مع دخول أكبر ثوب في العالم، وهو الثوب الفلسطيني، في 12-11-2009 موسوعة غينيس خلال مهرجان 'حلم من خيوط' الذي نظم بمدينة الخليل بالضفة الغربية، تنجز الخليل انجازا هاما في مجال الثقافة إلى جانب انجازاتها في مجال التجارة والاقتصاد.
ونال هذا الانجاز اهتمام المسؤولين على كافة الأصعدة، ورافق المشروع من بدايته اهتمام الإعلام المحلي والعالمي، كونه يحمل تراثا حضاريا ورسالة تدعو إلى صون التراث والهوية والمحافظة عليه، ويدعو للتمسك بالماضي الذي نعتز به، والحاضر الذي نعيشه، والمستقبل الذي نتطلع إليه.
وكان لـ'وفا' لقاء خاص مع الذين عملوا وراء الكواليس، وكان لهم الأثر الأكبر في نجاح العمل واكتمال العرس الفلسطيني بعرض الثوب ودخوله موسوعة غينيس.
وأوضح مصمم الأزياء فراس دودين، الذي درس تصميم الأزياء في ايطاليا، أن فكرة المشروع قدمها مجموعة من الشباب والصبايا في نادي بيت الطفل الفلسطيني، وجاءت الفكرة بهدف تعريف العالم بجماليات وعراقة الثوب الفلسطيني، وللتأكيد للعالم بمدى أهمية التراث الفلسطيني الأصيل، وبمدى تمسكنا بهويتنا وتراثنا، وتعريف العالم بهذا التراث وحفظه من الضياع والسرقة.
وبين أن فكرة عرض الثوب في موسوعة غنتس للأرقام القياسية جاءت بمبادرة 'حلم من خيوط'، مشيرا إلى أن الإطلاع على الفكرة والرد عليها من موسوعة غنتس بالتواصل مع النادي استغرق ثلاثة أسابيع.
وتم تقسيم العمل على مجموعة من نساء قرى محافظة الخليل، وكان نصيب بلدة حلحول 45 متر مربع، وبلدة إذنا 90 متر مربع، وكان قياس الرسم 1/25.
وأوضح دودين الأجزاء الرئيسية للثوب الفلسطيني والمكون من منطقة الصدر 'القبة'، 'لعروق' الخطوط، 'والبنيقة' الجوانب، و'البدن' الجزء الأمامي.
وبين أن أعمال التصميم مأخوذة من الزخارف الفلسطينية القديمة، مثل النجمة الثمانية الكنعانية، خيمة الباشا، زهرة البرتقال من غزة، السبلة، وهذه الزخارف تخص جميع المناطق الفلسطينية، بالإضافة إلى الرموز الفلسطينية التي تم تطريزها في الثوب المتمثلة بالعلم الفلسطيني، شجرة الزيتون، شعار القدس عاصمة الثقافة العربية، وكلمة فلسطين. مبديا رضاه التام على هذه الاختيارات.
وأشار دودين إلى الصعوبات التي واجهت المشروع والمتمثلة في صعوبة التمويل، وصعوبة في العمل نفسه إذ يحتاج إلى مكان واسع، بالإضافة إلى مدى استيعاب الناس للفكرة واقتناعهم بها.
وعتب على مستوى مشاركة المؤسسات والمراكز الحكومية والخاصة، وكانت نسبة مشاركة شركات الخليل بمبلغ 4 ألاف دولار، بينما شارك بنك فلسطين المحدود بمبلغ 15 ألف دولار.
وأضاف: في الوقت الذي كنت آمل من اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، مساهمة في هذا العمل وخاصة في ظل الاحتفال بالقدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009، وبهذا اقتصر انجاز الثوب على أهل الخليل ماديا ومعنويا.
وتبلغ تكلفة الثوب حوالي 40 ألف دولار، بما فيها من المواد والأقمشة والأجور حيث ذهبت نصف التكلفة للأجور، مبينا أن العمل احتاج إلى 1500 متر مربع من الجورجيت الأسود، و60 مترا من الاوتامين، و180 مترا من ماركة التطريز، في حين استمرت عملية الحياكة شهرين، واستغرق عمل الثوب بشكل كلي حوالي ثلاثة اشهر، عملت في تطريزه 140 امرأة من محافظة الخليل، بإشراف زينات طميزي.
