أكتب هذا الموضوع بمناسبة حصول شعبنا في لبنان علي بعض من حقوقه وهي وإن كانت خطوة متواضعه إلا أنه يجب الإعتراف بأنها خطوة في الطريق الصحيح وندعو لاتخاذ المزيد من الاجراءات لتخفيف معاناة شعبنا في لبنان بالطبع ندرك كفلسطينيين أن لبنان بلد طائفي وأن هناك تعقيدات داخلية وخارجية وأن كل طائفة مرعوبة من الاخري وتتوجس منها خيفة وتحشد لها سرا وعلنا،ولكننا ندرك أيضا أن لبنان اقرب الي فلسطين في كثير من النواحي وأن الشعبين متقاربين ومتصاهرين وكثير من العائلات اللبنانية هي من جذور او اصول فلسطينية والعكس صحيح تماما وصيدا هي الاخت التوأم لعكا وسكان الجليل في شمال فلسطين والجنوب اللبناني يكادوا يكونوا شعب واحد بلا مبالغة،بل بعض القري الحدودية مقسومة بين فلسطين ولبنان ،اي بعيدا عن العنصرية والطائفية الشعبين تقريبا شعب واحد بلا نفاق وهنا دعوني أتساءل "هل حقا الفلسطيني عبئ علي لبنان ؟"ولنأخذ هنا "الجانب الإقتصادي" وسأعتمد علي ما سأورده هنا من معلومات تجيب علي هذا السؤال علي مصادر لبنانية أو غير فلسطينية ضمانا للحيادية وهي مجموعة مقالات نشرت في عدة صحف
تفضلوا معي
تجار البارد بين الخسائر الفادحة والاستحقاقات المالية
ثلاثة ملايين دولار ديون للشركات.. و55 ثمن بضائع
الشارع التجاري في البارد بعد الحرب
البارد:
يعيش تجار مخيم نهر البارد بين سندان الخسائر الجسيمة ومطرقة الاستحقاقات المالية للشركات التجارية والتي تقدر بحسب الإحصاءات الأولية التي أجرتها لجنة التجار بثلاثة ملايين دولار أميركي لم يسدد منها أي مبلغ حتى الآن بالرغم من مرور أكثر من أربعة أشهر على المواجهات العسكرية.
دفعت الاستحقاقات المالية الضاغطة التجار إلى القيام بسلسلة خطوات ميدانية بهدف إحصاء الخسائر التي لحقت بهم من جهة، والطلب بشكل مستمر إلى قيادة الجيش اللبناني السماح لهم بالدخول إلى محلاتهم ومؤسساتهم التجارية إن في المخيم الجديد أو في المخيم القديم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بضائع صالحة، وإخراج الدفاتر وسجلات الديون للبدء بتحصيلها بما يوفر المبالغ المالية التي يمكن من خلالها تسديد بعض الديون وتجنيب أكثرية التجار المساءلة القانونية التي يمكن أن تودي بهم الى السجن في حال استمر الوضع على ما هو عليه.
تقوم لجنة تجار البارد بعملية إحصائية دقيقة تعتمد على استمارات جرى توزيعها على أكثر من ألف صاحب محل تجاري ضمن المخيم وعلى جوانبه بهدف تحديد الخسائر الفعلية التي تعرضوا لها لجهة البضائع فقط، بغض النظر عن المباني والديكورات وما الى ذلك.
تتضمن الاستمارة البيانات الشخصية ورقم بطاقة الإعاشة، ومواصفات المحل أو المؤسسة ونوعية العمل، والخسائر في البضائع، وفي الآلات والمعدات الإنتاجية، وتقوم لجنة متخصصة بتسلم هذه الاستمارات وإدخالها إلى شبكة الكومبيوتر، تمهيداً لإعداد ملف كامل حول خسائر التجار سيرفع بمجرد الانتهاء منه إلى منظمة التحرير الفلسطينية، ووكالة الاونروا، والدول المانحة وسفارات بعض الدول الصديقة من أجل تأمين التعويضات التي تسمح للتجار بالنهوض مجدداً وممارسة أعمالهم بشكل طبيعي.
وأشارت الاحصاءات الاولية التي اظهرتها استمارات التجار إلى ان الخسائر في البضائع بلغت 55 مليون دولار اميركي، وهي تتوزع بين: الذهب، سيراميك، ادوات منزلية، تمديدات وأدوات صحية، اقمشة وملابس جاهزة، سكاكر، صيدليات، صالونات حلاقة، ورش ألمنيوم ونجارة وحدادة ومفروشات، عطورات، مستحضرات تجميل، اندية تسلية وكومبيوتر وبلياردو وكرة طاولة، أدوات كهربائية، أحذية وجزادين، ميكانيك صناعي، ميكانيك سيارات، زيوت، إكسسوارات سيارات وزينة، قطع غيار سيارات، مفرقعات، مواد بناء، ترابة وإسمنت، أخشاب، مزارع بقر وغنم، بوظة، مواد غذائية، العاب أطفال، كتب وقرطاسية، إضافة الى عدد من المصانع والمعامل المختلفة.
ويؤكد عدد من التجار أنهم فقدوا كل مقومات الاستمرار، وعادوا إلى نقطة الصفر، بعد أن تعرض المخيم بما في ذلك محلاتهم التجارية لدمار شامل.
ويبدي التجار تخوفهم من أن تتحول مطالبة بعض الشركات بمستحقاتها المالية إلى دعاوى قضائية تودي بهم الى السجن لتكتمل بذلك معاناتهم فيتحولون من تجار يساهمون في إنعاش الحركة الاقتصادية في محيطهم إلى مطلوبين للعدالة، مشددين على ضرورة تأمين التعويضات التي تسمح لهم بالانطلاق مجدداً في أعمالهم.
