أود، أولاً باسم الحزب الشيوعي اللبناني، أن أؤكد على أهمية القرار الذي اتخذناه بالدعوة إلى هذا المؤتمر الإستثنائي، وفي هذا الوقت بالذات. فهو يأتي بعد تراجعات عربية ودولية ملفتة، أسس لها خطاب رئيس الإمبريالية الأميركية، باراك أوباما، خلال زيارته الى المنطقة في تموز الماضي، وتوضحت معالمها في التوجهات التي تضمنها خطة الموفد الأميركي جورج ميتشل ، وبانت اهدافها للعيان في ما قاله باراك أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. ونلخص كل هذه الأقوال والتحركات بأنها تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي- الصهيوني من خلال السعي لتشتيت اطرافه وعبر الإستفادة من المعسكر المؤيد له والذي يطلق عليه إسم " العرب المعتدلين"...
الرفيقات والرفاق، لقد اعطت الوثيقة السياسية المقدمة لنا صورة وافية عن المسار التاريخي للصراع الناشيء في منطقتنا، بدءاً بالدور الذي لعبه الإستعماران البريطاني، اساساً، والفرنسي في نكبة فلسطين وشعبها، منذ أيام وعد بلفور ومعاهدة سايكس بيكو. كما لمحت، ولو سريعاً، إلى ارتباط المشروع الإستعماري – الإستيطاني في فلسطين باكتشاف البترول والغاز في الجزيرة العربية. ونود، هنا أن نضيف مسألة المياه ودورها كعنصر جديد للحروب، في القرن الواحد والعشرين، وما تزخر به منطقتنا العربية الممتدة من العراق الى سوريا وفلسطين ولبنان من انهار ومياه جوفية ( قمنا بدراسة حولها وقدمناها الى المؤتمر ).
إذاً، هدف الإمبريالية الأميركية واضح من دعم اسرائيل وكذلك من مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي طرحته إدارة جورج بوش السابقة. فهو يسعى إلى تعزيز الوجود الإمبريالي الجديد في الخليج العربي، امتداداً الى افغانستان، من خلال تمتين وضع إسرائيل، التي تشكل قاعدة أساسية للولايات المتحدة وحلفائها، إضافة الى الوجود العسكري المباشر، المتمثل في مئات آلاف الجنود الأميركيين والمنتمين الى حلف شمال الأطلسي، والى عشرات القطع الحربية ومئات الطائرات وشتى أنواع الأسلحة الفتاكة، المحظورة مبدئياً، التي استخدمت وتستخدم ضد شعوب المنطقة في فلسطين ولبنان والعراق على وجه التحديد.
لذا، نعتقد أن التوجه العربي للإمبريالية، الأميركية أساساً، من اجل إيجاد حل سلمي للمنطقة هو ضرب من ضروب الخيال. فالإمبريالية لا تولد إلا الحروب. وهي لا تتوانى حتى عن استخدام اسلحة الدمار الشامل، الكيميائية والبيولوجية وحتى النووية، حيث يحكى عن قنابل جديدة منها ذات انتشار محدود قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل، لاستخدامها ضد الضعب اللبناني واهالي غزة المحاصرة. كما يحكى أن هدف المناورات التي تمت في اواخر آب الماضي، ضمن حلف شمال الأطلسي وبمشاركة إسرائيلية، وتلك التي ستجري خلال هذه الأيام، هو تمكين إسرائيل من الثأر للهزيمة التي منيت بها في صيف العام 2006 على يد المقاومة الوطنية اللبنانية، بمختلف مكوناتها ومنها حزبنا ( بغض النظر عن احجام تلك المكونات ودور حزب الله فيها).
الرفيقات والرفاق،لابد لنا من أن نتوقف قليلاً عند " خطة جورج ميتشل"، التي خصلت، على ما يبدو، على مباركة من يطلقون على أنفسهم إسم " العرب المعتدلين".
هذه الخطة، القديمة المتجددة، تتجه باتجاهات ثلاث، عبر عنها خطاب باراك أوباما في الجمعية العامة عندما تحدث عن مسارات ثنائية أو متعددة الأطراف بين حكومة نتانياهو- ليبرمان والدول العربية.
الهدف الأول، وهو تسهيل تنفيذ شعار غلاة الصهاينة، منذ هرتزل وبعده من غوريون، امتمثل في تحويل إسرائيل الى " دولة اليهود في العالم". وهو شعار لا يعني، حسب رأينا، ما يجري تظهيره من أن الولايات المتحدة تريد التوصل الى دولتين على ارض فلسطين. بل إنه يعني اقتلاع مت تبقى من فلسطينيي 1948 من أرضهم والاستمرار في تهويد القدس والضفة الغربية، عبر المستوطنات التي لم تتوقف، بتشجيع من واشنطن وبغض الطرف من قبل الإتحاد الأوروبي الذي لم بعد يكتف بدعم إسرائيل مالياً واقتصادياً ولوجستياً، بل أدخلها ضمن خططه العسكرية والأمنية عبر المعاهدة التي صاغها الرئيس الفرنسي ساركوزي والتي تنفذ بحذافيرها في الوقت الحاضر. أما النظام العربي الرسمي، كله، فصامت أو يعبر بالكثير من الحياء عن مسائل الإستيطان وحق العودة وما يطرح من مشاريع لمدينة القدس.