حول الألوان المستخدمة في الثوب الفلسطيني، أشار دودين إلى انه ادخل جميع ألوان الطيف الفلسطيني، فاللون لاحمر الأرجواني الأصلي الذي عرف لدى الكنعانيين قبل حوالي خمسة ألاف سنة والمأخوذ من دم حيوان اسمه 'رمكس'، واللون الأخضر المصبوغ بقشرة الجوز، واللون الأزرق المستخرج من شجرة النيلة التي تزرع في مدينة أريحا.
وأشار دودين إلى أن الهدف الرئيسي في هذا العمل ليس الدخول غنتس، وإنما تعريف العالم بالتراث الفلسطيني، ويحمل رسالة إلى العالم، ويبين مدى جمالية الثوب الفلسطيني، ودعا المرأة الفلسطينية إلى الاعتزاز والفخر بهذا الثوب.
وقال إن عناصر الجمال في الثوب الفلسطيني أجمل من أي ثوب تقليدي تراثي في العالم.
ويعد مصمم الأزياء دودين من أصحاب فكرة تحديث الثوب الفلسطيني ليناسب العصر مع الحفاظ على القيم والثوابت الأصلية للتراث، والأخذ بالعناصر الجمالية من الثوب وإضافتها على كافة الملابس العصرية والإكسسوارات.
وثمن عمل المتطوعين من طلاب المدارس والجامعات، ورغبتهم في العمل على إحياء روح التراث الفلسطيني، مبينا أن الثوب عمل نوع من الحراك الثقافي في مدينة تتسم بالتجارة والصناعة.
وصرح دودين لـ'وفا' بأنه بصدد عرض الثوب على سور الأرمن في عيد الميلاد في مدينة بيت لحم، ووجهت له دعوة في الربيع إلى أوروبا (ألمانيا،ايطاليا،اسبانيا) وفي العديد من الدول العربية والغربية.
وحول اكتمال الحلم بهذا العرض قال دودين: أنا جدا راض بالحدث العظيم والحفل أسعدني لدرجة إنني بكيت فرحا لمشاهدة مدرج الحسين يعج بالعائلات وممثلو المؤسسات الحكومية والأهلية على ارفع المستويات.
وأشاد بدور الإعلام المحلي والعالمي في متابعة الحدث كما أشاد بجهود زينات طميزي، ونفين القيسي على عملهن المثابر.
من جانبها، أكدت رئيسة ملتقى نسوي اذنا زينات طميزي، أن مصمم الأزياء فراس دودين، طرح الفكرة عليها للمشاركة في التطريز، وشرح لها أهداف العمل، وحجمه، وأهمية الدقة في العمل، والوقت المحدد لانجازه، مشيرة إلى أن الفكرة راقت لها وحمستها كون العمل يحمل اسم فلسطين ويحيي تراثها الغالي.
وعملت الطميزي على التنسيق مع النساء العاملات في التطريز، والمشاركة في الأفكار والزخارف اللازمة للثوب.
وأكدت أنها في البداية لم تستوعب فكرة التطبيق وخاصة أن العمل كان عبارة عن قطع، وليست مثل العمل التقليدي للثوب لكبر حجمه، ولكن تابعت العمل مع النساء حيث بدأن العمل 'بالبدن' أو الجزء الأمامي من الثوب، وأشارت إلى مساهمتها في تطريز 121 قطعة من 'البنايق' الجوانب، و22 قطعة من النجمة الكنعانية في القبة.
وأشارت إلى الصعوبات التي مرت بها خلال انجاز الثوب، حيث كان الوقت عاملا ضاغطا، إلى جانب الحرص على انجاز عمل متقن جدا، وخالي من أي عيوب، وكان هنالك ضغط نفسي ومخاوف من عدم انجاز العمل في الوقت المخصص. وأعربت عن شعورها بالفخر والاعتزاز لمساهمتها في هذا العمل الفني والانجاز الثقافي، الذي مثل حلمها وحلم كل من عمل فيه.
وأشادت بجهود مصمم الأزياء دودين، 'الذي كان يقضي وقتا كبيرا في العمل المتواصل، وكان حريصا على متابعة كل قطعة في الثوب بنفسه، ويتفقد عمل الخياطات ويقدم كل يحتجن إليه من الخيوط والأقمشة والألوان وغيرها، وكان التزامه بالعمل يشجع الجميع على الالتزام بكل ما يطلبه منا في سبيل انجاز العمل بأحسن صورة، وكثيرا ما كنا نقوم بفك التطريز وعمل التصليحات المطلوبة، وهذا يحتاج إلى جهد إضافي وتركيز أكثر'.
كما أشادت بدور المتطوعين في بيت الطفل الفلسطيني والهيئة الإدارة، وكفاح الشريف، الذين كانوا يتابعوا العمل في لجانهم لجمع التمويل اللازم للمشروع.
