اليساريون يعتصمون متضامنين مع الشعب الفلسطيني في يومه العالمي

لبنان/ السفير

يتكئ الرجل الثمانيني ذو الحطة والعقال، على ساتر حديدي. يقف صامتا. يستقطب، وهو شارد الذهن، عدسات الكاميرا. وكأن الكلمات التي يصغي اليها، خلال الاعتصام في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، تعيده الى العام 1948 حيت هجر فلسطين، وغدا حينها لاجــــئا في مخيم شاتيلا. يدعى الرجل قاسم أبو جاموس وهو مــــن بلدة عمقا في فلسطين المحتلة. أما تمسّكه بالحطة والعقال اللذين لم يتخل عنهما منذ هجره أرضه المغتصبة، فيعود الى سبب واحد: «إذا شلحتها بضيّع الطريق».

دعا الى الاعتصام الحزب الشيوعي اللبناني اللقاء اليساري التشاوري، بالتضامن مع اليسار الفلسطيني، أمام مبنى «الاسكوا» في وسط البلد، وتم خلاله إرسال مذكرة الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون ، بحضور أمين عام الحزب الشيوعي خالدة حدادة ونائبة الأمين العام ماري الدبس، الى فاعليات يسارية فلسطينية ولبنانية وأهالي المخيمات.

في المشهد نفسه، يطلب والد مشترك في الاعتصام من ابنته زينة التي تبلغ التاسعة من عمرها ان تمسك لافتة للمناسبة. لا تنزل عند رغبته وتتمسك بالعلم الفلسطيني. العلم الفلسطيني حضر معه العلم اللبناني ولافتات تندد «بالصمت الدولي حيال تطبيق قرارات الشرعية الدولية»، وتؤكد من جهة أخرى على «حق عودة اللاجئ الفلسطيني وفق القرار 194». وحتى الراحل المناضل جورج حبش حضر من خلال وشاح القي على عنق طفل فلسطيني مشارك، أمضى الاعتصام بالكامل محمولا فوق كتفي والده.

عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي سمير دياب أشار لـ«السفير»، أن أهمية الاعتصام تكمن في الإعلان عن «الحملة الوطنية اللبنانية الفلسطينية لدعم الحقوق المدنية والاجتماعية»، وهي ضد التوطين والتهجير ومع اكــــتساب الفلسطينـــيين لحقــوقهم»، وستطلق الحملة خلال أيام خلال مؤتمر صحافي.

وتحدث حدادة للمناسبة فقال: «لا بد من إعادة التأكيد على أن هذا اللقاء التضامني مع الشعب الفلسطيني وحقوقه ليس لقاء بالصدفة يدعو له اليسار سواء في لبنان او في كل العالم، ففي ذلك تأكيد وإعادة تأكيد على ان هذا اليسار في لبنان وفلسطين وفي كل العالم حمل القضية الفلسطينية وبلورها باتجاه ضمان حق عودة هذا الشعب وحقوقه الوطنية، الاجتماعية والسياسية وبشكل خاص حقه في إقامة دولته المستقلة، بغض النظر عن أي شكل من أشكال المفاوضات، وبغض النظر حتى عن موقف الأمم المتحدة حتى الآن غير الضاغط، بشكل تنفيذ قراراتها الخاصة وبشكل خاص القرار 194 والقرارات التي تضمن حقوق عودة شعب فلسطين. واضاف حدادة: «هذا اليسار في فلسطين حمل القضية فكريا وثقافيا ونضاليا وحمل المقاومة منذ البداية وإلى اليوم. وكذلك اليسار اللبناني الذي أعلن مقاومة تكمل دور المقاومة الفلسطينية تحمي لبنان من جهة وتطالب حقوق الشعب الفلسطيني من جهة أخرى. وأكد حدادة على ان «اليسار في العالم الذي اعلن هذا اليوم يوما عالمياً أيضا هو اليسار الذي احتضن هذه القضية». وتابع حدادة: «واليوم وفي مواجهة خطط الرأسمالية في العالم المحتضنة للكيان الصهيوني ولمصالحه، ينبغي على اليسار أن يأخذ الدور في الدفاع عن شعب فلسطين وقضيته». ودعا القوى الوطنية اللبنانية كافة الى مطالبة الحكومة اللبنانية و«هي على أبواب بحث وإقرار بيانها الوزاري وبغض النظر عن موقفنا الآن من هذا البيان الذي يأتي هشّا في ظروف صعبة، الا تكتفي بالبيان المسرّب عبر الصحف والذي يستعيد نصوصا غير محددة للحقوق المدنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في لبنان. ان مواجهة التوطين تكون في حق العودة وليس في زيادة الوضع الاجتماعي تخلفا واضطهادا. وختم حدادة «سيبقى اليسار اللبناني حاملا لهذه القضية وداعما لحقوق الفلسطينين»...

