من طرف دليل ثبوتي عل حق الاحتفاظ بالألم والمرأة تحتل النصيب الاكبر من القهر
لينا أبو بكر
حكاية ثورة تبث قناة 'الجزيرة' سلسلة من الحلقات التوثيقية لذاكرة المخيمات الفلسطينية في الشتات، ولذاكرة المذابح التي تعرض إليها الشعب الفلسطيني، بنيران وخناجر شقيقة أو يفترض أنها كذلك.
سأتناول هنا حرب المخيمات الفلسطينية في لبنان ومذبحة صبرا وشاتيلا، فـ'الجزيرة' في حلقة 'الدم المستباح' من برنامج 'حكاية ثورة' - عرضت شهادات لصحافيين غربيين كانوا في موقع الذاكرة، رصدوا الجريمة بعين الكاميرا، واحتفظوا بصور الموت، وصوت الأعيرة النارية والبكاءات التائهة وسط الجثث التي يلوكها الذباب.
يبدأ البرنامج بـ: 'تنفس اللبنانيون الصعداء بعد رحيل الضيف الثقيل: الفلسطينيين' فيا لآداب الضيافة!
برحيل الحماة 'المنظمات الفلسطينية' (كما ورد في الدم المستباح) انفردت الكتائب بالنيل من شعب لاجئ، لتحاصره في مخيماته وتفتك به بلا أدنى رحمة وتمعن في القتل والنهب والاغتصاب لأكثر من 36 ساعة متواصلة، وحتى لا تتوقف المجزرة أنارت اسرائيل المخيم بقنابل ضوئية كي يستدل القتلة على طريق الضحية!
يقول الصحافي النرويجي 'أود كارستن تفايت': 'في بداية الأمر لم نكن نعلم بوجود مذبحة.. لكننا رأينا الفلسطينيين يطلبون النجدة من الاسرائيليين المحيطين بالمخيم' إلا أنه و لما عاد صباح اليوم التالي بصحبة مصور لبناني رأى الجثث التي استخدم القتلة الجرافات لطمرها ويذكر البرنامج أن اغتيال الفلسطينيين لم يتوقف بمجرد خروج هؤلاء من المخيم إنما تواصل خارج المخيمات لفترات طويلة بعد ذلك، فالعديد من الأسرى الذين عبروا بهم الحواجز الاسرائيلية تم قتلهم هناك، ناهيك عن بيروت الشرقية التي كانت أيضا ساحة لإعدامات عديدة ولدفن جثث مذبوحة كالحمام، مع توافرالشهود على تلك الوقائع، وربما يكون هؤلاء هم الـ 1100 مفقود الذين لم يعرف بعد لهم طريق (حسب شهادة روبرت فيسك) الصحافي والكاتب الإيرلندي، والذي يقول: 'بقرت بطون النساء، في صبرا وشاتيلا.. إنها جريمة حرب.. كان المخيم أشبه ما يكون بمعسكر نازي'.. ،وعندي اسماء من خلال تحقيقات صحافية نشرت بعضا منها العام الماضي في الق
موسيقى 'موطني موطني' بدت في ظل البرنامج التوثيقي حزينة، بل قل معذبة، ثم ذلك الكتاب المنتشل من بركة دم بدا كأنه وثيقة سرية، تم العثور عليها بعد مرور ذاكرة وألف نسيان على الألم الفلسطيني الحي، فكانت هذه اللقطة التعبيرية فاصلا بين فكي جريمة لم يشهد التاريخ مثل بشاعتها ولا فظاظتها، حيث حاصرت حركة 'أمل' المخيمات وأمعنت قتلا في سكانها على مدى سنتين ونصف السنة، وكان المنشقون عن عرفات يأخذون دورهم في ارتكاب الجريمة، فيا لرب المخيم!
