كعادة نساء فلسطين يبدعن تحت الظروف القاسية، فقمن باختراع وإحياء كل ما يساهم في خدمة الأسرة خاصة في شئون المطبخ -الذي تساوت أحزانه عند كل أفراد هذا الشعب- ولم تتوانَ من أجل أبنائها في اللجوء للعادات القديمة كالعودة لتخزين وحفظ الخضراوات وصنع الحلويات البسيطة منزليا، "إسلام أون لاين.نت" جالت أزقة المخيمات وتعرفت لإبداعات المرأة الفلسطينية داخل المطبخ. الملوخية.. البامية.. ورق العنب.. تُطهى تلك المأكولات بشكل يكاد يكون متشابها في أغلب البلاد العربية، إلا أن قصر ذات اليد في فلسطين والرغبة في تنويع الطعام الذي أصبح مقصورا على أصناف معدودة يقتضي الإبداع في تنويع مثل تلك الأصناف على المائدة الفلسطينية المتواضعة، تقول صباح ظهير -34 عاما- من مخيم رفح: لدي مخزون من الملوخية والبامية، دفعتني الرغبة في تنويع الطعام إلى طهي تلك الخضراوات بأكثر من طريقة، فالملوخية أصبحت أطبخها بعدة طرق مع الفول أو مع البندورة أو مع السلق، وكذلك البامية مع العدس ومع الفول أو الأرز، كما أنني أحاول صنع أنواع من الطعام منزليا فعصر أمس كنت عند رفيقتي لأتعلم منها كيفية صنع الشعرية. ابتسمت المرأة السمراء ابتسامة رقيقة ثم قالت: أصبحنا نتنافس على التعلم من أمهاتنا وحمواتنا يوميا، وكل يوم نبحث عن الجديد. نهى من مخيم عسكر الجديد في مدينة نابلس تقول: كنا في حظر للتجوال لمدة خمسة أيام لم يكن لدي في البيت إلا القليل، رغب أطفالي في تناول أي شيء بمذاق حلو، كنت حائرة ماذا أصنع؟ ولا يوجد في مطبخي سوى القليل، عندها أخبرتنا حماتي بطريقة صنع قراقيش محلاة بالسكر، كانت سهلة، لقد عجنت الدقيق وجعلته شرائح رقيقة وقليته بالزيت ثم رششت عليه السكر والقرفة فأعجب أبنائي كثيرا. الفرن الطيني يعود بين الفينة والأخرى تقوم قوات الاحتلال بفرض حصار شامل على المعابر الرئيسة في الأراضي الفلسطينية، وهو ما يحول دون دخول الكثير من مستلزمات الحياة ومنها الغاز الطبيعي؛ ونظرا لتكرار تلك التعسفات لم تجد المرأة الفلسطينية حرجا في طهي طعامها على الحطب، فمنذ عشرة أشهر رأت الحاجة مريم ضرورة لصنع الفرن الطيني أمام بيتهم العائلي الكبير الذي بني على الطراز الشامي. تقول الحاجة وقد تربعت بالقرب من الفرن الطيني: لدي من الأحفاد عشرون، ونحتاج لكمية كبيرة من الطعام، ومع تكرار انقطاع الغاز وجدت ضرورة لإنشاء هذا الفرن.. عادت بذاكرتها السبعينية إلى أيام البلاد التي هاجرت منها عام 1948، فقالت كان لا يخلو بيت من هذا الفرن، كنا نصنع شتى أصناف الطعام عليه، وأنا الآن أصنع فيه كل ما يشتهي أبنائي وأحفادي دون أن نحتاج لكرم قوات الاحتلال في إدخال الغاز إلى القطاع. كان دخان الفرن يحمل رائحة قوية لأقراص الفطائر تقول الحاجة مريم -بعد أن عدلت وضعية حجابها-: هذه فطائر السبانخ، ورغم أنها بدون اللحم فهي شهية، أقبل عليها أحفادي قبل أن تبرد. وأضافت الآن أصنع كل ما نشتهي وخاصة "خبز الطابون"، وهو نوع من أشهر أنواع الخبز العربي الشامي.. كنا نعتمد في السنوات الأخيرة على الخبز السوقي.. صمتت قليلا ثم قالت وعيونها تتحسر على جمال الحياة التي حرمها منها الاحتلال: في قريتي "حمامة" كانت حياة رائعة. وأكملت حديثها فقالت: بعت قطعة من مصاغي لشراء تلك الماعزة (العنز) لنستفيد منها، فنحن الآن نروب حليبها ونصنع منه المش والجبن