توالى الردود على مقال المدعو إبراهيم الحمامى الجبهة الشعبية .. وسعدات وأخريات

لسنا في خطبة جمعة لنقول آمين يا حمامي

د.عاطف سلامة

كثر هم من يمتشقون سلاحا على غير العادة ، فالأسلحة كثيرة , منها البندقية ومنها الرشاش ومنها ما هو أكثر فتكا ؛ ومنها القلم.. واستخدامها جميعا يتطلب مهارة ومزيدا من الحذر.. وهو ما يذكرنا بالمثل الشعبي (اللى بيته من زجاج لا يرجم الآخرين) .
كُتاب ,عفوا خُطباء اليوم كالفطر يظهرون مع البرق وسرعان ما يختفون , فمنهم من تأتيه فكرة فيسرع إلى تفريغها من رأسه خوفا من أن تطير ، لينفذها دون احترام لآداب المهنة وبعيدا عن الموضوعية وعلى غير الأسس والتقاليد المهنية المتبعة في كتابة المقال الصحفي السليم.
وعلى عجل في لملمة الأفكار وترتيبها ، وكذا.. يقترفون الكذب بهتانا وزورا ويدمجون الحقيقة بخيال يوحى لهم (لا أعرف من أين ؟ ) فيلسعون دون اكتراث ويلبدون ، لكنهم لا يعرفون أن هذه اللسعات ستطالهم حتما.

الدكتور إبراهيم حمامي أحد أقطاب خطاب الردح , فبعد أن قرأ الفاتحة على روح حركة فتح قبل أيام يأتي اليوم ليُنعي اليسار الفلسطيني ويتطاول على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في خُطبة (لا مقال) نشرت على موقع فلسطين الآن بتاريخ 18 يونيو 2009 تحت عنوان ( الشعبية وسعدات .. وأخريات).

هذه الخطبة التحريضية المبطنة المليئة بالحقد وتزوير الحقائق تحتاج إلى رد أدنى من المستوى المطلوب .. فعفوا عزيزي القارئ الكريم" فلكل مقام مقال.
خطبة وكأننا في يوم الجمعة يريدنا أن نستمع ونغادر ، خطبة تنم عن عدم معرفة بمواقف وتاريخ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.. ويبدو أن الخطيب يستند (إن استند أصلا ! ) على رتوش الأخبار وخردتها , ولا يقرأ إلا ما يحلو لعمامته من رؤوس أقلام وعناوين فقط (إن فعل !) عدا عن أن الكاتب الحق إن أراد أن يترجم أفكاره إلى مقال صحفي فلا بد له من الاطلاع والتمحيص والمراجعة والسؤال والاستفسار قبل تناوله لأي عنوان.
وبناء عليه لا يمكن لـ(حمامي) أن يبني موقفا أو يتهم أحدا بالتقصير أو يتهجم على الشعبية أو قوى اليسار لسبب بسيط ؛ وهو أنها قدمت الكثير أولا .. وهو غير متابع وغير مطلع ويريد التهكم فقط ثانيا !.
الحمامي شخص قرر أن لا يقرأ إلا ما يكتب هو , ولا يطلع إلا على سمومه.. ونسي الـ (حمامة) أن النسور تحلق دوما في السماء والشعبية صاحبة التاريخ النضالي المشرف الطويل, قدمت عبر تاريخها آلاف الشهداء ورفعت اسم فلسطين عاليا وما عملية تصفية المجرم زئيفي وشطب حزبه عن الوجود ما هي إلا واحدة من بصمات الجبهة الشعبية ، وما اجتماع الكونغرس ومجلس الشيوخ الأمريكي ومجلس الدوما الروسي ومجلس اللوردات البريطاني والكنيست الصهيوني وقمم عربية عدة إلا لاتخاذ مواقف صارمة من الشعبية التي قلبت الطاولة وقالت:" فليستمع العالم: هنا فلسطين " وعليه فلم تنزع عنها صفة (الإرهاب ) حتى يومنا هذا فسبعينيات القرن شاهدة..
وحين يذكر اسم الشعبية أيها الحمامي عليك أن لا تفكر، بل تسارع إلى الانحناء تعظيما وتقديرا واحتراما لأنك اليوم موجود فقط لأن الشعبية وفصائل اليسار وفتح قدمت الكثير فلا تتطاول وامسك الخشب حين يذكر اسمها..
فأقل النصائح لك أن تقرأ وتتعلم من تاريخ هذه الأحزاب والحركات.. فأين كنت حينما قاتلت.. وأين كنت حينما حاربت وناضلت وضحت وقدمت ..أين كنت؟؟.. أين كنت حينما استشهد الأديب الفلسطيني العربي غسان كنفاني الذي ترجمت أعماله إلى ثمانية وأربعين لغة " ليقول : كل الحقيقة للجماهير "هنا فلسطين الأدب" هل فكرت أن تكتب عنه في ذكرى استشهاده !!؟ "