وإذ أشاد التجار بعدد من الشركات والتجار اللبنانيين الذين وقفوا إلى جانبهم في محنتهم وأبدوا استعدادهم لتزويدهم بالبضائع لتأمين انطلاقة جديدة لهم، طالبوا بالعودة السريعة إلى المخيم الذي يشكل الأرضية الصالحة الوحيدة لاستئنناف العمل.
ويشير أمين سر لجنة تجار مخيم البارد حسن موعد إلى أن التجار دخلوا في نفق مظلم لا معالم واضحة له، ولا أحد يعلم متى سيكون الخروج منه، وذلك بسبب فقدانهم كل ما يملكون من مقدرات وأموال وبضائع، الأمر الذي يجب أن يعالج بسرعة قصوى لجهة تأمين التعويضات اللازمة، خصوصا ان 90 في المئة من التجار باتوا عاطلين عن العمل. ولفت إلى أن الاستمارة ساهمت في حصر وإحصاء الخسائر المتعلقة بالبضائع، وهي ستساعد على إنجاز ملف كامل يتضمن خرائط المحلات ضمن الشوارع الرئيسية والفرعية، مؤكدا أن المعلومات التي سيتضمنها الملف قريبة جداً إلى الحقيقة والواقع وتعتمد منهجية علمية حيث إن اللجنة المكلفة باستلام الاستمارات رفضت كل استمارة بعيدة عن الواقع، خصوصاً أن اللجنة تعرف الغالبية العظمى للمحلات التجارية وقدراتها.
ويقول موعد لـ«السفير»: إن التجار بحاجة ماسة للاستقرار والى الأرضية الصالحة لكي يفكروا في كيفية حل مشاكلهم وإجراء الاتصالات بأصدقائهم والمتعاملين معهم، وهذا لا يكون إلا بالعودة إلى المخيم حيث يمكن الاستفادة من المحلات التي ما تزال صالحة للاستخدام، وسحب البضائع وسجلات الديون التي يمكن أن تساعد التجار في استئناف عملهم من جديد، علماً أن أكثرية التجار تربطهم علاقات صداقة وثقة كاملة مع التجار اللبنانيين من مختلف المناطق والذين أبدوا استعدادهم لتزويدهم بالبضائع وانتظار تسديد الأموال لأشهر مقبلة، لكن ذلك يحتاج الى مكان للعمل، فكيف يمكن لأي تاجر أن يستقدم البضائع وهو يقيم في الغرف الضيقة والمظلمة في مراكز النزوح.
ويضيف موعد: «إن التجار الفلسطينيين كانوا وما يزالون يشكلون إحدى ركائز الاقتصاد اللبناني، في حين يشكل الفلسطينيون أحد مصادر العملة الصعبة نتيجة التحويلات المالية المتواصلة من أبنائهم المقيمين في الخارج، كما أن الأموال التي جناها بعض الفلسطينيين في الخارج تم استخدامها في بناء هذه التجارة المزدهرة، ما يعني ان الفلسطيني يعمل وينتج ويصرف الاموال في لبنان وهو ليس عالة على أحد في هذا البلد بل كانوا مصدر قوة وانتعاش للاقتصاد اللبناني، أما الجنسيات الأخرى فتتسابق على تصدير الاموال من لبنان الى بلدانها».
نهر البارد مركز تجاري أضحى أنقاضاً.. ولاجئين جدداً
الذي لم يزر مخيم نهر البارد من قبل، لن يعرف مدى فداحة الفاجعة التي حلت، هذا المخيم كان ملاذا تجاريا عامرا لطرابلس ذات الأغلبية الفقيرة، في الذكرى السنوية الأولى لانتهاء المعارك الضارية فيه، كنا هناك لنستجلي ما وراء دخان القذائف.
ما يسمى ب«المخيم القديم» استأجرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أنروا» أرضه من الدولة اللبنانية بعد النكبة في العام 1948، أما «المخيم الجديد» وهو أكبر بكثير من ذاك القديم فعبارة عن أراض مملوكة، اشتراها فلسطينيون موسرون من الحكومات اللبنانية المتعاقبة ومن قبل ملاك الأراضي في طرابلس وبنوا عليها دورهم ومحلاتهم التجارية، فتحولت المنطقة إلى مركز تجاري به محلات الذهب والأثاث والسيارات المستعملة، وغيرها من البضائع.وبدأ المخيم يتمرد على الثقافة الشعبية المتوارثة عن المخيم الفلسطيني الذي يشترط أن يكون بائسا حتى يصبح مخيما، وبالعودة إلى سنوات قليلة ماضية كان هناك لبنانيون يعتبرون هذا المخيم بالذات «تجاوزا» ولا يصح أن يمتلك فلسطينيون «مركز طرابلس التجاري».
الحاجز
في ديسمبر 2007 وصلنا مخيم نهر البارد في الساعة الثامنة صباحا، عبر سيارة تابعة لجمعية أهلية فلسطينية، كل شيء كان باردا بدءا من الوحل الذي اختلط بالثلج إلى وجوه العسكر، كانوا شبانا صغارا رمى بهم القدر في هذه الحرب وجميعهم لم يروا هذا المخيم من قبل، معظمهم كانوا من عكار.
كان الطابور طويلا عند الحاجز العسكري للجيش اللبناني. عند المدخل وقف الشباب الفلسطينيون ينتظرون دورهم في الدخول.. بعضهم دخل والبعض لا.. ليست هناك معايير معروفة للموافقة على الدخول أو الرفض. الجيش إن لم يجد سببا يمنع من الدخول فان القرار يعود لمزاجية الجندي الذي كان لا يزال يظن أنه مستهدف وتحت الخطر.
يقول أحد المخضرمين في تنظيم فلسطيني ويعيش في «نهر البارد» انه بعد انتهاء الحرب كان الوضع متوترا إلى درجة لا تصدق. بعض أفراد الجيش من مناطق معينة كانوا يقولون للشباب الواقفين على الحاجز للدخول لمنازل ذويهم لتفقدها عبارات من نوع «لن يبقى مخيم في لبنان».
