الاعتراف بالدولة الفلسطينية مقدمة للاعتراف بإسرائيل
عمر المختار ونوس
الأحد, 24 يتموز 2011 17:27
خاص الآفق الاشتراكي- لقد اعترف النظام السوري ( الممانع ) بالدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية ضمن حدود 1967 , و قد جاء هذا الاعتراف في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها سوريا ضمن إطار المساومات التي يجريها النظام مع القوى الدولية و الإقليمية بهدف ضمان عدم إسقاط شرعيته في المحافل الدولية , و خصوصاً بعد ما تلقاه هذا النظام من ضغوطات دولية بحجة قمع شعبه .
بدأت هذه الضغوطات بالانقلاب الواضح في الموقف التركي و القطري من جهة , و الموقف الأوروبي و الأمريكي من جهة أخرى , بالإضافة إلى الموقف الإيراني المتعارض مع الموقف السوري في العراق .
رحبت السلطة الفلسطينية بالموقف السوري و اعتبرته خطوة هامة على طريق الاعتراف بدولة فلسطينية ذات سيادة , و قد تناست السلطة الفلسطينية أن النظام السوري يتعامل مع القضية الفلسطينية و كأنها ورقة للرهان أو الضغط على القوى الأخرى المناوئة للنظام إقليمياً و دولياً , و قد تجلى ذلك في الضوء الأخضر الذي أعطاه النظام بشكل مباشر لفتح حدود الجولان أمام الشباب الفلسطيني و السوري يومي 15 أيار و 5 حزيران بهدف إفهام القوى الأخرى في المنطقة و على رأسها إسرائيل بأن النظام السوري هو الذي وحده ببقائه يضمن الأمن و الاستقرار في المنطقة ككل , مع العلم أن حدود الجولان بقيت مغلقة بشكل كامل منذ عام 1974 بعد اتفاقية الهدنة مع إسرائيل , و طوال كل تلك الفترة لم يسمح لأحد باختراق أو اجتياز الحدود , و من المعروف أيضاً أنه على طول الشريط الحدودي في الجولان هناك منطقة منزوعة السلاح من الجانب السوري فقط بعرض لا يقل عن 25 كم على طول الحدود .
إن الاعتراف بوجود دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 مهم و ضروري من قبل دول لها ارتباطات مباشرة مع الكيان الصهيوني كالدول الأوروبية مثلاً , لكن أن يأتي هذا الاعتراف من قبل نظام يدعي الممانعة و المقاومة و يتبجح و يقمع شعبه بها هو أمر غير مقبول و مرفوض رفضاً قاطعاً من الشعب السوري , و ذلك لأن هذا الموقف من قبل النظام مبني بالدرجة الأولى على تقديم التنازلات للقوى المعادية لسورية من أجل بقائه في الحكم , و أيضاً موقف الشعب السوري مبني على قاعدة أن فلسطين كلها من البحر إلى النهر لا تقبل التقسيم أو المساومة من أحد , و هذه القناعة متجذرة في ضمير كل سوري و كل مواطن عربي .
إن الأسباب التي أدت بالنظام السوري إلى تقديم مثل هذا التنازل يمكن لنا تفنيدها على الشكل التالي :
1 _ الموقف التركي من الأحداث في سورية : إذ اعتبر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أنه سيتعامل مع الأحداث في سوريا على أنها شأن من الشؤون الداخلية التركية , و قد لاحظنا بشكل واضح التصعيد في الخطاب التركي الموجه للنظام السوري , و احتضان تركيا و ترحيبها بمعارضين سوريين و سماحها لهم بإقامة مؤتمراتهم على أراضيها .
2 _ الموقف القطري المعبر عن موقف منطقة الخليج العربي ككل و الذي اعتبر ممارسات النظام بحق الشعب السوري جريمة لا يمكن السكوت عنها , إضافة لوقوفه مع العقوبات التي طالت عدداً من المسؤولين السوريين و على رأسهم بشار الأسد , و موقفه المؤيد للجنة تقصي الحقائق التي أرسلتها الأمم المتحدة للوقوف على حقيقة ما جرى في مدينة درعا .