حقيقة أن خطبة (حمامي تسئ إلى الشعب الفلسطيني ككل قبل الإساءة للشعبية كونها بعيدة كل البعد عن الواقعية ، وتنم عن حقد لا ضرورة لإعلانه عبر وسائل الإعلام ،فبإمكانك أن تحتفظ بموقفك لنفسك ولا تعممه .. كون الشعبية فصيل طليعي مقاتل ورقم صعب في المعادلة الفلسطينية قبل أن تولد..فأقل ما يقال أن خطابك يا (حمامي ) كنعيق البوم في الخراب.

الشعبية دوما مع الحقيقة لا تخفيها ولا تخافها ولا ننكر أن الشعبية هضم حقها وجففت مصادرها, ولكن هذا جاء نتيجة مواقفها البناءة الوطنية الحريصة على مصلحة الشعب ( فلم تتطاول يوما ولم تمتشق سلاحا لتقتل فلسطينيا مسلما أو مسيحيا ، أخا أو رفيقا فلسطينيا , فسلاحها مصوب دوما نحو الاحتلال وسلاحها وسيلة وليس هدف ) .. وإن كنا نعرف أن مسيرة عشرات الآلاف التي نظمتها الشعبية في غزة للوحدة وضد الانقسام في 13 يونيو هي السبب الرئيس الذي دفعك غيظا لكتابة خطبتك الهجومية, ولمعرفتك بأن مجد الجبهة بدأ يعود من جديد وجماهيرها تتسع وتتزايد يوما بعد يوم, لأن الناس تعرف مواقفها النابعة من فلسطينيتها فقط ولا ظهر لها ولا مرجعية سوى قرارها وبندقيتها وجماهيرها وأشاوسها ونسورها وفدائييها.
وادعاءك مردود عليك فاطمئن وطمئن زبانيتك أن لا مواقف مختلفة بين داخل وخارج أو كادر وآخر أو قيادي ورفيقه .. وعلى رأي المثل (اللى في بطنه عظام ..بتحسسها). فالجبهة على قلب رجل واحد لا موقفين لها والكل يجمع على الاحترام والالتزام بقيادته المركزية المنتخبة وفق لوائح وقوانين تنظم العمل الجبهاوي على مدار تاريخها . (بإمكانك الرجوع للنظام الداخلي وشروحاته إن شئت أو أردت الاستفادة !)
لم يعد اليوم التطاول على الآخرين وفكرهم وإيديولوجيتهم ميزة كي تجد قراءَ .. اذهب وابحث عن شيء آخر تسلى به , فالتيجان لا توضع إلا على الرؤوس لا على أخمص القدمين ..فأنت قررت عدم التعاطي أو التعامل مع الآخر ..فهذا شأنك وهذا أنت والحرية لك! ولنعرفك قليلا على الجبهة قبل أن تجرؤ على المساس بها.. ولتمر بسلام هذه المرة كونك لا تعرفها
ألا تعرف حكيمها و وديعها وليلي خالد ..فكيف تجرؤ!
ألا تعرف نسورها وماضيها وتاريخها.. فكيف تجرؤ!
ألا تعرف مواقفها وخطاب الرأس بالرأس لسعدات ..فكيف تجرؤ!
ألا تعرف عملياتها الفدائية والنوعية ..فكيف تجرؤ!
ألا تعرف كتابها وفنانيها ومثقفيها ,أمثال غسان كنفاني .. فكيف تجرؤ!
كيف تجرؤ وتسمح لنفسك بالتطاول.. وكيف سمح لك موقع فلسطين الآن بالنشر ؟!.

الجبهة يا (حمامي) دائما حافظت على التوازن بعيدا عن السلاح ، دائما حافظت على الخط الملتزم ، خط الحكمة ، وما سمي الدكتور الشهيد المؤسس جورج حبش بالحكيم إلا لأنه كان حاميا للثورة من الشطط والاعوجاج .. وحين غادر حكيم الثورة (تعرف ماذا حدث ويحدث الآن!).وكذلك الحكماء أمثال الياسين وأبو عمار والشقاقي.