ويضيف «كانت هذه العبارات التي تعيدنا إلى سنوات الحرب الأهلية السوداء»، ولغرابة الأمر لم تصدر من فئة لم تكن يوما في حرب مع الفلسطينيين بل على العكس، لكن الاستقطاب الذي حدث ووقوف الفلسطيني حائرا محايدا فيه جعله موضع «فشة خلق».
تعود الجيش اللبناني أن يرى نوال، مسؤولة الجمعية الأهلية التي أقلتنا إلى داخل المخيم، تلتقيهم بابتسامة ووجه بشوش وبعبارة «يعطيك العافية» سألها الجيش «من معك»؟ قالت «اقربائي من بيروت» ولم يطلبوا الهويات فدخلنا..قالت نوال إن أكثر الجنود لطفا هم الجنوبيون.. «عرفوا معنى الاحتلال».
الدمار
لم يبقى من مركز طرابلس التجاري إلا تفحم الأبنية وتراب ملوث بأنقاض الأسمنت والدم.. الدمار يعم المكان لا مخيم هنا وكأن هذا المكان لم يشهد في يوم ما حياة. المنازل سويت بالأرض وكنا ندوس بأقدامنا بقايا غرف نوم لمنزل فلان، أو حجارة خلفها محل تجاري كان قبل عدة أشهر يزهو بطوبه الأحمر، ورفرف العلم اللبناني فوق الدمار.
ومن بين أكوام المنازل المتفحمة وجدنا منزلا صمم أهله على العودة إليه رغم أنه لم يتبق منه شيء. يقول أبو محمد أنه بعد انتهاء المعرك قرر العودة إلى منزله فوجده سليما وكانت الحرب انتهت إلا أنه عاد بعد أيام ليجده محروقا.
وأكثر ما آلم العجوز الفلسطيني «س.ا» انه عاد لمنزله الذي بدا سليما من الخارج، وحين دخله وجد خارطة لفلسطين كان يحتفظ بها كمعظم الفلسطينيين ممزقة، كما أن صور ذويه القديمة في قريتهم داخل أراض 1948 مزقت جميعها، والى الآن لم يع «س.ا» ما دخل خريطة فلسطين أو صور قديمة منها بهذه الحرب كلها. يقول الحرب لم تكن على الحجارة (في إشارة إلى مباني المخيم) بل على الأرواح التي تسكنها ولم نستطع أن نستوضح منه أكثر.
ممثل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» في لبنان مروان عبد العال، أحرق منزله كذلك بعد انتهاء المعارك بأيام. دخلنا إلى منازل وجدنا فيها صور الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، وقد أطفئت السجائر في عينيه، وأصر صاحب المنزل على الاحتفاظ بهذه الصورة «إلى أن أرحل من لبنان».
أصحاب محلات الذهب، وهم كثر، رفعوا قضايا أمام المحاكم اللبنانية للمطالبة بحقهم. فقد نهبت هذه المحلات على آخرها.
يقول «م.خ» وهو أحد أصحاب هذه المحلات إن «فتح الإسلام» لم تكن بحاجة إلى أن تسرق «كان لدى التنظيم ما يكفيه من أموال».!
حروب صغيرة
في مقر الجمعية الخيرية كانت تدور حرب من نوع آخر؛ اجتمع فيها البرد مع الحاجة والترفع عن الشحاذة واستبدالها بالتهديد.. والذي نجح في نهاية المطاف. وقف شاب في منتصف العشرين عرفنا في ما بعد أن اسمه «م» كان يطالب بحقه في الحصول على بطانية توزعها الجمعية الأهلية على الناس وفقا لحالتهم الاجتماعية وللكمية المتواجد لديها.
صاح «م» في المسؤولة الاجتماعية «انت وعدتيني بان تعطيني بطانية»، فردت عليه المسؤولة المنهكة على ما يبدو من هذه الحوارات اليومية «لا يمكن، انت خاطب. قانون الجمعية ينص على إعطاء المتزوج فقط»، فرد ساخطا « يعني الأعزب ما بيبرد يا عالم».
هذا الحوار دار في طقس تصل درجة الحرارة فيه إلى 3 مئوية، في النهاية أخذ الشاب البطانية التي كان من نصيب آخر، بعدما هددها بحرق مقر الجمعية.
صراعات البشر مع الجمعيات التي من المفترض أن تساعدهم لا تنتهي. تقول إحدى موظفات الجمعية إن الناس لا يقدرون تعبهم «نحن نبقى إلى الساعة 9 مساء ونتعرض لمضايقات الجيش ليلا».
وتقول المسؤولة انهم لا يستطيعون تأمين البطانيات لكل فرد في المخيم لتكفي الكمية الجميع. وتقول أن بعضهم يذهب ليزور عقد زواج كي يحصل على بطانية أو يتزوج فعلا!.
ويشعل البرد حروبا أخرى أشد ضراوة، لكنها منطقية نوعا ما، فالجمعية النرويجية توزع المدفئات على الأسر التي يزيد عدد أفراها عن ثمانية، أما باقي الأسر فعليها أن تتكدس مع أصحاب المدفئات في كانتونات ضيقة بنتها «انروا» على عجل بعد الحرب ودون أساسات، فيستيقظ الناس يوميا على الوحل المثلج ملتصق بألبستهم.
الماء يتسرب من الأرض ومن الجدران ورغم أن المنزل/ الغرفة لا تزيد مساحتها عن المترين في مترين، إلا انك تشاهد الناس ينامون جلوسا فيها حتى تتسع للجميع ولا يتذمرون من بعض، لكن يصبون غضبهم على «اونروا».