الهدف الثاني، ويكمن في تطبيع غير مشروط للعلاقات العربية – الإسرائيلية، خاصة في المجال الإقتصادي حيث تتضح المطالبة بفتح مكاتب تجارية عربية ضمن الكيان الصهيوني، ويعلو الصوت حول " مبادرات اقليمية" جنباً الى جنب مع المفاوضات الثنائية التي يجب أن تقوم بين اسرائيل والفلسطينيين وإسرائيل ولبنان واسرائيل وسوريا.
أما الهدف الثالث لخطة ميتشل، فيتجاوز مسألة حل الصراع العربي- الصهيوني ومفاعيله، والتطبيع ونتائجه، لينطلق الى الغاء هويتنا ودمجنا في بوتقة دينية وطائفية يطلق عليها، اليوم مجدداً، إسم الشرق الأوسط الجديد، تؤدي الى تحويلنا الى مجموعات متنافرة، طائفياً وقومياً، ويدون هوية.
إن خطة ميتشل، المستندة الى ما يسمى " مشروع أوباما للسلام" خطيرة جداً، بل إنها أشد خطورة من سابقاتها. فهي تأتي في ظل حروب أهلية وطائفية، مستعرة او يجري التحضير لها، بدءاً مما يجري، اليوم، في اليمن وعودة الى العراق والمرحلة الدموية التي يشهدها والى الإنقسام الفلسطيني والى الأوضاع الخطيرة السائدة في لبنان والتي تعبر عنها الإنفجارات الأمنية المتنقلة، والتصعيد ضد الفلسطينيين وضد السلاح الفلسطيني داخل وخارج المخيماتـ مترافقاً مع عودة نغمة التوطين ورفضه...
في وقت تجري فيه محاولات حثيثة لتناسي الخلايا التخريبية الإسرائيلية التي تم اكتشافها.
وبينما يتراجع الحكام العرب عن التزاماتهم تجاه لبنان وفلسطين، واللاجئين الفلسطينيين على وجه التحديد، نجدهم يتبرعون بمئات مليارات الدولارات من أجل مساعدة الإمبريالية الأميركية على الخروج من أزمتها المالية والإقتصادية... ويقال أن بعض دول الخليج العربي مهددة بالإفلاس نتيجة المبالغ التي أسهمت فيها للتخفيف من مفاعيل الأزمة الرأسمالية...
إن لبنان في خطر، اليوم، نتيجة المؤامرة الأميركية – الإسرائيلية الجديدة المسماة" خطة ميتشل" وكذلك نتيجة ما تحضره إسرائيل، بدعم اميركي واطلسي، وبالإستناد الى بعض الأدوات الداخلية اللبنانية، من توسيع رقعة التفجيرات الداخلية (وهي التي تطمح الى استعادة أيام الحرب الأهلية) ومن احتمالات عدوان جديد تحت حجة عودة بعض الصواريخ الموجهة الى الإنطلاق من لينان، كما حرى منذ ثلاثة اسابيع، أو عودة سلاح حزب الله والمقاومة الوطنية الى المنطقة الحدودية... هذا عدا عن سلاح الوضع الإقتصادي والإجتماعي المتدهور في ظل اختلاف اطراف البرجوازية ( الذين توافقوا في الدوحة وشكلوا حكومة ممثلة لهم جميعاً) على كيفية توزميع الحصص، وإن نكن نحمل بعض الأطراف، وبالتحديد الطغمة المالية المرتبطة بالمشروع الإمبريالي النيوليبرالي المعولم، الوزر الأساسي للأزمة وما يمكن أن ينتج عنها اجتماعياُ وأمنياً. الرفيقات والرفاق،هذه هي، باختصار كلي، رؤيتنا للوضع السائد في لبنان والمنطقة. وهي رؤية واقعية، وليست تشاؤمية.
على هذ الأساس، نقترح على مؤتمرنا الإستثنائي وبالإضافة الى البلاغ المشترك الذي نوقش وادخل عليه تعديلات نوعية ، وضع خطة تحرك سياسية وجماهيرية داخل شعوبنا وفي مواجهة حكوماتنا والنظام الدولي المتمثل بالأمم المتحدةومؤسساتها، وفي مقدمتهم مجلس الأمن الدولي. هذه الخطة تنطلق من التالي:
1. إلزام اسرائيل على تطبيق القرار 194 الذي يؤكد على حق العودة للاجئين القلسطينيين الى ارضهم وبناء دولتهم المستقلة، ووقف كل اشكال الإستيطان وتدمير المستوطنات داخل الضفة الغربية وفي حدود قطاع غزة./
2. إلغاء كل الإتفاقيات العسكرية والمنية والإقتصادية التي تعطي الأولوية لإسرائيل ضمن الإتحاد الأوروبي وفي كل بلد أوروبي على حدة.
3. إقفال السفارات والملحقيات الإقتصادية الإسرائيلية الموجودة في عدد من البلدان العربية وكذلك تلك التي أقامت بعض الحكومات العربية في اسرائيل
4. العمل على وقف تهويد القدس العربية والمطالبة بنقل حكومة العدو منها.
5. القيام بحملة شاملة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية ومنتجات الشركات التي تدعم اسرائيل بالمال لكي تفتل أطفال فلسطين ولبنان وتدمر البلدين
هذا، وفي الختام، يدعو الحزب الشيوعي اللبناني جميع الأحزاب الشقيقة والصديقة الى إطلاق فعالية واسعة في 15 ايار المقبل ( 2010) في ذكرى اغتصاب فلسطين يمكن ان نتقدم باقتراح عملي اتنفيذها إبان لقائيا الدوري في نيودلهي، في تشرين الثاني المقبل.
د. ماري ناصيف-الدبس
نائبة الامين العام للحزب الشيوعي
مسؤولة العلاقات الخارجية
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007