3 _ الموقف الأوروبي بقيادة فرنسا التي رأت أن النظام السوري فقد شرعيته , و قد قدمت فرنسا كل ما يلزم لإنجاح مؤتمرات المعارضين السوريين في الخارج كمؤتمر أنطاليا و بروكسل و باريس , و قدمت أيضاً دعمها الكامل لأي مشروع قرار في مجلس الأمن يدين النظام السوري , بالإضافة إلى العقوبات التي أسست لها فرنسا و وسعتها بشكل كبير .
4 _ الموقف الأمريكي المتماهي مع مصالح إسرائيل و الذي طالب برحيل الأسد فوراً و تقديمه للعدالة الدولية لارتكابه جرائم ضد الإنسانية .
5 _ الموقف الروسي الذي عبر عنه ديمتري ميدفيدف بقوله أنه على النظام السوري أن ينتقل من مرحلة القول إلى مرحلة الفعل , على الرغم من التأييد الروسي المطلق للنظام في سوريا .
كل تلك المواقف الدولية كانت تمضي صعوداً ضد نظام بشار الأسد منذ بداية الأحداث في سوريا في شهر آذار الماضي , إلاّ أن هذه المواقف نفسها بدأت بالتراجع منذ بداية الأسبوع المنصرم بعد اللقاء التشاوري الذي جرى في دمشق و الذي تزامن مع زيارة نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية إلى دمشق بعد جولة خليجية , فقد أعطى نبيل العربي تطمينات خليجية لنظام بشار الأسد بقوله : أن لا أحد يحق له سحب الشرعية عن النظام في سوريا , و أن الشأن السوري شأن داخلي لا يمكن لأحد الخوض فيه , و أن من يعطي الشرعية للنظام في سوريا هو الشعب السوري فقط , متناسياً أن الشعب السوري رفع شعار إسقاط النظام .
إضافة إلى ذلك التراجع الواضح في الموقف التركي , إذ أرسلت أنقرة إشارات للنظام في دمشق عن نيتها في إعادة العلاقات السورية التركية إلى سياقها الطبيعي قبل الأحداث , و قد تجلت هذه الإشارات في الزيارة المتوقعة لأحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي إلى دمشق بعد زيارته لطهران .
و الموقف الأمريكي على لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي قالت أن النظام السوري فقد شرعيته في نظر شعبه , و قد اعتبر البيت الأبيض أن هذا التصريح الغامض هو تصريح ارتجالي قامت به كلينتون دون الرجوع للإدارة الأمريكية , كما اعتبر البيت الأبيض أن زيارة السفير الأمريكي لمدينة حماه تصرفاً شخصياً لا علم للإدارة الأمريكية به .
إن تراجع مواقف القوى الدولية و الإقليمية من النظام في سوريا تأتي دعماً للنظام و تشجيعاً له على تقديم المزيد من التنازلات التي تصب في مصلحة تلك القوى و على رأسها إسرائيل , لم يأتي هذا التنازل للمرة الأولى بشكل علني من قبل النظام مجرد صدفة أو كموقف سياسي بحت , و إنما جاء هذا التنازل بمثابة رسالة موجهة من نظام دمشق لكل تلك القوى بما فيها إسرائيل مفادها أن نظام دمشق مستعد لفعل أي شيء و تقديم أي تنازل يضمن له البقاء في الحكم , و ليس مستغرباً أن تزيد تلك القوى من ضغوطاتها في المرحلة المقبلة من أجل دفع النظام السوري للتنازل أكثر فأكثر , حتى و لو كان التنازل يقضي بالاعتراف بإسرائيل و إقامة سفارة لها في دمشق .
تراجع المواقف الدولية و فشل اللقاء التشاوري في دمشق كان له منعكسات خطيرة على الداخل السوري , هذه المنعكسات أدت إلى زيادة النقمة الشعبية على النظام بسبب وحشيته المتزايدة في قمعه لأي حركة احتجاجية .
