مظاهرات غزة
محمد كريشان
المظاهرات الصاخبة المنددة بما يجري في غزة والتي اجتاحت كل البلاد العربية قد تكون شكلت مفاجأة لكثيرين لسببين على الأقل، الأول أنه ساد اعتقاد ما بأن القضية الفلسطينية، وبسبب ما عرفته في الفترة الماضية من شقاق ومزايدات داخلية، لم تخلف في وجدان الرأي العام سوى المرارة المحبطة لأي تحرك تضامني حار معها، والثاني أن لكل مواطن عربي في بلاده من الهموم والمنغصات المعيشية والسياسية ما يحول دون تبلور همة خاصة للتنديد بشؤون أخرى حتى وإن كانت لها مكانتها في وجدانه تاريخيا.الآن اتضح أن الأمرين خاطئان أو على الأقل لم يكونا بالشكل الذي تصوره كثيرون.
تعامل السلطات العربية مع هذه المظاهرات المحرجة لها لم يخرج عموما من بلد إلى آخر عن ثلاث صيغ، إما المنع والقمع التقليديان أو ترك الشارع يعبر بالكامل عما يختلج فيه من مشاعر أو اختيار المنزلة بين المنزلتين بمعنى السماح بمظاهرات لا تخرج عن رقعة محددة بما يحول دون اتساعها. وفي كل الأحوال فإن هذه المظاهرات لا يمكن سوى أن تؤكد لأصحاب القرار في البلاد العربية أن الملف الفلسطيني بات شاءوا أم أبوا ملفا داخليا لم يكن ممكنا لا في السابق ولا في الظرف الراهن التعامل معه على أنه شأن خارجي لا يختلف عن أي شأن خارجي آخر في أمريكا الجنوبية أو آسيا. ورغم كل ما جرى في السنوات الماضية من محاولات، مقصودة أو غير ذلك، لفك الارتباط بين المسألة الفلسطينية وعمقها العربي إلا أن ذلك فشل فشلا ذريعا، وإلى الآن ما زال هناك من المسؤولين والمعلقين الأجانب من لم يفهم بعد أو لم يستسغ كيف يمكن لمواطن في أقصى الجنوب الموريتاني أن يخرج غاضبا مما يجري في فلسطين وكأن الأمر يحدث في قريته الصغيرة. أما هذه المرة فقد خرج أيضا متظاهرون في العراق رغم أن فيها من المشاكل السياسية والنكد المعيشي ما كان يفترض أن يحول دون التعاطف مع أي شيء آخر سوى الدائرة الضيقة المحيطة بكل واحد.
وتماما كما وقع صيف عام 2006 إبان الحرب على لبنان حين لم تقم الجماهير الغاضبة آنذاك وزنا لشبهة أن التنديد بما يجري في غزة إنما يعني التأييد لحــــزب الله، لم يكن في وارد الغاضبين الآن أن الخروج إلى الشارع يعني بالضرورة وآليا تأييدا لحركة حماس رغم أن كثيرا منهم بالتأكيد لديه هذه القناعة خاصة في أوساط التحركات التي دعت إليها أو قادتها أو هيمنت عليها تيارات إسلامية مختلفة في أكثر من عاصمة عربية.
الملاحظ هنا أنه في الوقت الذي نرى فيه ان أغلب المظاهرات في البلاد العربية تعبر تعبيرا عفويا وصادقا عما يختلج في الصدور من غضب على العدوان الإسرائيلي والخيبة العربية الرسمية في التصدي له، ولكن ربما دون أفق واضح لكيفية التأثير العملي الذي يمكن أن تكون لهذه التحركات بسبب غياب أو ضعف المؤسسات والأحزاب والهيئات القادرة على تفعيل وتوجيه تحركات رأي عام ضخمة كهذه التي تحدث، فإن الأمل ربما يكون معقودا أكثر من هذه الزاوية على الجاليات العربية في الخارج التي خرجت غاضبة في الولايات المتحدة وأكثر من عاصمة أوروبية، وكذلك مظاهرات تركيا وأكثر من دولة إسلامية هامة لأن البيئة السياسية والجمعياتية هناك تسمح بـ'رأسملة' هذه التحركات وتوظيفها بدرجات مختلفة أكثر وضوحا وانصهارا في قنوات المؤسسات القائمة بما يفرز في النهاية قدرة على الضغط أو التدخل الجاد لوقف الممارسات الإسرائيلية البشعة، في وقت ينظر فيه أغلب المسؤولين العرب، وغيرهم كذلك حتى من بين النخب، لتحركات الشارع الحالية على أنها مجرد فقاعة ستذهب مع الرياح كما ذهبت غيرها في ملمات أخرى لا تقل بشاعة.