صمود الأبطال واستماتوا في الدفاع عن المخيمات' كذلك فإن تدخل حزب الله كأول ظهور مسلح له ساهم بحماية الفلسطينيين وكان صلاح صلاح 'الجبهة الشعبية' أشاد بدور السيد عباس الموسوي خلال تلك المجازر والذي كان مثالا للحس الإنساني للبنانيين الذين تعاطفوا مع الضحية وسعوا لانتشالها من برك الدم.
الآن وبعد مضي كل هذا الزمن يتنكر القتلة لهذه الجريمة! فأنى ينكرون؟ على من يتخوثون؟ بيني وبينك أيها القارئ و'اللي مش سامع يسمع' إنكارهم لها يعني خزيهم من أنفسهم، أولئك الذين لايزالون على رأس السلطة في لبنان حتى آخر كلمة سأكتبها لأنني سأموت قبلهم، وهم هم بنفس رتبهم الميليشياتية المصابة بانفصام حضاري، تراهم يظهرون أمام العالم بصفة الديمقراطيين الأحرار، يتحدثون الفرنسية بلكنة لبنانية، وتشم رائحة عطورهم الفواحة عبر الشاشة وتشاهدهم في المجلات السياحية يتناولون السوشي الياباني ويلعبون التنس، و'حلق حوش'، وإن واجهتهم بماضيهم الدراكولي سيقولون لك: إنها أفاعيل حرب تقتضيها اللعبة السياسية في لبنان.
حينها أيها القارئ لا تسأل نفسك قائلا: 'وحد الله يا رجل معقول يكون القاتل ابن ناس'؟ وقل أعوذ برب الناس من شر الناس! لكنني في كل الأحوال لن ألومك إن شتمت التاريخ و'لعنت اللي جابوه'، وطلبت منه أن يجثو على ركبتيه مرددا أغنية: 'التوبة التوبة ما بقى عيدا' حينها فقط أستطيع أ ن أقول لك اذهب إلى فراشك مرتاح الضمير، وقد غضبتَ أخيرا لأن الغضب نعمة!
الكاميرا شهرزادك المعاصرة تروي لك حكاية ما قبل النوم 'وكان يا مكان في 'الجزيرة' كان هنالك مخيم صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة، وطفل مصاب بأعيرة نارية منتشل من الموت يصرخ بالسماء: 'يا ويلي يما قتلوا إمي وبوي..ياويلي.
ترى كم عمر ذلك الطفل الآن؟ ما الذي يحمله بذاكرته من عمر الطفولة؟ المذبحة ذاكرته، فهل تراه يتمنى أن يحيا بلا ذاكرة؟ وأية ذاكرة للقاتل؟
برنامج كهذا يعد بصمة دامغة على المذبحة، ودليلاً ثبوتياً على حق الاحتفاظ بالألم من أجل إثبات وقائع الجريمة، 'الجزيرة' هي الذاكرة الفلسطينية التي توثق للمكان والحدث والزمن بعين لا تنحرف بصيرتها عن جثة المخيم ولو بعد حين!
أحمر بالخط العريض
كثير من الحُرمات والمحرّمات التي يحظر على عين الكاميرا رصدها في مجتمعاتنا العربية، حتى لكأن فضاءنا يصور حياتنا بعين مُنقّبَة وأخرى قرصانية، فما الذي يتم عرضه على تلك الشاشات المتكاثرة كالجراد إذن؟ ما بين برامج الماكياج، والطهو، والشعوذة، والترهيب من نار جهنم، وهز الوسط، فإنك نادرا ما ستعثر على صحن فضائي يفلت من زمام مائدة الأقمار الاصطناعية تلك!
نحتاج إلى طرح قضايانا بشكل ينتمي إلينا، إلى واقعنا لا إلى واقع عولمي مستعار لا يشبهنا ولا نشبهه، وربما أنك وأنت تقلب أقمارك تمر ببرنامج 'أحمر بالخط العريض' الذي تبثه قناة 'LBC Europe' أسبوعيا من خلال تناولها قضية محورية في كل مرة، تستضيف خبراء ومختصين من أهل العلم والدين، بالإضافة إلى نماذج حقيقية تحكي قصتها وتعرض تجربتها على جمهور يصغي ويتأثر بالواقع.