فالتطمينات التي تلقاها نظام بشار الأسد جعلته أكثر وحشية و دموية في القمع , حيث رأينا ارتفاع حصيلة الجمعة الماضية من الشهداء في كل أنحاء سوريا , بالإضافة إلى تهور هذا النظام و استخدامه الرصاص الحي في قلب العاصمة دمشق حي ركن الدين ذو الغالبية الكردية , هذا الحي الذي كان معروفاً بهدوء تظاهراته منذ بداية الأحداث , هذا التهور سيقود إلى المزيد من التظاهرات التي ستعم العاصمة بكل أحيائها .
إضافة إلى ذلك بدأ هذا النظام بالعبث بالمسألة الطائفية بشكل علني و خطير في كل المناطق المعروفة بتنوعها السكاني و الطائفي , كمدينة قطنا غرب العاصمة دمشق التي شهدت منذ يوم الأربعاء الماضي حوادث قتل و سلب و نهب و إحراق للمتلكات قام بها عناصر من شبيحة النظام بهدف إشعال فتنة طائفية بين سكان قطنا المسلمون السنة و بين أبناء الطائفة الدرزية , حيث روج النظام لإشاعة مفادها أن سكان قطنا السنة قاموا بالاعتداء على أحد شيوخ الطائفة الدرزية مما أدى إلى عمليات الاقتتال التي شهدتها قطنا , و قد ترافقت عمليات الشبيحة في قطنا مع غياب كامل لقوى الأمن و الجيش بحيث بقيت قطنا تحت رحمة الشبيحة لمدة ثلاثة أيام متتالية و لم تدخل قوى الأمن إلى المدينة حتى صباح يوم السبت الماضي و الجيش دخل مساء نفس اليوم , و اللافت للنظر فيما جرى في قطنا أن أبناء الطائفة الدرزية لم يقتنعوا بالإشاعة التي روج لها النظام , بل على العكس جاء الرد على هذه الإشاعة بمظاهرة انطلقت في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية تؤيد أحرار قطنا و تطالب بإسقاط النظام .
نفس الشيء يحصل الآن في مدينة حمص حيث روج النظام أن اقتتالاً طائفياً اندلع في حمص بين السنة و العلويين من سكان المدينة أدى إلى سقوط أكثر من ثلاثين قتيلاً , و الرد هنا على هذه الإشاعة جاء على لسان اتحاد تنسيقيات أحياء حمص من السنة و العلويين الذي نفى وجود أي نوع من أنواع الاقتتال الطائفي و بنفس الوقت حمّل النظام و شبيحته و قواه الأمنية مسؤولية ما يجري في حمص و اعتبره أيضاً مسؤولاً مباشراً عن كل قطرة دم تراق في أحياء المدينة .
إن النظام السوري بتصرفاته المتهورة هذه إنما يدفع الأمور لمزيد من التأزم و مزيد من الشهداء سواء من المدنيين أو العسكريين , و إن هذا النظام إذ يروج للاقتتال الطائفي بين السوريين المعروفين منذ قدم التاريخ بنبذهم للفكر الطائفي , فإنه يهدف إلى إعطاء نفسه الشرعية في الحكم بحجة أنه الضامن الوحيد لمنع أي اقتتال أهلي في المنطقة أولاً , و ليبرر عمليات القتل التي يمارسها بحق المدنيين ثانياً , و أيضاً ليبرر اجتياح المدن الآمنة عسكرياً كما حصل في قطنا و الزبداني و ما يحصل الآن في حمص و البوكمال ثالثاً .
إن هذا النظام ( الممانع ) يحفر قبره بيده , و إن الأحداث مهما طالت مدتها إلاّ أنها في النهاية ستكون كما أرادها الشعب السوري البطل أن تكون .
عاشت سوريا حرة بشعبها
عاش نضال الشعب السوري البطل
سوريا لن تركع .