مذكرة الى بان كيمون ومجلس الوزراء

وتلت ميرفت أبو خليل المذكرة التي سيتم تسليمها الى مجلس الوزراء حول «الحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان»، والتي تؤكد على «انصاف العامل الفلسطيني بإقرار حقه في العمل بحرية في المهن وهذا ما يتطلب استثناء اللاجئين من شرطي المعاملة بالمثل وإجازة العمل. كما تدعو الى ضرورة تعديل قانون الملكية العقارية والسماح للفلسطينيين بامتلاك مسكن، الى تعزيز حرية التنقل والحركة وفق تحفظ الامن والاستقرار اللبناني. وشددت المذكرة على «تضافر الجهود اللبنانية والفلسطينية من أجل الانتهاء من إعمار مخيم نهر البارد وإغلاق هذا الملف كضرورة إنسانية تتلازم فيها مقومات صيانة الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني مع تأكيد موقفه المتمسك بحق العودة وفقا للقرار 194».

ودعت المذكرة المقدمة الى بان كيمون «إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية المتمثلة في الانسحاب الاسرائيلي الكامل من جميع الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية الوطنية المستقلة كاملة السيادة على الأراضي الفلسطينية، وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين وفق القرار 194.

كما دعت إلى الضغط على حكومة العدو الاسرائيلي لفرض استجابتها للقرارات الدولية، واتخاذ تدابير قانونية دولية - عقابية بحق مجرمي الحرب الإسرائيليين لارتكابهم جرائم ضد الانسانية، الضغط من أجل انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من جميع مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية والقدس لتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة فوق أرضه وتفكيك جميع المستوطنات ورحيل المستوطنين.

وأكدت أن التضامن مع الشعب والقضية الفلسطينية واجب وحق يطال كل المؤمنين بالعدالة الانسانية والحقوق المشروعة لشعب يعاني من واحد وستين عاماً ضد المحتل الإسرائيلي الغاصب.

بدورها، أصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بيانا جاء فيه أنه في «التاسع والعشرين من تشرين الثاني من كل عام، يحيي المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة ودول العالم وشعوبه بناء على قرار من الأمم المتحدة، اليوم العالمي للتضامن مع الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه في إنهاء الإحتلال وتصفية الإستعمار وتقرير المصير أسوة ببقية شعوب الأرض. واعتبرت فيه أن «الوحــــدة الوطنية تشكل حجر زاوية في مقاومة الإحتلال وتحشيد كل قــــوى شعبنا وأمتنا وقوى الحرية والعدالة والسلام كافة، من اجـــل حماية ثوابتنا ونيل أهداف شعبنا في الحرية والعـــودة إلى الاستقلال، الأمر الذي يتطلب استـــــناف جهود الحــوار والمصالحة الوطنية ووضع وثائق الإجماع الوطني (إعلان القاهرة، ووثيقة الأسرى) موضــع التنفيذ.