رغم أن البرنامج يستهلك هذا التأثر بشكل واضح من خلال مبالغته في استغلال عواطف الجمهور والتركيز عليها بطريقة تلغي تلقائيتها.غير أن هذا كله لا يمنع أن يكون البرنامج مميزا ومثيرا وحقيقيا، لجرأة القضايا التي يناقشها، ولمقدرته على استقطاب ضيوف قد يصعب أن يمثلوا أمام أي شاشة أخرى، وهذه نقطة تحسب لصالح 'أحمر بالخط العريض'.
اللعبة الإعلامية لابد تفرض حضورها، فالإضاءة والموسيقى، والضيف المستتر، الذي يتخذ قرار إزاحة الستار عنه في النهاية أو أن يغادر كما أتى غامضا ومقنعا، وكذلك تسليط الضوء على نقاط حساسة لا يسهل الإحاطة بها ضمن عمل تم توفير كل السبل والإمكانات له ليقول كلمته في الختام، كلمة تجاوزت الأسوار والممنوعات الاجتماعية، وقفزت حواجز ثقافية شائكة لتصل بأمان إلى الاستوديو متحدية كل العوائق صارخة صرخة ألم: 'تبا للعرف والقانون عندما يتواطآن' إلا أن حلقة هذا الأسبوع كانت الأكثر إثارة من وجهة نظرنا، فقد تعرضت لقضية الإنسان المقهور في المجتمع العربي، وقد بدا من الضيوف أن المرأة تحتل النصيب الأكبر من القهر الذي يمارسه المجتمع والمحيط، المرأة بصفتها أما، فلكأنما يتخذ المجتمع من هذه النقطة بالذات عامل ضغط حتى يزيد من اضهادها وظلمها، المرأة 'مش خالصة' بأي شكل من الأشكال من هذه الأساليب، لو لم تتزوج لقالوا عانسا، وإن تزوجت قالوا لكي لا تعنس، وإن تعلمت قالوا متمردة 'بدها كسر راس'، وإن تركت التعليم قالوا جاهلة، وإن رقصت قالوا فتنة وقاموا بالتصفيق لها 'لإنو بيلبقلها'، وإن كتبت قالوا عورة واتهموها بالإلحاد وأحلوا دمها، وإن لم تنجب قالوا عقيمة وشجرة يابسة، وإن أنجبت سرقوا منها فلذة كبدها وفروا إلى ماوراء التيه، وهذا ما حدث مع سعاد الشمري من السعودية التي سلب منها زوجها ابنتها، رفض أن تراها، بل قام بشحنها ضد أمها ليضمن في المستقبل عدم رجوعها إليها، فأي حرمان هذا الذي يمارسه السارق؟ أي تربية على الحقد والعقوق واغتصاب الحقوق؟ أين هي مشاعر الرحمة التي يجب أن يستشعرها الطفل في نفس أبيه وسلوكه؟ كيف تتربى طفلة على الحنان وقد حرمت منه؟ كيف هان على أبيها أن يحرمها حضن أمها؟ كلمة ماما، ودفء الأمومة؟ يا أيها الكون لست أمّا كي يسند إليك طفل محروم رأسه وينام على كتفك بأمان وادع! أيها الكون أنت غابة يحكمها ذكر سفاح، فأين منك المفر؟
أين هو القانون؟ وإن وجد فهل هو قانون عادل بما يكفي ليحمي المستضعفين والأطفال من ذكورية القرار؟ أين هي شرائعنا السمحة التي نحتكم إليها كمجتمعات إسلامية؟ أين هم القضاة البررة؟ والمفتون العظام الذين يبيحون المسيار، والمثنى والثلاث وغيرها من تفانين وموضات الزواج 'اللي طالعة هالأيام'؟ لماذا يماطل القانون لما يتعلق الامر بشكوى ترفعها امرأة، ويهرع كالريح لما يقوم الرجل باللجوء إليه كي يغبن امرأة؟ هل هي متعة الذكوريين في اضطهاد الأنثى؟ هل يستمتع الشرع بهذا؟ أم أنهم المشرعون؟ بل إن أحد المحامين السعوديين اتصل بالبرنامج كي يوجه.. كالعادة.. إلى سعاد الشمري تهمة عدم احترام التشريعات الإسلامية، وهي التهمة الجاهزة مجرد أن تصرح المرأة بحقيقة كونها ضحية لذكورية تلك المجتمعات، وهو ما يشي بتهديد مبطن، بعدم التجرؤ على الاعتراض والرضوخ وإلا!