ويبدو ان الفلسطيني تعلم مع الوقت ان احتماله لأخيه في أوقات الشدة يمده بنوع من المناعة والقوة في وجه «الآخرين»، وغالبا لا تعود هناك حاجة لهبة «النرويجية» فلا وقود يكفي لتشغيل المولدات التي تعمل عند انقطاع الكهرباء، والتي تكون مقطوعة معظم الوقت، بكل بساطة عاد الناس إلى العصور الوسطى فأخذوا يقطعون الأشجار ويصبون عليها الكيروسين لاشعالها.
وعادت المدينة الفلسطينية مخيما.. ونصبت الخيام «الكنتونات» وان كانت أحدث من تلك التي نصبت عام 1948 ظاهريا، لكنها مثلها لا تقي من حر أو برد، وتكدست العائلات فوق بعضها والشح عم كل شيء حتى الماء الصالح للشرب، كل ذلك في انتظار جنة الوطن الموعودة.
لاجئ من نهر البارد يطالب بكتب «ياسين»
طالب لاجئ فلسطيني من مخيم نهر البارد، الحكومة اللبنانية بإعادة محتويات مكتبة ياسين الثقافية التي كانت ملجأ ثقافيا لشباب المخيم. وأوضح اللاجئ «أبو هادي» أن هذه المكتبة تعد من تراث المخيم وأوضح انه دخلها بعد انتهاء المعارك فوجد أن الكتب نهبت.
وكذلك الكمبيوترات وآلات الطباعة وعاد بعد أيام ليجدها محروقة، وتساءل «أبو هادي» من مصلحة من أن تدمر مكتبة «هل ساهمت هذه المكتبة في الحرب.. أم كانت منارة لتثقيف الشباب العاطلين عن العمل وإبعادهم عن الشارع والتنظيمات المتطرفة» وأضاف «لا نريد أن نسيء الظن فنقول إن هناك حربا خفية على الثقافة الفلسطينية لكننا نطالب بتفسير لما حدث.
فلسطينيون يشكون فقدان وثائق ممتلكاتهم
أكد فلسطينيون من سكان «المخيم الجديد» أن وثائق ملكياتهم للدور والمحلات التي اشتروها اختفت، وحين راجعوا الدولة اللبنانية للحصول على نسخ منها، لم يلقوا ردا حتى اليوم، إلا أن المحامي الفلسطيني جميل ياسين من سكان نهر البارد وكان يحتفظ بنسخ من وثائقه في مخيم آخر، تمكن من إثبات حقه في أرضه التي اشتراها، ورفع قضية أمام المحاكم اللبنانية حاليا.
كما عرض قضايا مئات الفلسطينيين الذين تضررت منازلهم أو نهبت محلاتهم وفقدت ملكياتهم الأصلية، والى الآن ينتظرون تعويضات عن أملاكهم. واعتبر ياسين أنه من الصعب الحصول على تعويضات في ظل التوتر السائد في لبنان حاليا.
اضاءة
نهر البارد كان ثاني أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان بعد مخيم عين الحلوة ويقع على بعد 15 كم شمال مدينة طرابلس، أنشئ في عام 1949 على مساحة 13 ,198. تعرض المخيم على مدار أكثر من مئة يوم إلى قصف مستمر في صيف العام 2007، من قبل الجيش اللبناني لإجبار جماعة سلفية تطلق على نفسها اسم «فتح الإسلام» والمتحصنة في المخيم على الاستسلام، وانتهت المعارك بين الطرفين إلى نزوح سكان المخيم البالغ عددهم 35 ألف لاجئ فلسطيني وتدمير ما يصل نسبته إلى 80% من بنى المخيم التحتية ومنازله.
ويضم لبنان اثنا عشر مخيماً، ظلت مساحة كل منها على ما هي عليه منذ إنشائها وانتشرت هذه المخيمات في خمس مناطق (بيروت ـ طرابلس ـ صيدا ـ صور ـ البقاع) وكلها تأسست بعد نكبة 1948 وقبل نكسة 1967. وهي عين الحلوة والرشيدية وبرج البراجنة والبرج الشمالي وصبرا وشاتيلا والبداوي والبص والجليل ومار الياس والمية مية وضبية.
مشاهد حرب
شبه قيادي كبير في تنظيم فلسطيني فاعل، ما حل بنهر البارد بدءا من طريقة التمهيد للحرب إلى الطريقة التي آلت إليها، بما حل بمخيم تل الزعتر ابان الحرب الأهلية اللبنانية، وأكد القيادي الذي آثر عدم ذكر اسمه أن نهر البارد هو تل الزعتر لكن في عهد السلم الأهلي، مشيرا إلى أن اللبنانيين يطالبون دائما بنزع سلاح المخيمات، لكن ما حدث للمخيم يجعل الفصائل تتمسك أكثر بالسلاح، وقال انه كان بالإمكان احتواء المناوشات منذ البداية لكن «هناك نية مبيتة» لإنهاء المخيم.
من جهته أكد مقرب من الحركات السلفية في لبنان أن تنظيم «فتح الإسلام» حاول في البداية البقاء عند أطراف المخيم لتسهيل فرارهم، الا أنهم حوصروا أخيرا ما دفعهم إلى التحصن بالمنازل والتي كانت حتى في تلك اللحظة بعيدة عن عمق المخيم وعلى أطرافه. وهو ما فاقم من معاناة السكان وأطال أمد القتال
تفضلوا معي
تجار البارد بين الخسائر الفادحة والاستحقاقات المالية
ثلاثة ملايين دولار ديون للشركات.. و55 ثمن بضائع
الشارع التجاري في البارد بعد الحرب
البارد:
يعيش تجار مخيم نهر البارد بين سندان الخسائر الجسيمة ومطرقة الاستحقاقات المالية للشركات التجارية والتي تقدر بحسب الإحصاءات الأولية التي أجرتها لجنة التجار بثلاثة ملايين دولار أميركي لم يسدد منها أي مبلغ حتى الآن بالرغم من مرور أكثر من أربعة أشهر على المواجهات العسكرية.