محمد كريشان
المظاهرات الصاخبة المنددة بما يجري في غزة والتي اجتاحت كل البلاد العربية قد تكون شكلت مفاجأة لكثيرين لسببين على الأقل، الأول أنه ساد اعتقاد ما بأن القضية الفلسطينية، وبسبب ما عرفته في الفترة الماضية من شقاق ومزايدات داخلية، لم تخلف في وجدان الرأي العام سوى المرارة المحبطة لأي تحرك تضامني حار معها، والثاني أن لكل مواطن عربي في بلاده من الهموم والمنغصات المعيشية والسياسية ما يحول دون تبلور همة خاصة للتنديد بشؤون أخرى حتى وإن كانت لها مكانتها في وجدانه تاريخيا.الآن اتضح أن الأمرين خاطئان أو على الأقل لم يكونا بالشكل الذي تصوره كثيرون.
تعامل السلطات العربية مع هذه المظاهرات المحرجة لها لم يخرج عموما من بلد إلى آخر عن ثلاث صيغ، إما المنع والقمع التقليديان أو ترك الشارع يعبر بالكامل عما يختلج فيه من مشاعر أو اختيار المنزلة بين المنزلتين بمعنى السماح بمظاهرات لا تخرج عن رقعة محددة بما يحول دون اتساعها. وفي كل الأحوال فإن هذه المظاهرات لا يمكن سوى أن تؤكد لأصحاب القرار في البلاد العربية أن الملف الفلسطيني بات شاءوا أم أبوا ملفا داخليا لم يكن ممكنا لا في السابق ولا في الظرف الراهن التعامل معه على أنه شأن خارجي لا يختلف عن أي شأن خارجي آخر في أمريكا الجنوبية أو آسيا. ورغم كل ما جرى في السنوات الماضية من محاولات، مقصودة أو غير ذلك، لفك الارتباط بين المسألة الفلسطينية وعمقها العربي إلا أن ذلك فشل فشلا ذريعا، وإلى الآن ما زال هناك من المسؤولين والمعلقين الأجانب من لم يفهم بعد أو لم يستسغ كيف يمكن لمواطن في أقصى الجنوب الموريتاني أن يخرج غاضبا مما يجري في فلسطين وكأن الأمر يحدث في قريته الصغيرة. أما هذه المرة فقد خرج أيضا متظاهرون في العراق رغم أن فيها من المشاكل السياسية والنكد المعيشي ما كان يفترض أن يحول دون التعاطف مع أي شيء آخر سوى الدائرة الضيقة المحيطة بكل واحد.
وتماما كما وقع صيف عام 2006 إبان الحرب على لبنان حين لم تقم الجماهير الغاضبة آنذاك وزنا لشبهة أن التنديد بما يجري في غزة إنما يعني التأييد لحــــزب الله، لم يكن في وارد الغاضبين الآن أن الخروج إلى الشارع يعني بالضرورة وآليا تأييدا لحركة حماس رغم أن كثيرا منهم بالتأكيد لديه هذه القناعة خاصة في أوساط التحركات التي دعت إليها أو قادتها أو هيمنت عليها تيارات إسلامية مختلفة في أكثر من عاصمة عربية.
الملاحظ هنا أنه في الوقت الذي نرى فيه ان أغلب المظاهرات في البلاد العربية تعبر تعبيرا عفويا وصادقا عما يختلج في الصدور من غضب على العدوان الإسرائيلي والخيبة العربية الرسمية في التصدي له، ولكن ربما دون أفق واضح لكيفية التأثير العملي الذي يمكن أن تكون لهذه التحركات بسبب غياب أو ضعف المؤسسات والأحزاب والهيئات القادرة على تفعيل وتوجيه تحركات رأي عام ضخمة كهذه التي تحدث، فإن الأمل ربما يكون معقودا أكثر من هذه الزاوية على الجاليات العربية في الخارج التي خرجت غاضبة في الولايات المتحدة وأكثر من عاصمة أوروبية، وكذلك مظاهرات تركيا وأكثر من دولة إسلامية هامة لأن البيئة السياسية والجمعياتية هناك تسمح بـ'رأسملة' هذه التحركات وتوظيفها بدرجات مختلفة أكثر وضوحا وانصهارا في قنوات المؤسسات القائمة بما يفرز في النهاية قدرة على الضغط أو التدخل الجاد لوقف الممارسات الإسرائيلية البشعة، في وقت ينظر فيه أغلب المسؤولين العرب، وغيرهم كذلك حتى من بين النخب، لتحركات الشارع الحالية على أنها مجرد فقاعة ستذهب مع الرياح كما ذهبت غيرها في ملمات أخرى لا تقل بشاعة.
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007