحكومة السعودية ضخ كميات اضافية من النفط لتخفيض اسعاره، وتهدئة الاسواق العالمية لمساعدة الاقتصاد الامريكي في تقليص خسائره بعد مرحلة الانكماش التي دخلها مؤخرا، فهي الدولة الوحيدة المنتجة للنفط التي تستطيع زيادة انتاجها في العالم، بعد ان وصلت الدول الاخري، خاصة في الخليج مثل الكويت والامارات الي معدلات انتاجها القصوي، ولم يكن غريبا ان تتجاوب فورا مع طلبه وبعد يومين من زيارته وتتعهد بزيادة انتاجها النفطي.
وربما يفيد التذكير بان تشيني قام بجولة مماثلة، في اذار (مارس) عام 2002، في منطقة الخليج من اجل الهدف نفسه، اي قبل عام من الحرب علي العراق، ولم يكن من قبيل الصدفة ان جميع الدول التي زارها شاركت في هذه الحرب، وعملت علي ضخّ كميات اضافية من النفط نجحت في تخفيض الاسعار طول فترة الحرب وما بعدها.
ما زلنا نعتقد ان احتمالات الحرب الامريكية ضد ايران ما زالت اكبر من احتمالات الاكتفاء بالوسائل الدبلوماسية لتسوية مسألة برنامجها النووي، لان الاخيرة لم تعط ثمارها حتي الآن، وهناك عدة مؤشرات في هذا الخصوص نوجزها في النقاط التالية:
% اولا: تأكيـــــد تشيــني بعدم ممارسة اي ضغوط علي اسرائيل للاقدام علي خطوات تتعارض مع متطلـــبات امنها يصب في مصلحة الدور الاسرائيلي المحوري في اي حرب امريكية قادمة ضد ايران وسورية وحلفائهما من فصائل المقاومة. فالادارة الامريكية باتت في حاجة ماسة الي اسرائيل، وربما تكون مخلب قطها في استدراج ايران الي حرب من خلال افتعال معركة مع حزب الله في لبنان. وكانت زيارة شمعون بيريس ابو المفاعل النووي الاسرائيلي الي فرنسا ولقاؤه مع نيكولاي ساركوزي المحرض الاكبر علي ضرب ايران، علامة فارقة في هذا الخصوص، بالنظر الي التصريحات التي ادلي بها حول الخطر النووي الايراني علي اسرائيل واوروبا.
% ثانيا: بدء حملة تحريض اعلامية اوروبية علي ايران، من خلال تضخيم خطر برنامجها النووي علي اوروبا، فقد نشرت صحيفة صنداي تايمز البريطانية يوم امس تقريرا عن وجود وثائق تؤكد ان ايران تصنع رؤوسا نووية لتركيبها علي صواريخ (شهاب 3) البعيدة المدي القادرة علي الوصول الي عواصم اوروبية، علاوة علي اسرائيل. وهي نفس الصحيفة التي قالت ان صدام حسين علي بعد ستة اشهر من انتاج اسلحة نووية قبل حرب عام 1991 بشهر، واكدت وجود اسلحة دمار شامل في العراق قبل الغزو الاخير.
% ثالثا: الزيارات المكثفة التي تقوم بها شخصيات وقيادات غربية كبري الي اسرائيل لاظهار التضامن معها في مواجهة التهديدات الايرانية، فقبل تشيني زارتها السيدة انجيلا ميركل رئيسة وزراء المانيا التي اعتذرت عن جرائم النازية وبكت تأثرا من بشاعتها، وكذلك فعل جون ماكين المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الامريكية، ومن المتوقع ان يزورها الرئيس جورج بوش الابن للمرة الثانية في شهر ايار (مايو) المقبل للمشاركة في احتفالات مرور ستين عاما علي قيامها.
% رابعا: حالة التضييق التي يتعرض لها بعض ابناء الطائفة الشيعية في بعض الدول الخليجية تحسبا لتحولهم الي طابور خامس لصالح ايران في حال اندلاع الحرب، ومشاركة دول خليجية فيها، وما حدث في الكويت من التحقيق مع بعض النواب والشخصيات الشيعية البارزة بتهمة المشاركة في تأبين الراحل عماد مغنية هو احد الامثلة وربما قمة جبل الثلج في هذا الخصوص.