إن ربط مواقف الشعبية بالتبعية فيه ظلم واستخفاف بعقول القراء والمطلعين وليس المتلقي في حضرة الاستماع لخطبة الجمعة كي يقول آمييين !..
تعودت الجماهير الاستماع لمواقف الشعبية وتحذيراتها مما هو آت بكل آذان صاغية لأنها تحمل المصداقية والأمانة ولأنها ورثت الحكمة , والرؤية السياسية الصائبة والأنضج .. فحين حذرت من اتفاق مكة وتبعات المحاصصة لم تستمعوا !, ولكن ما حدث هو ما قالته الشعبية بالفعل .. وحين تحذر اليوم من نفس الطريقة في القاهرة .. ستعرف النتيجة لاحقا ولكن متأخرا.

عليك أن تتعلم السياسة والرؤية السديدة ولا تستخدم سلاحك "مطلق سلاح"، ومن يستخدم سلاحه يكون فقد أعصابه ولم يجد وسيلة أخرى للإقناع سوى الضرب بالنار والقتل أحيانا للخلاص من الند , وحين يستخدم المدرس العصا أو الفلكة في توصيل رسالته لتلاميذه فقد أثبت بالقطع أنه الفاشل وليس التلميذ الذي لم يستطع أن يفهم ما يريده معلمه.

ليس ذنب الشعبية انك لا تقرأ وتتهمها بالتقصير خاصة في قضية إضراب أمينها العام النائب أحمد سعدات فأنت لا تطلع ولا ترى سوى نفسك ، فالبيانات المتلاحقة عن المكتب السياسي واللجنة المركزية والمكتب الإعلامي المركزي واللقاءات والاعتصامات والمقالات والمسيرات التضامنية التي عمت أرجاء المعمورة تضامنا مع النائب سعدات .. فالطلاب والمرأة والجاليات والاتحادات وجميع الفصائل شاركت ، ألم تر أو تقرأ أو تطلع على شئ من هذا !!
.. ماذا أقول سوى أنك غائبا عن الساحة وتريد أن تتصيد في الماء العكر !
أما فيما يتعلق بمواقف الشعبية مما يحدث في الضفة الغربية (وهو ما تطرب إليه, نعرف ذلك!) فلم تحدث حادثة إلا وكان للجبهة موقفا واضحا وصارما وسريعا ولا رجعة عنه سواء قضية هيثم عودة أو مؤيد بني عودة أوما تحدثت به الرفيقة النائب خالدة جرار على وسائل الإعلام وأوضحت ما حدث بالتفصيل ( مشكلتك أنك لا تقرا وتدعي أنك كاتب .. فصفات الكتاب غير متوفرة لديك)
من قال لك أن الرفيق نائب الأمين العام عبد الرحيم ملوح يطالب بمنصب رسمي في السلطة !؟ من أين تأتي بمعلوماتك, افتراء وكذب ، فأنت تجلس في لندن وملوح في رام الله (هل تزودك السي أي ايه بما يفكر ملوح !!؟).
الجبهة يا حمامي لا تشكل غطاء سياسيا لكائن من كان كما تدعي.. فالشعبية تعلن موقفها بكل وضوح وشموخ ولا تخشى أحد ,أما فيما يتعلق بجمعيات حقوق الإنسان فجميعها تقوم بواجبها الوطني .. وإن لم يعجبك ما تخرج به من توصيات فهذا شأنك ، يمكنك أن تغير وتحسن من أداءك.أو تقفلها وتصرف موظفيها.
أما إذاعة صوت الشعب الذي تدعي أنها أصبحت ناطقة باسم فتح, أو منظمة التحرير، نعم ، صدرت شائعات بذلك ..وأقفل الملف بعد أن صدر بيانا وتلاه لقاءات عده مع رئيس مجلس إدارة الإذاعة الدكتور ذو الفقار سويرجيو يدحض فيه ويفند ما جاء على وسائل الإعلام ليقول حرفيا :" إن ما بثته وسائل الإعلام افتراء وكذب " وبإمكانك العودة إلى البيان على موقع الشعبية. علما بأن صوت الشعب له الفخر لأن يكون ناطقا باسم منظمة التحرير ،لكنه للأسف ليس كذلك وبإمكانك أن تعود لعشرات الآلاف من المستمعين.
نقول في موضوع الوساطة .. الشعبية ليست وسيطا بين فتح وحماس .. الشعبية طرفا ورقما في الساحة الفلسطينية لها وجهة نظر يجب أن تحترم.. وإذا كنا نقترح وسائل عديدة دوما لإنهاء الانقسام وترفضها فتح أو حماس ولا يستمعون للشعبية أو لغيرها من الفصائل فهذا لأن قرارهم ليس بأيديهم .. فماذا نحن فاعلون؟ يفضلون ألا يستمعون لنا( هل نقتل؟) بالتأكيد لا.
وهذا بالتأكيد لا يعني أننا نغير ونبدل من موقفنا كي نرضي طرفا على حساب الآخر.. نقول في هذا الموضوع أن الانقسام يضر بالقضية وبالمصلحة الوطنية ويفيد فقط الاحتلال , ونوضح رأينا وموقفنا للجماهير ,, وعليها أن تعي وتفهم من الذي يعيق الحوار والوحدة كي تحاسب لاحقا .. فالشعب عاقب فتح في الانتخابات بالأمس القريب وتراجعت جماهيرية حماس اليوم , بالتأكيد هذا مرتبط بمواقفهما وسلوكهما وخدمتهما للناس، فشعبنا واع ويستطيع التمييز بين ما هو وطني وما هو غير وطني .. وقريبا (بعد الاتفاق المنشود الذي نطمح إليه ) سنتوجه لصندوق الاقتراع لنعرف من خدم ومن أصاب ومن أخفق , ويبقى الحكم للشعب الفلسطيني.