دفعت الاستحقاقات المالية الضاغطة التجار إلى القيام بسلسلة خطوات ميدانية بهدف إحصاء الخسائر التي لحقت بهم من جهة، والطلب بشكل مستمر إلى قيادة الجيش اللبناني السماح لهم بالدخول إلى محلاتهم ومؤسساتهم التجارية إن في المخيم الجديد أو في المخيم القديم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بضائع صالحة، وإخراج الدفاتر وسجلات الديون للبدء بتحصيلها بما يوفر المبالغ المالية التي يمكن من خلالها تسديد بعض الديون وتجنيب أكثرية التجار المساءلة القانونية التي يمكن أن تودي بهم الى السجن في حال استمر الوضع على ما هو عليه.
تقوم لجنة تجار البارد بعملية إحصائية دقيقة تعتمد على استمارات جرى توزيعها على أكثر من ألف صاحب محل تجاري ضمن المخيم وعلى جوانبه بهدف تحديد الخسائر الفعلية التي تعرضوا لها لجهة البضائع فقط، بغض النظر عن المباني والديكورات وما الى ذلك.
تتضمن الاستمارة البيانات الشخصية ورقم بطاقة الإعاشة، ومواصفات المحل أو المؤسسة ونوعية العمل، والخسائر في البضائع، وفي الآلات والمعدات الإنتاجية، وتقوم لجنة متخصصة بتسلم هذه الاستمارات وإدخالها إلى شبكة الكومبيوتر، تمهيداً لإعداد ملف كامل حول خسائر التجار سيرفع بمجرد الانتهاء منه إلى منظمة التحرير الفلسطينية، ووكالة الاونروا، والدول المانحة وسفارات بعض الدول الصديقة من أجل تأمين التعويضات التي تسمح للتجار بالنهوض مجدداً وممارسة أعمالهم بشكل طبيعي.
وأشارت الاحصاءات الاولية التي اظهرتها استمارات التجار إلى ان الخسائر في البضائع بلغت 55 مليون دولار اميركي، وهي تتوزع بين: الذهب، سيراميك، ادوات منزلية، تمديدات وأدوات صحية، اقمشة وملابس جاهزة، سكاكر، صيدليات، صالونات حلاقة، ورش ألمنيوم ونجارة وحدادة ومفروشات، عطورات، مستحضرات تجميل، اندية تسلية وكومبيوتر وبلياردو وكرة طاولة، أدوات كهربائية، أحذية وجزادين، ميكانيك صناعي، ميكانيك سيارات، زيوت، إكسسوارات سيارات وزينة، قطع غيار سيارات، مفرقعات، مواد بناء، ترابة وإسمنت، أخشاب، مزارع بقر وغنم، بوظة، مواد غذائية، العاب أطفال، كتب وقرطاسية، إضافة الى عدد من المصانع والمعامل المختلفة.
ويؤكد عدد من التجار أنهم فقدوا كل مقومات الاستمرار، وعادوا إلى نقطة الصفر، بعد أن تعرض المخيم بما في ذلك محلاتهم التجارية لدمار شامل.
ويبدي التجار تخوفهم من أن تتحول مطالبة بعض الشركات بمستحقاتها المالية إلى دعاوى قضائية تودي بهم الى السجن لتكتمل بذلك معاناتهم فيتحولون من تجار يساهمون في إنعاش الحركة الاقتصادية في محيطهم إلى مطلوبين للعدالة، مشددين على ضرورة تأمين التعويضات التي تسمح لهم بالانطلاق مجدداً في أعمالهم.
وإذ أشاد التجار بعدد من الشركات والتجار اللبنانيين الذين وقفوا إلى جانبهم في محنتهم وأبدوا استعدادهم لتزويدهم بالبضائع لتأمين انطلاقة جديدة لهم، طالبوا بالعودة السريعة إلى المخيم الذي يشكل الأرضية الصالحة الوحيدة لاستئنناف العمل.
ويشير أمين سر لجنة تجار مخيم البارد حسن موعد إلى أن التجار دخلوا في نفق مظلم لا معالم واضحة له، ولا أحد يعلم متى سيكون الخروج منه، وذلك بسبب فقدانهم كل ما يملكون من مقدرات وأموال وبضائع، الأمر الذي يجب أن يعالج بسرعة قصوى لجهة تأمين التعويضات اللازمة، خصوصا ان 90 في المئة من التجار باتوا عاطلين عن العمل. ولفت إلى أن الاستمارة ساهمت في حصر وإحصاء الخسائر المتعلقة بالبضائع، وهي ستساعد على إنجاز ملف كامل يتضمن خرائط المحلات ضمن الشوارع الرئيسية والفرعية، مؤكدا أن المعلومات التي سيتضمنها الملف قريبة جداً إلى الحقيقة والواقع وتعتمد منهجية علمية حيث إن اللجنة المكلفة باستلام الاستمارات رفضت كل استمارة بعيدة عن الواقع، خصوصاً أن اللجنة تعرف الغالبية العظمى للمحلات التجارية وقدراتها.
ويقول موعد لـ«السفير»: إن التجار بحاجة ماسة للاستقرار والى الأرضية الصالحة لكي يفكروا في كيفية حل مشاكلهم وإجراء الاتصالات بأصدقائهم والمتعاملين معهم، وهذا لا يكون إلا بالعودة إلى المخيم حيث يمكن الاستفادة من المحلات التي ما تزال صالحة للاستخدام، وسحب البضائع وسجلات الديون التي يمكن أن تساعد التجار في استئناف عملهم من جديد، علماً أن أكثرية التجار تربطهم علاقات صداقة وثقة كاملة مع التجار اللبنانيين من مختلف المناطق والذين أبدوا استعدادهم لتزويدهم بالبضائع وانتظار تسديد الأموال لأشهر مقبلة، لكن ذلك يحتاج الى مكان للعمل، فكيف يمكن لأي تاجر أن يستقدم البضائع وهو يقيم في الغرف الضيقة والمظلمة في مراكز النزوح.