أما شعورها يوم الاحتفال، فقالت إنها أصيبت بمغص شديد بسبب التوتر والقلق وكثرة التفكير في عرض الثوب، والمخاوف من يكون الجو ماطرا، وأن يحصل أي طارئ يعيق عرض الثوب.
وأكدت على رضاها بالنتائج وشعورها بالفرحة الغامرة التي تصفها بالعرس الفلسطيني، مؤكدة أن فرحتها لم تسعها الدنيا، واصفة فرحتها بهذا الانجاز تضاهي فرحتها بأولادها يوم خروجهم من السجن.
من جهة أخرى، عرفت منسقة الأنشطة والبرامج نيفين القيسي، ممثلة عن المجموعة الشبابية صاحبة فكرة مبادرة 'حلم من خيوط' المتمثلة بـ'بشار فراشات، وأية أبو عمر، وهيثم طهبوب، ونانا يغمور، ومصعب عبيدو، وبشار طميزي ومهند طهبوب.
وأشارت إلى أنهم عملوا على الإشراف على تنفيذ المبادرة وقيادة الخطوات الأساسية، والتواصل مع الجهات الداعمة والممولة لتجنيد الأموال اللازمة لعمل الثوب، عن طريق زيارات ميدانية، واتصال مباشر مع المساهمين بتنفيذ المبادرة، والاتصال والتواصل مع موسوعة غينس لمتابعة الإجراءات وتوقيع الاتفاقيات اللازمة، بالإضافة إلى التنسيق لترتيبات مهرجان عرض الثوب النهائي.
وأشارت إلى صعوبات حقيقية واجهت العمل الضخم الذي كان بحاجة لطاقم عمل كبير، وبالتالي كان ضغط العمل موجه نحو المجموعات الشبابية، وطاقم العمل، والهيئة الإدارية لنادي بيت الطفل الفلسطيني.
وأكدت أن تجنيد الأموال اللازمة لعمل الثوب، اخذ وقت وجهد كبير، بالإضافة إلى عدم تفهم بعض الجهات الرسمية والمجتمعية لأهمية هذا المشروع الوطني وعدم تقديم الدعم اللازم.
وعبرت عن شعورها بالفخر والمسؤولية، معتبرة دخول موسوعة غينيس دخول التاريخ، ووضع فلسطين على الخارطة الدولية هو بمثابة عمل وطني يعزز الهوية الوطنية ويحفظ التراث الفلسطيني، وعمل رائع كهذا بأيدي فلسطينية شبابية يعزز شعوري بالمسؤولية، وعي بأهمية العمل التطوعي، والعمل كفريق واحد للوصول إلى هدف واضح ومحدد. ومسؤولية للمواصلة والمضي قدما لخطوات ومبادرات شبابية مماثلة لا تقل أهمية عن مبادرة حلم من خيوط.
وقالت: إيماني العميق بالفكرة وبأهميتها شحنني بطاقة عالية جعلت من الثوب حلم، عملنا ليلا ونهارا لتحقيقه.
وحول توقعاتها لهذه النتائج وردة فعل الناس على العمل، قالت: كنت على يقين بأن الناس سيدركون أهمية المبادرة، وأهدافها السامية في لحظة ما، قد يكون صوت الشباب العالي لايمانهم العميق بفكرتهم، وإصرارهم على تحقيق الهدف هو ما أجبر كل من حولهم على الاعتراف بأهمية ما صنعوا.
وأضافت: كانت ردة فعل الناس جدا ايجابية ومتفاعلة، حضور الناس عائلات إلى استاد الحسين للمشاركة بهذا العرس الفلسطيني هو اكبر دليل على نجاحنا بالوصول إلى المجتمع... استطعنا أن نوجد حراكا ثقافيا مختلف الأبعاد في مدينة الخليل.
ووصفت القيسي تعابير البهجة والسرور والشعور بالفخر 'تعابير مشتركة تراها في جميع الوجوه التي حضرت لحظة رفع الستار عن هذا الثوب الفلسطيني، وهذا هو انجاز عظيم بأن تكون قادرا على تحقيق نجاحات جماعية تشرك فيها المجتمع المحلي بكافة عناصره، كان نجاحا للشباب، لكل من عمل على انجاز هذا الثوب، لنادي بيت الطفل الفلسطيني، لمركز مصادر التنمية الشبابية –رواد، لمحافظة الخليل، لأهالي الخليل، لوزارة الشباب والرياضة، لكل الداعمين والمشجعين، للوطن، ولكل من يحب فلسطين'.
.
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007