عمر المختار ونوس
الأحد, 24 يتموز 2011 17:27
خاص الآفق الاشتراكي- لقد اعترف النظام السوري ( الممانع ) بالدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية ضمن حدود 1967 , و قد جاء هذا الاعتراف في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها سوريا ضمن إطار المساومات التي يجريها النظام مع القوى الدولية و الإقليمية بهدف ضمان عدم إسقاط شرعيته في المحافل الدولية , و خصوصاً بعد ما تلقاه هذا النظام من ضغوطات دولية بحجة قمع شعبه .
بدأت هذه الضغوطات بالانقلاب الواضح في الموقف التركي و القطري من جهة , و الموقف الأوروبي و الأمريكي من جهة أخرى , بالإضافة إلى الموقف الإيراني المتعارض مع الموقف السوري في العراق .
رحبت السلطة الفلسطينية بالموقف السوري و اعتبرته خطوة هامة على طريق الاعتراف بدولة فلسطينية ذات سيادة , و قد تناست السلطة الفلسطينية أن النظام السوري يتعامل مع القضية الفلسطينية و كأنها ورقة للرهان أو الضغط على القوى الأخرى المناوئة للنظام إقليمياً و دولياً , و قد تجلى ذلك في الضوء الأخضر الذي أعطاه النظام بشكل مباشر لفتح حدود الجولان أمام الشباب الفلسطيني و السوري يومي 15 أيار و 5 حزيران بهدف إفهام القوى الأخرى في المنطقة و على رأسها إسرائيل بأن النظام السوري هو الذي وحده ببقائه يضمن الأمن و الاستقرار في المنطقة ككل , مع العلم أن حدود الجولان بقيت مغلقة بشكل كامل منذ عام 1974 بعد اتفاقية الهدنة مع إسرائيل , و طوال كل تلك الفترة لم يسمح لأحد باختراق أو اجتياز الحدود , و من المعروف أيضاً أنه على طول الشريط الحدودي في الجولان هناك منطقة منزوعة السلاح من الجانب السوري فقط بعرض لا يقل عن 25 كم على طول الحدود .
إن الاعتراف بوجود دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 مهم و ضروري من قبل دول لها ارتباطات مباشرة مع الكيان الصهيوني كالدول الأوروبية مثلاً , لكن أن يأتي هذا الاعتراف من قبل نظام يدعي الممانعة و المقاومة و يتبجح و يقمع شعبه بها هو أمر غير مقبول و مرفوض رفضاً قاطعاً من الشعب السوري , و ذلك لأن هذا الموقف من قبل النظام مبني بالدرجة الأولى على تقديم التنازلات للقوى المعادية لسورية من أجل بقائه في الحكم , و أيضاً موقف الشعب السوري مبني على قاعدة أن فلسطين كلها من البحر إلى النهر لا تقبل التقسيم أو المساومة من أحد , و هذه القناعة متجذرة في ضمير كل سوري و كل مواطن عربي .
إن الأسباب التي أدت بالنظام السوري إلى تقديم مثل هذا التنازل يمكن لنا تفنيدها على الشكل التالي :
1 _ الموقف التركي من الأحداث في سورية : إذ اعتبر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أنه سيتعامل مع الأحداث في سوريا على أنها شأن من الشؤون الداخلية التركية , و قد لاحظنا بشكل واضح التصعيد في الخطاب التركي الموجه للنظام السوري , و احتضان تركيا و ترحيبها بمعارضين سوريين و سماحها لهم بإقامة مؤتمراتهم على أراضيها .
2 _ الموقف القطري المعبر عن موقف منطقة الخليج العربي ككل و الذي اعتبر ممارسات النظام بحق الشعب السوري جريمة لا يمكن السكوت عنها , إضافة لوقوفه مع العقوبات التي طالت عدداً من المسؤولين السوريين و على رأسهم بشار الأسد , و موقفه المؤيد للجنة تقصي الحقائق التي أرسلتها الأمم المتحدة للوقوف على حقيقة ما جرى في مدينة درعا .
