من طرف بقلم: مروان عبدالعال
إنها وثيقة تاريخية ووقفة حق وقيامة مقاومة للمسيح الفلسطيني. كم تبدو هذه الوثيقة بمعناها قريبة من قول مشهور للاهوت التحرير: «الثورة دين العصر»، وقد تجسد هذا القول بحرفيته في وثيقة لمسيحيي فلسطين حملت عنوان «وقفة حق». وهي فعلاً صرخة رجاء من الأرض المقدسة إلى العالم، ومحاولة لكشف حقيقة الصراع في فلسطين، وتحمل فحوى النبوة، فهي أكبر من دراسة فكرية أو ورقة سياسية بل «رسالة كونية شاملة» ولاهوت تحرير لفلســطين، يوحد الأديان ويرفــض فكرة الوعد بالأرض التوراتـية ويعلن أن الاحتلال الصهيوني هو خطيئة ضد الله والإنسان معا.كان لاهوت التحرير في أميركا اللاتينية قد كشف واقع القهر الاجتماعي الطبقي وامتزج بالفكر السياسي اليساري تحديدا لمواجهة الفقر والاضطهاد وانحاز لاهوت التحرير الى الفقراء. في صورة وصف جميل من رجل كنيسة للسيد المسيح وفي محاولة لوقعنته بصورة إنسان في مساحات الحرمان في الأرجنتين أو افريقيا وأي مكان في العالم، عندما وصف، بأن قلبه مدمى وهو مسيح جائع وعطشان وعار ومريض ولا مأوى له وسجين بسلاسل القوانين الاجتماعية الجائرة، ومسيح لا يجد مكانا يولد فيه وليس له حجر يضع رأسه عليه ولا يجد مدفنا، وهو شكل خطراً على هيرودس فتعقبه كي يقتله، هو مسيح مفترى عليه أمام المحكمة، مسيح معذب من قبل الشرطة، ومسيح يعامل كالمجرمين ومسيح وقع ضحية التعصب والنفاق السياسي للكهنة، ومسيح قائد غير مرغوب فيه. هكذا هي أغلبية الناس وهي رعيته في تلك الأمكنة.
في الوثيقة يعلن المسيح قيامته على الأرض المقدسة، فهو ابنها لو تجلى فوق المكان والزمان. فإن عاد بملاحمه وهويته الى الإنسان الواقع، لرأينا كم هو يشبه الفلسطيني الآن، مقطع بالجدار، بزيف خطاب السلام، بالاستيطان، وباسم الله والقوة والمذلة على حواجز الاحتلال العسكرية والفصل بين العائلات، بل غير مسموح ممارسة الشعائر والصلوات في الأماكن المقدسة إلا بالقدر المحدود. اللاجئون على صليب الآلام والتشرد والانتظار. وألوف الأسرى في زنازين الاحتلال، والقدس رمز هذا الواقع كما قالت الوثيقة. إضافة إلى حال الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 48 تحت قوانين الفصل والقهر. وصولا إلى انتقاد الأداء السياسي الفلسطيني ان كان بالمفاوضات التي لا نهاية لها، أو حتى بالانقسام الذي وصفته الوثيقة بأنه نكبة أخرى.
فخصوصية الواقع الفلسطيني ووفق ما فندته الوثيقة الغنية بتوصيفاتها وتشريحها لهذا الواقع، يقدم لاهوتا جديداً مقترناً بالتحرر الوطني، حين يصير للظلم شكل عنصري واستئصالي، وهي تلحظ تداعيات الاحتلال وممارسته التي تنتهك الأخلاق الإنسانية لجهة تدمير الإنسان واعتبار ان هذه المهمة تهم الكنيسة. أي انها تطرح ثورة عقائدية في الوقت ذاته، تستند إلى خلفيات لاهوت التحرير في الكنيسة عندما خرجوا عام 1968 في كولومبيا بإقرار مفاده: «ان رجال الدين دورهم في العالم أن يخدموه لا أن يحكموه». والذين صاغوا الوثيقة هم على أرض المسيح التي تنوء بالاحتلال البغيض. وتجهر بانحياز الكنيسة ضد هذا الشر الإسرائيلي وتدعو لمقاومته، باعتبار الاحتلال شرا والشر يــجب أن يقاوم، أي مقاومة الظلم بكل أشكـاله وفق وصايا المسيح وتعاليمه وكل بطريقته. وان كان للكنيسة أسلوبها التبشيري بالحياة وليس بالموت فإن للآخرين وللشعب حقاً بالمقاومة بالوسائل الممكنة وان الاحتلال هو بحد ذاته إرهاب دولة.