بالمقابل فقد ورد إلى البرنامج اتصال هاتفي من الامير تركي بن بندر، يقر برجعية المكتسبات الاجتماعية من الموروث الثقافي في المجتمع، وكانت هذه المشاركة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى بحيث عبر عن حقيقة المجتمع السلطوي الذي يهضم حقوق المرأة والطفل وحتى الحيوان!
سعاد الشمري دعت المرأة السعودية إلى محاربة ثقافة العيب، وهي ناشطة في منظمات حقوق الإنسان، وامرأة لم ينجح المجتمع بكسر ظهرها، فقد بدت شامخة قوية، تقبض على دمعة كالقابض على جمرة من أمومة لاذعة، في قلب يقوم من رماده بكبرياء وأنفة كي يكمل مشوار الحق بثبات وكرامة، هذه هي الأمومة الحقة التي تعرف تماما أنه لا يجب أن يتعارض الصبر مع الكرامة، وإن حصل تضارب يينهما فيجب أن ترجح كفة الكرامة لأن العبدة لا تنشئ سوى عبيد من ضلع 'أحمر بالخط العريض' لانه ضلع امرأة!
'كاتبة من فلسطين تقيم في لندن
لينا أبو بكر
حكاية ثورة تبث قناة 'الجزيرة' سلسلة من الحلقات التوثيقية لذاكرة المخيمات الفلسطينية في الشتات، ولذاكرة المذابح التي تعرض إليها الشعب الفلسطيني، بنيران وخناجر شقيقة أو يفترض أنها كذلك.
سأتناول هنا حرب المخيمات الفلسطينية في لبنان ومذبحة صبرا وشاتيلا، فـ'الجزيرة' في حلقة 'الدم المستباح' من برنامج 'حكاية ثورة' - عرضت شهادات لصحافيين غربيين كانوا في موقع الذاكرة، رصدوا الجريمة بعين الكاميرا، واحتفظوا بصور الموت، وصوت الأعيرة النارية والبكاءات التائهة وسط الجثث التي يلوكها الذباب.
يبدأ البرنامج بـ: 'تنفس اللبنانيون الصعداء بعد رحيل الضيف الثقيل: الفلسطينيين' فيا لآداب الضيافة!
برحيل الحماة 'المنظمات الفلسطينية' (كما ورد في الدم المستباح) انفردت الكتائب بالنيل من شعب لاجئ، لتحاصره في مخيماته وتفتك به بلا أدنى رحمة وتمعن في القتل والنهب والاغتصاب لأكثر من 36 ساعة متواصلة، وحتى لا تتوقف المجزرة أنارت اسرائيل المخيم بقنابل ضوئية كي يستدل القتلة على طريق الضحية!