3 _ الموقف الأوروبي بقيادة فرنسا التي رأت أن النظام السوري فقد شرعيته , و قد قدمت فرنسا كل ما يلزم لإنجاح مؤتمرات المعارضين السوريين في الخارج كمؤتمر أنطاليا و بروكسل و باريس , و قدمت أيضاً دعمها الكامل لأي مشروع قرار في مجلس الأمن يدين النظام السوري , بالإضافة إلى العقوبات التي أسست لها فرنسا و وسعتها بشكل كبير .
4 _ الموقف الأمريكي المتماهي مع مصالح إسرائيل و الذي طالب برحيل الأسد فوراً و تقديمه للعدالة الدولية لارتكابه جرائم ضد الإنسانية .
5 _ الموقف الروسي الذي عبر عنه ديمتري ميدفيدف بقوله أنه على النظام السوري أن ينتقل من مرحلة القول إلى مرحلة الفعل , على الرغم من التأييد الروسي المطلق للنظام في سوريا .
كل تلك المواقف الدولية كانت تمضي صعوداً ضد نظام بشار الأسد منذ بداية الأحداث في سوريا في شهر آذار الماضي , إلاّ أن هذه المواقف نفسها بدأت بالتراجع منذ بداية الأسبوع المنصرم بعد اللقاء التشاوري الذي جرى في دمشق و الذي تزامن مع زيارة نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية إلى دمشق بعد جولة خليجية , فقد أعطى نبيل العربي تطمينات خليجية لنظام بشار الأسد بقوله : أن لا أحد يحق له سحب الشرعية عن النظام في سوريا , و أن الشأن السوري شأن داخلي لا يمكن لأحد الخوض فيه , و أن من يعطي الشرعية للنظام في سوريا هو الشعب السوري فقط , متناسياً أن الشعب السوري رفع شعار إسقاط النظام .
إضافة إلى ذلك التراجع الواضح في الموقف التركي , إذ أرسلت أنقرة إشارات للنظام في دمشق عن نيتها في إعادة العلاقات السورية التركية إلى سياقها الطبيعي قبل الأحداث , و قد تجلت هذه الإشارات في الزيارة المتوقعة لأحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي إلى دمشق بعد زيارته لطهران .
و الموقف الأمريكي على لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي قالت أن النظام السوري فقد شرعيته في نظر شعبه , و قد اعتبر البيت الأبيض أن هذا التصريح الغامض هو تصريح ارتجالي قامت به كلينتون دون الرجوع للإدارة الأمريكية , كما اعتبر البيت الأبيض أن زيارة السفير الأمريكي لمدينة حماه تصرفاً شخصياً لا علم للإدارة الأمريكية به .
إن تراجع مواقف القوى الدولية و الإقليمية من النظام في سوريا تأتي دعماً للنظام و تشجيعاً له على تقديم المزيد من التنازلات التي تصب في مصلحة تلك القوى و على رأسها إسرائيل , لم يأتي هذا التنازل للمرة الأولى بشكل علني من قبل النظام مجرد صدفة أو كموقف سياسي بحت , و إنما جاء هذا التنازل بمثابة رسالة موجهة من نظام دمشق لكل تلك القوى بما فيها إسرائيل مفادها أن نظام دمشق مستعد لفعل أي شيء و تقديم أي تنازل يضمن له البقاء في الحكم , و ليس مستغرباً أن تزيد تلك القوى من ضغوطاتها في المرحلة المقبلة من أجل دفع النظام السوري للتنازل أكثر فأكثر , حتى و لو كان التنازل يقضي بالاعتراف بإسرائيل و إقامة سفارة لها في دمشق .
تراجع المواقف الدولية و فشل اللقاء التشاوري في دمشق كان له منعكسات خطيرة على الداخل السوري , هذه المنعكسات أدت إلى زيادة النقمة الشعبية على النظام بسبب وحشيته المتزايدة في قمعه لأي حركة احتجاجية .
