مَن لَم يَعرف عمر القاسم ، لا يعرف الحركة الوطنية الأسيرة ... فهو علم من أعلامها ورمزٌ من رموزها ، وأحد بُناتها الأساسيين وكان على الدوام عماداً أساسياً من أعمدتها الراسخة ... فكان في حياته قائداً فذاً ، ومناضلاً شرساً ، وأسيراً شامخاً ، ونموذجاً رائعاً ، وفي مماته شهيداً خالداً و قنديلاًً لن ينطفئ نوره .
نعم هذا هو عمر القاسم لمن لا يعرفه ، بل يعجز القلم عن وصف خصاله وتجف الكلمات حينما تسرد سيرته ، وتنحني القامات تقديراً حينما تتحدث عن بطولاته ومواقفه .
إنه عمر محمود القاسم من مواليد حارة السعدية في القدس القديمة سنة 1940 م ، و تعلم ودرس في مدارس القدس ، فدرس الإبتدائية في المدرسة العمرية القريبة من المسجد الاقصى ، وبعد أن أنهى دراسته الثانوية عام 1958 م في المدرسة الرشيدية الثانوية عمل مدرساً في مدارس القدس ، ولم يكتفِ بذلك بل واصل تعليمه والتحق بالإنتساب بجامعه دمشق وحصل منها على ليسانس الأداب " انجليزي " .
إلتحق شهيدنا بحركة القوميين العرب في مطلع شبابه وكان مثقفاً ونشطاً وفعالاً ومؤثراً بذات الوقت ، وسافر إلى خارج الوطن وإلتحق بمعسكرات الثورة الفلسطينية وحصل على العديد من الدورات العسكرية ، وبتاريخ 28/10/1968م قرر العودة إلى أرض الوطن وبعد اجتيازه لنهر الأردن وهو على رأس مجموعة فدائية من الكوادر كان هدفها التمركز في رام الله ، لكنها اصطدمت بطريقها بكمين إسرائيلي قرب قرية كفر مالك ، ولم تستسلم المجموعة وقررت القتال رغم عدم تكافؤ المعركة ولكن وبعد نفاذ الذخيرة تمكنت قوات الإحتلال من أسر المجموعة وقائدها عمر ، وأخضع هو ومجموعته لتعذيب قاسي جداً ، ومن ثم أصدرت المحكمة العسكرية على الشهيد حكماً بالسجن المؤبد ، وزج به في غياهب السجون وفي الغرف الإسمنتية وتنقل خلال فترة اعتقاله الطويلة بين العديد من السجون وأقسامها وغرفها .
وبالرغم من قساوة السجن والسجان ، و الشروط الحياتية القاسية ، والمعاملة اللاإنسانية إلا أنه لم يستسلم للواقع المرير فكان صلباً مخلصاً عنيداً غيوراً وصبوراً كصبر الجمال ، لم يساوم على مبدأ ، وكان من القلائل الذين يمتلكون الثقافة التنظيمية والسياسية والثورية فلعب دوراً بارزاً في وضع اللبنات الأولى لعملية التثقيف التنظيمي والسياسى وساهم بوعيه وثقافته في التعبئة والحشد المعنوي في إعداد الأسرى وفي مواجهة إدارات القمع الإسرائيلية لتحسين ظروف الإعتقال فشارك مع إخوانه المعتقلين في العديد من الإضرابات عن الطعام بل وكان من أبر الداعين لتلك الإضرابات ومن قيادتها ، كما وشارك في العشرات من الخطوات الإحتجاجية ، ونسج علاقات قائمة على الإحترام فحظى بإحترام الجميع ، ففرض نفسه بقوة على الساحة الإعتقالية بأخلاقه وسلوكه وحفر إسمه بحروف من نور بمواقفه البطوليه وغدى القاسم نموذجاً وقائداً ليس لرفاق الجبهة الديمقراطية فحسب ، بل ولكل الحركة الوطنية الأسيرة ....
نعم القاسم هو القاسم المشترك ما بين الأطياف السياسية للحركة الوطنية الاسيرة ، وبعد عملية تبادل الأسرى عام 1985م بين الجبهة الشعبية القيادة العامة واسرائيل والتي لم يفرج في إطارها عن القاسم ، تعرضت الحركة الأسيرة في كافة السجون لهجمة شرسة من قبل إدارة السجون لسحب إنجازاتها ومكاسبها وكسر شوكتها وإذلالها ، إلاّ أن القاسم بتجربته الغنية وشجاعته وصمود زملاءه وإصرارهم كان لهم رأي آخر فتصدوا وبحزم وببسالة لذلك من أجل تثبيت تلك المكاسب والتي تحققت بفعل دماء وآلام الاسرى ، وقد كان للقاسم دورٌ قياديٌ مميزٌ في ذلك .
ومن مواقفه البطوليه عندما قامت مجموعة مسلحة تابعة للجبهة الديمقراطية بتنفيذ عملية " معلوت " في الجليل وإحتلال مبنى ورهائن ، إستدعت إدارة السجن الشهيد "عمر القاسم" ومعه الشهيد " أنيس دولة " وأخذوهما على متن طائرة مروحية الى مكان العملية وساوموه وطلبوا منه أن يتحدث للفدائيين لتسليم أنفسهم واطلاق سراح الرهائن ، لكن القاسم رفض ذلك وبإصرار ، فإنهالوا عليه بالضرب المبرح وأعادوه كعقاب الى زنازين السجن الإنفرادية .
عانى القاسم خلال مسيرة حياته خلف القضبان على مدار واحد وعشرين عاماً العديد من الامراض في ظل سياسة الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة مصلحة السجون حتى كان الموعد مع الشهادة في الرابع من حزيران عام 1989م حينما توقف قلبه عن الخفقات ، وشارك في تشييع جثمانه الآلاف من جماهير شعبنا وقياداته السياسية ودفن في مقبرة الأسباط في مدينة القدس ، كما أقيمت للشهيد مسيرات وجنازات رمزية ومظاهرات عمت أرجاء الوطن وفي العديد من الأقطار العربية ... وبعد مماته ، وأكثر مما كان في حياته إحتل مكانة مميزة في قلوب كل الشرفاء والأحرار وكُتبت له القصائد والأشعار ، وحملت العديد من العمليات العسكرية اسمه وزينت الشوارع بإسمه وصوره وتغنى ولا زال يتغنى بإسمه المقاتلون ، وإذا كانت الشهادة هي أعظم أشكال التضحية ، فإن الشهادة خلف القضبان يضاف لها عظمة خاصة ، فلهؤلاء الشهداء فينا مكانة... وعلى رؤوسنا نحملهم تيجاناً ... ولسلوكنا نتخذهم نماذجاً .
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007