واللبن، كما نستخدم الحليب في صنع الحلويات البسيطة التي نلهي بها الأطفال كالمهلبية و"الرز بالحليب" والعوامة والسحلب والبليلة وهي عبارة عن قمح مسلوق يصب عليه الحليب. كانت الكمية التي تصنعها الحاجة مريم بمساعدة زوجات أبنائها كبيرة، عللت ذلك برغبتها بتوزيع الفطائر على بناتها المتزوجات وبعض من جيرانها.. لم تسمح لنا الحاجة مريم بمغادرة منزلها دون شرب الشاي المعطر بحب الهان، وتناول قطع من فطائر السبانخ. الصنع المنزلي "حاكورة" مصطلح شعبي يُطلق على ساحة البيت الأمامية في فلسطين، وهي كثيرة بين أزقة المخيمات بشكل عام، طرقنا باب حاكورة أم محمد كانت جالسة بجوار جارتها التي قدمت لمساعدتها في صنع "اللبنة"، تقول أم محمد من مخيم الشجاعية وهي تحتضن طفلتها نورة سبعة أشهر: اعتدنا على شراء الجبن جاهزا، وكنا نحتار في شراء أي من الأصناف العديدة في الأسواق، أما بعد منع تلك المنتجات من دخول الأسواق الفلسطينية إضافة للسبب الرئيس وهو سوء الوضع الاقتصادي، فقد بدأت أبحث عن كل البدائل، وذات يوم طلبت مني أمي أن أصنع الجبن لأبنائي. وأضافت: كانت حصتي من تموين وزارة الشئون الاجتماعية خمسة أكياس من الحليب المجفف غالبا ما كنا نستهلكها في صنع الحلويات، أما الآن فأنا مضطرة لعمل الجبن واللبنة منها، أشارت أم محمد إلى كيس من القماش كانت تضع فيه "حليب روبته" قبل ساعة، وتنتظر الشمس أن تجفف بعضا من مائِه، قالت فكرت في عمل اللبنة فلدي أربعة أطفال هم تلاميذ يحتاجون لساندويتش يوميا، وأحيانا أشكل لهم حشو الساندويتش بمربى العنب، لقد صنعت لهم "العنبية" بيتيًّا عندما كان موسم العنب كثيفا، كما أنني بين كل فترة وأخرى أطحن القمح وأصنع منه "الدقة"، وأحرص على ألا تنتهي من البيت. أم محمد -35 عاما- متزوجة منذ 12 عاما تقول: لم أصنع من قبل مثل تلك الأشياء إلا في انتفاضة الأقصى. في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرا كانت شمس غزة حارة اصطحبتنا سهير إلى سطح منزلها في مخيم النصيرات لترينا البندورة المجففة والكشك. سهير بدوية مهاجرة من بئر سبع الواقعة ضمن أراضي الـ48 تقول: لا أنكر أن الكثير من النساء كانت تعتبر تلك الأشياء غير حضارية، لكنني وجدت الحضارة كلها في تلك الأشياء، البندورة الآن مرتفعة الثمن، وقبل أن يشتد هذا الارتفاع قمت بإحضار كمية كبيرة من البندورة وبعد تقطيعها عرضتها لتجف وسأقوم بتخزينها لوقت احتاجها فيه. أما "الكشك" فهو عبارة عن قمح مجروش معجون باللبن يجفف على شكل أقراص. أما عن كيفية طبخه فتقول سهير: أنقع الأقراص المجففة في الماء الساخن ثم أذوبها بالماء وأضع معها الحمص المسلوق واللحم. أقبل العديد من المواطنين الفلسطينيين مؤخرا على تربية بعض من الدواجن على أسطح منازلهم أو في ساحة بيوتهم الأمامية، وذلك للاستفادة منها في أوقات الحصار تقول أم إبراهيم 45 عاما: لقد اشتريت عشرة كتاكيت من السوق، ولأول مرة سأحاول تربيتها، وآمل أن أنجح. وأضافت أن السبب الذي دفعها لذلك رغبتها في توفير دواجن للطهي في أوقات الحصار ومنع التجوال، كما أن زوجها قام مؤخرا بتهيئة ساحة البيت الطينية وزراعتها بالنعناع والملوخية والريحان والفلفل والبقدونس، وذلك حرصا منا على توفير بعض من مستلزمات الاكتفاء الذاتي. الأعشاب دواء في الحصار منطقة وادي السلقا منطقة محاصرة