في أوائل الانتفاضة الكبرى عام 1989 قامت حركة لاهوت تحرير فلسطينية على أيدي مجموعة من رجال الدين المسيحيين لدحض المزاعم الصهيونية للكتاب المقدس في عهده القديم من أجل تبرير احتلال فلسطين، وإقامة مؤتمر لهذه الغاية، دعت فيها المسيحيين لتعميق إيمانهم المسيحي عبر الانحياز مع المستضعفين ضد الطغاة.
وما النداء الذي توجهت فيه الوثيقة الى كنائس العالم: تعالوا وانظروا. وتنبه من إعطاء غطاء لاهوتي للظلم الذي يقبع المسيحي والمسلم الفلسطيني فيه وتدعو الجميع بسؤال استفهامي: ان كانوا قادرين على مساعدة الشعب الفلسطيني على استعادة حريته؟ مؤكدة إدانة المعاداة للسامية والعنصرية والاسلاموفوبيا معا. وتختم بأن الله هو العدل.
الانفصام بين طرفي الصراع وهي حقيقة الفرز القائم بمنهج لاهوتي، مثله الاب الثائر «إرنستو كاردينال»، الذي انضم إلى مجموعة «الاحد عشر» المنحازة للجبهة الساندينية وقتها في نيكاراغو، لقد انحاز الكاردينال ضد العدوان الاميركي وخرج من الدين وكنيسة الفقراء موقف متجانس يحكمه تصور ثوري متقدم في جبهة «لاهوت التحرير» بأميركا اللاتينية. وفي حوارات مطولة مع الثائر فيدل كاسترو بأنه يريد تأسيس ملكوت الله فوق الثرى اعتبارا ان الدين ثورة والثورة دين العصر، بالانحياز الكامل لمقاومة الامبريالية والعنصرية كأشكال وحشية للشر. وبين ما صرح به البابا بنديكت السادس عشر، قال مؤخرا في خطاب موجه إلى أساقفة البرازيل ان عواقب «لاهوت التحرير» لا تزال مرئية، لأنها قامت على «مبادئ خادعة» ودعت إلى التمرد والانقسام والاختلاف والجريمة والفوضى التي ما زالت آثارها ملموسة لحد الآن.
تماما هو الفرق بين كنائس غربية تبيع ممتلكاتها في الأراضي المقدسة لهثا وراء الثروة والمغانم الدنيوية ولا تشعر ان الذي يدنّس هو دينها ووطنها والانسان فيه والكنيسة العربية المتجذرة في أرض المهد حيث أصالة الانتماء والهوية.
هم أهل الوصية الصعبة.. ولكنها الوصية التي يحملها أصحابها مكللين بتاج من شوك على صليب من خشب الزيتون العتيق في طريق جلجلة اختلفت معالمه وضاع فيه الرصيف وفاض بدموع وعذابات وبالآلام على مر سنين النكبة.
لا بأس ان كان ثمة طرق شرعية قد جربت، والعالم لا يرى، واسرائيل لا تجزع، وتعرت الشرعية من مصداقيتها، فإن المقاومة الفعالة بوصفها مقاومة وطنية لشعب، لا تلبس بلباس الدين لان الغاية هي تحرير وطن. والوثيقة بحق تعلي من شأن القضية الفلسطينية الى مستوى القضية الانسانية والحضارية، التي تحتاج لسند عالمي يوحد الضمائر، بما يوسع دائرتها إلى مساحات وفضاءات أوسع، دون ان تتنازل عن وسائلها الذاتية وإرادتها الشعبية وتجميع وسائل القوة المتاحة من حق ووحدة وصمود ومقاومة كطريق لا بد منه للشعوب الضعيفة، وخاصة انه شعب يدافع عن وجوده، ويقدم الغالي والنفيس في سبيل هدف منشود، هو استرداد الأرض والحرية والكرامة والاستقلال.
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
» أقوال جورج حبش
» اليسار التونسي الآن وهنا
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
» مرحبا
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
» جميع البومات فرقة صابرين
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
» اشحن رصيدك مجانا
» ماتفوت لهون