--------------------------------------------------------------------------------
إذا المرء أفشى سِرَّهُ بلسانه ولامَ عليهِ غيْرَهُ فهُوَ أحمَقُ
إذا ضَاقَ صَدْرُ المَرْءِ عَنْ سِرِّ نفسِهِ فصَدْرُ الذي يَسْتودِعُ السِّرَّ أضْيقُ
شعر الامام الشافعي
وقبل كل شيء لابد من لفت النظر الى حقائق ربما يجهلها كثيرون حول طبيعة المجتمع الامريكي، خصوصا عمل اجهزته المخابراتية، فامريكا دولة مؤسسات راسخة وجاء رسوخها تعبيرا عن حداثة دولة قامت بصورة استثنائية وعلى ركامات ملايين الجثث للسكان الاصليين، فهي بالاصل دولة اجتثاث شعب كامل واحلال مستوطنين غرباء محله، لذلك فان هاجس المستوطنين الاول هو تثبيت وجودهم ومنع اي تهديد له مهما كان مصدره وباي طريقة تضمن ذلك بما فيها خرق القوانين والانظمة. ولكن هذا الخرق لا يقوم به فرد عادي بل اجهزة تخطط بصورة سرية جدا لدرجة ان كبار رجال الدولة، بما في ذلك الرئيس، قد لا يعلمون بتفاصيل تلك الخطط واعلام الجهات المعنية (الرئاسة ولجان الكونغرس المتخصصة....الخ) بالخطوط العامة لها وترك التنفيذ وطريقته وتفاصيله للاجهزة ذاتها.
وتولت اجهزة المخابرات ذاتها هذه المهمة، بحكم كونها جهاز مهني معد ومؤهل لاعمال خطيرة وسرية، وحينما نقول اجهزة مخابرات امريكية فلانها ليست جهازا واحدا بل عدة اجهزة كانت مستقلة عن بعضها حتى هجمات 11 سبتمبر – ايلول عام 2001 وكان كل جهاز يعمل دون معرفة الجهاز الاخر بما ينفذ من خطط حتى لو كانت هناك فكرة عامة عن اختصاصه وحدود مسئوليته، ولذلك فان عنصر التأمر موجود داخل هذه الاجهزة وفيما بينها من اجل تحقيق اهداف خاصة تخدم جهازا معينا، او تنفذ خطة لجهة امريكية قوية لديها تصور مختلف حول كيفية حل الازمات او مواجهتها او كيفية تحقيق اهداف مهمة، خصوصا حينما تجد امريكا نفسها في ازمة من النوع الذي يوصف فيها بانه (مميت) عندها تكلف احد الاجهزة بوضع خطة للخروج من تلك الازمة بطريقة لا تكشف عن الكثير من الاسرار، وفي هذه الحالة فان من يعرف هو الشخص المسئول او الجهة التي لها خطة مختلفة وتريد امرارها وتجنب العوائق او منع بروزها. ولذلك تميزت فترة ما بعد 11 سبتمبر بانشاء وزارة الامن القومي والتي منحت صلاحية التنسيق بين الاجهزة الامنية الامريكية لتحقيق اهداف كبرى دون حصول تناقض او تسابق قد يلحق ضررا بالمصالح الاستعمارية الامريكية.
هذه واحدة من اهم سمات الدولة في امريكا ومميزات عمل اجهزتها الاستخبارية. وثمة تكتيك امريكي – غربي معتمد مخابراتيا وهو تعمد تسريب معلومات الى صحفي بارز ولديه عدد كبير من القراء او لبرنامج يشاهده الملايين من اجل نشر المعلومة وتسليط الاضواء عليها، ولدينا أمثلة عديدة توضح ذلك :
1 – عندما وصلت امريكا في فيتنام الى طريق مسدود يمنع تسجيل نصر على ثوار فيتنام تقرر تنفيذ خطة للقيام بانسحاب يبدو كانه نتاج نزعة سلام لدى رئيس غير الذي اشعل الحرب، لتجنب المزيد من الكوارث التي تعرضت لها امريكا ماليا وبشريا دون ان تبدو وكأنها هزمت، فسربت معلومات الى صحفي مشهور حول الكبوات المخفية لامريكا في فيتنام وخسائرها وغير ذلك، فاثيرت ضجة ركزت انتباه الامريكيين عامة حول حرب فيتنام وصارت موضوعا داخليا امريكيا، وتلك هي بداية نهاية اي حرب تشنها امريكا على غيرها، وبالفعل ادى نشر معلومات عن الحرب الى تحقيق الانسحاب من فيتنام في اطار ادعاء السعي للسلام!