يقول الصحافي النرويجي 'أود كارستن تفايت': 'في بداية الأمر لم نكن نعلم بوجود مذبحة.. لكننا رأينا الفلسطينيين يطلبون النجدة من الاسرائيليين المحيطين بالمخيم' إلا أنه و لما عاد صباح اليوم التالي بصحبة مصور لبناني رأى الجثث التي استخدم القتلة الجرافات لطمرها ويذكر البرنامج أن اغتيال الفلسطينيين لم يتوقف بمجرد خروج هؤلاء من المخيم إنما تواصل خارج المخيمات لفترات طويلة بعد ذلك، فالعديد من الأسرى الذين عبروا بهم الحواجز الاسرائيلية تم قتلهم هناك، ناهيك عن بيروت الشرقية التي كانت أيضا ساحة لإعدامات عديدة ولدفن جثث مذبوحة كالحمام، مع توافرالشهود على تلك الوقائع، وربما يكون هؤلاء هم الـ 1100 مفقود الذين لم يعرف بعد لهم طريق (حسب شهادة روبرت فيسك) الصحافي والكاتب الإيرلندي، والذي يقول: 'بقرت بطون النساء، في صبرا وشاتيلا.. إنها جريمة حرب.. كان المخيم أشبه ما يكون بمعسكر نازي'.. ،وعندي اسماء من خلال تحقيقات صحافية نشرت بعضا منها العام الماضي في الق
موسيقى 'موطني موطني' بدت في ظل البرنامج التوثيقي حزينة، بل قل معذبة، ثم ذلك الكتاب المنتشل من بركة دم بدا كأنه وثيقة سرية، تم العثور عليها بعد مرور ذاكرة وألف نسيان على الألم الفلسطيني الحي، فكانت هذه اللقطة التعبيرية فاصلا بين فكي جريمة لم يشهد التاريخ مثل بشاعتها ولا فظاظتها، حيث حاصرت حركة 'أمل' المخيمات وأمعنت قتلا في سكانها على مدى سنتين ونصف السنة، وكان المنشقون عن عرفات يأخذون دورهم في ارتكاب الجريمة، فيا لرب المخيم!
صمود الأبطال واستماتوا في الدفاع عن المخيمات' كذلك فإن تدخل حزب الله كأول ظهور مسلح له ساهم بحماية الفلسطينيين وكان صلاح صلاح 'الجبهة الشعبية' أشاد بدور السيد عباس الموسوي خلال تلك المجازر والذي كان مثالا للحس الإنساني للبنانيين الذين تعاطفوا مع الضحية وسعوا لانتشالها من برك الدم.
الآن وبعد مضي كل هذا الزمن يتنكر القتلة لهذه الجريمة! فأنى ينكرون؟ على من يتخوثون؟ بيني وبينك أيها القارئ و'اللي مش سامع يسمع' إنكارهم لها يعني خزيهم من أنفسهم، أولئك الذين لايزالون على رأس السلطة في لبنان حتى آخر كلمة سأكتبها لأنني سأموت قبلهم، وهم هم بنفس رتبهم الميليشياتية المصابة بانفصام حضاري، تراهم يظهرون أمام العالم بصفة الديمقراطيين الأحرار، يتحدثون الفرنسية بلكنة لبنانية، وتشم رائحة عطورهم الفواحة عبر الشاشة وتشاهدهم في المجلات السياحية يتناولون السوشي الياباني ويلعبون التنس، و'حلق حوش'، وإن واجهتهم بماضيهم الدراكولي سيقولون لك: إنها أفاعيل حرب تقتضيها اللعبة السياسية في لبنان.
حينها أيها القارئ لا تسأل نفسك قائلا: 'وحد الله يا رجل معقول يكون القاتل ابن ناس'؟ وقل أعوذ برب الناس من شر الناس! لكنني في كل الأحوال لن ألومك إن شتمت التاريخ و'لعنت اللي جابوه'، وطلبت منه أن يجثو على ركبتيه مرددا أغنية: 'التوبة التوبة ما بقى عيدا' حينها فقط أستطيع أ ن أقول لك اذهب إلى فراشك مرتاح الضمير، وقد غضبتَ أخيرا لأن الغضب نعمة!
الكاميرا شهرزادك المعاصرة تروي لك حكاية ما قبل النوم 'وكان يا مكان في 'الجزيرة' كان هنالك مخيم صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة، وطفل مصاب بأعيرة نارية منتشل من الموت يصرخ بالسماء: 'يا ويلي يما قتلوا إمي وبوي..ياويلي.