ويضيف موعد: «إن التجار الفلسطينيين كانوا وما يزالون يشكلون إحدى ركائز الاقتصاد اللبناني، في حين يشكل الفلسطينيون أحد مصادر العملة الصعبة نتيجة التحويلات المالية المتواصلة من أبنائهم المقيمين في الخارج، كما أن الأموال التي جناها بعض الفلسطينيين في الخارج تم استخدامها في بناء هذه التجارة المزدهرة، ما يعني ان الفلسطيني يعمل وينتج ويصرف الاموال في لبنان وهو ليس عالة على أحد في هذا البلد بل كانوا مصدر قوة وانتعاش للاقتصاد اللبناني، أما الجنسيات الأخرى فتتسابق على تصدير الاموال من لبنان الى بلدانها».
نهر البارد مركز تجاري أضحى أنقاضاً.. ولاجئين جدداً
الذي لم يزر مخيم نهر البارد من قبل، لن يعرف مدى فداحة الفاجعة التي حلت، هذا المخيم كان ملاذا تجاريا عامرا لطرابلس ذات الأغلبية الفقيرة، في الذكرى السنوية الأولى لانتهاء المعارك الضارية فيه، كنا هناك لنستجلي ما وراء دخان القذائف.
ما يسمى ب«المخيم القديم» استأجرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أنروا» أرضه من الدولة اللبنانية بعد النكبة في العام 1948، أما «المخيم الجديد» وهو أكبر بكثير من ذاك القديم فعبارة عن أراض مملوكة، اشتراها فلسطينيون موسرون من الحكومات اللبنانية المتعاقبة ومن قبل ملاك الأراضي في طرابلس وبنوا عليها دورهم ومحلاتهم التجارية، فتحولت المنطقة إلى مركز تجاري به محلات الذهب والأثاث والسيارات المستعملة، وغيرها من البضائع.وبدأ المخيم يتمرد على الثقافة الشعبية المتوارثة عن المخيم الفلسطيني الذي يشترط أن يكون بائسا حتى يصبح مخيما، وبالعودة إلى سنوات قليلة ماضية كان هناك لبنانيون يعتبرون هذا المخيم بالذات «تجاوزا» ولا يصح أن يمتلك فلسطينيون «مركز طرابلس التجاري».
الحاجز
في ديسمبر 2007 وصلنا مخيم نهر البارد في الساعة الثامنة صباحا، عبر سيارة تابعة لجمعية أهلية فلسطينية، كل شيء كان باردا بدءا من الوحل الذي اختلط بالثلج إلى وجوه العسكر، كانوا شبانا صغارا رمى بهم القدر في هذه الحرب وجميعهم لم يروا هذا المخيم من قبل، معظمهم كانوا من عكار.
كان الطابور طويلا عند الحاجز العسكري للجيش اللبناني. عند المدخل وقف الشباب الفلسطينيون ينتظرون دورهم في الدخول.. بعضهم دخل والبعض لا.. ليست هناك معايير معروفة للموافقة على الدخول أو الرفض. الجيش إن لم يجد سببا يمنع من الدخول فان القرار يعود لمزاجية الجندي الذي كان لا يزال يظن أنه مستهدف وتحت الخطر.
يقول أحد المخضرمين في تنظيم فلسطيني ويعيش في «نهر البارد» انه بعد انتهاء الحرب كان الوضع متوترا إلى درجة لا تصدق. بعض أفراد الجيش من مناطق معينة كانوا يقولون للشباب الواقفين على الحاجز للدخول لمنازل ذويهم لتفقدها عبارات من نوع «لن يبقى مخيم في لبنان».
ويضيف «كانت هذه العبارات التي تعيدنا إلى سنوات الحرب الأهلية السوداء»، ولغرابة الأمر لم تصدر من فئة لم تكن يوما في حرب مع الفلسطينيين بل على العكس، لكن الاستقطاب الذي حدث ووقوف الفلسطيني حائرا محايدا فيه جعله موضع «فشة خلق».
تعود الجيش اللبناني أن يرى نوال، مسؤولة الجمعية الأهلية التي أقلتنا إلى داخل المخيم، تلتقيهم بابتسامة ووجه بشوش وبعبارة «يعطيك العافية» سألها الجيش «من معك»؟ قالت «اقربائي من بيروت» ولم يطلبوا الهويات فدخلنا..قالت نوال إن أكثر الجنود لطفا هم الجنوبيون.. «عرفوا معنى الاحتلال».
الدمار
لم يبقى من مركز طرابلس التجاري إلا تفحم الأبنية وتراب ملوث بأنقاض الأسمنت والدم.. الدمار يعم المكان لا مخيم هنا وكأن هذا المكان لم يشهد في يوم ما حياة. المنازل سويت بالأرض وكنا ندوس بأقدامنا بقايا غرف نوم لمنزل فلان، أو حجارة خلفها محل تجاري كان قبل عدة أشهر يزهو بطوبه الأحمر، ورفرف العلم اللبناني فوق الدمار.
ومن بين أكوام المنازل المتفحمة وجدنا منزلا صمم أهله على العودة إليه رغم أنه لم يتبق منه شيء. يقول أبو محمد أنه بعد انتهاء المعرك قرر العودة إلى منزله فوجده سليما وكانت الحرب انتهت إلا أنه عاد بعد أيام ليجده محروقا.