وحول أزمة اليسار فلا أحد ينكر أنها تحتاج إلى طرقها مجددا ، وهنا أذكرك بقول الحكيم "جورج حبش" قبل رحيله لكيفية الخروج من أزمة اليسار :" المطلوب فتح أوسع حوار بين أجنحة اليسار العربي لإعادة تحليل وتركيب كافة القضايا التي تواجه واقعنا العربي ، من أجل نهوض حركة اليسار العربي مجددا.. ومن جهة أخرى تقتضي الأزمة المستعصية في الواقع العربي عموما فتح باب الحوار أيضا بين مختلف التيارات والحركات الفاعلة على اختلاف مشاربها الفكرية والأيديولوجية (الماركسية ,والقومية, والإسلامية المتنورة,إذ رغم الاختلاف على المستوى الأيديولوجي مع التيار الإسلامي ,فنحن نميز بين التيار الإسلامي المقاوم للمشروع الامبريالي الصهيوني وبين التيار ألظلامي ألاستئصالي التكفيري الذي يرفض الحوار ويعتبر نفسه البديل المطلق لكافة التيارات الأخرى الفاعلة في الواقع العربي".
أما في موضوع الوحدة فقال الحكيم :" إلى أبناء شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات والغرب في هذه المرحلة ,أذكركم بأن الاستعمار بكافة أشكاله سيرحل عن أرضنا ولنا بالتاريخ عبره ..لكن الأمر يحتاج إلى الوحدة, ثم الوحدة, ثم الوحدة.. وأن فلسطين هي الهدف والهدف الراهن الاستراتيجي ، فلا نجعل من خلافاتنا وصراعاتنا الداخلية على السلطة الوهمية التي هي تحت الاحتلال مجالا لانتصار الآخر علينا".

وأخيرا أقول لك يا حمامي لم أجد معلومة واحدة صحيحة فيما كتبت ،فاترك الآخرين وشأنهم وإن لم يكن لديك أفكار للكتابة فسأرشدك.. فجرائم الاحتلال لم تتوقف وحصار غزة مستمر ومواطنين لا يزالون تحت الأنقاض مما خلفته الحرب على غزة, والتوغلات الإسرائيلية تتواصل والاعتقالات كذلك واستمرار مطاردة الصيادين على شواطئ غزة وإجراءات تهويد القدس الشرقية وإجبار المواطنين على تجريف منازلهم في البلدة القديمة والأعمال الاستيطانية واعتداءات المستوطنين تتواصل في الضفة الغربية , ومواصلة عزل القطاع نهائيا عن العالم الخارجي وتشديد الحصار على الضفة الغربية وقضية اللاجئين .. وغيره الكثير.
وفي الختام أقول: اقرأ ..اقرأ ..اقرأ .وليس هكذا تورد الإبل يا حمامي.