ترى كم عمر ذلك الطفل الآن؟ ما الذي يحمله بذاكرته من عمر الطفولة؟ المذبحة ذاكرته، فهل تراه يتمنى أن يحيا بلا ذاكرة؟ وأية ذاكرة للقاتل؟
برنامج كهذا يعد بصمة دامغة على المذبحة، ودليلاً ثبوتياً على حق الاحتفاظ بالألم من أجل إثبات وقائع الجريمة، 'الجزيرة' هي الذاكرة الفلسطينية التي توثق للمكان والحدث والزمن بعين لا تنحرف بصيرتها عن جثة المخيم ولو بعد حين!
أحمر بالخط العريض
كثير من الحُرمات والمحرّمات التي يحظر على عين الكاميرا رصدها في مجتمعاتنا العربية، حتى لكأن فضاءنا يصور حياتنا بعين مُنقّبَة وأخرى قرصانية، فما الذي يتم عرضه على تلك الشاشات المتكاثرة كالجراد إذن؟ ما بين برامج الماكياج، والطهو، والشعوذة، والترهيب من نار جهنم، وهز الوسط، فإنك نادرا ما ستعثر على صحن فضائي يفلت من زمام مائدة الأقمار الاصطناعية تلك!
نحتاج إلى طرح قضايانا بشكل ينتمي إلينا، إلى واقعنا لا إلى واقع عولمي مستعار لا يشبهنا ولا نشبهه، وربما أنك وأنت تقلب أقمارك تمر ببرنامج 'أحمر بالخط العريض' الذي تبثه قناة 'LBC Europe' أسبوعيا من خلال تناولها قضية محورية في كل مرة، تستضيف خبراء ومختصين من أهل العلم والدين، بالإضافة إلى نماذج حقيقية تحكي قصتها وتعرض تجربتها على جمهور يصغي ويتأثر بالواقع.
رغم أن البرنامج يستهلك هذا التأثر بشكل واضح من خلال مبالغته في استغلال عواطف الجمهور والتركيز عليها بطريقة تلغي تلقائيتها.غير أن هذا كله لا يمنع أن يكون البرنامج مميزا ومثيرا وحقيقيا، لجرأة القضايا التي يناقشها، ولمقدرته على استقطاب ضيوف قد يصعب أن يمثلوا أمام أي شاشة أخرى، وهذه نقطة تحسب لصالح 'أحمر بالخط العريض'.
اللعبة الإعلامية لابد تفرض حضورها، فالإضاءة والموسيقى، والضيف المستتر، الذي يتخذ قرار إزاحة الستار عنه في النهاية أو أن يغادر كما أتى غامضا ومقنعا، وكذلك تسليط الضوء على نقاط حساسة لا يسهل الإحاطة بها ضمن عمل تم توفير كل السبل والإمكانات له ليقول كلمته في الختام، كلمة تجاوزت الأسوار والممنوعات الاجتماعية، وقفزت حواجز ثقافية شائكة لتصل بأمان إلى الاستوديو متحدية كل العوائق صارخة صرخة ألم: 'تبا للعرف والقانون عندما يتواطآن' إلا أن حلقة هذا الأسبوع كانت الأكثر إثارة من وجهة نظرنا، فقد تعرضت لقضية الإنسان المقهور في المجتمع العربي، وقد بدا من الضيوف أن المرأة تحتل النصيب الأكبر من القهر الذي يمارسه المجتمع والمحيط، المرأة بصفتها أما، فلكأنما يتخذ المجتمع من هذه النقطة بالذات عامل ضغط حتى يزيد من اضهادها وظلمها، المرأة 'مش خالصة' بأي شكل من الأشكال من هذه الأساليب، لو لم تتزوج لقالوا عانسا، وإن تزوجت قالوا لكي لا تعنس، وإن تعلمت قالوا متمردة 'بدها كسر راس'، وإن تركت التعليم قالوا جاهلة، وإن رقصت قالوا فتنة وقاموا بالتصفيق لها 'لإنو بيلبقلها'، وإن كتبت قالوا عورة واتهموها بالإلحاد وأحلوا دمها، وإن لم تنجب قالوا عقيمة وشجرة يابسة، وإن أنجبت سرقوا منها فلذة كبدها وفروا إلى ماوراء التيه، وهذا ما حدث مع سعاد الشمري من السعودية التي سلب منها زوجها ابنتها، رفض أن تراها، بل قام بشحنها ضد أمها ليضمن في المستقبل عدم رجوعها إليها، فأي حرمان هذا الذي يمارسه السارق؟ أي تربية على الحقد والعقوق واغتصاب الحقوق؟ أين هي مشاعر الرحمة التي يجب أن يستشعرها الطفل في نفس أبيه وسلوكه؟ كيف تتربى طفلة على الحنان وقد حرمت منه؟ كيف هان على أبيها أن يحرمها حضن أمها؟ كلمة ماما، ودفء الأمومة؟ يا أيها الكون لست أمّا كي يسند إليك طفل محروم رأسه وينام على كتفك بأمان وادع! أيها الكون أنت غابة يحكمها ذكر سفاح، فأين منك المفر؟
أين هو القانون؟ وإن وجد فهل هو قانون عادل بما يكفي ليحمي المستضعفين والأطفال من ذكورية القرار؟ أين هي شرائعنا السمحة التي نحتكم إليها كمجتمعات إسلامية؟ أين هم القضاة البررة؟ والمفتون العظام الذين يبيحون المسيار، والمثنى والثلاث وغيرها من تفانين وموضات الزواج 'اللي طالعة هالأيام'؟ لماذا يماطل القانون لما يتعلق الامر بشكوى ترفعها امرأة، ويهرع كالريح لما يقوم الرجل باللجوء إليه كي يغبن امرأة؟ هل هي متعة الذكوريين في اضطهاد الأنثى؟ هل يستمتع الشرع بهذا؟ أم أنهم المشرعون؟ بل إن أحد المحامين السعوديين اتصل بالبرنامج كي يوجه.. كالعادة.. إلى سعاد الشمري تهمة عدم احترام التشريعات الإسلامية، وهي التهمة الجاهزة مجرد أن تصرح المرأة بحقيقة كونها ضحية لذكورية تلك المجتمعات، وهو ما يشي بتهديد مبطن، بعدم التجرؤ على الاعتراض والرضوخ وإلا!
بالمقابل فقد ورد إلى البرنامج اتصال هاتفي من الامير تركي بن بندر، يقر برجعية المكتسبات الاجتماعية من الموروث الثقافي في المجتمع، وكانت هذه المشاركة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى بحيث عبر عن حقيقة المجتمع السلطوي الذي يهضم حقوق المرأة والطفل وحتى الحيوان!
سعاد الشمري دعت المرأة السعودية إلى محاربة ثقافة العيب، وهي ناشطة في منظمات حقوق الإنسان، وامرأة لم ينجح المجتمع بكسر ظهرها، فقد بدت شامخة قوية، تقبض على دمعة كالقابض على جمرة من أمومة لاذعة، في قلب يقوم من رماده بكبرياء وأنفة كي يكمل مشوار الحق بثبات وكرامة، هذه هي الأمومة الحقة التي تعرف تماما أنه لا يجب أن يتعارض الصبر مع الكرامة، وإن حصل تضارب يينهما فيجب أن ترجح كفة الكرامة لأن العبدة لا تنشئ سوى عبيد من ضلع 'أحمر بالخط العريض' لانه ضلع امرأة!
'كاتبة من فلسطين تقيم في لندن
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
» أقوال جورج حبش
» اليسار التونسي الآن وهنا
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
» مرحبا
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
» جميع البومات فرقة صابرين
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
» اشحن رصيدك مجانا
» ماتفوت لهون