وأكثر ما آلم العجوز الفلسطيني «س.ا» انه عاد لمنزله الذي بدا سليما من الخارج، وحين دخله وجد خارطة لفلسطين كان يحتفظ بها كمعظم الفلسطينيين ممزقة، كما أن صور ذويه القديمة في قريتهم داخل أراض 1948 مزقت جميعها، والى الآن لم يع «س.ا» ما دخل خريطة فلسطين أو صور قديمة منها بهذه الحرب كلها. يقول الحرب لم تكن على الحجارة (في إشارة إلى مباني المخيم) بل على الأرواح التي تسكنها ولم نستطع أن نستوضح منه أكثر.
ممثل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» في لبنان مروان عبد العال، أحرق منزله كذلك بعد انتهاء المعارك بأيام. دخلنا إلى منازل وجدنا فيها صور الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، وقد أطفئت السجائر في عينيه، وأصر صاحب المنزل على الاحتفاظ بهذه الصورة «إلى أن أرحل من لبنان».
أصحاب محلات الذهب، وهم كثر، رفعوا قضايا أمام المحاكم اللبنانية للمطالبة بحقهم. فقد نهبت هذه المحلات على آخرها.
يقول «م.خ» وهو أحد أصحاب هذه المحلات إن «فتح الإسلام» لم تكن بحاجة إلى أن تسرق «كان لدى التنظيم ما يكفيه من أموال».!
حروب صغيرة
في مقر الجمعية الخيرية كانت تدور حرب من نوع آخر؛ اجتمع فيها البرد مع الحاجة والترفع عن الشحاذة واستبدالها بالتهديد.. والذي نجح في نهاية المطاف. وقف شاب في منتصف العشرين عرفنا في ما بعد أن اسمه «م» كان يطالب بحقه في الحصول على بطانية توزعها الجمعية الأهلية على الناس وفقا لحالتهم الاجتماعية وللكمية المتواجد لديها.
صاح «م» في المسؤولة الاجتماعية «انت وعدتيني بان تعطيني بطانية»، فردت عليه المسؤولة المنهكة على ما يبدو من هذه الحوارات اليومية «لا يمكن، انت خاطب. قانون الجمعية ينص على إعطاء المتزوج فقط»، فرد ساخطا « يعني الأعزب ما بيبرد يا عالم».
هذا الحوار دار في طقس تصل درجة الحرارة فيه إلى 3 مئوية، في النهاية أخذ الشاب البطانية التي كان من نصيب آخر، بعدما هددها بحرق مقر الجمعية.
صراعات البشر مع الجمعيات التي من المفترض أن تساعدهم لا تنتهي. تقول إحدى موظفات الجمعية إن الناس لا يقدرون تعبهم «نحن نبقى إلى الساعة 9 مساء ونتعرض لمضايقات الجيش ليلا».
وتقول المسؤولة انهم لا يستطيعون تأمين البطانيات لكل فرد في المخيم لتكفي الكمية الجميع. وتقول أن بعضهم يذهب ليزور عقد زواج كي يحصل على بطانية أو يتزوج فعلا!.
ويشعل البرد حروبا أخرى أشد ضراوة، لكنها منطقية نوعا ما، فالجمعية النرويجية توزع المدفئات على الأسر التي يزيد عدد أفراها عن ثمانية، أما باقي الأسر فعليها أن تتكدس مع أصحاب المدفئات في كانتونات ضيقة بنتها «انروا» على عجل بعد الحرب ودون أساسات، فيستيقظ الناس يوميا على الوحل المثلج ملتصق بألبستهم.
الماء يتسرب من الأرض ومن الجدران ورغم أن المنزل/ الغرفة لا تزيد مساحتها عن المترين في مترين، إلا انك تشاهد الناس ينامون جلوسا فيها حتى تتسع للجميع ولا يتذمرون من بعض، لكن يصبون غضبهم على «اونروا».
ويبدو ان الفلسطيني تعلم مع الوقت ان احتماله لأخيه في أوقات الشدة يمده بنوع من المناعة والقوة في وجه «الآخرين»، وغالبا لا تعود هناك حاجة لهبة «النرويجية» فلا وقود يكفي لتشغيل المولدات التي تعمل عند انقطاع الكهرباء، والتي تكون مقطوعة معظم الوقت، بكل بساطة عاد الناس إلى العصور الوسطى فأخذوا يقطعون الأشجار ويصبون عليها الكيروسين لاشعالها.
وعادت المدينة الفلسطينية مخيما.. ونصبت الخيام «الكنتونات» وان كانت أحدث من تلك التي نصبت عام 1948 ظاهريا، لكنها مثلها لا تقي من حر أو برد، وتكدست العائلات فوق بعضها والشح عم كل شيء حتى الماء الصالح للشرب، كل ذلك في انتظار جنة الوطن الموعودة.
لاجئ من نهر البارد يطالب بكتب «ياسين»
طالب لاجئ فلسطيني من مخيم نهر البارد، الحكومة اللبنانية بإعادة محتويات مكتبة ياسين الثقافية التي كانت ملجأ ثقافيا لشباب المخيم. وأوضح اللاجئ «أبو هادي» أن هذه المكتبة تعد من تراث المخيم وأوضح انه دخلها بعد انتهاء المعارك فوجد أن الكتب نهبت.
وكذلك الكمبيوترات وآلات الطباعة وعاد بعد أيام ليجدها محروقة، وتساءل «أبو هادي» من مصلحة من أن تدمر مكتبة «هل ساهمت هذه المكتبة في الحرب.. أم كانت منارة لتثقيف الشباب العاطلين عن العمل وإبعادهم عن الشارع والتنظيمات المتطرفة» وأضاف «لا نريد أن نسيء الظن فنقول إن هناك حربا خفية على الثقافة الفلسطينية لكننا نطالب بتفسير لما حدث.
