ملتقى النسر الأحمر

أهلا وسهلا بكم فى ملتقى النسر الأحمر
رفيقى الزائر انت غير مسجل نتمنى منك التسجيل
للأستفادة من كل مميزات الملتقى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى النسر الأحمر

أهلا وسهلا بكم فى ملتقى النسر الأحمر
رفيقى الزائر انت غير مسجل نتمنى منك التسجيل
للأستفادة من كل مميزات الملتقى

ملتقى النسر الأحمر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فكرى تعبوي تنظيمي


    شمعة الحياة

    فتاة الاسلام
    فتاة الاسلام

    رقيب  رقيب



    انثى
    عدد الرسائل : 486
    العمر : 33
    العمل/الترفيه : طالبة
    المزاج : الحمد لله
    رقم العضوية : 715
    نقاط : 6143
    تقييم الأعضاء : 0
    تاريخ التسجيل : 10/07/2008

    شمعة الحياة Empty شمعة الحياة

    مُساهمة من طرف فتاة الاسلام الخميس يوليو 16, 2009 8:38 pm

    كان يجلس هناك في مكتبه ... وحيداً بين الأقلام والأوراق والأفكار المترامية.. كانت العواصف الهوجاء قد قطعت الكهرباء.. وسلبت الكاتب بريق الإتقان والإبداع .. ولكن الأفكار كانت تغزو رأسه وتلاحق فكره وتحث قلمه لرسم لوحة فنية جميلة ..أسرع لاهثاً باحثاً عن شمعة تضيء له العقل والقلب والوجدان ..وما هي إلا لحظات حتى أشرق المكان بضوء خافت باهت منكسر الخاطر.. عاد مسرعاً إلى ورقه ليسطر تلك الأفكار .. ولكن ضوء الشمعة كان قد فتنه .. سلبه الأفكار والخواطر المتلاحمة..حدق بالشمعة ..وما هي إلا لحظات حتى اقترب منها وجلس يتأملها بفكر ثاقب .. وبصر حاذق.. وحزن صادق..

    قال لها: أيتها الشمعة، ماذا تفعلين بنفسك؟ إنك تحترقين ...
    قالت: انا أحترق لأضيء لك دربك .. وأنير لك قلبك ...
    قال لها: ولكنك تتألمين ...
    قالت: لأجلك وُجدت .. ولأجلك سوف أُعدم الوجود..
    قال لها: أيتها الشمعة ، قطراتك تسقط من لهيب النار .. إبقي معي ولا تختفي .. فأنتِ القمر المنير في هذه الليلة المسكونة بالعواصف..
    قالت : سأبقى معك حتى أذوب .. سأذوب من وهج النار .. ومن رماد السيجار..لا تخف أحتاج لساعة أخرى قبل أن يأتيك الظلام وينير المكان بسواد قاتم حانق.. لا ترى فيه بدراً ولا فجراً ولا طيف إنسان..

    كانت العاصفة الهوجاء تقرع بقسوة الأيام جميع الأبواب والنوافذ والجدران.. ساد صمت في أرجاء المكان .. وجلس الكاتب يتأمل الشمعة وهي تذوب تحت أنقاض البركان.. كان ضوءها الخافت يتراقص بحزن من فقد الأمل ..رأها وهي ترقص له أجمل الرقصات ..كان ذلك اللهيب ينتقل يمنة ويسرة دون توقف .. كان يرتجف كلما برقت السماء وانطلق صوت الرعد كمارد جبار استيقظ من غفوته..
    قال لها: أيتها الشمعة، بماذا تفكرين ؟
    قالت: أتامل بك .. وأفكر بما يجول في خاطرك ..
    قال لها: ماذا يجول في خاطري ؟!
    قالت: أفكار شيطانية تلاحقك .. إني أراك وأنت تتامل بي .. تنتظر بلهفة المشتاق لحظة الانتهاء .. تقول في نفسك إلى متى سيستمر هذا الصمود ؟ وإلى متى ستستمرين في تحمل هذه الألام ؟ لماذا تتساقط قطراتك ببطء شديد .. وعنفوان مرير .. أهي الكبرياء .. أم هي العزة في رفض الإنكسار .. كيف تقفين بهذه الشجاعة وسط لهيب النار .. النار تأكلك .. وتمزقك .. وتحرقك وأنتِ تقفين كالفرسان .. كشموخ جبل النار .. لا تهزك العواصف ولا تضعفك شرارة الإحتقان..
    قال لها: لو كنت مكانك لسقطت منذ أول لحظة إحتراق ..
    قالت: تعلم مني شجاعة الفرسان وصلابة البنيان ... وشموخ الصمود ولحن الوجود ..كن مثلي ولا تنهزم أمام أول طوفان..
    قال لها: ولكني لا أملك هذه الشجاعة .. ولا تلك الصلابة .. شموخ الصامدين ليس عنواني .. وطوفان الأيام يغمرني منذ عقود ..
    قالت: ما دامت أنفاسك تحييك .. وقلبك يأويك .. وحلمك يرويك ..اذاً فأنت قادر على الوصول إلى ذلك العنوان.. عنوان المجد و الصمود ..
    قال لها: سأفكر فيما تقولين .. مع أنني أعلم أنني لا أملك اليقين..

    كانت قطرات الشمع تتساقط بغزارة .. بعدما طوقها لهيب النار .. وكلما سقطت قطرة .. سقطت من عينيه دمعة .. وازداد صوت الريح العابث بالأشجار قوة وجبروت وطغيان .. مضت الدقائق في طريقها قاطعة صوت الزمان .. لم يبقى من الشمعة الكثير .. لقد سقطت أمام ذلك الطاغوت كما تسقط الحصون والقلاع والمدن ...

    ناداها بصوت شجي حزين : أيتها الشمعة لا تختفي .. إبقي معي ولا تتركيني لوحدي مع هذه العاصفة المدوية..
    قالت بصوت مرتجف يلفظ أنفاسه الأخيرة : هأنذا أذوب ..وعما قليل سينطفأ وهج الحياة لدي .. ماذا ستفعل حينما يسود الظلام ؟
    قال لها: سأبكي عليك طوال هذا الليل الطويل .. فالدمع سيمنحني الدفء ويمنحني الصمود أمام ظلام الأيام...

    وجاءت اللحظات الأخيرة .. طافت بأرجاء المكان .. ولم يعد من الشمعة شيء يرتكز عليه اللهيب .. نهض الكاتب من مكانه .. وبنفخة واحدة .. توقف كل شيء.. وما هي إلا بضع دقائق حتى عادت الكهرباء لتضيء غرفة المكتب ...

    ذهول ودهشة اجتاحت كيان الكاتب .. نظر سريعاً إلى أنقاض الشمعة .. ثم جال ببصره في مكتبه وأوراقه وأقلامه .. كانت العاصفة قد هدأت .. وعاد السكون من جديد ليثير الشجون.. عاد إلى مقعده .. وقال في نفسه: لم يعد هناك حاجة إلى سكب الدموع .. لم يعد هناك حاجة إلى سكب الدموع...

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 9:41 pm