ملتقى النسر الأحمر

أهلا وسهلا بكم فى ملتقى النسر الأحمر
رفيقى الزائر انت غير مسجل نتمنى منك التسجيل
للأستفادة من كل مميزات الملتقى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى النسر الأحمر

أهلا وسهلا بكم فى ملتقى النسر الأحمر
رفيقى الزائر انت غير مسجل نتمنى منك التسجيل
للأستفادة من كل مميزات الملتقى

ملتقى النسر الأحمر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فكرى تعبوي تنظيمي


    والشيطان ثالثهما // قصة قصيرة بقلم : أبو فريد

    أبو فريد
    أبو فريد

    عريف  عريف



    ذكر
    عدد الرسائل : 381
    العمر : 54
    رقم العضوية : 884
    نقاط : 5950
    تقييم الأعضاء : 4
    تاريخ التسجيل : 09/10/2008

    والشيطان ثالثهما // قصة قصيرة بقلم : أبو فريد Empty والشيطان ثالثهما // قصة قصيرة بقلم : أبو فريد

    مُساهمة من طرف أبو فريد الخميس نوفمبر 20, 2008 5:34 am

    والشيطان ثالثهما



    بدأت خيوط الفجر تنسلّ من خلف تلك الجبال السوداء الموحشة ، والسماء قد أطفأت قناديل الليل بعد أن جاء الصباح ملوّحاً بأثواب الضياء . . .
    هدير أمواج البحر الطائشة ، ودقات الساعة اللحوحة ، المحمولة على الحائط المزركش بدهانات أفقدته لون حجارته البائسة ، ونقيق ضفادع مراهقة ، جميعها يرسم لوحة مفزعة تقتحم صمت الغرفة المسقوفة بالإسبست .
    وقف ينظر من نافذة الغرفة يتابع ذلك الكوخ الصغير المنزوي خلف تلك الأحراش فارعة النمو .
    -
    ستخرج الآن ، نعم ستخرج ، لقد تعوّدتُ أن أراها تخرج من كوخها في مثل هذا الوقت كل صباح . . راح يحدّث روحه بائساً ، لكنها لم تخرج .
    منذ سنين تركَتْ كل شيء واستقرت هناك في صومعتها ، لم تأخذ من ذلك العالم اللاهي سوى مرآتها الصغيرة ومشطها وقليل من الملابس والفراش ، وهو منذ زمن ظل يتابعها من بعيد ، فقد شغله أمرها ، لم يكن يراها سوى خمس مرات كل يوم تلك اللاتي تخرج فيهن تأهباً للصلاة .
    أسئلة كثيرة تتزاحم في دماغه المتعبة ، لكنه لا يجد جواباً شافياً لأيٍ منها .
    -
    لماذا جاءت إلى هنا ؟ يا له من جنون !! أجاءت تدفن جمالها الملائكي هناك خلف تلك الأحراش الغبية التي لا تعرف كيف تصون هذا الجمال الذي يجاورها منذ زمن !! لكنها لم تخرج بعد ، ربما أصابها شيء . . . !!

    ظل يهذي للحظات ، لكنه عاد وتراجع :

    - وما شأني بها ، لتعش حياتها كيفما تشاء ، فأنا لا أطيق أن يشاركني أحد حريتي ، فكيف لي أن أقتحم حياتها !!
    انبلج الفجر وهو واقف أمام نافذة الغرفة ينتظر خروجها . . لم ينم تلك الليلة فقد اعتاد النوم أن ينشر جنوده لتحتل سواحل جفونه المنهكة والمستسلمة للنوم ، لكنه مع ذلك لم ينم .
    خانته أقدامه وساقته إلى صومعتها بلا تفكير ، وعند بابها أخذ ينادي :