فلسطينيون يشكون فقدان وثائق ممتلكاتهم
أكد فلسطينيون من سكان «المخيم الجديد» أن وثائق ملكياتهم للدور والمحلات التي اشتروها اختفت، وحين راجعوا الدولة اللبنانية للحصول على نسخ منها، لم يلقوا ردا حتى اليوم، إلا أن المحامي الفلسطيني جميل ياسين من سكان نهر البارد وكان يحتفظ بنسخ من وثائقه في مخيم آخر، تمكن من إثبات حقه في أرضه التي اشتراها، ورفع قضية أمام المحاكم اللبنانية حاليا.
كما عرض قضايا مئات الفلسطينيين الذين تضررت منازلهم أو نهبت محلاتهم وفقدت ملكياتهم الأصلية، والى الآن ينتظرون تعويضات عن أملاكهم. واعتبر ياسين أنه من الصعب الحصول على تعويضات في ظل التوتر السائد في لبنان حاليا.
اضاءة
نهر البارد كان ثاني أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان بعد مخيم عين الحلوة ويقع على بعد 15 كم شمال مدينة طرابلس، أنشئ في عام 1949 على مساحة 13 ,198. تعرض المخيم على مدار أكثر من مئة يوم إلى قصف مستمر في صيف العام 2007، من قبل الجيش اللبناني لإجبار جماعة سلفية تطلق على نفسها اسم «فتح الإسلام» والمتحصنة في المخيم على الاستسلام، وانتهت المعارك بين الطرفين إلى نزوح سكان المخيم البالغ عددهم 35 ألف لاجئ فلسطيني وتدمير ما يصل نسبته إلى 80% من بنى المخيم التحتية ومنازله.
ويضم لبنان اثنا عشر مخيماً، ظلت مساحة كل منها على ما هي عليه منذ إنشائها وانتشرت هذه المخيمات في خمس مناطق (بيروت ـ طرابلس ـ صيدا ـ صور ـ البقاع) وكلها تأسست بعد نكبة 1948 وقبل نكسة 1967. وهي عين الحلوة والرشيدية وبرج البراجنة والبرج الشمالي وصبرا وشاتيلا والبداوي والبص والجليل ومار الياس والمية مية وضبية.
مشاهد حرب
شبه قيادي كبير في تنظيم فلسطيني فاعل، ما حل بنهر البارد بدءا من طريقة التمهيد للحرب إلى الطريقة التي آلت إليها، بما حل بمخيم تل الزعتر ابان الحرب الأهلية اللبنانية، وأكد القيادي الذي آثر عدم ذكر اسمه أن نهر البارد هو تل الزعتر لكن في عهد السلم الأهلي، مشيرا إلى أن اللبنانيين يطالبون دائما بنزع سلاح المخيمات، لكن ما حدث للمخيم يجعل الفصائل تتمسك أكثر بالسلاح، وقال انه كان بالإمكان احتواء المناوشات منذ البداية لكن «هناك نية مبيتة» لإنهاء المخيم.
من جهته أكد مقرب من الحركات السلفية في لبنان أن تنظيم «فتح الإسلام» حاول في البداية البقاء عند أطراف المخيم لتسهيل فرارهم، الا أنهم حوصروا أخيرا ما دفعهم إلى التحصن بالمنازل والتي كانت حتى في تلك اللحظة بعيدة عن عمق المخيم وعلى أطرافه. وهو ما فاقم من معاناة السكان وأطال أمد القتال
الثلاثاء فبراير 28, 2023 12:27 am من طرف samarahmad78
» خسارة عليك يا منتدى النسر الاحمر
الأحد فبراير 26, 2023 1:48 am من طرف راهب الفكر
» أقوال جورج حبش
الأحد فبراير 26, 2023 1:47 am من طرف راهب الفكر
» اليسار التونسي الآن وهنا
الثلاثاء مارس 02, 2021 11:20 am من طرف mouyn
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 12:52 am من طرف Iyad
» أغنية يا أسرانا يا بواسل (جديد الشعبية)
السبت ديسمبر 08, 2018 6:14 pm من طرف Iyad
» فش غلّك واحكي .^ اكثر ظاهرة او عادة بتتمنى زوالها من مجتمعنا ^.
الخميس فبراير 22, 2018 5:00 pm من طرف زهر اللوز
» اربع كلمات تكشف عن حالتك
الخميس فبراير 22, 2018 4:58 pm من طرف زهر اللوز
» حصريا اغنية غسان كنفانى اسمو على الريشة
الجمعة أغسطس 21, 2015 2:33 pm من طرف ابو الحكيم 1
» احدث اغنية للجبهة:هيلا هيلا ديمقراطية جبهة قوية 200% تربي رجال
الخميس فبراير 26, 2015 12:56 pm من طرف ابن الديمقراطية
» مرحبا
الأربعاء يناير 28, 2015 9:33 am من طرف mared althawra
» أغاني رائعة للفرقة اليسارية...فرقة الطريق العراقية
الثلاثاء يناير 27, 2015 6:22 am من طرف izzildin
» جميع البومات فرقة صابرين
الخميس سبتمبر 18, 2014 9:56 am من طرف ooyy
» ويستمرّ النضال في تـــونس..
السبت مارس 29, 2014 8:16 am من طرف mouyn
» حصريا اغنية وصية الشهيد من شريط الهدف 11
الأربعاء مارس 12, 2014 4:53 pm من طرف safwan zaben
» اغنية الزحف الجبهاوي للانطلاقة 42
السبت فبراير 15, 2014 12:06 pm من طرف mof2014
» حصري على ملتقى النسر الاحمر اغنية القدس تشرررع
السبت نوفمبر 30, 2013 12:40 am من طرف القدس عربية
» ******* ابو الفقر .. حداية نار موسى حافظ والجلماوي وكمان شاعر ثالث
الخميس أكتوبر 24, 2013 3:43 pm من طرف غالوب
» اشحن رصيدك مجانا
الإثنين سبتمبر 09, 2013 9:04 pm من طرف ندي فلسطين
» ماتفوت لهون
الجمعة يوليو 26, 2013 3:11 pm من طرف yayaba007