فالتطمينات التي تلقاها نظام بشار الأسد جعلته أكثر وحشية و دموية في القمع , حيث رأينا ارتفاع حصيلة الجمعة الماضية من الشهداء في كل أنحاء سوريا , بالإضافة إلى تهور هذا النظام و استخدامه الرصاص الحي في قلب العاصمة دمشق حي ركن الدين ذو الغالبية الكردية , هذا الحي الذي كان معروفاً بهدوء تظاهراته منذ بداية الأحداث , هذا التهور سيقود إلى المزيد من التظاهرات التي ستعم العاصمة بكل أحيائها .
إضافة إلى ذلك بدأ هذا النظام بالعبث بالمسألة الطائفية بشكل علني و خطير في كل المناطق المعروفة بتنوعها السكاني و الطائفي , كمدينة قطنا غرب العاصمة دمشق التي شهدت منذ يوم الأربعاء الماضي حوادث قتل و سلب و نهب و إحراق للمتلكات قام بها عناصر من شبيحة النظام بهدف إشعال فتنة طائفية بين سكان قطنا المسلمون السنة و بين أبناء الطائفة الدرزية , حيث روج النظام لإشاعة مفادها أن سكان قطنا السنة قاموا بالاعتداء على أحد شيوخ الطائفة الدرزية مما أدى إلى عمليات الاقتتال التي شهدتها قطنا , و قد ترافقت عمليات الشبيحة في قطنا مع غياب كامل لقوى الأمن و الجيش بحيث بقيت قطنا تحت رحمة الشبيحة لمدة ثلاثة أيام متتالية و لم تدخل قوى الأمن إلى المدينة حتى صباح يوم السبت الماضي و الجيش دخل مساء نفس اليوم , و اللافت للنظر فيما جرى في قطنا أن أبناء الطائفة الدرزية لم يقتنعوا بالإشاعة التي روج لها النظام , بل على العكس جاء الرد على هذه الإشاعة بمظاهرة انطلقت في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية تؤيد أحرار قطنا و تطالب بإسقاط النظام .
نفس الشيء يحصل الآن في مدينة حمص حيث روج النظام أن اقتتالاً طائفياً اندلع في حمص بين السنة و العلويين من سكان المدينة أدى إلى سقوط أكثر من ثلاثين قتيلاً , و الرد هنا على هذه الإشاعة جاء على لسان اتحاد تنسيقيات أحياء حمص من السنة و العلويين الذي نفى وجود أي نوع من أنواع الاقتتال الطائفي و بنفس الوقت حمّل النظام و شبيحته و قواه الأمنية مسؤولية ما يجري في حمص و اعتبره أيضاً مسؤولاً مباشراً عن كل قطرة دم تراق في أحياء المدينة .
إن النظام السوري بتصرفاته المتهورة هذه إنما يدفع الأمور لمزيد من التأزم و مزيد من الشهداء سواء من المدنيين أو العسكريين , و إن هذا النظام إذ يروج للاقتتال الطائفي بين السوريين المعروفين منذ قدم التاريخ بنبذهم للفكر الطائفي , فإنه يهدف إلى إعطاء نفسه الشرعية في الحكم بحجة أنه الضامن الوحيد لمنع أي اقتتال أهلي في المنطقة أولاً , و ليبرر عمليات القتل التي يمارسها بحق المدنيين ثانياً , و أيضاً ليبرر اجتياح المدن الآمنة عسكرياً كما حصل في قطنا و الزبداني و ما يحصل الآن في حمص و البوكمال ثالثاً .
إن هذا النظام ( الممانع ) يحفر قبره بيده , و إن الأحداث مهما طالت مدتها إلاّ أنها في النهاية ستكون كما أرادها الشعب السوري البطل أن تكون .
عاشت سوريا حرة بشعبها
عاش نضال الشعب السوري البطل
سوريا لن تركع .
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007