    - يا أهل الدار . . يا أهل الدار . .
    نهضت فزعة من فراشها فلم تعتد أن يقتحم أحد خلوتها ، ثم أحسنتْ هيئتها وخرجت من كوخها تستقبل ضيفها ، خرجت عليه بثوبها الأبيض الملائكي تُسابق الفجر في الطلوع ، انفرجت أسارير قلبه عندما رآها ، وأصابته قشعريرة أثقلت لسانه فتبعثرت حروفه وتاهت كلماته .
    -
    ماذا تريد مني يا هذا ؟
    نظرتْ إليه تبغي منه جواباً ، لكنه لم يجب ، سألته مرة أخرى مندهشة ، فاستجمع قواه ونفض النوم من عينيه الناعستين وقال : جئت إليك ربما أجد ضالتي .
    قالت في استغراب :

    - وما شأني وضالتك .
    قال : أنا أعرفك منذ زمن ، ويهمّني اللقاء بك ، لقد شغلني أمرك وجذبني إليك جمالك الملائكي .
    صمتتْ قليلاً ثم قالت بعد أن تحركت بداخلها أنوثة منسيّة : دعني وشأني يا هذا فقد تركت هذه الدنيا ولهوها ، اتركني وشأني أرجوك ، قالتها وكأن شيء ما كان يدفعها للتراجع عن صدّه .
    -
    كيف لي ذلك وأنا أقف بباب الجنة ، سأظل واقف هنا حتى يأذن الله في أمري ، لن أعود إلا إذا أشبعتُ ناظري من محياك ،سأعود بعد أن تسمحي لي بدخول جنتك والجلوس معك لبعض الوقت .
    اندفع في كوخها قبل أن تأذن له بالدخول ، وراح يتأمل ما فيه ، ترددّت في طرده ، شيء ما كاد يكبح رفضها ويجعلها تستسلم في هدوء لرغباته الجامحة .
    جلس على الفراش ثم جلست ، اقترب منها وأمسك مرآتها وراح يدغدغ أنوثتها .
    -
    لقد اقتحمتَ عليّ سكوني ، وجئت تقلّب أوجاعي ، مالي أستسلم لك ، واخلع عني رزانتي ووقاري .
    - لأنني قدركِ ، فقد ساقتني الأيام لأخرجك من هذا الكابوس اللعين الذي تدفنين فيه هذا الجمال الساحر وهذه الأنوثة الطاغية .
    -
    لقد أتعبتني وملأتني هماً وسقماً .
    -
    أيتها الملاك الذي يلبس ثوب البشر ، انظري إلى مرآتك ، ستجدي سحراً وهذه عيوني قد سُحرت بك وبجمالك الفتان .
    نظرتْ إلى المرآة وأمسكت مشطها ونزعت حجابها ، فانفلت شعرها الناعم الطويل يقبّل وجنتيها الحالمتين وينام على كتفيها .
    ودون أن يدري اقترب منها يداعب بيديه المرتعشتين شعرها الناعس على قدها المفتول أنوثة وسحرا.
    فاقتربت منه ناسية كل شيء ، دار بهما الكوخ ودارت الساعات . . وأفاق وأفاقت بعد أن تلطّخ ثوبها الأبيض بأوزار لحظة غارقة في الذنب ، أفاقت تلملم أشياءها ، وخرج هو ، كأنها الطعنات تضربه من خلفه ومن أمامه ، خرج والدموع تندفع كماء من لهب تنسكب كأنها فيضان هائج علّه يغسل خطايا هذا الصباح ، عاد نادماً ، ألقت به قدماه في البحر ، خلع ملابسه كأنه يخلع ذنوبه ، وغطس مرة وأخرى ، احتضنته أمواج البحر عشقته ، فلم تفلته ، غطس هناك غطسته الأخيرة .
    وهي أفاقت من سكرتها ، تبكي تارة وتضحك تارة أخرى ، لكنها عادت تداعب شعرها وراحت تغسل وجهها ، ثم أمسكت مرآتها من جديد وراحت تقول : متى سيعود من جديد .

    أبو فريد

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 10:48 pm