بالمستوطنات الصهيونية، حيث تجاور مستوطنة كفار داروم 23 عائلة فلسطينية تتحكم في كافة مناحي حياتهم اليومية، وتفرض حصارا شاملا عليهم؛ حيث يُمنع المواطنون الفلسطينيون من الخروج يوميا من الساعة السادسة مساء حتى السادسة صباحا، وهذا ما دفع الأمهات هناك لأخذ الحيطة والحظر لإحالة خروجهن، ريما موسى امرأة في الثلاثين من عمرها لديها أربعة أبناء آخرهم طفل رضيع، ونظرا لطبيعة فترة الرضاعة وإمكانية تعرض الطفل لوعكة صحية حرصت ريما على توفير الكثير من الأعشاب الطبيعية التي يمكن استخدامها لمداواة الطفل في فترة قد يحول الاحتلال دون خروجها من البيت، تقول ريما: ذات ليلة أصاب طفلي مغص شديد، ولم يكن لدي أي من الدواء، تنهدت.. ثم قالت: لقد قضى طفلي ليلة قاسية توجع فيها كثيرا، وفي الصباح أمرتني أمي بإحضار أعشاب قد تنفع في مثل تلك الأوقات، فقمت مباشرة بالذهاب للعطار وأحضرت كمية من البابونج والمرمرية واليانسون وقشر الرمان وجميعها يُغلى بالماء ويشرب.. كما أنه في الأوقات العصيبة تتكاتف النسوة وعملا بالمقولة (لقمة هنية تكفي مية)، فتقول ريما طهيت ذات يوم الملوخية، ولم يكن في بيتي أي من الخضار أو الأزر، وعندها ومن شرفة المنزل اقترحت على ثلاث من جاراتي أن تجهز كل واحدة منهن مما هو متواجد في بيتها، وبالفعل جهزت الأولى منهن الأرز، والثانية صنعت سلطة الخضار، ثم اجتمعن خارقات حظر التجوال في بيتي وأكلن معا، كان يومها الطعام جميلا جدا، اعتدنا بعدها على تكرار ذلك.
3 مشترك
المرأة الفلسطينية مبدعة
يافاالهيئة الأدارية
عدد الرسائل : 1746
العمر : 50
رقم العضوية : 180
الدولة :
نقاط : 6278
تقييم الأعضاء : 7
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
- مساهمة رقم 1
المرأة الفلسطينية مبدعة
حكيم الثورةالمؤسس
عدد الرسائل : 2482
العمر : 47
العمل/الترفيه : كتائب ابو على مصطفى
المزاج : هادئ
رقم العضوية : 1
الدولة :
نقاط : 8704
تقييم الأعضاء : 1
تاريخ التسجيل : 12/11/2007
- مساهمة رقم 2
رد: المرأة الفلسطينية مبدعة
ألا تحتاج المرأة الفلسطينية حقا ان نقبل الارض تحت أقدامها
لا يشبه المرأة الفلسطينية اي مرأة أخرى، لقد تصدرت الرقم الاول في كل شيء.في الصبر وفي المعاناة وتجيير الظروف الصعبة لصالحها
سلمت يمناكي يا ابنة كنعان
شكرا لرفيقتنا يافا
لا يشبه المرأة الفلسطينية اي مرأة أخرى، لقد تصدرت الرقم الاول في كل شيء.في الصبر وفي المعاناة وتجيير الظروف الصعبة لصالحها
سلمت يمناكي يا ابنة كنعان
شكرا لرفيقتنا يافا
ميساءمشرف المنتديات الإجتماعية و الترفيهية
عدد الرسائل : 4669
العمر : 48
رقم العضوية : 729
نقاط : 8662
تقييم الأعضاء : 8
تاريخ التسجيل : 17/07/2008
- مساهمة رقم 3
رد: المرأة الفلسطينية مبدعة
ألا تحتاج المرأة الفلسطينية حقا ان نقبل الارض تحت أقدامها
كلامك صحيح رفيقي لانها فعلا المراة الفلسطينية مبدعة
تحياتي
كلامك صحيح رفيقي لانها فعلا المراة الفلسطينية مبدعة
تحياتي
يافاالهيئة الأدارية
عدد الرسائل : 1746
العمر : 50
رقم العضوية : 180
الدولة :
نقاط : 6278
تقييم الأعضاء : 7
تاريخ التسجيل : 27/01/2008
- مساهمة رقم 4
رد: المرأة الفلسطينية مبدعة
كل الشكر لكم رفيقي حكيم الثورة وميساء على مروركم وتعليقكم
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007