خامسا: جهود التهدئة التي تقوم بها الحكومة المصرية في قطاع غزة، ومحاولة ترتيب هدنة بين فصائل المقاومة واسرائيل تؤدي الي وقف اطلاق الصواريخ علي البلدات الاسرائيلية الجنوبية (سديروت وعسقلان) لتنفيس حالة الغليان في الشارع العربي، وتأجيل الاجتياح الاسرائيلي لقطاع غزة، الذي يمكن في حال حدوثه ان يفجر هذا الشارع. فجهود التهدئة المصرية هذه جاءت بايعاز مباشر من السيدة كوندوليزا رايس اثناء زيارتها الاخيرة للمنطقة.
سادسا: الضغوط المتعاظمة التي يتعرض لها الاعلام العربي، وقناة الجزيرة علي وجه الخصوص، واطلاق قنوات غربية ناطقة بالعربية، ووثيقة تنظيم الاعلام العربي والفضائي، خاصة التي اقرها وزراء الاعلام العرب للجم البرامج السياسية، وتجريم بعض الصحف والفضائيات، خطوة اساسية للتحكم بالشارع العربي وتضليله املا بالسيطرة علي ردود فعله في حال اندلاع الحرب.
سابعا: وجود بوارج حربية امريكية قبالة السواحل اللبنانية، واختراق الطائرات الاسرائيلية الأجواء السورية شمالا، وقصف مواقع قيل انها لمعامل نووية، فالبوارج الامريكية هذه مزودة بنظم دفاعية للتصدي لاي صواريخ ايرانية او من قبل حزب الله ضد اسرائيل. اما اختراق الأجواء السورية فالهدف هو اختبار الرادارات والأجهزة الدفاعية السورية في حال استخدام هذا الممر الجوي من قبل الطائرات الاسرائيلية، وربما الامريكية، لقصف اهداف ايرانية.
ثامنا: تركيا قد تلعب دورا مباشرا في اي هجوم امريكي علي ايران، فهي ضد اي مشروع نووي ايراني، وحليف قوي لواشنطن، فقد صمتت الاخيرة علي توغلاتها في شمال العراق الكردي، وزيارة تشيني لها تهدف الي ترتيب درع امريكي تركي مضاد للصواريخ.
تشيني هو مهندس كل الحروب الامريكية، وهو الرئيس الفعلي للولايات المتحدة الامريكية، وما يؤكد ذلك، ما قاله لي شخصيا زعيم عربي كبير التقيته قبل اربعة اشهر من الغزو الامريكي للعراق، حيث كان مرحبا بي من قبل بعض العواصم العربية في حينه، وكان عائدا لتوه من واشنطن، قال لي هذا الزعيم انه بعد لقائه مع الرئيس بوش، وتأكيده انه مع المشروع الامريكي في العراق، اوضح له الرئيس الامريكي انه سيعرف بالتفاصيل جميعها من تشيني نفسه حول كل ما يتعلق بالاحداث المقبلة ودور كل طرف فيها.
تري هل وضع تشيني خطط الحرب المقبلة امام الزعماء الذين التقاهم ووزع الأدوار بعناية فائقة، وما هو رد فعل هذه الدول علي خططه هذه، وهل فكرت مليا بما يمكن ان يلحق بها من جراء مجاراة المغامرات الدموية الامريكية هذه، وهل من قبيل الصدفة اسقاطه مصر من جولته الحالية، ومرور رئيسه بوش مرور الكرام بها، ولثلاث ساعات فقط اثناء جولته الاخيرة قبل شهرين؟
فلو كانت جولته الحالية من اجل السلام فقط، فهل يعقل ان يعفي اسرائيل من اي ضغوط ويبرر مجازرها ضد الفلسطينيين تحت ذريعة الدفاع عن النفس، ويدين الصواريخ البدائية المنطلقة من غزة ولا ينطق بكلمة عن ضحايا الغارات والتوغلات وعمليات التجويع والحصار الاسرائيلية لاهالي الضفة والقطاع؟
فكيف يتحدث تشيني عن دولة فلسطينية مستقلة تأخر قيامها وضرورة تقديم تنازلات مؤلمة من اجل الوصول اليها، بينما يؤكد ان ادارته لن تمارس اي ضغوط علي اسرائيل، ويرفض ان يدين الاستيطان، او حتي يذكره ولو من قبيل المجاملة لمضيفه الفلسطيني؟
انها جولة حرب، وليست جولة سلام، والعرب هم حتما وقودها وضحاياها، وشهّاد زورها، والخاسر الاكبر من جرائها، بعد ان تحولوا، للأسف، الي مطيّة لهذه الادارة الامريكية، وكل الادارات السابقة وربما اللاحقة ايضا.
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007