2 - كما ان ازاحة الرئيس ريتشارد نيكسون في (فضيحة ووترجيت) كانت عملا مخابراتيا داخليا اوقع الرئيس في فخ مميت، هو الكذب الذي اجبره على الاستقالة، من اجل تغيير السياسة الخارجية التي كان يتبعها، وهناك شكوك قوية بان محيط نيكسون هو الذي ورطه في الكذب ثم دفع الى الكشف عن الكذب.
3 - فضيحة (ايرانجيت) فقد قررت امريكا دعم ايران عسكريا ومخابراتيا ضد العراق اثناء الحرب بينهما، لكنها لم تستطع فعل ذلك مباشرة لانها كانت في حالة (عداء) رسمي مع ايران التي احتجزت الدبلوماسيين الامريكيين فكلفت الكولونيل اوليفر نورث بترتيب عملية تزويد ايران بسلاح امريكي وغير امريكي من عدة مصادر منها الكيان الصهيوني وهذا ما تم فعلا وعرف بتلك التسمية.
4 - وهناك (فضيحة مونيكا) لوينسكي التي ورط بها الرئيس بيل كلنتون لاجل الامساك به من ذيله وهو ما تم فعلا.
5 - واخيرا وليس اخرا لدينا ما يطبخ الان ليصبح الفضيحة الاخطر والاكبر في التاريخ الامريكي وربما العالمي وهي فضيحة 11 سبتمبر – ايلول حيث تتزايد المؤشرات والادلة على انها من فعل جهاز مخابرات امريكي وبالتعاون مع الموساد الاسرائيلي.
في كل هذه الحالات قامت الاجهزة الامريكية بتسريب معلومات عنها ادت الى كشفها وصارت فضائح تحقيقا لاهداف مختلفة وبنفس الوقت لم تقدم غالبا ردودا حول الاسئلة التي تثير الشكوك حول دور المخابرات في ترتيب او نصب الفخاخ من اغتيال جون كنيدي الى 11 سبتمبر.
اذن عملية تسريب معلومات جزء اساسي من عمل الاجهزة الاستخبارية الامريكية، وليس عملا فرديا او تسلل (هاكر) الى كومبيوترات المخابرات او وزراة الحرب، فتلك تغطية ساذجة وتفسير مضلل، فنحن في حالة ويكيليكس بازاء عملية ضخمة جدا ومخطط لها بدقة وحسابات مدروسة بتأن...
1
إذا المرء أفشى سِرَّهُ بلسانه ولامَ عليهِ غيْرَهُ فهُوَ أحمَقُ
إذا ضَاقَ صَدْرُ المَرْءِ عَنْ سِرِّ نفسِهِ فصَدْرُ الذي يَسْتودِعُ السِّرَّ أضْيقُ
شعر الامام الشافعي
وقبل كل شيء لابد من لفت النظر الى حقائق ربما يجهلها كثيرون حول طبيعة المجتمع الامريكي، خصوصا عمل اجهزته المخابراتية، فامريكا دولة مؤسسات راسخة وجاء رسوخها تعبيرا عن حداثة دولة قامت بصورة استثنائية وعلى ركامات ملايين الجثث للسكان الاصليين، فهي بالاصل دولة اجتثاث شعب كامل واحلال مستوطنين غرباء محله، لذلك فان هاجس المستوطنين الاول هو تثبيت وجودهم ومنع اي تهديد له مهما كان مصدره وباي طريقة تضمن ذلك بما فيها خرق القوانين والانظمة. ولكن هذا الخرق لا يقوم به فرد عادي بل اجهزة تخطط بصورة سرية جدا لدرجة ان كبار رجال الدولة، بما في ذلك الرئيس، قد لا يعلمون بتفاصيل تلك الخطط واعلام الجهات المعنية (الرئاسة ولجان الكونغرس المتخصصة....الخ) بالخطوط العامة لها وترك التنفيذ وطريقته وتفاصيله للاجهزة ذاتها.
وتولت اجهزة المخابرات ذاتها هذه المهمة، بحكم كونها جهاز مهني معد ومؤهل لاعمال خطيرة وسرية، وحينما نقول اجهزة مخابرات امريكية فلانها ليست جهازا واحدا بل عدة اجهزة كانت مستقلة عن بعضها حتى هجمات 11 سبتمبر – ايلول عام 2001 وكان كل جهاز يعمل دون معرفة الجهاز الاخر بما ينفذ من خطط حتى لو كانت هناك فكرة عامة عن اختصاصه وحدود مسئوليته، ولذلك فان عنصر التأمر موجود داخل هذه الاجهزة وفيما بينها من اجل تحقيق اهداف خاصة تخدم جهازا معينا، او تنفذ خطة لجهة امريكية قوية لديها تصور مختلف حول كيفية حل الازمات او مواجهتها او كيفية تحقيق اهداف مهمة، خصوصا حينما تجد امريكا نفسها في ازمة من النوع الذي يوصف فيها بانه (مميت) عندها تكلف احد الاجهزة بوضع خطة للخروج من تلك الازمة بطريقة لا تكشف عن الكثير من الاسرار، وفي هذه الحالة فان من يعرف هو الشخص المسئول او الجهة التي لها خطة مختلفة وتريد امرارها وتجنب العوائق او منع بروزها. ولذلك تميزت فترة ما بعد 11 سبتمبر بانشاء وزارة الامن القومي والتي منحت صلاحية التنسيق بين الاجهزة الامنية الامريكية لتحقيق اهداف كبرى دون حصول تناقض او تسابق قد يلحق ضررا بالمصالح الاستعمارية الامريكية.
هذه واحدة من اهم سمات الدولة في امريكا ومميزات عمل اجهزتها الاستخبارية. وثمة تكتيك امريكي – غربي معتمد مخابراتيا وهو تعمد تسريب معلومات الى صحفي بارز ولديه عدد كبير من القراء او لبرنامج يشاهده الملايين من اجل نشر المعلومة وتسليط الاضواء عليها، ولدينا أمثلة عديدة توضح ذلك :
1 – عندما وصلت امريكا في فيتنام الى طريق مسدود يمنع تسجيل نصر على ثوار فيتنام تقرر تنفيذ خطة للقيام بانسحاب يبدو كانه نتاج نزعة سلام لدى رئيس غير الذي اشعل الحرب، لتجنب المزيد من الكوارث التي تعرضت لها امريكا ماليا وبشريا دون ان تبدو وكأنها هزمت، فسربت معلومات الى صحفي مشهور حول الكبوات المخفية لامريكا في فيتنام وخسائرها وغير ذلك، فاثيرت ضجة ركزت انتباه الامريكيين عامة حول حرب فيتنام وصارت موضوعا داخليا امريكيا، وتلك هي بداية نهاية اي حرب تشنها امريكا على غيرها، وبالفعل ادى نشر معلومات عن الحرب الى تحقيق الانسحاب من فيتنام في اطار ادعاء السعي للسلام!
2 - كما ان ازاحة الرئيس ريتشارد نيكسون في (فضيحة ووترجيت) كانت عملا مخابراتيا داخليا اوقع الرئيس في فخ مميت، هو الكذب الذي اجبره على الاستقالة، من اجل تغيير السياسة الخارجية التي كان يتبعها، وهناك شكوك قوية بان محيط نيكسون هو الذي ورطه في الكذب ثم دفع الى الكشف عن الكذب.
3 - فضيحة (ايرانجيت) فقد قررت امريكا دعم ايران عسكريا ومخابراتيا ضد العراق اثناء الحرب بينهما، لكنها لم تستطع فعل ذلك مباشرة لانها كانت في حالة (عداء) رسمي مع ايران التي احتجزت الدبلوماسيين الامريكيين فكلفت الكولونيل اوليفر نورث بترتيب عملية تزويد ايران بسلاح امريكي وغير امريكي من عدة مصادر منها الكيان الصهيوني وهذا ما تم فعلا وعرف بتلك التسمية.
4 - وهناك (فضيحة مونيكا) لوينسكي التي ورط بها الرئيس بيل كلنتون لاجل الامساك به من ذيله وهو ما تم فعلا.
5 - واخيرا وليس اخرا لدينا ما يطبخ الان ليصبح الفضيحة الاخطر والاكبر في التاريخ الامريكي وربما العالمي وهي فضيحة 11 سبتمبر – ايلول حيث تتزايد المؤشرات والادلة على انها من فعل جهاز مخابرات امريكي وبالتعاون مع الموساد الاسرائيلي.
في كل هذه الحالات قامت الاجهزة الامريكية بتسريب معلومات عنها ادت الى كشفها وصارت فضائح تحقيقا لاهداف مختلفة وبنفس الوقت لم تقدم غالبا ردودا حول الاسئلة التي تثير الشكوك حول دور المخابرات في ترتيب او نصب الفخاخ من اغتيال جون كنيدي الى 11 سبتمبر.
اذن عملية تسريب معلومات جزء اساسي من عمل الاجهزة الاستخبارية الامريكية، وليس عملا فرديا او تسلل (هاكر) الى كومبيوترات المخابرات او وزراة الحرب، فتلك تغطية ساذجة وتفسير مضلل، فنحن في حالة ويكيليكس بازاء عملية ضخمة جدا ومخطط لها بدقة وحسابات مدروسة بتأن...
1
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007